
طلبت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، الاثنين، توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومسؤولين آخرين، بتهمة "تحويل مئات ملايين الدولارات إلى الخارج والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال".
وأفادت وكالة الأنباء اللبنانية بأن المدعية العامة في ملف "شركة مكتف للتحويلات المالية"، أصدرت "ورقة الطلب بالادعاء على المتورطين في جرم تبييض الأموال في الأساس، إضافة إلى جرائم أخرى وفقاً لتحليل الداتا كما بات ثابتاً في تقارير الخبراء ببعض المدعى عليهم".
تورّط سياسيين
ويتهم اللبنانيون زعماء سياسيين ومسؤولين، من بينهم سلامة، بتحويل مبالغ ضخمة من حساباتهم إلى الخارج عند بدء انهيار النظام المالي في عام 2019 وتهاوي قيمة الليرة مقابل الدولار، في وقت كانت المصارف تمنع المواطنين من تحويل أي مبالغ وتقيّد سحب ودائعهم الدولارية، حتى لدواعي الهجرة.
وأحالت عون التحقيق الأول في جبل لبنان إلى القاضي نقولا منصور، وطلبت استجواب وإصدار مذكرات توقيف بحق ميشال مكتف مالك "شركة مكتف للتحويلات المالية"، وأنطون الصحناوي رئيس مجلس إدارة مصرف "سوسيتية جنرال"، وحاكم مصرف لبنان والمتهم بـ"جرم التواطؤ والتدخل في عمليات تبييض الأموال"، ومايا دباغ رئيسة هيئة الرقابة في مصرف لبنان والمتهمة بـ"جرم التمنع عن التعاون وحجب معلومات"، وفقاً للوكالة الرسمية.
إجراءات متسارعة
ويأتي هذا الادعاء بعد أقل من أسبوع على إيداع القاضية عون "بلاغ بحث وتحر" بحق رياض سلامة، الذي لم يمثل أمامها في الجلسة التي كانت مقررة في 20 أغسطس، ولم تنتظر انقضاء مهلة الشهر المحددة لانتهاء صلاحية بلاغ البحث والتحري قبل أن تلجأ إلى هذا الإجراء.
وجاء الادعاء تتويجاً لمرحلة المداهمات والاقتحامات التي نفذتها القاضية عون لشركة "مكتّف" في منطقة المتن وصادرت منها معدات وأجهزة كومبيوتر.
ويعد أداء سلامة الذي يقود المصرف المركزي منذ عام 1993 محل تدقيق بعد بدء الأزمة المالية والاقتصادية غير المسبوقة، التي تسببت في تخلف لبنان عن سداد ديون سيادية، وفاقمتها ظروف وباء كورونا.
وكان حاكم مصرف لبنان مثل، في 5 أغسطس، أمام النيابة العامة التمييزية، حيث تم استجوابه في قضايا عدة من بينها اختلاس أموال عامة وتهرّب ضريبي.
وفتح القضاء اللبناني في أبريل الماضي تحقيقاً محلياً بشأن ثروة سلامة ومصدرها بعد استهدافه بتحقيق في سويسرا للاشتباه بتورطه في قضايا اختلاس، قبل أن يُستهدف أيضاً بتحقيق في فرنسا وشكوى في بريطانيا.
وفي 19 يوليو، قررت النيابة العامة التمييزية استجوابه "بجرائم اختلاس الأموال العامة والتزوير والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال والتهرب الضريبي".
ويلاحق القضاء السويسري مسار تحركات أموال يشتبه أن سلامة قام بها بالتعاون مع شقيقه رجا، انطلاقاً من الجزر العذراء البريطانية، وصولاً إلى جنيف مروراً ببنما.
وتحمّل جهات سياسية في لبنان سلامة مسؤولية انهيار العملة الوطنية، أو تنتقد بشكل حاد السياسات النقدية التي اعتمدها باعتبار أنها راكمت الديون، إلا أن سلامة دافع مراراً عن نفسه قائلاً إن المصرف المركزي "موّل الدولة ولكنه لم يصرف الأموال"، كما دفع ببراءته من التهم.