أكد رئيس حزب "يمينا" المرشح لرئاسة الحكومة الإسرائيلية الجديدة نفتالي بيينت، أن الحكومة الجديدة "أعلى يمينية بعشر درجات من الحكومة الحالية"، وذلك في رد على اتهامات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لبينيت بـ"الدخول في ائتلاف يساري"، ووسط مخاوف من تكرار السيناريو الأميركي في ظل تقارير عن امتناع مكتب نتنياهو عن تحضيرات نقل السلطة إلى الحكومة الجديدة.
وفي بيان أصدره الأحد، قال بينيت مخاطباً نتنياهو: "لا أحد يحتكر السلطة. النظام في إسرائيل ليس ملكياً. استرخِ، فالموضوع تغيير حكومة لا أكثر".
ويأتي البيان على خلفية مزاعم بتهديدات وضغوط تعرَّض لها أعضاء في حزبي "يمينا" و"أمل جديد" اليمينيين، إثر دخولهما في ائتلاف، يضم أحزاباً من اليسار، ويقوده زعيم المعارضة يائير لَبيد للإطاحة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد 12 عاماً في السلطة.
وقال بينيت: "تستخدم ضدنا آلية عنيفة، هناك عملية ممنهجة لكسر أعضاء يمينا وأمل جديد"، داعياً نتنياهو إلى ألا يخلف وراءه "أرضاً محروقة" وأن يقبل بأن "الشعب سمح له بتشكيل حكومة، حتى وإن لم ترأسها".
كما دعا بينيت، يائير ليفين، رئيس الكنيست وأحد مناصري نتنياهو، إلى عدم إضاعة الوقت، لتشجيع أعضاء الائتلاف الجديد على الانشقاق، وقال إن عليه إجراء التصويت يوم الأربعاء المقبل.
وعود القائمة العربية
ونفى بينيت تصريحات نتنياهو التي زعم فيها، رفضه تشكيل حكومة تعتمد على زعيم القائمة العربية الموحدة منصور عباس.
وقال بينيت: "كلنا نعلم أنه (نتنياهو) لا يقول الحقيقة، فلقد شاهدنا جميعاً أبو يائير (نتنياهو) يغازل عباس"، مضيفاً: "كنتُ جزءاً من المفاوضات لتشكيل حكومة بقيادة نتنياهو مع القائمة الموحدة، وأنا أعرف بالضبط ما وعدهم به".
وكشف بينيت أن مفاوضات الائتلاف الجديد مع القائمة الموحدة، استندت إلى الوعود نفسها التي قدمها الليكود (حزب نتنياهو) للقائمة العربية، وقال: "كنا فقط أكثر صرامة وأكثر تحفظاً. هناك توثيق للأشياء وأعتقد أنه سيتم الكشف عنها لاحقاً".
وتابع بينيت: "الفارق الوحيد هو أن نتنياهو يختبئ ويخفي اللقاءات مع منصور، وأنا لا أفعل ذلك"، متهماً نتنياهو بأنه هو "من باع النقب خلال 12 عاماً في السلطة"، على حد تعبيره، واعتبر أن الحكومة الجديدة "ستعيد السيطرة وتوحد المجتمعات البدوية، وبدلاً مما فعله (نتنياهو)، بالمضي في المشكلات، نحن سنعتني بهم".
"أكبر تزوير في الانتخابات"
وتأتي تصريحات بينيت وسط أزمة سياسية تشهدها البلاد مع مضي نتنياهو في طريق من الإنكار يشبه ذلك الذي سلكه حليفه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
وقال نتنياهو، الأحد، في تصريحات لمشرعين من حزبه "ليكود" اليميني، إن الائتلاف الذي تشكل حديثاً ويوشك أن يطيح به إنما هو نتيجة "أكبر تزوير للانتخابات في تاريخ البلاد بل وفي تاريخ الديمقراطية حسبما أرى".
ووفقاً لوكالة "رويترز"، ركز نتنياهو مزاعمه على وعد انتخابي لم يفِ به منافسه بينيت، الذي تعهد بألا يدخل في شراكة مع أحزاب اليسار والوسط والأحزاب العربية، قبل أن يعود ويعلن مع زعيم المعارضة لَبيد تشكيل ائتلاف حاكم مع فصائل من مختلف ألوان الطيف السياسي.
وقال نتنياهو: "هذه الحكومة تعرض إسرائيل لخطر لم تشهد مثله منذ سنوات... نحن، أصدقائي وأنا في ليكود، سنقاوم بشدة تشكيل هذه الحكومة الخطيرة القائمة على التزوير.. وإذا تشكلت لا قدر الله فسنسقطها سريعاً".
وكرر نتنياهو وصفه ائتلاف "لبيد - بينيت"، بأنه تحالف يساري سيعرض إسرائيل للخطر، متهماً الائتلاف الجديد بأنه لن يتمكن من مواجهة الولايات المتحدة إذا عادت واشنطن إلى الاتفاق النووي مع إيران، ولا من التعامل بقوة مع مسلحي حماس في غزة.
مقاومة لنقل السلطة
وقالت صحيفة "جيرزواليم بوست" الإسرائيلية، إن فريق نتنياهو، ليس مستعداً لنقل السلطة المحتمل إلى رئيس الوزراء الجديد نفتالي بينيت، على الرغم من اقتراب موعد تصويت الكنيست على الحكومة الجديدة.
ووفقاً للصحيفة، فعندما سئل أحد مسؤولي مكتب نتنياهو عن نقل السلطة، أشار إلى تصريحات نتنياهو التي يتهم فيها حزبي "يمينا" و"أمل جديد" بالتزوير، وبأنهما يشكلان خطراً على إسرائيل، وهو ما يعني بحسب الصحيفة أن نتنياهو سيقاتل حتى النهاية، وأن مكتبه ليس مستعداً لنقل السلطة إلى أولئك الذين سيخلفونه في قيادة الحكومة.
وكان زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان المرشح لمنصب وزير المالية في الحكومة الجديدة، قال الأسبوع الماضي إنه يتوقع أن "الأحداث التي شاهدها الجميع في مبنى الكابيتول بواشنطن قد تحدث مرة أخرى في القدس"، وذلك في إشارة إلى اقتحام مناصري الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب الكونغرس خلال جلسة للمصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية في الـ6 من يناير الماضي.
تحذير أمني
وفي تحذير علني نادر، قال رئيس جهاز الأمن الداخلي "شين بيت"، السبت، إن الخطاب المتطرف الآخذ في الانتشار على الإنترنت قد يقود إلى العنف، محذراً من احتمال تفجر عنف سياسي.
وقال نداف أرجمان رئيس "شين بيت" في بيان، دون ذكر أي أسماء "رصدنا في الآونة الأخيرة زيادة في الخطاب التحريضي والعنيف المتطرف بشكل متزايد خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي".
وأضاف "قد يفسر هذا الخطاب بين مجموعات أو أفراد معينين على أنه خطاب يسمح بنشاط عنيف وغير قانوني قد يتسبب في ضرر جسدي".
ومنذ أن أعلن بينيت انضمامه إلى لَبيد كثفت أجهزة الأمن من حمايته مع تنظيم مظاهرات يمينية بالقرب من منازل أعضاء حزبه على أمل منعهم من الانضمام إلى الحكومة.
ودعا أرجمان الزعماء السياسيين والدينيين إلى التحلي بالمسؤولية والتخفيف من لهجة التحريض المحتمل. وأعاد تحذيره إلى أذهان البعض في إسرائيل الفترة التي سبقت اغتيال رئيس الوزراء آنذاك إسحاق رابين عام 1995 والذي قتله يهودي قومي متطرف بالرصاص بسبب سعيه للتوصل لاتفاق "الأرض مقابل السلام"، مع الفلسطينيين.
العلاقات مع واشنطن
وإلى جانب الآثار الداخلية، يخشى مراقبون أن يؤثر الاضطراب السياسي على وضعية إسرائيل في الولايات المتحدة.
وأشارت صحيفة "جيروزاليم بوست" إلى أن انتهاء احتكار اليمين للحكم مع أفول عهد نتنياهو سيكون سبباً للاحتفال لدى الجناح التقدمي المناهض لإسرائيل في الحزب الديمقراطي الأميركي، بحسب وصف الصحيفة.
وأشارت "جيروزاليم بوست" إلى أن تحدي نتنياهو العلني للرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما، ثم علاقته الوثيقة بالرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب، حوله إلى شخص بغيض لدى شريحة من الديمقراطيين، وإشكالياً لدى شريحة أخرى، بما في ذلك أولئك الذين يعتبرون عادة داعمين لإسرائيل.
وقال عضو مجلس النواب الديمقراطي أندي ليفين: "لعقود حرصت القيادة الإسرائيلية على تنمية العلاقات مع حزبي أميركا"، مشيراً إلى أن نتنياهو "قرر أن يستثمر كل جهوده مع الجمهوريين. وبذلك أضعف ثقة الديمقراطيين" فيه.
ولفتت الصحيفة إلى أن تشكيل الحكومة الجديدة سيوقف ولو مؤقتاً الفجوة المتزايدة بين إسرائيل والحزب الديمقراطي، والتي ظهرت آثارها بشكل كامل في الشهر الماضي خلال التصعيد العسكري الأخير بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، حين انضم بعض المعروفين بتأييدهم لإسرائيل إلى الجناح التقدمي في إصدار بيانات تنتقد سلوك الحكومة الإٍسرائيلية قبل التصعيد وأثنائه.
وتساءلت الصحيفة عما إذا كان رئيس الوزراء المعين نفتالي بينيت، وهو سياسياً أكثر يمينية من نتنياهو، قادراً على إعادة توجيه هذه العلاقات.
اقرأ أيضاً: