أثارت أغنية جديدة عن إجراءات الحكومة الفلسطينية في مواجهة فيروس "كورونا"، جدلاً واسعاً بين المواطنين الفلسطينيين على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبدت الأغنية التي أداها شابان فلسطينيان، كأنها تمتدح أداء الحكومة، إذ تستهل كلماتها كالآتي:
"حكومتنا جميلة، بنت ناس وأصيلة... بتضل سهرانة لحتى ننام".
ويؤدي الفنانان أحمد صالحة وإبراهيم صويص الأغنية وسط مدينة رام الله، المركز الإداري للسلطة الفلسطينية، بمحلاتها المغلقة، وشوارعها الفارغة كلياً من الناس والسيارات، أثناء الأيام الأولى من الإغلاق، وهما يرتديان الـ"أوفرهول" الأبيض، الشبيه بالزي الذي يرتديه الأطباء للتعامل مع حالات الإصابة بـ"كورونا".
وتضمنت الأغنية عبارات تتضمن مديحاً مباشراً للمسؤولين، الذين تصدروا لإجراءات مواجهة انتشار الفيروس، خصوصاً رئيس الحكومة محمد اشتية، والناطق باسمها إبراهيم ملحم، ومحافظ مدينة رام الله الدكتورة ليلى غنام، وتقول الأغنية:
"اشتية حكاها، ملحم غناها، التزموا البيت وبلاش تنطيط (قفز).... التزموا بيوتكم عشان (كي) نعيش".
"دكتورة ليلى، ليلة وراء ليلة، سهر وتخطيط ولجان تفتيش..".
وارتفعت شعبية رئيس الحكومة الفلسطينية اشتية بصورة لافتة، جراء اتخاذه إجراءات عاجلة للإغلاق والتباعد الاجتماعي، قبل دول مجاورة مثل إسرائيل والأردن.
وأظهرت نتائج أحد استطلاعات الرأي أن غالبية الفلسطينيين (72 في المئة) راضون عن أداء الحكومة.
وسطع أيضا نجم الناطق باسم الحكومة إبراهيم ملحم، الذي يقدم إيجازاً يومياً للجمهور عن تطورات انتشار الفيروس في البلاد، وذلك بسبب مهارته في استخدام اللغة، وتوظيف الأمثال الشعبية، والآيات القرآنية، في التواصل مع الجمهور الذي تتسم غالبيته بالطابع المحافظ.
وقوبلت إجراءات محافظ رام الله الدكتورة ليلى غنام أيضاً بترحيب لافت من قبل العديد من المغردين، الذين اعتبروها "امرأة قوية" في زمن الحرب على "كورونا"، لمواظبتها على الظهور في الميدان مع الفرق الطبية والأمنية.
اتهامات بالتملّق
لكن الجمهور الفلسطيني، الذي يبدي تحفظاً تجاه مديح السياسيين، قابل الأغنية بكثير من الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي.
وظهرت العديد من التعليقات الناقدة والساخرة، التي تضمنت بعضها اتهامات للشركة المنتجة بـ"مديح الحكومة"، على غرار ما يجري في البلدان التي تمجد فيها الشعوب حكامها من دون سبب جوهري. ووصلت بعض التعليقات حد التجريح وتشبيه المغنيين بـ"القرود" و"سحيجة" (مصفقين) للأنظمة وغيرها.
وانتقد المغردون أيضاً استخدام الأغنية لموسيقى الأغنية الثورية الإيطالية الشهيرة "بيلا تشاو".
وجاء في أحد التعليقات: "كيف تصبح عبداً للحكومة؟ظ بكل بساطة اشكرها، وسحج (صفق) لها على واجبها المقصرة فيه أصلاً" و"بيلا تشاو مع تسحيج (تصفيق) مش زابطة (بلا تناسب)".
نصف الصورة
لكن الشركة التي أنتجت الأغنية، أكدت أنها أرادت تقديم عمل فني يعكس مزاج الجمهور.
وقال مدير الشركة شادي النبالي لـ"الشرق": "لم نقصد امتداح الحكومة، إنما تقديم عمل فني هادف في وقت الأزمة".
وأضاف النبالي أن "الأغنية جاءت لتقول إن إجراءات الحكومة كانت مهمة، لكن نتائجها كانت صعبة". ومضى يقول: "لكن حكم المغردين لم يكن عادلاً، لأنه أخذ نصف الصورة وليس الصورة كاملة".
وزاد: "جاء في كلمات الأغنية أن إجراءات الحكومة أدت إلى زيادة المصاريف وتراجع الدخل، وأن النساء يطلبن المال من أزواجهن الذين أصبحوا مفلسين بسبب هذه الإجراءات". وتقول الكلمات: "مصاريف بتزيد ومصاري مفيش".... "هات مصروف، من وينلي معيش (من أين لي، لا أملك).
ونظراً إلى هذه المضامين النقدية في الأغنية، يرى النبالي أن "الناس تسرّعوا في الحكم على الأغنية، ولم يفهموا مغزاها جيداً".
ويستخدم غالبية الفلسطينيين، خصوصا فئة الشباب، وسائل التواصل الاجتماعي، ويبدي الجمهور تفاعلاً واسعاً مع القضايا السياسية، وغالباً ما يوجهون انتقادات حادة إلى السياسيين.