
ألغت السفارة الفرنسية في واشنطن، مراسم احتفالية بالعلاقات الأميركية الفرنسية، في تطور جديد لتوتر بين البلدين بسبب صفقة الغواصات مع أستراليا، حسبما وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
وقررت أستراليا، الأربعاء، فسخ عقد لشراء غواصات فرنسية، واالانضمام إلى شراكة أمنية جديدة في المحيطين الهندي والهادئ مع الولايات المتحدة وبريطانيا، تمكّنها من امتلاك غواصات تعمل بالطاقة النووية، وهو ما أثار غضب فرنسا.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤول بالسفارة الفرنسية لم تكشف هويته أنه تم إلغاء الاحتفال بالذكرى الـ 240 لـ "معركة تشيزبيك" والمعروفة أيضاً باسم معركة رؤوس فرجينيا، الذي كان من المقرر أن يقام مساء الجمعة في السفارة الفرنسية وعلى متن فرقاطة فرنسية في بالتيمور.
وأوضح المسؤول أن كبير ضباط البحرية الفرنسية، الذي سافر إلى واشنطن لحضور الحدث الذي يحتفل بمساعدة البحرية في هذه المعركة الأميركية من أجل الاستقلال في عام 1781، سيعود إلى باريس بدلاً من ذلك.
واعتبرت الصحيفة أن إلغاء الحفل كان انعكاساً فورياً للغضب الذي يشعر به المسؤولون والدبلوماسيون الفرنسيون في أعقاب صفقة الغواصات.
اتهامات بإخفاء الصفقة
ووصف وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، في مقابلة مع إذاعة فرانس إنفو ، الاتفاق بأنه "قرار أحادي ولا يمكن التنبؤ به مثل قرارات ترمب".
وجاء ذلك بعد صدرو بيان مشترك مع فلورنس بارلي، وزيرة القوات المسلحة، وصفا فيه "الخيار الأمريكي باستبعاد حليف وشريك أوروبي مثل فرنسا" بأنه "قرار مؤسف" "يظهر نقصا في التماسك".
وبحسب الصحيفة، يعكس استياء لو دريان، حقيقة، أن فرنسا لديها صفقة خاصة بها مع أستراليا، أُبرمت في عام 2016، للغواصات التقليدية الأقل تطوراً من الناحية التكنولوجية. وأصبحت هذه الصفقة البالغ قيمتها 66 مليار دولار غير موجودة الآن بعد أن ألغتها أستراليا، مشيرة إلى أن "معركة قانونية قاسية بشأن هذا العقد باتت أمراً لا مفر منه".
وقالت "نيويورك تايمز" إن من بين القضايا المطروحة، ما إذا كانت الولايات المتحدة قد أخفت عمداً صفقة الغواصات عن الفرنسيين.
وقال مسؤولون فرنسيون في واشنطن، إن إدارة بايدن أذهلت فرنسا، واتهموا كبار المسؤولين الأميركيين بإخفاء معلومات حول الصفقة على الرغم من المحاولات المتكررة لمعرفة المزيد عن الصفقة، من قبل الدبلوماسيين الفرنسيين، الذين اشتبهوا في وجود شيء ما قيد الإعداد.
وقال أحد المسؤولين إن الحكومة الفرنسية بذلت محاولات للتحدث مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن وجيك سوليفان، مستشار الأمن القومي، لكن تم رفضها.
واشنطن تعترف
وذكر المسؤول ، الذي طلب عدم نشر اسمه، إن الإجراءات الأميركية تقوض الثقة بين الحليفين وأثبتت صحة اعتقاد الرئيس إيمانويل ماكرون وغيره من كبار المسؤولين الفرنسيين بأن "واشنطن لم تعد شريكاً موثوقاً به. وهو ما اكتسب قوة دفع خلال السنوات الأربع التي قضاها ترمب في المنصب"، بحسب "نيويورك تايمز".
وقال مسؤولون فرنسيون، إن تحرك بايدن بشأن صفقة الغواصات، إلى جانب عدم تشاوره بشأن الانسحاب من أفغانستان، "سيسرع تحرك فرنسا نحو السيادة الأوروبية التي تعتمد بدرجة أقل على الولايات المتحدة في المستقبل".
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن أحد المسؤولين الأميركيين أقر بأن الإدارة الأميركية لم تخبر الفرنسيين بالصفقة قبل الإعلان عنها لأنها كانت تعلم أنه لن يعجبهم هذا الأمر.
وذكر مسؤول، طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث علنًا عن المناقشات، إن إدارة بايدن قررت ترك الأمر لأستراليا لإخبار الفرنسيين لأنهم هم من لديهم عقداً معها.
الاستقلال الدفاعي الأوروبي
واعترف المسؤول بأن "الفرنسيين محقون في انزعاجهم وأن القرار من المرجح أن يغذي رغبة فرنسا المستمرة في الاستقلال الدفاعي للاتحاد الأوروبي".
لكن مسؤولاً بارزاً آخر في الإدارة، لم يكن مخولاً بالتحدث علناً عن المناقشات الدبلوماسية، قال إن كبار مساعدي بايدن كانوا على اتصال مع نظرائهم الفرنسيين قبل الإعلان، لمناقشة ترتيب أمني جديد بين الأستراليين والبريطانيين.
وقال المسؤول في بيان، لم يشر على وجه التحديد إلى صفقة الغواصات، "كما قال الرئيس أمس، نتعاون بشكل وثيق مع فرنسا بشأن الأولويات المشتركة في المحيطين الهندي والهادئ وسنواصل القيام بذلك".
وقالت الصحيفة إن سكوت موريسون، رئيس الوزراء الأسترالي، لم يذكر حتى فرنسا في مؤتمر عبر الفيديو مع بايدن ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، عندما تم الإعلان عن الاتفاق، الأربعاء.
كما لم يتم استشارة فرنسا بشأن التغير في الموقف الأسترالي والاتفاقية الجديدة، وفقاً لـ" نيويورك تايمز".
اقرأ أيضاً: