اتهم مسؤولون في الحكومة الأميركية الصين بممارسة الضغط العسكري على جيرانها في منطقة المحيط الهادئ وضمنها تايوان، بهدف بسط الهيمنة على الأراضي المتنازع عليها، وفقاً لمحطة "إن بي سي نيوز" الأميركية.
ونقلت المحطة عن مسؤولين لم تكشف عن هوياتهم أن الصين توظف طائرات وقوراب عسكرية في الضغط على جيرانها، مشيرين إلى أن هذه التحركات "لا ترقى إلى مستوى العمل العسكري الصريح إذ لم يتم إطلاق أعيرة نارية".
وأكد المسؤولون الأميركيون أن "تحركات بكين العدوانية تعمل على تغيير الوضع الراهن تدريجياً، ما يضع الأساس للصين لممارسة سيطرتها المحتملة على الأراضي المتنازع عليها عبر مساحات شاسعة من المحيط الهادئ".
ومنذ يونيو الماضي، تحلق طائرات عسكرية صينية من بينها طائرات مقاتلة وقاذفات، بشكل منتظم في منطقة الدفاع الجوي لتايوان، ما أجبر تايبيه على الدفع بطائرات مقاتلة للتصدي للطائرات الصينية.
وبحسب "إن بي سي نيوز"، فإن سلاح الجو التايواني يكافح لمواكبة التوغلات التي تحدث بشكل شبه يومي، مع اعترف المسؤولون التايوانيون بالضغط الذي تسببه الطلعات الجوية الصينية على قواتهم المسلحة.
وتحطمت طائرتان مقاتلتان تايوانيتان الشهر الماضي، في ثالث حادث طيران للجيش التايواني منذ أكتوبر.
"حرب استنزاف"
وفي مارس الماضي، قال نائب وزير الدفاع التايواني تشانغ تشي بينغ، للبرلمان إن الجيش لن يدفع بطائرات مقاتلة في كل مرة يتعدى فيها الصينيون على منطقة الدفاع الجوي.
وبدلاً من ذلك، قال تشانغ إن الجيش التايواني سيتتبع الطائرات القادمة، بأنظمة دفاع صاروخي أرضية، مؤكداً: "نحن ندرس قضية حرب استنزاف".
وأشار غريغوري بولينغ، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إلى أنه على الرغم من أن تايوان لديها قوة جوية حديثة جيدة التدريب، إلا أن المسؤولين خلصوا إلى أن المعادلة حسابياً ليست في صالحهم.
وأضاف الخبير الأميركي أن الصين تمتلك عدداً من الطائرات والطيارين أكثر من تايوان، مرجحاً أن يزداد الضغط على تايوان بمرور الوقت. وأضاف بولينغ: "إذا كانت لعبة أرقام، فإن الصين ستفوز".
"ميليشيات بحرية"
وبحسب التقرير، حدث سيناريو مماثل عبر بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي، حيث تكافح تايوان والفلبين وحكومات أخرى لصد العديد من القوارب البحرية، وسفن خفر السواحل، والسفن البحرية الصينية التي تغامر بدخول الأراضي المتنازع عليها.
وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية إن الصينيين "يحاولون سحقهم".
وأوضح التقرير أنه إلى الجنوب قبالة سواحل الفلبين، تمركز أسطول من "الميليشيات البحرية الصينية" حول منطقة الشعاب المرجانية "ويتسون ريف" في جزر سبراتلي منذ شهو ، رافضاً الطلبات المتكررة من مانيلا لمغادرة المنطقة.
وفي الشهر الماضي، كان يرسو ما يصل إلى 200 سفينة صينية حول الشعاب المرجانية، وتصر بكين على أنها مجرد قوارب صيد، لكن الفلبينيين والأميركيين يقولون إنها جزء من "ميليشيا بحرية".
ومن خلال رفضها التزحزح، فإن المجموعة الكبيرة من القوارب تتحكم بشكل فعال في الوصول إلى منطقة أوسع تقع داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة بالفلبين، وفقاً للتقرير.
"انتهاك السيادة"
واتهمت وزارة الخارجية الفلبينية الصين بانتهاك سيادتها، وقالت إن "حشد القوارب وتهديد الوجود يخلقان جواً من عدم الاستقرار".
ورفضت الصين سحب القوارب وقالت إن "ويتسون ريف" جزء من الأراضي الصينية، متهمة الفلبين بمحاولة منع بكين من الوصول إلى مناطق الصيد التقليدية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليغ يان لإحدى الصحف مؤخراً: "نأمل أن تنظر الفلبين إلى هذا الأمر بموضوعية وبشكل صحيح، وأن تتوقف فوراً عن الضجيج المتهور.. وأن تتجنب التأثير السلبي على العلاقات الثنائية والسلام والاستقرار بشكل عام في بحر الصين الجنوبي".
وفي مواجهة منفصلة مع تايوان، نشرت الصين مجموعة ضخمة من كراكات الرمال بالقرب من جزر ماتسو التي تسيطر عليها تايوان، ما أجبر تايبيه على نشر سفن خفر السواحل لمرافقتها خارج المنطقة.
وبحسب التقرير، فرضت التكتيكات الصينية خياراً صعباً على تايوان، فإذا تجاهلت التدخلات، فسترسل تايبيه إشارة إلى أن بكين لديها سيطرة فعلية على المنطقة، أما إذا حاولت مواجهة جرافات الرمال، فقد يستنزف ذلك خفر السواحل التايواني.
ويقول بولينغ إنه نمط مشابه في جميع أنحاء المنطقة، إذ تتخطى الصين الحدود دون تجاوز أي خط أحمر.
تحذير أميركي
وفي 10 مارس الماضي، حذّر قائد القوات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ "إندوبام"، الأدميرال فيليب ديفيدسون، من أن الصين قد تغزو تايوان خلال 6 سنوات، وتهدّد جزيرة "غوام" الأميركية في المحيط الهادئ.
وقال ديفيدسون في إشارة إلى الصينيين: "أخشى أن يكونوا بصدد تسريع مشروعهم الرامي للحلول مكان الولايات المتحدة، بقدوم عام 2050".
وأضاف خلال جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي: "أخشى أنهم يريدون بلوغ هدفهم في وقت أبكر.
وأوضح أن "تايوان جزء من طموحاتهم، وأعتقد أن التهديد بديهي في العقد المقبل، لا بل خلال السنوات الست المقبلة".