طموح قائد "فاجنر" الجامح يثير عداوات في دائرة النخبة الروسية

time reading iconدقائق القراءة - 6
رجل الأعمال الروسي يفجيني بريجوجين قبل لقاء مع رجال أعمال في الكرملين بموسكو.  4 يوليو 2017 - AFP
رجل الأعمال الروسي يفجيني بريجوجين قبل لقاء مع رجال أعمال في الكرملين بموسكو. 4 يوليو 2017 - AFP
باريس -أ ف ب

يلعب رئيس مجموعة "فاجنر" المسلحة الروسية يفجيني بريجوجين، دوراً يخدم مصالح الكرملين؛ لا سيما في الغزو الروسي لأوكرانيا المستمر منذ عام، لكن طموحاته السياسية المتزايدة تثير له عداوات كثيرة، يُفاقمها "نهجه الاستفزازي، وانتقاداته للنخب".

وبعدما حرص بريجوجين لفترة طويلة على البقاء في الظل، خرج إلى العلن في الخريف الماضي ليكشف أنه قائد مجموعة "فاجنر" للمرتزقة، ويتبنى انتصارات عسكرية، ويعلن مسؤوليته عن إنشاء "جيوش إلكترونية"، تشنّ حملات تضليل وتتلاعب بالرأي العام؛ ولا سيما في دول إفريقيا، مرسخاً لنفسه موقعاً في المشهد السياسي الروسي.

ولفت محللون غربيون تحدثوا مع وكالة "فرانس برس" إلى أنه لم يكتسب أي لاعب غير رسمي من قبل هذا القدر من الأهمية في عمليات روسيا في الخارج، غير أن صعود بريجوجين يبقى هشاً.

وقالت تاتيانا ستانوفايا خبيرة المسائل الروسية في مجموعة "كارنيجي" الأميركية للدراسات "إنه موضع إشادة وانتقاد في آن"، وروابطه الحقيقية بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين تثير الكثير من الروايات والتكهنات.

وأوضحت أن كل انتصار يحققه يعده بمستقبل لامع، وكل فشل يُنذر بسقوط قريب لكن "في الوقت الحاضر، لا تبدو أيّ من الروايات حوله واقعية بالكامل".

وكل ما في رجل الأعمال مثير للجدل والشقاق، ولا سيما ماضيه الإجرامي إذ أمضى 9 سنوات في السجن في قضية سرقة واحتيال، وتصريحاته الحادة النبرة.

وأوضح ماكسيم أودينيه من "معهد البحث الاستراتيجي" في المدرسة العسكرية في باريس "هذا ما نطلق عليه لقب مستثمر العنف، شخص قادم من أوساط الجريمة لطالما استخدم العنف الكلامي والجسدي وسيلة لخدمة مصالحه".

أعزل سياسياً

ومن الواضح أن مصالح بريجوجين باتت تطال الدائرة السياسية، إذ يقول ماكسيم أودينيه "إنه يسعى إلى خوض مجال النزعة القومية الشعبوية التي تشهد صراعات داخلية منذ وفاة فلاديمير جيرينوفسكي الزعيم التاريخي للحزب الديمقراطي الليبرالي (قومي متطرف) في أبريل 2022".

وأشار إلى أن "هذه الشريحة من المروحة السياسية الروسية قد تكون واعدة للغاية في مرحلة ما بعد بوتين".

ونفى رجل الأعمال أن يكون يسعى لإنشاء حركة، لكنه يحتل موقعاً لا يتناسب حكماً مع نفوذه الفعليّ، إذ أنه لم يعمل مباشرة مع بوتين ولم يكن يوماً من أصدقائه، ولا تواصل له مع الكرملين سوى بصورة غير مباشرة.

وأكدت تاتيانا ستانوفايا "قد يكون يحظى في إطار صلاحياته بشيك على بياض من بوتين... لكن خارج هذه الدائرة، إنه أعزل سياسياً".

وقال ماكسيم أودينيه إن بريجوجين "لا ينتمي إلى الدائرة الأولى من نظام بوتين"، لكن "قد يكون أخذه الزهو نتيجة شهرته المتزايدة. فبالرغم من أنه لا يحظى بصفة رسمية، أصبح لص لينينجراد السابق طرفاً لا يمكن الالتفاف عليه".

والواقع أن مجموعة "فاجنر" حققت انتصارات عسكرية حقيقية في أوكرانيا، كما أنها تتقدم في إفريقيا حيث تتمركز في إفريقيا الوسطى ومالي رغم نفي باماكو، ونشطت في موزمبيق وتحاول ترسيخ وجود لها في بوركينا فاسو.

منافسة مع الجيش

ولبريجوجين الكثير من الأعداء، إذ لا يتوانى عن التنديد بانتظام بالجيش، ورئاسة أركانه ووزير الدفاع نفسه سيرجي شويجو.

وفي هذا السياق، حض بريجوجين الروس، الأربعاء، على الضغط على الجيش ليزود مقاتليه بالذخائر، قائلاً: "القذائف موجودة لكن ينبغي على سياسيين وصوليين وأوغاد وقذرين أن يوقعوا عليها". ونتيجة لذلك، أعلن، الخميس، إرسال ذخائر لعناصره في أوكرانيا.

ورأى بيتر راف من معهد "هادسون" في واشنطن أن "بريجوجين يؤمن لبوتين طرفاً ثالثاً يمكنه عبره تنفيس الاستياء"، تجاه الجيش الذي يواجه وضعاً صعباً في أوكرانيا منذ عام، مشيراً إلى أنه يحظى بلا شكّ بالدعم المالي من الدولة الروسية.

غير أن "خلافه مع وزارة الدفاع هو على مستوى المنظومة، إذ يتلقى مبالغ طائلة من الدولة على حساب العسكريين"، على ما أفاد الصحافي الاستقصائي الروسي من "مركز الملف" دينيس كوروتكوف وكالة "فرانس برس".

وأضاف: "لا أصدقاء له ولا حلفاء تقريباً" في الجيش، معتبراً أن تصريحاته، الأربعاء، تشير إلى أن "ليس لديه خط اتصال مباشر مع بوتين، أو أن خط الاتصال هذا انقطع".

وأثار بتجنيده مقاتلين على مدى أسابيع في السجون تنديد القضاء، وبات على رادارات أجهزة الاستخبارات.

وإن كان بريجوجين يسمح لنفسه بأي شيء فإن "علاقته بالدولة غير رسمية وبالتالي هشة وقد تُقطع بدون سابق إنذار"، برأي تاتيانا ستانوفايا.

نفس الرأي أكده بيتر راف قائلاً، "ما يصح اليوم قد لا يصح غداً. من المستحيل التكهن بنتيجة الصراعات على السلطة في روسيا".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات