أردوغان من السعودية: نعمل على تعزيز العلاقات.. وأمن الخليج من أمننا

time reading iconدقائق القراءة - 8
الملك سلمان بن عبد العزيز يستقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في جدة. - واس
الملك سلمان بن عبد العزيز يستقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في جدة. - واس
دبي- الشرق

استقبل الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية التي شدد خلالها على أن بلاده تعمل على تعزيز العلاقات مع السعودية، وأن أمن الخليج واستقراره من أمن واستقرار تركيا. 

وتم إجراء مراسم استقبال رسمية للرئيس التركي في "قصر السلام" بجدة مساء الخميس، حيث عُزف السلامان الوطنيان للبلدين، عقب ذلك صحب الملك سلمان، الرئيس التركي إلى صالة الاستقبال الرئيسة بالديوان الملكي.

ورحب الملك سلمان بأردوغان والوفد المرافق له في المملكة، فيما أبدى الرئيس التركي سعادته بزيارة المملكة، ولقائه بالملك سلمان وولي العهد.

وفي لقاء آخر، اجتمع ولي العهد السعودي في "قصر السلام" بجدة، مع الرئيس التركي، وجرى خلال الاجتماع استعراض العلاقات السعودية التركية، وفرص تطويرها في مختلف المجالات، إضافة إلى بحث مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها.

حقبة جديدة

وفي الإطار، قال أردوغان في سلسلة تغريدات على "تويتر" بعد اللقاءين، إن بلاده تبذل جهوداً حثيثة من أجل بدء حقبة جديدة في العلاقات مع السعودية، لافتاً إلى أن أمن الخليج واستقراره من أمن تركيا واستقرارها.

وشدد على أن أنقرة تعمل على "تعزيز جميع أنواع العلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية مع الرياض"، لافتاً إلى أن "زيادة التعاون مع الرياض في مجالات الصحة والطاقة والأمن الغذائي وتكنولوجيا الزراعة والصناعة الدفاعية والتمويل، ستكون لها منفعة مشتركة".

وأضاف أردوغان أن هناك "إمكانات نراها لدى البلدين في مجالات تكنولوجيا الطاقة المتجددة والنظيفة"، معرباً عن ثقته في رفع العلاقات "إلى مستوى أفضل مما كانت عليه في الماضي".

أمن الخليج

وقال أردوغان: "نحن نؤكد في كل مناسبة أننا نولي أهمية لاستقرار وأمن أشقائنا في منطقة الخليج مثلما نولي أهمية لاستقرارنا وأمننا"، مضيفاً: "نؤكد أننا ضد جميع أنواع الإرهاب، ونولي أهمية كبيرة للتعاون مع دول منطقتنا ضد الإرهاب".

وتابع: "زيارتنا هذه التي تأتي في أيام رمضان الفضيل المليء بالرحمة والمغفرة والعطف ستفتح الأبواب أمام عهد جديد مع المملكة العربية السعودية الصديقة والشقيقة".

وكان أردوغان قال للصحافيين قبل مغادرة تركيا، إنه سيعمل على تعزيز التعاون مع السعودية في المجال "السياسي والعسكري والاقتصادي والثقافي"، وبالخصوص في قطاعات "الصحة والطاقة والغذاء والأمن والدفاع والمال".

ونقلت قناة "تي آر تي" التركية عن أردوغان قوله، إن بلاده ستفتح "صفحة جديدة في العلاقات" مع السعودية، موضحاً أنه يأمل أن تعزز زيارته "العلاقات على أساس الاحترام المتبادل والثقة".

وحطت طائرة أردوغان الذي يزور المملكة للمرة الأولى منذ 2017، في وقت سابق الخميس بمطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، وكان في مقدمة مستقبليه الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة.

وكانت العلاقات بين الرياض وأنقرة بدأت في التراجع منذ 2017، إثر خلافات بشأن الموقف التركي خلال الأزمة الخليجية، وملف قضية الصحافي جمال خاشقجي، ودعم أنقرة لجماعة الإخوان.

تأتي الزيارة بعد أشهر من جهود أنقرة للتقارب وإصلاح العلاقات مع الرياض، في وقت يسعى فيه أردوغان لتخفيف المشاكل الاقتصادية المتزايدة في تركيا.

وعشية زيارة الرئيس التركي، عقد وزيرا المالية في البلدين اجتماعاً افتراضياً، وقال وزير المالية التركي نور الدين نباتي إنه ناقش مع نظيره السعودي محمد بن عبد الله الجدعان، سبل تحسين التعاون الاقتصادي، بحسب وكالة الأناضول.

محطات إصلاح العلاقات

في يناير الماضي، ظهر الرئيس التركي في مقطع فيديو وهو يتحدث إلى سيدة أعمال تركية كانت تشكتي بشأن مشكلة تتعلق بالتصدير إلى السعودية، ليرد عليها أردوغان قائلاً: "سأزور المملكة الشهر المقبل (فبراير)، وسأعمل على حل هذه المشكلات"، قبل أن تتم الزيارة أخيراً في أبريل.

وفي مايو 2021، استقبل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو في مكة المكرمة، وظل التواصل بين الوزيرين مستمراً على هامش اجتماعات وزراية.

وخلال الأشهر الماضية، أدلى الرئيس التركي ووزير خارجيته بـ تصريحات عدة، عبروا فيها عن رغبتهم في إصلاح العلاقات مع المملكة.

وفي مطلع أبريل الجاري، وافقت وزارة العدل التركية على طلب المدعي العام التركي تعليق محاكمة غيابية لسعوديين تشتبه أنقرة في علاقتهم بقتل الصحافي جمال خاشقجي، ونقل القضية إلى السلطات السعودية.

ويزيد التقارب المتواصل من فرص إعادة إحياء مجلس التنسيق السعودي التركي، الذي تم إنشاؤه في 14 أبريل 2016.

ويعنى المجلس بالتنسيق بين البلدين في مجالات السياسة والاقتصاد والتجارة والبنوك والملاحة البحرية والصناعة، إضافة إلى التعاون في المجال العسكري والصناعات العسكرية والأمن والإعلام.

وعقد المجلس اجتماعه الأول في 7-8 فبراير 2017، في أنقرة برئاسة وزير الخارجية السعودي الأسبق عادل الجبير، ونظيره مولود تشاووش أوغلو، قبل أشهر قليلة من بداية توتر العلاقات بين البلدين.

الرهان على الاقتصاد

يتطلع الرئيس التركي إلى تعزيز التجارة وجذب الاستثمار من دول الخليج، في إطار مساعيه لدعم اقتصاد بلاده الذي يواجه تحديات كبيرة، مع اقتراب انتخابات عام 2023.

وتُظهر الإحصاءات أن التبادل التجاري بين السعودية وتركيا تراجع في عام 2021 لأدنى مستوياته في 10 أعوام، بنحو 16.7 مليار ريال. كما سجلت واردات المملكة من تركيا أدنى مستوياتها في 38 عاماً.

وبحسب موقع وزارة الخارجية التركية، شهد حجم التبادل التجاري بين البلدين هبوطاً منذ عام 2015، ولكنه ارتفع بشكل طفيف في نهاية عام 2018.

الارتفاع المسجل آنذاك تزامن مع اجتماع اللجنة التنفيذية في مجلس الأعمال السعودي التركي في الرياض، في 25 فبراير 2018.

وفي عام 2019، ووفقاً لبيانات معهد الإحصاء التركي ووزارة التجارة التركية، بلغت قيمة الصادرات التركية إلى السعودية 3.2 مليار دولار في المرتبة الرابعة عربياً، فيما بلغت قيمة الواردات من السعودية ملياري دولار في المرتبة الثالثة عربياً.

لكن العلاقات المتوترة بين البلدين خلال الأعوام الثلاثة الماضية، أدت إلى مقاطعة شعبية للبضائع التركية في المملكة. وتشمل الصادرات التركية إلى السعودية السجاد والمنتجات النفطية وحديد البناء والأخشاب والمواد الغذائية، فيما تستقبل من المملكة المنتجات النفطية والكيميائية.

وتعلق أنقرة آمالاً على استعادة علاقاتها مع الرياض في إنعاش اقتصادها، واستعادة الاستثمارات السعودية بعد الهبوط الكبير لعملتها أمام الدولار.

وفي عام 2017، تملك السعوديون في تركيا أكثر من 3500 عقار، وبلغ عدد السياح السعوديين القادمين إلى تركيا في عام 2018 نحو 750 ألف سائح، وفقاً لبيانات وزارة الخارجية التركية.

تقارب عربي تركي

تعمل تركيا على التقارب مع السعودية منذ أشهر، كجزء من إعادة تنظيم أوسع نطاقاً لعلاقاتها في الشرق الأوسط، يشمل كذلك إصلاح العلاقات مع الإمارات ومصر، بحسب تصريحات وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو.

وشكلت نهاية الخلاف الخليجي في يناير 2021، فرصة بالنسبة لأنقرة من أجل تسريع وتيرة إصلاح العلاقات العربية – التركية، إذ سرعان ما كثفت الاتصالات الدبلوماسية مع مصر، كما استطاعت أنقرة تحسين علاقاتها مع أبوظبي.

وشهدت الأشهر الماضية تبادلاً للزيارات بين تركيا والإمارات، إذ حل ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد بأنقرة في نوفمبر الماضي، قبل أن يقوم الرئيس أردوغان في فبراير الماضي بزيارة للإمارات. ووُقعت خلال الزيارتين العديد من الاتفاقات، مع وعود باستثمارات كبيرة في تركيا.

وبالتزامن مع ذلك، أبدت تركيا مواقف متضامنة مع الإمارات والسعودية، بإدانتها للهجمات التي شنتها جماعة "الحوثي" في اليمن على منشآت في أبوظبي، وعلى منشآت ومواقع حيوية في السعودية في يناير ومارس الماضيين، ودعت إلى وقف فوري لتلك الهجمات.

كما عقدت مصر وتركيا جولتين من "المحادثات الاستكشافية" في القاهرة ثم أنقرة، ترأس وفدي البلدين فيهما نائبا وزيري الخارجية المصري والتركي.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات