انتخابات الرئاسة اللبنانية: الفراغ هو المرشح الأوفر حظاً

time reading iconدقائق القراءة - 8
جلسة البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس جديد للبلاد خلفاً لميشال عون. 29 سبتمبر 2022 - AFP
جلسة البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس جديد للبلاد خلفاً لميشال عون. 29 سبتمبر 2022 - AFP
بيروت-الشرق

لا يزال "الفراغ" بمنزلة "مرشّح رئيسي" في الانتخابات الرئاسية اللبنانية التي انطلقت الأسبوع الماضي بجلسة "جس نبض" أظهرت أنه لا يمكن لأي فريق سياسي في لبنان أن ينتخب رئيساً من صفوفه، في ظل قدرة كل فريق على وضع "فيتو" على مرشح الطرف الآخر. 

وبما أن التوافق بين الأطراف اللبنانية يكاد يكون مستحيلاً، في ظل غياب أي حوار فعلي بين الأطراف حول هوية الرئيس المقبل، يبقى الفراغ مرجحاً بشكل شبه مؤكد بحسب ما قال سياسيون وخبراء قانونيون لـ"الشرق"، والدليل أن القوى السياسية اللبنانية كافة، باتت تتحدث عن ضرورة تشكيل حكومة فاعلة تدير المرحلة المقبلة.

"تفاهم مفقود"

"الفراغ وحده يمكن أن يدفع الأطراف إلى خفض سقوفها والقبول برئيس توافقي"، قال مسؤول لبناني بارز لـ"الشرق"، لافتاً إلى أن "التفاهم الدولي المفقود، يعزز سيناريو الفراغ الرئاسي في الأول من نوفمبر المقبل، عندما يغادر الرئيس الحالي ميشال عون القصر الجمهوري بعد نهاية ولايته".

بدوره، كشف مصدر لبناني واسع الاطلاع عن أن المرشحين الأساسيين للرئاسة حالياً، هما: النائب السابق سليمان فرنجية الذي يحظى بدعم "حزب الله"، وحليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري، وفي المقابل هناك قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي يحظى بتأييد أميركي واضح. 

وكشف المصدر لـ"الشرق" أن فرنجية أبلغ "حزب الله" أنه تمكن من جمع 45 صوتاً من أصل الأصوات الـ65 التي يحتاجها للفوز، وأنه يحتاج أصوات التيار الوطني الحر الموالي للرئيس عون للحصول على الأكثرية.

وأضاف المصدر اللبناني أن فرنجية موعود بحضور نواب كتلة "اللقاء الديمقراطي" التي يرأسها تيمور جنبلاط، نجل النائب السابق وليد جنبلاط للمساهمة في تأمين نصاب الجلسة والمقرر بـ68 نائباً.

لكن المصدر ذاته أوضح أن فرنجية وقائد الجيش يصطدمان بـ"فيتو" رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي يعتبر أنهما "منافسان في الشارع المسيحي لا يمكن القبول بهما"، فيما يضع "حزب الله"، "فيتو" كبير على وصول قائد الجيش بسبب "علاقاته الأميركية" تحديداً.

"فراغ رئاسي"

المحلل السياسي اللبناني بول خليفة، قال لـ"الشرق" إنه "بنتيجة الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في مايو أصبح لدينا مجلس نواب من دون أكثرية واضحة لأي فريق من الفرقاء السياسيين في لبنان"، مشيراً إلى "أننا لمسنا ذلك في الجلسة الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية".

ولفت خليفة إلى أنه "لا يمكن لأي فريق سياسي تأمين النصاب القانوني الذي يفترض حضور 86 نائباً، من أجل انعقاد الجلسة الأولى لانتخاب رئيس للجمهورية"، مشيراً إلى إنه "عند انعقاد الجلسة الثانية، يتم انتخاب الرئيس بالأكثرية المطلقة أي بـ65 صوتاً".

وأضاف: "لا يمكن لأي فريق تأمين النصاب بمفرده، حتى ولو اتفقت كتلة ما يعرف بالمعارضة مع كتلة التغييريين مع كتلة التقدمي الاشتراكي مع الكتل السنية الصغيرة وبعض النواب المستقلين".

وأوضح أن الكتل "لا تستطيع تأمين نصاب 86 صوتاً من دون الاتفاق مع إحدى الكتل النيابية التي تمثل الضفة السياسية الثانية، أي ما يسمى الثنائي الشيعي (حزب الله وبري) أو كتلة التيار الوطني الحرّ وحزب (الطاشناق)".

"الظروف غير مهيأة"

ورأى خليفة أن "الرئيس نبيه بري أعطى إشارة إلى أنه لا يمكن انتخاب رئيس للجمهورية من دون التوافق على مرشح"، متوقعاً أنه "في المرحلة الفاصلة ما بين تاريخي انعقاد الجلسة الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية، وانتهاء عهد عون بنهاية أكتوبر، سنشهد مشاورات بين كل الفرقاء، إضافة إلى دخول قوى إقليمية ودولية تعنى بالشأن اللبناني، من أجل محاولة الوصول إلى الشخص الذي يعتبر توافقياً لمنصب الرئيس".

ويعتبر خليفة أن المرشحين الطبيعيين لرئاسة الجمهورية اللبنانية هم: "النائب جبران باسيل، وسمير جعجع، والوزير السابق سليمان فرنجية"، لكنه يشير  إلى أن الأسماء المذكورة لا يمكن اعتبارها شخصيات جامعة تستطيع أن تجمع تحالفاً قوياً وواسعاً يمكن أن يوصل أحدها إلى سدة الرئاسة من دون توافق".

وزاد: "بالتأكيد سيجري البحث عن شخصية توافقية يرضى بها الجميع"، لافتاً إلى أن "طرح اسم سليم إده في جلسة الانتخاب الأخيرة ليس إلا اختباراً لاحتماله أن يلعب دور كهذا".

واعتبر المحلل السياسي أن حلقة الوقت باتت "ضيقة" من أجل الاتفاق على شخصية تحظى بدعم الكتل الأساسية، موضحاً أن "الظروف الإقليمية ليست مهيّأة لاتفاق من هذا النوع بسبب الاشتباك الذي يجري منذ سنوات، وهو ما أوصلنا إلى ما وصلنا إليه مع أبعاده الإقليمية".

وبيّن أن "كل الملفات عالقة، ولم تصل إلى نتيجة" في لبنان، مستبعداً "الاتفاق على شخصية ترضي الفرقاء كافة من أجل إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري"، ومتوقعاً "دخول البلاد في مرحلة فراغ في سدة الرئاسة".

وقال خليفة إن "لا أحد يعلم إلى متى قد يدوم الفراغ الرئاسي".

الأعراف السياسية

من الناحية الدستورية، رأى رئيس مؤسسة "جوستيسيا" الحقوقية المحامي بول مرقص أنه إذا اجتمع المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية، وتحول المجلس لهيئة ناخبة ولم ينتخب رئيساً، "يمكن لرئيس مجلس النواب نبيه بري تقنياً أن يدعو لاحقاً لجلسة ثقة بالحكومة، لكن هذا ليس مفضلاً". 

ويضيف: "رغم أن الدستور اللبناني لا يميّز بين المواطنين لتولي المناصب، إلا أن النظام السياسي المتبّع منذ عقود يقضي بتقاسم السلطات والمناصب العليا وفقاً للانتماءات الدينية والطائفية. وبناءً على ذلك، يكون رئيس الجمهورية مسيحياً مارونياً، ورئيس البرلمان شيعياً، ورئيس الحكومة سُنياً، ويمتد العرف إلى مناصب أخرى كأن يكون قائد الجيش وحاكم مصرف لبنان مارونيين".

ويكرر مرقص أن المادة 49 من الدستور اللبناني تنص على أن "رئيس الجمهورية ينتخب بالاقتراع السري بأغلبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويكتفي بالأغلبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي".

وفيما يبدو أن الجميع يسلم بـ"الفراغ"، يبرز السعي إلى تشكيل حكومة جديدة تقود البلاد في المرحلة المقبلة. وفي هذا السياق، يقول مرقص: "من حيث المبدأ يمكن، حتى اليوم الأخير من الولاية الرئاسية، إصدار مرسوم تشكيل حكومة وسائر المراسيم الضرورية التي تتزامن معه، طالما لم تنتهِ الولاية، وذلك في حال الاتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على تشكيلها وبصرف النظر عما تستغرقه فترة إعداد البيان الوزاري ونيل الثقة النيابية، ولو كانت انتهت الولاية الرئاسية". 

اقرأ أيضاً:

تصنيفات