ما حقيقة خفض إسرائيل تعاونها الاستخباراتي مع الولايات المتحدة؟

time reading iconدقائق القراءة - 5
منشأة نطنز النووية الإيرانية جنوب العاصمة طهران 30 مارس 2005 - REUTERS
منشأة نطنز النووية الإيرانية جنوب العاصمة طهران 30 مارس 2005 - REUTERS
دبي -الشرق

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن إسرائيل قلصت تعاونها الاستخباراتي مع الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة، بسبب توجه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإحياء الاتفاق النووي مع إيران الذي تعارضه تل أبيب، واتهامات بتسريب معلومات عن العمليات الإسرائيلية ضد طهران.

وقالت إنه بعد تاريخ طويل من التعاون بين أجهزة الاستخبارات في البلدين، وعملهما سوياً خلال إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب التي وافقت على كثير من عمليات إسرائيل في حربها الخفية ضد إيران، وربما كانت جزءاً منها، فإن الوضع تغير الآن مع وصول بايدن إلى البيت الأبيض.

ووفقاً للصحيفة، فقد قلَّص رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو في الربيع الماضي، مستوى تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الولايات المتحدة، وذلك "بسبب عدم ثقته بإدارة بايدن".  

عملية نطنز

"نيويورك تايمز" نقلت عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين تحدثوا إليها بشرط السرية، أن نتنياهو وجّه مسؤولي الأمن القومي في حكومته بخفض المعلومات التي ينقلونها إلى الولايات المتحدة بشأن العمليات المخطط لها في إيران.

وبحسب هؤلاء المسؤولين فقد ظهر تأثير قرار نتنياهو في الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف منشأة نطنز النووية بإيران خلال أبريل الماضي، إذ أبلغ الموساد الولايات المتحدة عن العملية قبل ساعتين فقط من تنفيذها، وهي مهلة قصيرة جداً لم تسمح لواشنطن بتقييم العملية، أو مطالبة تل أبيب بإلغائها.

وقال مسؤول إسرائيلي إن الموساد اعتمد هذه الإجراءات الوقائية؛ لأن "الأميركيين سبق لهم أن سربوا معلومات بشأن العلميات الإسرائيلية"، وهي تهمة ينفيها المسؤولون الأميركيون.

وأشار مسؤول إسرائيلي آخر إلى أن إدارة بايدن كانت غافلة عن المخاوف الأمنية لإسرائيل، بسبب تركيزها الشديد على إحياء الاتفاق النووي الإيراني الذي انسحب منه الرئيس دونالد ترمب. 

"انتهاك للاتفاقيات"

وقالت "نيويورك تايمز" إن الإخطار في اللحظة الأخيرة بعملية نطنز يعد أوضح مثال على أن إسرائيل غيرت طريقة تعاطيها مع واشنطن منذ انقضاء رئاسة ترمب.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين كبار في إدارة بايدن قولهم إن الإسرائيليين "انتهكوا اتفاقاً ضمنياً طويل الأمد يقضي بمشاورة الولايات المتحدة على الأقل بشأن العمليات السرية، ومنحها فرصة للاعتراض".

واعتبرت الصحيفة أن هذا التوجه الإسرائيلي يضعف قدرة واشنطن على العمل داخل إيران، خصوصاً مع حديث المسؤولين الأميركيين عن فقدان الولايات المتحدة لشبكة جواسيسها في طهران "بسبب عمليات مكافحة التجسس الوحشية التي نفذتها إيران، والتي أعاقت جهود إعادة بناء هذه الشبكة".

دعم إسرائيلي

الصحيفة الأميركية أشارت إلى أن إسرائيل ساعدت في سد هذا النقص من خلال عملياتها القوية في إيران التي زودت الولايات المتحدة بمعلومات استخباراتية موثوقة بشأن أنشطة إيران النووية، وبرامجها الصاروخية، ودعمها للميليشيات في المنطقة، على حد تعبير "نيويورك تايمز".

كما أبقت إسرائيل إدارة الرئيس ترمب على اطلاع مستمر بعملياتها التي نفذتها خلال الأعوام القليلة الماضية، من قبيل الهجمات الإلكترونية والتفجيرية على المنشآت النووية الإيرانية، واغتيال كبير العلماء النوويين الإيرانيين محسن فخري زاده، إضافة إلى تعاون البلدين في العملية الأميركية لقتل قائد فيلق القدس الإيراني اللواء قاسم سليماني، والعملية الإسرائيلية لتصفية أحد قيادات تنظيم القاعدة في طهران.

لكن الاختلافات مع إدارة بايدن بشأن إدارة الملف النووي الإيراني، تهدد بعرقلة هذا التعاون الاستخباراتي كما تقول "نيويورك تايمز" التي توقعت أن تطفو هذه المسألة خلال اجتماع بايدن ورئيس الوزراء نفتالي بينيت، الجمعة، في واشنطن.

وقال رئيس مديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق الجنرال أهارون زئيفي فاركاش، إن "تبادل المعلومات الاستخباراتية والعملياتية بين إسرائيل والولايات المتحدة، هو أحد أهم الموضوعات على أجندة الاجتماع" بين بايدن وبينيت.

وأضاف فاركاش أن إسرائيل "طورت قدرات فريدة لجمع المعلومات الاستخباراتية في عدد من البلدان المعادية، وهي معلومات لم تكن الولايات المتحدة قادرة على جمعها لوحدها، وبدونها فإن أمنها القومي سيكون عرضة للخطر"، على حد تعبيره. 

إعادة بناء الثقة

واعتبرت الصحيفة أن البلدين يواجهان تحدي إعادة بناء هذه الثقة في ظل تنافر مقارباتهما تجاه إيران، فبينما تؤثر الإدارة الأميركية المسار الدبلوماسي، وإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، يرى المسؤولون الإسرائيليون أنه بالقوة فقط يمكن منع إيران من امتلاك قنبلة نووية.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن من أهداف زيارة بينيت لواشنطن تحديد ما إذا كانت إدارة بايدن ستستمر في دعم العمليات الإسرائيلية السرية ضد البرنامج النووي الإيراني، بحسب ما نقلته "نيويورك تايمز". 

ووفقاً للصحيفة، يأمل المسؤولون الإسرائيليون بأن أي اتفاق يتم التوصل إليه بخصوص الملف النووي الإيراني لن يحد من هذه العمليات التي شملت خلال العقدين الماضيين تخريب منشآت إيران النووية، واغتيال علمائها.

وكان مسؤول أميركي رفيع قال، الأربعاء، في إيجاز صحفي عبر الهاتف بمناسبة زيارة بينيت، إن واشنطن "ملتزمة بالمسار الدبلوماسي"، لحل مشكلة البرنامج النووي الإيراني، لكنها لا تستبعد الخيارات الأخرى إذا فشل هذا المسار.

اقرأ أيضاً: