"روح السماوة".. عراقي يحول منزله القديم إلى متحف تراثي

time reading iconدقائق القراءة - 4
وفد سياحي خلال زيارة متحف للآثار في مدينة البصرة جنوب العراق - REUTERS
وفد سياحي خلال زيارة متحف للآثار في مدينة البصرة جنوب العراق - REUTERS
بغداد - أ ف ب

تبرّع رجل يدعى عبد اللطيف الجبلاوي، بمنزله القديم الذي يقع مدينة السماوة جنوب بغداد، ليتحول إلى متحف تراثي يعكس روح وطبيعة الجنوب، حيث الأرياف والحياة العشائرية.

وتطل من منزل الرجل الثمانيني، شرفات خشبية مميزة معروفة بـ"الشناشيل"، والذي تبرع به، ليكون متحفاً تراثياً.

وتبلغ مساحة المنزل 196 متراً مربعاً ويقع في شارع النجارين في قلب السماوة التي تبعد 300 كيلومتر إلى الجنوب من العاصمة.

والرجل المعروف بـ"الحجي"، نشأ وتربى كما هي حال ثلاثة أجيال من عائلته الكبيرة، أجداد وأبناء وأحفاد، في هذا البيت المؤلف من 13 غرفة تزينها شبابيك ملونة بالأخضر والأزرق والأصفر. 

غادره الجميع

وقال "الحجي" لوكالة الأنباء الفرنسية، إن "الجميع غادروا المنزل، خاصة مع رغبة الجيل الجديد بالعيش في منزل مستقل"، لافتاً إلى أنه في ثمانينيات القرن الماضي، كان يجمع جميع أفراد العائلة موزعين على الغرف المميزة، بإضاءة ملونة عبر الشبابيك، تربطها سلالم شديدة الانحدار.

وأضاف "الجبلاوي"، أن في أحد جوانب المنزل موقد يعرف بـ"قبة نار" للتدفئة وإعداد الطعام، وفي جانب آخر بئر ماء يتدلى فيها دورق مثبت بحبل، مؤكداً أنه مع الوقت، أخذ الإهمال يتسلل إلى أنحاء المنزل.

وذكر أنه في السنوات الماضية كان يمر قربه ويراقب حاله، ويشعر أن المنزل يعاتبه كأنه يقول: "أهكذا يكون الوفاء؟"، مشيراً إلى أنه كان يتألم بشدة، لذا عاهد نفسه بأن يعيد الحياة إليه.

معارضة العائلة

وأوضح "الحجي": "اشتريت حصص جميع الورثة، ليكون ملكي منفرداً، وفي عام 2015 قررت ترميمه ووجدت مهندساً معمارياً متخصصا بالتراث".

ودفع "الجبلاوي" 250 مليون دينار (حوالي 200 ألف دولار) مقابل هذا العمل، علماً بأنه قوبل بمعارضة معظم أفراد عائلته من بينهم ابنه الأكبر علي.

وقال "علي" لـ"فرانس برس"، "في البداية لم نوافق على مشروع والدي لأنه باهظ الكلفة والبيت متهالك"، مضيفاً: "طلبنا هدمه لبناء مشروع مكانه لأنه يقع في مركز المدينة، لكن والدي رفض رفضاً شديداً".

عودة الحياة

وأضاف الابن، أن "الحياة عادت إلى البيت من جديد وأصبح قبلة للزائرين ورمزاً تُعرف به عائلتنا". مؤكداً: "عرفنا الآن أن الوالد كان على صواب".

وبعد ترميمه، عُلقت على جدران المنزل صور أثار قديمة وأخرى لشيوخ عشائر من جنوب البلاد، كما وضع دولاب خشبي قديم في إحدى غرفه إضافة إلى مذياع قديم وأواني للطبخ أكل منها الزمان. 

صرح ثقافي

ولم تتمكن دائرة الآثار في محافظة المثنى، أكثر محافظات العراق فقراً، من دعم مشروع الترميم الذي جعل المنزل صرحاً ثقافياً، يجسد مناطق جنوب العراق التي تمتد فيها أهوار وأرياف وصحارى وتشتهر بطابع قبلي.

وذكر مسؤول وحدة التراث في المحافظة مصطفى الغزي، أن "دورنا يكمن في حماية هذه الأماكن التراثية، ونوفر حراساً لهذا الغرض إذا استدعى الأمر".

وعبّر "علي" عن فخره قائلاً: "قبل تفشي فيروس كورونا في العراق، كانت تقام أمسيات أدبية وموسيقية وشعرية في البيت ويزوره كثيرون من محبي التراث"، مشيراً أيضاً إلى استخدام المنزل إلى موقع لتصوير فيلم تراثي حمل عنوان "روح السماوة".