انتخابات العراق.. شبح الأحزاب الكبرى يحوم حول "المستقلين"

time reading iconدقائق القراءة - 5
لافتات دعائية للمرشحين للانتخابات التشريعية المقبلة في مدينة دهوك شمالي العراق- 3 أكتوبر 2021 - AFP
لافتات دعائية للمرشحين للانتخابات التشريعية المقبلة في مدينة دهوك شمالي العراق- 3 أكتوبر 2021 - AFP
بغداد-أ ف ب

بعد مرور عامين على انطلاق الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة التي شهدها العراق، كان يفترض بالانتخابات التشريعية أن تعزز موقع المرشحين غير التقليديين أو "المستقلين"، لكن قد ينتهي المطاف بهؤلاء بالالتحاق بالأحزاب التقليدية التي كان بعضهم جزءاً منها سابقاً.

وفي ظل التنافس الحاد بين الأطراف السياسية لا سيما الكتل البرلمانية الكبيرة داخل البرلمان الحالي، خصوصاً تحالف "سائرون" الذي يمثل التيار الصدري و"الفتح" الذي يضم مرشحين عن الحشد الشعبي، يسعى الفرقاء السياسيون إلى الفوز بأكبر عدد من مقاعد البرلمان البالغة 329 في العاشر من أكتوبر. 

وتشكل هذه الانتخابات التي كان موعدها الطبيعي في 2022، واحدةً من التنازلات القليلة التي قدّمتها السلطة للشارع إثر الموجة الاحتجاجية غير المسبوقة في 2019 التي خرجت ضدّ الفساد وهدر المال العام، وطالب المشاركون فيها بإسقاط النظام كاملاً. 

وتجرى الانتخابات وفقاً لقانون انتخابي جديد قائم على نظام دائرة الفرد الواحد، فيما رفع عدد الدوائر إلى 83 وقلّص حجمها بما يزيد من حظوظ مرشحين ذوي شعبية محلية كشيوخ العشائر. 

ومن بين أكثر من من 3 آلاف و240 مرشحاً، قدّم كثر أنفسهم على أنهم "مستقلون" عبر حملات انتخابية انطلقت  مطلع يوليو. لكن العديد من العراقيين يشككون في تخلّي هؤلاء فعلاً عن انتماءاتهم السياسية الأصلية. 

"مناورة انتخابية"

ويقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري إن "لجوء المرشحين لمصطلح شخصيات مستقلة يهدف إلى النأي بأنفسهم عن إخفاقات أحزابهم، وهم يحاولون بذلك تقديم صورة جديدة عنهم غير مسؤولة عن الفساد وسوء الإدارة"، واصفاً التصرف بـ"مناورة سياسية". 

ويسيطر اليأس والإحباط على العراقيين الذين شاركوا في الاحتجاجات الشعبية التي قوبلت بحملة قمع دامية خلفت مئات القتلى وآلاف الجرحى، ما يعني أن العديد منهم قد يقاطعون الانتخابات، وهي الخامسة منذ الغزو الأميركي للعراق في 2003. 

وسط هذا السياق وعلى خلفية أزمة اقتصادية حادة، يرجح بعض المراقبين بأن تكون المقاطعة واسعة من الناخبين الذين يقدر عددهم بـ25 مليوناً، ما قد يصبّ في صالح الأحزاب السياسية الكبيرة.

وتبدو ظاهرة المرشحين "المستقلين" الذين لديهم تبعية حزبية سابقة واسعة الانتشار وتشمل أطرافاً وكتلاً سياسية مختلفة، مثل التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، والقائمة الوطنية التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق إياد علاوي، وتحالف دولة القانون الذي يرأسه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

وكانت مثلاً إيناس المكصوصي، المرشحة في مدينة الكوت في وسط البلاد، مرشحة مع التيار الصدري في الانتخابات الأخيرة. 

وتقول المكصوصي لـ"فرانس برس": "كنت عضواً مستقلاً في التيار الصدري وأرشح اليوم كمستقلة"، من دون أن تستبعد انضمامها لكتلة سياسية عند دخولها البرلمان المقبل، "إذا كان هناك توافق رؤية مع تيارات سياسية أو نواب بما يخدم جمهورنا".

"وعود"  

وتجري العادة قبل وبعد كل انتخابات في العراق أن تخوض الكيانات السياسية مفاوضات متواصلة بهدف تشكيل التحالفات النهائية عند دخول البرلمان والتي قد تتغير في اللحظة الأخيرة.

ولحجم التحالفات السياسية النهائية وتشكيلاتها أهمية تتخطى الفوز، كونها ترسم الشكل النهائي للاعبين الأبرز في تشكيل الحكومة.

وبين التيارات الأوفر حظاً للفوز، التيار الصدري، صاحب القاعدة الجماهيرية الواسعة والذي يملك أكبر عدد من مقاعد البرلمان الحالي. 

ويضاف إليه كذلك تحالف "الفتح" الذي يضم مرشحين عن الحشد الشعبي، تحالف الفصائل المسلحة الموالية لإيران والتي تشكل جزءاً من القوات العراقية الرسمية.

ودخل هؤلاء البرلمان للمرة الأولى في العام 2018 إثر الانتصار على تنظيم داعش الذي شارك فيه الحشد. 

وترجح الباحثة لهيب هيجل من مجموعة الأزمات الدولية، أن "تحتفظ الأحزاب الموالية لإيران بالنسبة نفسها تقريباً من مقاعد البرلمان".

وفي نظام سياسي تهيمن عليه "الزبائنية"، ستجد الأحزاب الكبيرة والتقليدية العديد من الوسائل لاستقطاب المستقلين.  

ويرى رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، أن "لدى القوى والأحزاب التقليدية قدرة على المناورة لاستقطاب المستقلين"، مضيفاً: "لا أستبعد لجوء جزء من المستقلين إلى الأحزاب الكبيرة في البرلمان"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن "بقاءهم بدون أي تحالف لن يمكنهم من تنفيذ برامجهم"، ووعودهم للناخبين.

ويقول إن الأحزاب الكبرى ستلجأ إلى "عمليات الترغيب من خلال وعودها لهؤلاء المستقلين بوزرات ومناصب وأموال".