Open toolbar

جنود لبنانيون قرب مصرف أضرمت فيه النيران في طربلس - AFP

شارك القصة
Resize text
بيروت -

رغم تدابير العزل المفروضة لاحتواء فيروس "كورونا" المستجد، تتواصل الاحتجاجات الشعبية في لبنان لليوم الثاني على التوالي، ويستمر قطع الطرقات في مناطق مختلفة، على خلفية تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد.  

وفي ظل غضب شعبي عارم غداة مقتل متظاهر برصاص الجيش في مدينة طرابلس (شمال لبنان)، انتشرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهر في العاصمة بيروت، في ساحة الشهداء وشارع المصارف أمام المجلس النيابي.

وسُجلت مواجهات بين المحتجين والجيش في وسط العاصمة، وفي منطقتي فرن الشباك وعين الرمانة (شرقها)، وسط استمرار الغضب والكر والفر في طرابلس.

وانتشرت فيديوهات تظهر دخاناً وإطلاق رصاص وانتشاراً أمنياً في الشوارع؛ كما أظهرت مواقع التواصل الاجتماعي تظاهرات في مدينة النبطية (جنوب لبنان)، حيث الثقل السياسي لـ"حزب الله" وحركة "أمل"، فيما زاد من التوترَ انتشارُ تهديدات من مناصرين للحزبين بتنفيذ "7 أيار" جديد، وهي أحداث ميدانية تُعدّ الأكثر خطورة وعنفاً منذ انتهاء الحرب الأهلية.

وتعود هذه الأحداث إلى العام 2008، حين أشهر "حزب الله" سلاحه في الداخل بوجه تيار "المستقبل" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" اعتراضاً على قرارين اتخذتهما الحكومة. ونصّ القراران حينئذٍ على مصادرة شبكة الاتصالات التابعة لـ"حزب الله" وإقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت الدولي.

"ثورة ثورة"

ومع انتهاء جلسة مجلس الوزراء في السرايا الحكومي وسط بيروت، تجمع عدد من المحتجين في "ساحة الشهداء" القريبة، للانطلاق بمسيرة نحو شارع المصارف، احتجاجاً على التردي الاقتصادي والمعيشي وهبوط سعر الليرة اللبنانية إلى أكثر من نصف قيمتها، ورفضاً لاستعمال العنف ضد المتظاهرين.

وأفادت مراسلة "الشرق" بأن محتجين قطعوا الطريق في "ساحة الشهداء"، وسط المدينة، وعمدوا إلى تكسير واجهة جمعية المصارف في منطقة الجميزة، القريبة منها، فيما تجمع آخرون على جسر "الرينغ" الذي يربط غرب بيروت بشرقها، وقطعوا الطريق لبعض الوقت قبل أن تعيد القوى الأمنية فتحها.

وأفادت "الوكالة الوطنية للإعلام "، الرسمية في لبنان، بأن المحتجين رددوا شعارات "ثورة ثورة" مطالبين باسترداد الأموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين. وحضرت قوة من الجيش معززة بآليات، قابلها بعض المحتجين بالرشق بالحجارة، ما أدى إلى تراجعها إلى منطقة قريبة.

وفي أنطلياس (شمال بيروت)، تجمع عدد من الشبان في خيمة الحراك الشعبي، رافعين الأعلام اللبنانية، ونصبوا مسرحاً صغيراً وضعوا عليه شعارات "الثورة بتجمعنا".

ولليوم الثاني على التوالي، استمرت عمليات الكر والفر بين المحتجين والجيش في طرابلس، حيث أحرق المتظاهرون آليتين للقوى الأمنية، وعدداً من فروع المصارف في المدينة وكسروا واجهاتها. وتدخل الجيش لتفريقهم، مطلقاً القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاط، فيما رشقه بعضهم بالحجارة.

واندلعت الاحتجاجات في المدينة الشمالية مع تزايد الغضب عقب تشييع الشاب فواز السمّان (26 سنة)، الذي كان أصيب خلال مواجهات عنيفة ليل الإثنين بين الجيش والمحتجين في "ساحة النور". وكان المئات تظاهروا ليل الإثنين، على خلفية تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وشارك جمع من الرجال والنساء والأطفال في مسيرة جابت شوارع المدينة هاتفين "ثورة.. ثورة".

وأعربت قيادة الجيش في بيان، عن بالغ أسفها لسقوط شهيد وتقدمت بأحر التعازي لذويه، مؤكدةً أنها فتحت تحقيقاً بالحادث. وشددت على احترامها حق التعبير عن الرأي شرط ألا يأخذ التحرك منحى تخريبياً يطاول المؤسسات العامة والخاصة، داعيةً المواطنين إلى التزام الإجراءات الأمنية.

"محاسبة العابثين"

وخلال جلسة مجلس الوزراء، أقرّ رئيس الحكومة حسان دياب بأن "الأزمة المعيشية والاجتماعية تفاقمت بسرعة قياسية، وجزء منها بفعل فاعل، لا سيما مع ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء إلى مستويات قياسية".

وأضاف أن "من الطبيعي أن يخرج الناس إلى الشارع، وأن يفجروا غضبهم مجدداً، كما فعلوا في انتفاضة 17 تشرين الأول"، معتبراً أن الاحتجاجات الأخيرة اندلعت "بعدما تبين لهم وجود محاولات سياسية لمنع الحكومة من فتح ملفات الفساد".

وتابع: "نحن مع كل تعبير ديموقراطي، خصوصاً الذي يترجم وجع الناس، لكننا نرفض بشدة كل المحاولات الخبيثة لتشويه هذا التعبير بحرفه عن مساره عبر تحويله إلى حالة شغب تؤدي إلى الإساءة لهموم الناس ومطالبهم المحقة، وبالتالي الاستثمار السياسي في حالة الشغب لخدمة مطامع ومصالح وحسابات شخصية وسياسية".

وحذّر دياب من أن "العبث بالاستقرار الأمني ممنوع، ويجب أن تكون هناك محاسبة لهؤلاء العابثين، والدولة لن تقف مكتوفة الأيدي".

ورداً على سؤال عن الأوضاع في الشارع، قالت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد إن "الوضع سيء جداً وخرج من إطار المطالب المحقة بعد دخول مندسّين".

مصارحة ورسالة تحذير

في المقابل، تتوجه الأنظار يوم الأربعاء إلى كلمة سيلقيها حاكم "مصرف لبنان" رياض سلامة عبر الفيديو. وبحسب المعلومات، سيصارح اللبنانيين بالأرقام ‏والمعطيات التي أوصلت الوضع المالي إلى ما هو عليه. 

وبرزت اليوم تغريدات للمنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش على حسابه في "تويتر"، صرّح فيها بأن "الأحداث المأساوية في طرابلس التي تواجه فيها المتظاهرون غير السلميين مع الجيش اللبناني، والتي أدت إلى استشهاد متظاهر ووقوع إصابات من الطرفين، ترسل إشارة تحذير للقادة السياسيين في لبنان أن هذا ليس الوقت المناسب لتبادل تصفية الحسابات أو الاعتداء على البنوك، بل إنها اللحظة التي يتعين فيها توفير الدعم الملموس للغالبية المتزايدة من اليائسين والفقراء والجوعى من اللبنانيين في كافة أنحاء البلاد".

السفيرة الأميركية

ورأت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا في بيان أن "شعور الشعب اللبناني بالإحباط بسبب الأزمة الاقتصادية، أمر يمكن تفهمه"، لافتة إلى أن "مطالب المحتجين مبررة. لكن حوادث العنف والتهديدات وتدمير الممتلكات مقلقة للغاية ويجب أن تتوقف".وقالت شيا: "نحن نشجع السلوك السلمي وضبط النفس من قبل الجميع، وكذلك اليقظة المستمرة في شأن التباعد الاجتماعي في اطار جائحة فيروس كورونا".

ويشهد لبنان أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ الحرب الأهلية (1975-1990)، تفاقمت مع فرض تدابير العزل لمحاولة احتواء تفشي "كورونا".

Google News تابعوا أخبار الشرق عبر Google News

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.