
قال مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان، الاثنين، إن تسليم ضابط الاستخبارات الليبي السابق أبو عجيلة مسعود المريمي إلى الولايات المتحدة "تم بطريقة قانونية وفقاً للإجراءات المعمول بها". ووصف مثول المريمي أمام العدالة بأنه بمثابة "يوم مهم جداً".
فيما وجّه البرلمان الليبي، الاثنين، خطاباً إلى النائب العام، يطالب فيه بفتح تحقيق في قضية خطف ضابط المخابرات السابق أبو عجيلة مسعود، أحد المشتبه بهم في تفجير طائرة "لوكربي" عام 1988، ومحاكمة كل المتورطين في تسليمه إلى الولايات المتحدة بتهمة "الخيانة العظمى".
وقال المتحدث باسم رئيس مجلس النواب الليبي عبد الله بليحق، إن المستشار القانوني للمجلس خاطب النائب العام "لتحريك الدعوى الجنائية ضد كل من تورط في خطف المواطن أبو عجيلة مسعود، وقام بتسليمه لجهات أجنبية".
وأكّد القضاء الأميركي الاثنين، أنّ "أبو عجيلة" (71 عاماً) لا يواجه عقوبة الإعدام، ولدى مثوله أمام قاضية فيدرالية في محكمة بواشنطن في جلسة استماع مقتضبة، أُبلغ الليبي بالتّهم الموجّهة إليه ومن بينها خصوصاً "تدمير طائرة أوقع قتلى".
وخلال الجلسة التي تواصل فيها مسعود مع المحكمة بواسطة مترجم، أُبلغ المتّهم بأنّه سيظلّ موقوفاً حتى موعد الجلسة الثانية في 27 ديسمبر الجاري والتي يمكن خلالها لوكلاء الدفاع عنه أن يقدّموا طلباً لإطلاق سراحه.
وكان المجلس صوت على قرار في جلسة 22 نوفمبر الماضي، يعبر فيه عن رفض كل محاولات فتح ملف قضية لوكربي "لأسباب سياسية لابتزاز دولة ليبيا بغية الاستيلاء على أموالها المجمدة"، كما أشار بلحيق إلى أن كل من يساعد في فتح الملف ستوجه إليه تهمة "الخيانة العظمى".
ووجهت الولايات المتحدة الاتهام لأبو عجيلة قبل عامين على خلفية قضية "لوكربي"، وكان الأخير احتُجز سابقاً في ليبيا لضلوعه المفترض في هجوم عام 1986 على ملهى ليلي في برلين.
وحوكم متهم واحد فقط حتى الآن في قضية تفجير رحلة طائرة بان أميركان التي تحمل الرقم 103، فوق قرية لوكربي الاسكتلندية في 21 ديسمبر 1988. وكانت الطائرة حينها متجة من لندن إلى نيويورك. وأودت الحادثة بحياة 270 شخصاً.
"جريمة نكراء"
وقال البرلمان الليبي في بيان منفصل، إن "أعضاء مجلس النواب تابعوا بكل أسف اختفاء المواطن أبو عجيلة وانقطاع تواصله بعائلته، والأنباء الواردة عبر وسائل الإعلام الدولية بشأن تسليمه إلى السلطات الأميركية من أجل التحقيق معه في قضية لوكربي".
وشدد البيان على أن "تسليم أي مواطن ليبي لدولة أجنبية خارج إطار القانون يعد جريمة نكراء ومخالفة لكل الأعراف والمواثيق الدولية"، مشيراً إلى قرار سابق للمجلس بتوجيه تهمة "الخيانة العظمى" لكل من يحاول فتح قضية "لوكربي"، مجدداً مطالبة النائب العام بالتحقيق في الأمر.
كما استنكر أعضاء من مجلس النواب، إعلان الولايات المتحدة احتجاز ضابط المخابرات الليبي السابق، أبو عجيلة، الذي تشتبه واشنطن بضلوعه في حادث تفجير طائرة أميركية فوق مدينة لوكربي في اسكتلندا عام 1988، ويمثل أمام محكمة اتحادية في واشنطن، في وقت لاحق الاثنين.
وذكر بيان وقعه 88 من أعضاء مجلس النواب أن إعادة فتح قضية "لوكربي" بعد غلقها يعد "تخلياً عن المواثيق والعهود الدولية، ويعد تعدياً سافراً من الحكومة الأميركية واستغلالاً سيئاً للظروف التي تمر بها ليبيا"، حسب ما ذكر الموقع الرسمي لمجلس النواب الليبي.
كما دعا النواب، رئاسة المجلس، إلى عقد جلسة طارئة لمناقشة المستجدات الأخيرة و"اتخاذ ما يلزم من إجراءات لمتابعة هذه القضية الوطنية محلياً وخارجياً وتحرير المواطن الليبي وإعادته إلى أسرته سالماً".
وكان محققون أميركيون كشفوا وقت تفجير الطائرة عام 1988، عن أدلة على أن أحد المتهمين المحتملين كان اسمه "أبو عجيلة مسعود" لكن لم يتمكنوا من تحديد مكانه، وفقاً لشهادة أحد عملاء مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي (إف.بي.آي).
وجاء في شهادة لعميل مكتب التحقيقات الاتحادي أن مسعود، خلال مقابلة مع المسؤول الليبي في جهة من جهات إنفاذ القانون في عام 2012، "اعترف بتصنيع القنبلة التي فجرت الرحلة 103 التابعة لخطوط بان أميركان الجوية".
وقال أبو عجيلة للشخص الذي كان يحاوره أيضاً إنه اشترك في مؤامرات أخرى مماثلة وإن التفجير كان بأمر من قيادة المخابرات الليبية. كما زعم أيضاً أن الرئيس الليبي السابق معمر القذافي "شكره مع آخرين من الفريق على الهجوم الناجح على الولايات المتحدة".
حيثيات غائبة
وقال مصدر عسكري في مدينة مصراتة الليبية، إن مسعود نُقل جواً من مطار المدينة، في حين لم يتسنَّ لوكالة "رويترز" التحقق من تاريخ نقله.
ولم يتم تقديم مزيد من المعلومات حول حيثيات تسليم أبو عجيلة، الذي كان مصيره موضع خلاف بين الجهات المتنازعة في السياسة الليبية.
وأوردت هيئة "بي بي سي" الشهر الماضي، أنه خطف على أيدي جماعة مسلحة ليبية عقب توقيفه على خلفية هجوم برلين الذي أسفر عن سقوط عسكريين أميركيين ومواطن تركي.
خُطف من طرابلس
وعادت قضية لوكربي إلى الواجهة مجدداً في نوفمبر الماضي، بعد ورود تقارير عن اختفاء أحد المتهمين الرئيسيين في القضية، قبل أن يتبيّن أنه بات محتجزاً في الولايات المتحدة.
وقالت عائلة أبو عجيلة في بيان، إن مسلحين كانوا يرتدون ملابس مدنية على متن سيارتين، اقتحموا منزلهم بمنطقة أبو سليم في العاصمة طرابلس بعد منتصف ليل 16 نوفمبر، وخطفوه واقتادوه إلى جهة غير معلومة.
واتهمت العائلة في بيانها، بعض الأطراف السياسية بـ"محاولة استغلال حالة الفوضى والانقسام السياسي من أجل إثارة ملف قضية لوكربي مجدداً".
وحمَّلت العائلة "السلطات الليبية المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة، إزاء حالة الصمت تجاه ما تقوم به الحكومة من أفعال وممارسات غير مشروعة خارج المنظومة القضائية، في حال تسليمه إلى أي دولة أجنبية".
اتهامات بـ"الإرهاب"
وكان أبو عجيلة ضابطاً سابقاً في الاستخبارات الليبية، سبق أن سجن بعد سقوط نظام القذافي، إثر إدانته بتهم لا علاقة لها بمسألة "لوكربي".
وفي ديسمبر 2021، وجّهت الولايات المتحدة اتهامات ضده بارتكاب جرائم تتعلق بـ"الإرهاب"، بعضها على صلة بتفجير لوكربي.
وتقول السلطات الأميركية إنه عمل بصفات مختلفة للمخابرات الليبية، بما في ذلك عمله خبيراً تقنياً في تصنيع عبوات ناسفة بين عامي 1973 و2011.
وعُرف عن أبو عجيلة أنه صانع قنابل لصالح نظام القذافي، ووفقاً لائحة الاتهام الأميركية، قام الأخير بتجميع وبرمجة القنبلة التي أسقطت طائرة بان أميركان.
كما زعمت اللائحة الأميركية أن الرجل متورط في تفجير عام 1986، الذي استهدف ملهى ليلياً في غرب برلين (ألمانيا)، وأسفر عن سقوط جنديين أميركيين.
وأعيد فتح التحقيق في قضية لوكربي عام 2016، عندما علم القضاء الأميركي بتوقيف أبو عجيلة بعد سقوط نظام القذافي وأنه قدم اعترافاً مفترضاً لاستخبارات النظام الليبي الجديد عام 2012.
اقرأ أيضاً: