بعد أزمة الرسائل المسربة.. فاوتشي: لن أتوقف عن العمل إلا بعد هزيمة كورونا

time reading iconدقائق القراءة - 7
كبير المستشارين الطبيين في البيت الأبيض أنتوني فاوتشي - Getty Images via AFP
كبير المستشارين الطبيين في البيت الأبيض أنتوني فاوتشي - Getty Images via AFP
دبي-الشرق

قالت صحيفة "فاينانشال تايمز"، إن كبير المستشارين الطبيين بالبيت الأبيض، أنتوني فاوتشي، بات يواجه دعوات للاستقالة بعد تعرضه لانتقادات بسبب إصراره على أن منشأ كورونا قد يكون الحيوانات البرية، وليس تسرب الفيروس من مختبر صيني، رغم نشر رسائل اعتبرها البعض تشير إلى قبوله للفرضية الأخيرة.

وأعرب فاوتشي في تصريحات للصحيفة، نُشرت السبت، عن شعوره بالقلق حيال الأمر، قائلاً إن "ما يقلقه ليس رد الفعل المتعلق به، ولكن ما يظهره هذا الجدل عن صورة الولايات المتحدة".

وأضاف: "تظهر رسائل البريد الإلكتروني شخصاً يقوم دائماً بتقييم البيانات فور ظهورها، لكن الناس يختارون الرسائل بشكل انتقائي لتشويه الواقع".

ووصفت الصحيفة فاوتشي، الذي يُلقب الآن بـ"طبيب أميركا"، بأنه أحد أشهر الأطباء الأميركيين وأكثرهم احتراماً، قائلة إنه حقق شهرة عالمية بعد أن عمل مستشاراً لكل الرؤساء الأميركيين منذ عهد الرئيس الراحل رونالد ريغان، وكذلك من خلال عمله على فيروس نقص المناعة البشرية عندما كان أحد أوائل الأطباء الذين دقوا ناقوس الخطر بشأن مرض جديد وغريب في الثمانينيات.

ونقلت "فايننشيال تايمز" عن مدير مركز أبحاث وسياسات الأمراض المعدية بجامعة مينيسوتا، مايكل أوسترهولم، قوله: "لقد أحدث فاوتشي ثورة في كيفية إجراء التجارب السريرية الخاصة بفيروس نقص المناعة البشرية، فهو طبيب عظيم وقائد بالفطرة".

ولفتت إلى أن فاوتشي كان أحد أبرز الوجوه في الاستجابة الأميركية لجائحة كورونا، كما أن استعداده لنقض مزاعم الرئيس السابق دونالد ترمب، مثل دعوى الأخير أن "كوفيد-19" يشبه الإصابة بالإنفلونزا، قد أكسبه الآلاف من المعجبين.

وأشارت إلى وجود لافتات في الحدائق بواشنطن وأماكن أخرى تحمل رسائل شكر له، كما بلغت نسبة تأييده في الولايات المتحدة خلال فبراير الماضي 60%، وهي نسبة أعلى بقليل من نسبة تأييد الرئيس الأميركي جو بايدن.

"سمعة مهدَّدة"

ولفتت الصحيفة إلى أنه على الرغم من ذلك فإن هناك آخرين ممن يعتقدون أن فاوتشي كان يقوض مزاعم ترمب لأسباب سياسية.

ونقلت عن نائب كبير موظفي وزارة الصحة بإدارة ترمب، بول مانغو، قوله: "فاوتشي رجل طيب وعالم عظيم، لكنه للأسف جعل من نفسه شخصية سياسية، وهو الأمر الذي أفقده مصداقيته".

ونفى فاوتشي ما يقوله مانغو في تصريحاته للصحيفة، قائلاً: "كان عليّ أحياناً أن أتعارض مع ما يقوله ترمب، لأنه لم يكن صحيحاً، ولذا فإنه يبدو أن هناك أشخاصاً متطرفين يعتقدون أنني العدو، ولكنني لست العدو، فقد كنت أحاول كشف الحقيقة فقط".

ورأت الصحيفة أن سُمعة فاوتشي باعتباره رجلاً يقول الصدق باتت تحت  التهديد الآن، وذلك في ظل اتهامه بالمساعدة في تمويل أبحاث خطرة في مختبر ووهان من خلال منحة قدرها 600 ألف دولار قدمتها معاهد الصحة الوطنية الأميركية للعمل على فيروسات كورونا في الخفافيش.

ويقول منتقدوه إن إصراره على أن منشأ المرض ربما كان بسبب الحيوانات البرية ليس مبنياً على أدلة بقدر ما هو انعكاس لرغبته في حماية مؤسسته.

وأكد فاوتشي للصحيفة أنه لا يزال يعتقد أن "الاحتمال الكبير هو أن فيروس كورونا المستجد قد انتقل إلى البشر من الحيوانات"، لكنه يعترف أيضاً بأن بعض الأعمال التي تم إجراؤها في مختبر ووهان باستخدام أموال معاهد الصحة الوطنية يمكن أن تكون قد انتهكت معايير السلامة.

إلا أنه أشار أيضاً إلى أن مسؤولية هذا الأمر تقع على عاتق شركة "إيكو هيلث آليانس"، وهي المنظمة غير الحكومية التي قامت بالعمل.

وعن الاتهامات بأن بعض الأبحاث الخاصة بفيروس كورونا تم إجراؤها على المستوى الثاني من السلامة في مختبر ووهان، وهو ما يعادل تقريباً معايير السلامة المتبعة في عيادات أطباء الأسنان، قال فاوتشي: "سيتعين علينا العودة إلى ذلك، والنظر فيه مرة أخرى، لكن هذا شيء كان يجب مراقبته من قبل شركة  إيكوهيلث آليانس".

رفض الاستقالة

وأشارت الصحيفة إلى أن فاوتشي ما زال يواصل الرد على رسائل البريد الإلكتروني في وقت متأخر من الليل، والتي يتلقاها من زملائه والصحافيين والجمهور العادي، إذ يقول إنه "ينام 4 ساعات فقط يومياً".

وقالت "فاينانشال تايمز"، إنه على الرغم من شعور أصدقاء فاوتشي بالقلق من أنه قد يقرر قريباً التراجع عن الحياة العامة بسبب هذا العمل الشاق والتهديد المستمر بالهجوم من أنصار ترمب، فإنه يصر على أن ذلك لن يحدث، ونقلت عنه قوله: "لم أفكر في الاستقالة أبداً، ولن أتوقف عن العمل إلا عندما نتغلب على هذا الوباء ونسحقه".

وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، ضم صوته إلى مشرعين جمهوريين، وسياسيين محافظين بارزين للمطالبة بإقالة فاوتشي، بعد نشر رسائل بريد إلكتروني ضمن آلاف الرسائل التي تتعلق بجائحة  كورونا.

ويقول منتقدون إن بعض رسائل البريد الإلكتروني هذه تُظهر ما وصفوه بأنه "علاقة تعاونية بشكل مفرط" بين الدكتور فاوتشي والسلطات الصينية.

وأشار البعض إلى رسالة تلقاها العام الماضي، من مسؤول تنفيذي في منظمة غير ربحية عالمية، ساعدت في تمويل بعض الأبحاث في معهد ووهان لأبحاث الفيروسات، تحديداً، على الرغم من أنها محجوبة بشكل كبير، تُظهر أنه كان يفكر في نظرية "التسرب المخبري" من ووهان فيما يتعلق بنشأة "كوفيد 19"، بشكل أكثر جدية مما أفصح عنه بشكل علني.

البيت الأبيض يدافع

لكن المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، قالت، الخميس، للصحافيين: "لقد كان (فاوتشي) أحد المكاسب التي لا يمكن إنكارها في استجابة بلادنا للوباء. ولكن من الواضح أنه ليس من المفيد بالنسبة لي أن أعيد التشكيك في جوهر رسائل إلكترونية منذ 17 شهراً".

وأشارت ساكي إلى أنها لا تعلم إذا كان الرئيس بايدن قد تم اطلاعه على رسائل البريد الإلكتروني، مضيفة: "يرى الرئيس والإدارة أن الدكتور فاوتشي قد لعب دوراً مثيراً للإعجاب في السيطرة على الوباء، كونه صوتاً معبراً للجمهور طوال فترة هذا الوباء".

وأردفت: "أكرر مرة أخرى أن الكثير من رسائل البريد الإلكتروني هذه من 17 شهراً مضت أو أكثر، بالتأكيد قبل هذه الإدارة".