حقق المحافظون بزعامة أنغيلا ميركل فوزاً مقنعاً في انتخابات ولاية"ساكسونيا - أنهالت"، الأحد، متخطّين تهديداً كان يشكله حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف في آخر استحقاق محلي قبل انتخابات عامة ستكون الأولى منذ 16 عاماً التي لا تخوضها المستشارة.
ونال حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي برئاسة أرمين لاشيت، ما بين 35 و36% من الأصوات وفق استطلاعات الخروج من مراكز الاقتراع، فيما نال "البديل من أجل ألمانيا" ما بين 22.5 و23.5%، وهي النتائج التي ستعزز من موقع لاشيت مرشحاً لخلافة ميركل في المستشارية والحفاظ على استمرارية الحزب في السلطة.
لاشيت، الذي عمل لفترة طويلة رئيساً لوزراء لولاية "شمال الراين-وستفاليا" غرب البلاد، كان ينظر إليه باعتباره قدم بداية غير واثقة لحملته الانتخابية، وكان يواجه دعوات برسم مسار أكثر يمينية لاستعادة أصوات الناخبين المحبطين من 16 عاماً من حكم ميركل الوسطي.
لكن انتخابات ساكسونيا، أسفرت عن فوز مرشح الاتحاد الديمقراطي المسيحي، راينر هاسيلوف لفترة ثالثة، والذي قدَّم نفسه خلال الانتخابات باعتباره مرشح الوسط الذي يمكن أن يعتمد عليه أولئك الذين يعارضون التطرف.
"دفعة باتجاه برلين"
واعتبر رئيس الكتلة البرلمانية للمحافظين رالف برينكهاوس، هذا النصر بمثابة "دفعة قوية باتجاه برلين"، وذلك في إشارة إلى الانتخابات العامة المقررة في سبتمبر المقبل، مشيراً، بحسب وكالة رويترز، إلى أن الفوز هو أيضاً "انتصار لأرمين لاشيت".
وجاءت النتائج مخيبة لمعظم الأحزاب الأخرى، فالخضر الذين يأتون عادة في المركز الثاني بعد المحافظين في الانتخابات الوطنية، حققوا أرقاماً أحادية (دون 10%) فقط في الانتخابات الإقليمية.
وقالت مرشحة الحزب للمستشارية أنالينا بابوك: "بالتأكيد، كان بودنا لو قدمنا أداءً أفضل"، مشيرة، بحسب رويترز، إلى أن المحافظين استفادوا من الناخبين الذين حشدوا من أجل رئيس الوزراء الحالي بهدف إحباط محاولات "اليمين المتطرف"، الذي لم تفصله عن المحافظين إلا نقطة واحدة في بعض استطلاعات الرأي.
راينر هاسيلوف، الذي يحكم الولاية منذ 2016، أكد أنه فعل كل ما بوسعه لإقناع الناخبين في الإقليم الفقير نسبياً بعدم التصويت لليمين المتطرف.
وقال هاسيلوف، بحسب رويترز: "لقد فعلت كل ما هو ضروري وممكن لإقناع الناس بأننا نحتاج إلى الاستقرار وإلى وسط ديمقراطي"، وذلك في تصريحات للصحافيين في منزله بمدينة فيتنبرغ، وهي المدينة نفسها التي أصدر فيها مارتن لوثر عام 1517 قضاياه الخمس والتسعين النقدية للبابا، مشعلاً بذلك ما عرف في ما بعد بالإصلاح البروتستانتي.
المحافظون بعد ميركل
ميركل التي ظلت في السلطة منذ 2005، ستتنحى أخيراً عقب الانتخابات الفيدرالية المقبلة، في وقت يقر فيه مسؤولو حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بصعوبة الحفاظ على جاذبية الحزب لدى الناخبين، بعد 16 عاماً في السلطة.
لكن وكالة "بلومبرغ" الأميركية، اعتبرت أن نتائج "ساكسونيا-أنهالت"، تعد دفعة للحزب ولأرمين لاشيت ليكون المستشار المقبل في يناير.
وأشارت إلى أن لاشيت البالغ من العمر 60 عاماً، أثبت الآن أنه يستطيع الفوز بانتخابات قوية التنافس، لافتة إلى أن الأخير يستطيع الآن صرف جهوده إلى الخضر الذين ينافسون المحافظين على قيادة الحكومة المقبلة.
وكان "اليمين المتطرف" ممثلاً في حزب البديل من أجل ألمانيا قد سعى إلى استغلال سخط الناخبين من مقاربة ميركل المتشددة لوباء فيروس كورونا، وقد أظهرت بعض استطلاعات الرأي تقدمه، وكان فوزه في هذه الانتخابات سيكون الأول له على مستوى الولايات، وسينهي المناورات السياسية لإبقائه خارج حكومات الأقاليم.
لكن لاشيت تمكَّن، بحسب بلومبرغ، من قلب المعادلة، حين سعى جاهداً قبيل الانتخابات، إلى استمالة السواد الأعظم من ناخبي الولاية لدعم الاتحاد الديمقراطي المسيحي، معتبراً أنه من الضروري الدفاع عن الديمقراطية في وجه الحزب اليميني المتطرف القومي.
وقالت "بلومبرغ" إن نتائج الأحد تشير إلى أن حزب ميركل قد يظل القوة الأبرز في انتخابات سبتمبر المقبلة.
و"ساكسونيا-أنهالت"، معروفة بصناعة الفحم وهي واحدة من أفقر الولايات في الشرق التي تأثرت بنزوح السكان منذ إعادة التوحيد في عام 1990.
وهي تعد أرضاً خصبة لحزب البديل من أجل ألمانيا الذي بنى نجاحه من خلال تأجيج المخاوف بشأن تدفق المهاجرين إلى البلاد في 2015 ويتهم برلين باستمرار بإهمال مناطق جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة.
ومنذ بداية الوباء، تبنى الحزب نظريات مؤامرة ما أكسبه تأييد معارضي القيود الصحية.