بيونج يانج تؤكد وواشنطن تنفي.. ما خطورة صواريخ كوريا على أميركا؟

time reading iconدقائق القراءة - 11
جانب من اختبار إطلاق  أحدث صواريخ كوريا الشمالية العابرة للقارات "هواسونج-17" - 18 نوفمبر 2022 - AFP
جانب من اختبار إطلاق أحدث صواريخ كوريا الشمالية العابرة للقارات "هواسونج-17" - 18 نوفمبر 2022 - AFP
دبي- الشرق

على الرغم من تأكيد كوريا الشمالية أن أحدث صواريخها العابرة للقارات "هواسونج-17" قادر على الوصول إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة، إلا أن قدرته على ضرب أهداف في الداخل الأميركي دون اعتراضه تبقى محط تساؤلات.

ووصف زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون الصاروخ الجديد، خلال اختبار إطلاقه في 18 نوفمبر، بأنه "أقوى سلاح استراتيجي في العالم"، وتعهد بالتصدي للتهديدات النووية الأميركية بأسلحة نووية.

وأضاف كيم، دون ذكر تفاصيل، أن العلماء في بلده حققوا "طفرة رائعة إلى الأمام في تطوير تكنولوجيا تركيب الرؤوس الحربية النووية على الصواريخ الباليستية".

وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية إن الصاروخ "أثبت بوضوح أمام العالم أن جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية قوة نووية كاملة قادرة على الوقوف ضد التفوق النووي للإمبرياليين الأميركيين وأظهرت قوتها بشكل كامل باعتبارها أقوى دولة صاروخية عابرة للقارات".

وبينما قالت الولايات المتحدة إن صواريخ بيونج يانج لا تهددها، فإن اختبار الصاروخ "هواسونج-17" وقدرته على الوصول إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة، دفعا واشنطن إلى الدعوة إلى إصدار بيان رئاسي من مجلس الأمن الدولي لمحاسبة كوريا الشمالية على تجاربها الصاروخية المحظورة بموجب قرارات مجلس الأمن.

فإلى أي حد يمكن لصاروخ كوريا الشمالية الجديد أن يهدد الولايات المتحدة؟

تكنولوجيا مفقودة

الصاروخ "هواسونج-17"، الذي يمثل أحدث جيل من صواريخ بيونج يانج، تم اختباره في مسار مرتفع، إذ وصل إلى ارتفاع يزيد عن 3700 ميل وقطع مسافة حوالي 620 ميلاً، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين يابانيين قولهم إن الصاروخ لديه قدرة على تغطية البر الرئيسي الأميركي بأكمله إذا مضى في مسار منتظم. 

ووفقاً لـ "وول ستريت جورنال"، فإنه بالنسبة لنظام زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون فإن امتلاك الأسلحة النووية هو وسيلة لإحباط محاولات تغيير النظام ولضمان بقائه. 

وأشارت الصحيفة إلى أنه بينما أثبتت كوريا الشمالية منذ فترة طويلة أنها تمتلك أسلحة نووية وصواريخ باليستية عابرة للقارات، فإن مسألة ما إذا كان النظام يمتلك التكنولوجيا اللازمة لإرسال صاروخ عبر الغلاف الجوي أثناء حمله العديد من الرؤوس الحربية النووية هي مسألة مختلفة. 

وتابعت: "بالنظر إلى طول وقُطر (هواسونج-17)، الذي تم الكشف عنه لأول مرة خلال عرض عسكري في أكتوبر 2020، فإنه يبدو أنه قادر على توصيل حمولة أكبر مقارنة بالجيل السابق من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات (هواسونج-15)، ولكن لم تُظهر كوريا الشمالية أنه يمكن إطلاق هذه الصواريخ بنجاح أثناء حملها مكونات ثقيلة تسمح للصاروخ بضرب مواقع متعددة في وقت واحد". 

تقنية "ميرف"

خبير الصواريخ في جامعة كوريا للفضاء في كوريا الجنوبية تشانج يونج كون، قال إنه من أجل ضرب مواقع متعددة في آن واحد، فإن الصاروخ يحتاج إلى حمل جهاز ينفصل عن الصاروخ خارج الغلاف الجوي للأرض ويطلق رؤوساً حربية متعددة على أهداف مختلفة.

وأضاف تشانج يونج كون لـ"وول ستريت جورنال"، أن "هذه المكونات مجتمعة تضيف وزناً إضافياً يصل إلى طنين اثنين، ما يقلل من المسافة التي يمكن أن يقطعها الصاروخ بما يتراوح بين 1200 و2500 ميل، ولذا فإن الخطوة التالية لكوريا الشمالية ستكون تصغير رؤوسها الحربية". 

وتمثل الصواريخ (هواسونج-17) إضافة عسكرية وتكنولوجية كبيرة إلى الصواريخ الباليستية العابرة للقارات الموجودة في بيونج يانج في حال كانت مجهزة بنظام يسمح لها بإسقاط رؤوس حربية متعددة على أهداف مختلفة في وقت واحد، ما يُعرف باسم تقنية "ميرف"، لكن لم تثبت كوريا الشمالية أنها تمتلك هذه التقنية أو حتى قدرة الصواريخ على تحمل درجات الحرارة المرتفعة للغاية أثناء العودة إلى الغلاف الجوي للأرض. 

وهناك عدد قليل فقط من الدول، منها الولايات المتحدة وروسيا والصين، التي لديها أنظمة صواريخ "ميرف"، ولكن كيم أعلن في خطاب في يناير 2021، أن تطوير تقنية الرؤوس المتعددة هو أحد أهدافه، وهي التقنية التي ستزيد بشكل كبير من التهديد الذي ستمثله بلاده لواشنطن وحلفائها لأن أنظمة الدفاع الصاروخي المضادة للصواريخ الباليستية الخاصة بها تعتمد على عدد محدود من الصواريخ الاعتراضية، والتي قد تكون غير كافية للدفاع ضد هجوم بالرؤوس الحربية المتعددة في وقت واحد، حسب الصحيفة. 

قدرة تجاوز الدفاعات الأميركية

ويمثل التحدي الآخر لكوريا الشمالية في القدرة على نشر صواريخها دون أن ترصدها أنظمة الدفاع الصاروخي الخاصة بالولايات المتحدة أو كوريا الجنوبية، إذ لم تختبر بيونج يانج صاروخها الأخير سوى من منطقة سونان، التي تقع في ضواحي بيونج يانج، حيث توجد منشأة لدعم الصواريخ الباليستية.

ويرى محللو الأسلحة أن هذا يشير إلى أن كوريا الشمالية لا يمكنها إطلاق الصواريخ إلا من أماكن مصممة خصيصاً لهذا الغرض، مثل مطار سونان الدولي، كما لا يمكنها نقلها إلى مواقع سرية. 

وتمتلك دول مثل الولايات المتحدة وروسيا صوامع صواريخ تحت الأرض يصعب اكتشافها، وأعلنت وسائل إعلام حكومية في كوريا الشمالية لأول مرة يوم 27 نوفمبر، عن تجهيز البلاد لموقع إطلاق تحت الأرض، ولكن في حال بدأت بيونج يانج في بناء هذه المنشأة، فإنه من المحتمل أن تكتشفها الأقمار الصناعية في واشنطن وسول بسرعة، كما يقول الخبراء للصحيفة. 

ويقول مراقبو كوريا الشمالية إنها ربما سارعت إلى إطلاق صاروخ (هواسونج-17) لتغيير الطريقة التي ينظر بها العالم الخارجي إلى قدراتها ولأن يُنظر إليها على أنها قادرة على مقاومة الردع الأميركي باستخدام الصواريخ الباليستية العابرة للقارات باعتبارها نفوذها الجديد. 

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن  بارك وون جون، أستاذ الدراسات الكورية الشمالية في جامعة "Ewha Womans" في سول، قوله إن "إطلاق (هواسونج-17) كان عبارة عن رسالة سياسية تهدف إلى الضغط على واشنطن لقبول بيونج يانج كدولة نووية بحكم الأمر الواقع، كما أنه يمثل تهديداً بأن البلاد لن تتوقف عن تطوير أسلحة أكثر تقدماً". 

اقرأ أيضاً:

تصنيفات