بعد وصول طالبان للحكم.. ماذا يعيق عودة العلاقات مع باكستان؟

time reading iconدقائق القراءة - 5
أفغان يعبرون باتجاه باكستان عبر معبر شامان الحدودي بين البلدين - 25 أغسطس 2021 - AFP
أفغان يعبرون باتجاه باكستان عبر معبر شامان الحدودي بين البلدين - 25 أغسطس 2021 - AFP
دبي-الشرق

قالت مجلة "ناشيونال إنتريست" الأميركية، إن وصول حركة طالبان إلى الحكم في أفغانستان، لا يعني بالضرورة تحسُّن العلاقات الثنائية مع الجارة باكستان، مشيرة إلى أن هناك الكثير من القضايا العالقة التي تبقي العلاقات متوترة ومضطربة. 

واعتبرت المجلة، في تحليل للكاتب روبرت ستون، أنه على الرغم من نجاح الدعم الباكستاني لطالبان أخيراً في تحقيق أهدافه، المتمثلة في تخفيف النفوذ الهندي بأفغانستان، فإن انتصار الحركة لا يمثل الحل الناجع للعلاقات الثنائية بين الدولتين.

ووفقاً لما ذكرته "ناشيونال إنترست"، لطالما توترت العلاقات الأفغانية الباكستانية بسبب عوامل جذرية لن تختفي ببساطة لمجرد أن طالبان الآن في السلطة.

واعتبر تقرير صادر عن معهد الولايات المتحدة للسلام أنه "مهما كان شكل الحكومة التي ستظهر في نهاية المطاف في أفغانستان، فإنها ستواجه علاقات مع باكستان مدفوعة بالقضايا نفسها التي حدَّدت طبيعة العلاقات الثنائية تاريخياً".

مشكلة الحدود

إحدى هذه القضايا هي "السيادة"، إذ لم تعترف أي حكومة أفغانية بالحدود المتنازع عليها، والمعروفة باسم "خط ديورند"، بما في ذلك إدارة طالبان السابقة (1996-2001). وقد شهدت المنطقة اشتباكات متكررة وإغلاقاً للحدود، خلال الحرب التي قادتها الولايات المتحدة.

وقالت المجلة إنه لا يوجد سبب للاعتقاد بأن النظام الحالي سيعترف بخط ديورند، بل إن بعض مقاتلي طالبان يعتنقون رأياً مفاده أن المناطق ذات الأغلبية البشتونية في باكستان تنتمي إلى أفغانستان. كما تردَّدت أنباء عن تعطيل طالبان لبناء السياج الحدودي الذي أكملته باكستان تقريباً.

وفي مقابلة بعد أيام قليلة من استيلاء طالبان على العاصمة كابول، قال المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد إن "الأفغان غير سعداء ويعارضون السياج"، مشيراً، بحسب ما نقلته "ناشيونال إنترست"، إلى أن النظام الجديد لن يعترف بالحدود، على الرغم من عدم إصدار سياسة رسمية بعد.

"الإرهاب" وطالبان باكستان

ويكمن مصدر آخر من مصادر التوتر في العلاقات بين إسلام آباد وطالبان في عمليات مكافحة الإرهاب الأميركية، خصوصاً في ظل التقارير التي تشير إلى سماح باكستان للولايات المتحدة باستخدام مجالها الجوي لإرسال الطائرات إلى أفغانستان، بحسب المجلة.

وعارضت طالبان إرسال طائرات الدرون الأميركية من باكستان، وحذرت من العواقب، فيما تشير المجلة إلى أن الحركة قد تنظر إلى باكستان باعتبارها متواطئة في انتهاك السيادة الأفغانية.

وأوضحت المجلة أن الأمن يمثل عاملاً آخر من عوامل التوتر، فخلال الحكومة الأفغانية السابقة كان الهاجس الكبير هو دعم باكستان لطالبان، أما الآن فقد أصبح الهاجس هو علاقة طالبان بالجماعات المسلحة المناوئة لباكستان، بما في ذلك المزاعم المثارة عن إيوائها لحركة طالبان باكستان، وهي المزاعم التي تنفيها طالبان.

ووفقاً لما ذكرته المجلة الأميركية في تحليلها، فإنه عادة ما تمتنع طالبان عن كبح جماح حركة طالبان باكستان، وذلك على الأرجح مخافة أن ينشق مقاتلوها إلى داعش خراسان، إذا واجهوا ضغوطاً كبيرة من طالبان الأفغانية.

هاجس المخدرات

العامل المزمن الآخر الذي ابتليت به العلاقات الثنائية، بحسب المجلة، هو قضية تهريب المخدرات، حيث ازدهرت هذه التجارة خلال الحرب التي قادتها الولايات المتحدة، وتضاعفت المنطقة المزروعة بالأفيون منذ عام 2000.

وعلى الرغم من تعهُّد طالبان منذ تسلُّمها الحكم بقمع الأنشطة المتعلقة بالمخدرات، فإنَّ الاتجار في المخدرات لا يزال مستمراً، كما تقول المجلَّة، لافتة إلى أنه تم الإبلاغ مؤخراً عن ضبط كميات كبيرة من الهيروين والميثامفيتامين والحشيش في باكستان.

تفادي الخلاف العلني

وقالت المجلة إنه على الرغم من هذه التحديات، فإن حكومة طالبان تضم أعضاء من شبكة حقاني، المقربة من باكستان كما أن العلاقات بين النظام الجديد في كابول وإسلام آباد قد تفادت حتى الآن الخلاف العلني المرير، الذي عايشه البلدان خلال فترة حكومة الرئيس الأفغاني السابق محمد أشرف غني.

ولفتت المجلة إلى أنه على الرغم من أن إسلام أباد لم تعترف بعد بالنظام الجديد، إلا أنه تم تعيين دبلوماسيين من طالبان في بعثات في جميع أنحاء باكستان.

كما تحسَّن الوضع الأمني على الحدود إلى حد ما خلال الأسابيع الأخيرة، مع تخفيف القيود في معبري طورخام وشامان.

وقالت "ناشيونال إنترست" إنَّ وساطة من طالبان يمكن أن تسهل إحراز تقدم في المحادثات بين إسلام آباد وحركة طالبان باكستان، كما أنَّه من المحتمل أن يتم أخيراً إبرام اتفاقية تجارية جديدة ومحدَّثة بين البلدين.

لكن المجلة الأميركية اعتبرت أن أياً من هذا التقدم غير مضمون، إذ يتربص دائماً تحت السطح الارتياب العميق لدى الأفغان تجاه جارتهم المعروفة بتدخلاتها، مشيرة إلى أنه طالما بقيت هذه المشاعر، فإن العلاقات الأفغانية الباكستانية ستظل غير مستقرة على الدوام.

اقرأ أيضاً: