ألمانيا.. الاشتراكيون يتقدّمون ومعسكر ميركل يخشى خسارة الانتخابات

time reading iconدقائق القراءة - 9
ملصقان انتخابيان في  العاصمة الألمانية برلين - 16 أغسطس 2021 - Bloomberg
ملصقان انتخابيان في العاصمة الألمانية برلين - 16 أغسطس 2021 - Bloomberg
برلين - وكالات

يخشى معسكر المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، أن يُطوى عهدها بخسارتهم أمام الحزب الاشتراكي، في الانتخابات النيابية المرتقبة في 26 سبتمبر المقبل.

وأياً تكن نتيجة الانتخابات، تستعد ألمانيا لأشهر مضطربة من مفاوضات معقدة لتشكيل حكومة ائتلافية جديدة، مع عدد كبير من الخيارات المحتملة، نتيجة عدم وجود حزب بارز بشكل واضح، كما أفادت وكالة "فرانس برس".

وأضافت الوكالة، أن أياً من المرشحين لخلافة ميركل، التي تتولّى الحكم منذ 16 عاماً، لم يتمكّن من إقناع 62 مليون ألماني سيدلون بأصواتهم. وتابعت أن ميركل (67 عاماً) لا تزال تحظى بشعبية مرتفعة، معتبرة أن فوزها كان مضموناً، لو ترشّحت لولاية خامسة.

واستدركت أنها قررت التنحّي، دون الإعداد لخلافتها، فيما يواجه مرشّح حزبها، الاتحاد المسيحي الديمقراطي، أرمين لاشيت، صعوبة كبرى في فرض نفسه.

وفي سابقة منذ عام 2006، تجاوز الحزب الاشتراكي، لاشيت والمحافظين، في استطلاع للرأي نُشرت نتائجه، الثلاثاء، حيث أظهر نيل الاشتراكيين 23% من نيات التصويت، في مقابل 22% لائتلاف الاتحاد المسيحي الديمقراطي، وشقيقه البافاري الاتحاد المسيحي الاجتماعي.

وتشكّل هذه أسوأ نتيجة للمحافظين منذ عام 1984، بعدما حصلوا على 33% من الأصوات في انتخابات عام 2017، علماً أنها المرة الأولى التي يتصدّر فيها الحزب الاشتراكي استطلاعاً، منذ أكتوبر 2006.

هفوة لاشيت

لاشيت الوسطي (60 عاماً)، انتُخب زعيماً للاتحاد المسيحي الديمقراطي، في يناير الماضي، حين واجه صعوبات هائلة في التغلّب على منافسه البافاري، ماركوس سودر، لقيادة قائمة الحزبين.

وكان في إمكان لاشيت، وهو زعيم ولاية شمال الراين-فستفاليا، تحسين موقعه قبل أسابيع، من خلال دعمه ضحايا فيضانات مميتة ضربت غرب ألمانيا في يوليو، ولا سيّما ولايته، علماً أن الاشتراكي جيرهارد شرودر تمكّن من الفوز بالمستشارية، في عام 2002، بعدما أظهر تعاطفه مع ضحايا فيضانات صيفية.

لكن شعبية لاشيت تراجعت أكثر، بعدما ظهر في صور وهو يضحك، خلال خطاب ألقاه الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير إثر الفيضانات، دعم فيه عائلات الضحايا والمتضررين. كذلك تعرّض لاشيت لانتقادات خلال زيارات ميدانية لمتضررين من الكارثة، شكوا من بطء المساعدات العامة، وقال له أحدهم: "ستدفع الثمن في الانتخابات"، بحسب "فرانس برس".

حكم الاشتراكيين

واعتبر زعيم حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي ماركوس سودر (54 عاماً)، أن المحافظين يواجهون "أصعب انتخابات منذ عام 1998"، عندما هزم شرودر المستشار الراحل هلمت كول. واستدرك أن استطلاعات الرأي الحالية لا تعكس جهود الحملة الانتخابية للائتلاف الحكومي.

وأضاف خلال ندوة لوكالة "بلومبرغ"، "أعتقد أننا نستطيع البقاء في الطليعة". وأضاف أن توقعاته تراجعت في الأسابيع الأخيرة، معتبراً أن السباق سيكون متقارباً حتى اليوم الأخير من الحملة. وتابع: "أعترف بأنه قبل أسابيع قليلة، كانت أهدافي تتجاوز 30% من الأصوات. الحقيقة هي أن الأمر الآن يتعلّق بمَن سيقود". وكرّر "دعمه الكامل" للاشيت، رغم أخطائه خلال الحملة الانتخابية.

ونبّه سودر إلى أن حكومة يقودها الحزب الاشتراكي ستفرض "مديونية وحشية"، وتتخلّى عن الموازنات المتوازنة وتدعم زيادات ضريبية "هائلة"، علماً أن الاشتراكيين دعوا إلى اعتماد سياسة مالية أكثر مرونة، وفرض ضرائب جديدة على الأغنياء، بما في ذلك ضريبة الثروة، رغم دعمهم إعفاءً ضريبياً للأقلّ ثراءً، وفق "بلومبرغ".

أخطاء مرشحة الخضر

ومع تقاعد ميركل، بعدما تولّت المستشارية طيلة 16 عاماً، يواجه تحالفها المحافظ خطر خسارة الحكم، للمرة الأولى منذ هزمت شرودر، في عام 2005.

ورجّحت "بلومبرغ" أن تحصل 6 أحزاب على دعم كافٍ لدخول البرلمان، معتبرة أن النتيجة الأكثر احتمالاً هي إقامة تحالف ثلاثي، بقيادة الحزب الاشتراكي أو المحافظين. ويمكن أيضاً للخضر، وحزب الديمقراطيين الأحرار، المؤيّد لقطاع الأعمال، أن يؤديا دوراً في الحكومة الألمانية المقبلة، علماً أن الخضر نالوا 18% في آخر استطلاع للرأي، في مقابل 12% لحزب الديمقراطيين الأحرار، و10% لحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، فيما حلّ حزب اليسار في المرتبة الأخيرة، بنسبة 6%.

وذكرت "فرانس برس" أن محللين اعتبروا أن لاشيت ارتكب خطأً تكتيكياً، إذ وجّه غالبية هجماته على مرشحة حزب الخضر، أنالينا بيربوك.

وفي الأشهر الأخيرة، استفاد لاشيت من تراجع التأييد لحزب الخضر، الذي تضرّرت حملته الانتخابية بعدما بدأها بزخم، نتيجة هفوات ارتكبتها زعيمته أنالينا بيربوك (40 عاماً)، التي كانت المرشحة الأبرز لخلافة ميركل، إذ تلاشت جاذبيتها القوية إلى حدّ كبير، بعد اتهامها بالسرقة الأدبية، مثل لاشيت، وتضخيم سيرتها الذاتية. كذلك ارتكبت الرئيسة المشاركة لحزب الخضر خطأً ثانياً، يتمثل في امتناعها عن إبلاغ البرلمان بتلقيها من حزبها مكافآت معفاة من الضرائب.

بروز زعيم الاشتراكيين

أما وزير المال أولاف شولتز (63 عاماً)، زعيم الحزب الاشتراكي، فلا يتمتع بشخصية كاريزمية، لكنه محنّك وتميّز مساره الانتخابي حتى الآن بأنه خالٍ من الأخطاء.

واستفاد شولتز من فيروس كورونا المستجد، إذ خرج عن النهج الألماني الصارم بشأن الموازنة، مخصّصاً مئات المليارات من اليورو لدعم الاقتصاد. وكتبت مجلة "دير شبيغل" أنه في طريقه إلى النجاح مع "خطة بسيطة"، مرجّحة انتخابه كونه الشخص "الأكثر شبهاً بالمستشارة"، علماً أنه مال بحزبه إلى الوسط.

ولو أن الناخبين يصوّتون بشكل مباشر للمستشار، لنال شولتز 41% من الأصوات، متقدّماً بفارق كبير على لاشيت (16%) وبيربوك (12%)، وفقاً لاستطلاع للرأي أعدّته محطة التلفزيون العامة "إيه آر دي".

لكن النواب هم الذين ينتخبون المستشار، بعد الاقتراع، في نهاية مفاوضات ائتلافية يُرجّح أن تكون معقدة. وكانت المفاوضات التي تلت انتخابات عام 2017، دامت أشهراً قبل التوصّل إلى اتفاق.

اقرأ أيضاً: