زيارة ماكرون للسعودية.. اتفاق سياسي وصفقات اقتصادية

time reading iconدقائق القراءة - 10
 ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر السلام، جدة - 4 ديسمبر 2021. - واس
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر السلام، جدة - 4 ديسمبر 2021. - واس
دبي- الشرق

أكدت المملكة العربية السعودية وفرنسا أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المملكة، السبت، شهدت اتفاقاً بين الجانبين على عدد كبير من القضايا، أبرزها ضرورة إجراء لبنان إصلاحات شاملة، وعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي، والتصدي لأنشطتها المزعزعة لأمن المنطقة، فضلاً عن دعم الجهود للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية.

وأصدرت الرياض وباريس بياناً مشتركاً في ختام الزيارة، أفاد بأن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، استعرض خلال جلسة مباحثات مع ماكرون بقصر السلام في جدة، العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين المملكة وفرنسا في جميع المجالات.

وأكد الجانبان، بحسب البيان الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس)، على تعزيز وترسيخ التعاون بين البلدين وتنسيق مواقفهما في القضايا ذات الاهتمام المشترك لتحقيق السلام والأمن في الشرق الأوسط بشكل خاص والعالم بشكل عام، والتصدي للسياسات والتدخلات المزعزعة للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وأشادا بأهمية قمة بغداد التي عقدت في، أغسطس الماضي، لتعزيز الاستقرار في العراق وتشجيع الحوار الإقليمي.

البرنامج النووي الإيراني

وأعرب الطرفان عن قلقهما الشديد من تطوير البرنامج النووي الإيراني، وعدم التعاون والشفافية تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأكدت فرنسا تصميمها على ألا تتمكن إيران من تطوير أو الاستحواذ على سلاح نووي، واتفقا على ضرورة التصدي للأنشطة الإيرانية المزعزعة للأمن في المنطقة، بما فيها استعمال ونقل الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية التي أدت إلى اعتداءات على المملكة.

آلية لمساعدة لبنان إنسانياً

وفي الشأن اللبناني، شدد الجانبان على ضرورة إجراء الحكومة اللبنانية إصلاحات شاملة، لا سيما الالتزام باتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان، وأن تشمل الإصلاحات قطاعات المالية والطاقة ومكافحة الفساد ومراقبة الحدود.

واتفق الطرفان على العمل مع لبنان لضمان تطبيق هذه التدابير، وأكدا ضرورة حصر السلاح على مؤسسات الدولة الشرعية، وألا يكون لبنان منطلقاً لأي أعمال إرهابية تزعزع أمن واستقرار المنطقة، ومصدراً لتجارة المخدرات.

وشدد الجانبان على أهمية تعزيز دور الجيش اللبناني في الحفاظ على أمن واستقرار البلاد، واتفقا على استمرار التشاور بين البلدين في جميع القضايا، كما اتفقا على إنشاء آلية سعودية - فرنسية للمساعدة الإنسانية في إطار يكفل الشفافية التامة، وعزمهما على إيجاد الآليات المناسبة بالتعاون مع الدول الصديقة والحليفة للتخفيف من معاناة الشعب اللبناني، كما أكدا أهمية الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته.

الأزمة اليمنية

وفي الشأن اليمني، أكد الجانبان أهمية دعم الجهود المبذولة، بما في ذلك جهود المبعوث الأممي الخاص باليمن، للوصول إلى حل سياسي شامل للأزمة استناداً إلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وأكدت فرنسا دعمها الكامل لمبادرة السلام السعودية التي تم طرحها في 22 مارس الماضي، كما أدانت الاعتداءات بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة التي ينفذها الحوثيون، وأكدت التزامها التاريخي بالحفاظ على أمن المملكة.

وقف التدخل بالشأن العراقي

وفي الشأن العراقي، أبدى الجانبان دعمهما لجهود الحكومة العراقية للقضاء على الإرهاب، والجهود الرامية للحفاظ على أمن واستقرار العراق ووحدة وسلامة أراضيه، وأهمية وقف التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي العراقي، وأعربا عن أملهما في تشكيل حكومة جديدة خلال وقت سريع، كما أشادا بإجراء الانتخابات في 10 أكتوبر الماضي.

حل سياسي في سوريا وليبيا

وفي الشأن السوري، أكد الجانبان أهمية الوصول إلى حل سياسي للأزمة في سوريا وفقاً لإعلان جنيف (1)، وقرار مجلس الأمن رقم (2254) لإنهاء المعاناة الإنسانية للشعب السوري، والحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها، ودعم جهود المبعوث الأممي الخاص بسوريا.

وفي الشأن الليبي، أكدا أهمية الوصول إلى حل سياسي للأزمة الليبية وفق قرارات الشرعية الدولية وبما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة.

مكافحة الإرهاب

وشدد الجانبان على تصميمهما لبذل المزيد من الجهود الحثيثة المشتركة للوقوف في وجه الإرهاب والتطرف بمختلف أشكاله وصوره محلياً وإقليمياً ودولياً ومكافحة تمويله، واتفقا على تعزيز التعاون التقني والعملياتي في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.

حل الدولتين

وأكد الجانبان دعمهما لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، وأهمية التوصل إلى تسوية شاملة للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي وفقاً لحل الدولتين، والقرارات الشرعية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية بما يكفل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ودعا الجانبان إلى وضع حد لسياسة الاستيطان الإسرائيلي التي تهدد حل الدولتين.

تقييم مستمر للتهديدات

وفي الشأن الدفاعي والأمني أكد الجانبان أهمية وضرورة التقييم المستمر للتهديدات المشتركة لمصالح البلدين ولأمن واستقرار المنطقة، وأشادا بشراكة الدفاع التاريخي التي تجمعهما، واتفقا على تعزيز الحوار لتعميق التقارب الاستراتيجي بينهما.

شراكة اقتصادية

وأشاد الجانبان بمتانة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، واتفقا على أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، وتبادل الخبرات، وتطوير القدرات البشرية، واستغلال الفرص النابعة من رؤية المملكة 2030، والخطة الاقتصادية لفرنسا 2030 في العديد من القطاعات ذات الاهتمام المشترك.

وأكدا أهمية متابعة تنفيذ الشراكة الاقتصادية المتوازنة من خلال الاستثمارات المتبادلة بين القطاع الخاص في البلدين.

ورحبت المملكة بزيادة تعاون الشركات الفرنسية في القطاعات في إطار رؤية المملكة 2030، بما فيها الطاقة، وإدارة المياه والنفايات، والمدن المستدامة، والنقل، والطيران المدني، وحلول التنقل، والاقتصاد الرقمي، والصحة.

وأكد البيان، أن فرنسا ترغب في استقطاب الاستثمارات السعودية في القطاعين العام والخاص، لا سيما قطاعات التقنيات الجديدة والشركات الناشئة وصناعة المستقبل، فيما تتطلع المملكة إلى تعزيز استثمارات القطاع الخاص السعودي في السوق الفرنسي.

وأشاد الجانبان بتوقيع العديد من العقود والاتفاقيات في جميع المجالات الاقتصادية، خلال اللقاءات التي عقدت على هامش الزيارة بين رجال الأعمال في البلدين، مجددين بذلك شراكة القطاع الخاص العميقة في البلدين.

اتفاقات اقتصادية

وتشمل الاتفاقات الثنائية، صفقة بين شركة "إيرباص" الأوروبية لبيع 26 مروحية مدنية إلى شركة سعودية، فيما وقعت شركة "فيوليا" الفرنسية عقداً لإدارة خدمات مياه الشرب في الرياض، وفق ما أعلنت المجموعتان على هامش الزيارة.

وأعلنت "إيرباص" في بيان أنها أبرمت، السبت، في جدّة عقداً لبيع 26 مروحية، 20 منها من طراز "إتش 145"، و6 من طراز "إتش 160" لشركة الطائرات المروحية السعودية، ولم تكشف عن قيمة الصفقة.

وتأسست شركة الطائرات المروحية عام 2018 بمبادرة من صندوق الاستثمارات العامة السعودي، في إطار تنويع اقتصاد المملكة وللاستجابة "للطلب المتزايد على السياحة الفاخرة وخدمات النقل الجوّي". وكانت تستخدم في الأصل عشر مروحيات خفيفة من طراز "إتش 125 إيكوروي".

ووقعت شركة "فيوليا"، عقداً لإدارة خدمات مياه الشرب والصرف الصحي في الرياض و22 مدينة مجاورة، بحسب الشركة الفرنسية.

ووقعت شركة "فيوليا" "اتفاق شراكة استراتيجية" مع وزارة الاستثمار السعودية "لتحسين الأداء التشغيلي والتجاري وفي مجال الطاقة لقطاع المياه في أنحاء البلاد"، إضافة إلى توسيع روابطها مع مجموعة "أرامكو السعودية" النفطية العملاقة، إذ أصبحت المجموعة الفرنسية "الشريك الحصري" لـ"أرامكو" في معالجة نفاياتها الصناعية والعادية، أي 200 ألف طن سنوياً، تُضاف إلى 120 ألف طن من النفايات الخطرة التي تتكفّل بها أصلاً الشركة الفرنسية.

ونقلت وكالة "رويترز" عن بيان أن شركة الطيران "ناس" وقعت أيضاً اتفاقاً مع "سي.إف.إم إنترناشونال" الفرنسية لصيانة المحركات.

وأعلنت شركة "أرامكو" السعودية، توقيع 5 اتفاقيات مع شركات فرنسية شملت استكشاف أنشطة المركبات العاملة بالهيدروجين مع شركة "جوسين" الفرنسية المتخصصة في حلول النقل النظيفة والذكية.

وشملت الاتفاقيات مجالات تقنيات التقاط الكربون، والذكاء الصناعي، والتصنيع المحلي، بحسب بيان للشركة نشرته "رويترز".

إشادة بالجهود البيئية

وأكد الجانبان التزامهما بالحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي، وأعرب الرئيس الفرنسي عن تقديره لمبادرات المملكة وجهودها في مجال البيئة والتغير المناخي.

وفي ما يخص قضايا التغير المناخي، أكد الجانبان أهمية الالتزام بمبادئ الاتفاقية الإطارية للتغير المناخي واتفاقية باريس، وضرورة تطوير وتنفيذ الاتفاقيات المناخية بالتركيز على الانبعاثات دون المصادر، بما في ذلك من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون كإطار متكامل وشامل لمعالجة انبعاث الاحتباس الحراري.

وأشاد ماكرون بمبادرتي السعودية الخضراء، والشرق الأوسط الأخضر، وأكد الطرفان أهمية التعاون لتنفيذ المبادرات.

ولفت الطرفان إلى أهمية التعاون بين البلدين لدراسة فرص تطوير إنتاج الهيدروجين النظيف في المملكة، بالإضافة إلى استخداماته المختلفة للمشاركة في تحويل الاقتصادات إلى اقتصادات خالية من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وفي التحول في مجال الطاقة على المستوى العالمي.

تعاون في الطاقة النووية

وشددت السعودية وفرنسا على متانة العلاقات التي تجمع البلدين في مجالات الطاقة التي تتمثل في العديد من المشروعات في مجالات تكرير البترول، وإنتاج البتروكيماويات، وقطاع الكهرباء والطاقة المتجددة، خاصة في مجالات تطوير المشروعات، وأمن المحطات والشبكات الكهربائية، وموثوقية الخدمة، وتبادل الخبرات في الربط الكهربائي.

واتفق الطرفان على تعزيز تعاونهما في ما يتعلق بإنتاج الطاقة النووية في إطار سلمي وآمن، وإدارة النفايات الإشعاعية ومجال التطبيقات النووية، والرقابة النووية، وتطوير القدرات البشرية في إطار الاتفاق الحكومي الموقع عام 2011.

تعاون ثقافي في المتاحف والسينما

وفي مجال الثقافة، أشار الجانبان إلى العلاقات الثقافية التاريخية بين البلدين التي شهدت على مدى العقود الستة الماضية تعاوناً مستمراً بينهما في مختلف المجالات، وأكدا أهمية تعزيز التعاون في هذه المجالات، لا سيما تطوير المتاحف، وصناعة السينما، والتراث.

ورحب الجانبان بالتعاون المثمر القائم للتطوير المستدام لمنطقة العلا، في إطار الاتفاق الحكومي الموقّع في إبريل 2018، وأشادا بتوقيع اتفاقيات جديدة، تساهم من خلالها فرنسا في دعم التطوير الثقافي والسياحي للمنطقة.