الحرّ يلهب غرب أوروبا.. والحرائق تتواصل

time reading iconدقائق القراءة - 11
ألسنة اللهب تتصاعد في غابة شمالي إسبانيا جرّاء شدة ارتفاع درجة الحرارة- 18 يوليو 2022 - AFP
ألسنة اللهب تتصاعد في غابة شمالي إسبانيا جرّاء شدة ارتفاع درجة الحرارة- 18 يوليو 2022 - AFP
لندن-أ ف ب

شهدت بريطانيا وفرنسا، الاثنين، درجات حرارة قياسية بسبب موجة الحرّ الشديدة التي تجتاح جنوب غرب أوروبا وتسببت باحتراق مزيد من المساحات الحرجية.

حذر خبراء الأرصاد الجوية في بريطانيا من حدوث اضطرابات في بلد غير مُجهز لمواجهة ظواهر مناخية قاسية، تقول السلطات إنها قد تُعرّض حياة الناس للخطر.

وسجلت الحرارة 37.5 درجة مئوية في كيو غاردنز، جنوب غرب لندن، لتقترب من المستوى القياسي البالغ 38.7 درجة.

وتم تعليق الحركة الجوية في مطار لوتن شمال لندن بسبب "عيوب" في أرض المدرج ناجمة عن ارتفاع الحرارة.

وتوقع خبراء الأرصاد أن تتجاوز الحرارة، الثلاثاء، عتبة 40 درجة مئوية في سابقة بتاريخ هذا البلد، بينما يلقي العلماء باللائمة على التغير المناخي، ويتوقعون ظواهر مناخية قاسية أكثر تواتراً وشدة في السنوات المقبلة.

وستبقى عدة مدارس في بريطانيا مُغلقة الثلاثاء بسبب الحر، كما حذرت السلطات من إمكانية حدوث اضطرابات في حركة النقل.

وعلى الجانب الآخر من بحر المانش في فرنسا، شهدت بعض البلدات والمدن أعلى حرارة على الإطلاق الاثنين، بحسب ما أعلنت الأرصاد الجوية.

وسُجلت 39.3 درجة مئوية في بريست المطلة على الأطلسي، أقصى الشمال الغربي لفرنسا، مقارنة بالمستوى القياسي السابق المسجل عام 2002 وهو 35.1 درجة مئوية.

 وسجلت سان بريو المطلة على المانش 39.5 درجة مئوية، مقارنة بالمستوى السابق البالغ 38.1 درجة، بينما سجلت نانت (غرباً) 42 درجة متخطية المستوى القياسي المسجل في 1949 والبالغ 40.3 درجة.

وأعلى درجة حرارة مسجلة في فرنسا على الإطلاق هي 46 درجة مئوية، وقد حدث ذلك في مدينة فيرارغ (جنوب) يوم 28 يونيو 2019.

وقال خبير الأرصاد فرنسوا غوراد: "في بعض المناطق الجنوبية الغربية، سيكون الحرّ أشبه بالجحيم".

ولم يتمكن عناصر الإطفاء، في جنوب غرب فرنسا، من احتواء حريقين كبيرين تسببا بدمار هائل.

وعلى مدى 6 أيام، واجهت جيوش من عناصر الإطفاء وأسطول من طائرات الإطفاء صعوبة في إخماد حرائق.

 وحذرت مراكز الأرصاد في 15 منطقة فرنسية من خطورة ارتفاع درجات الحرارة، بما فيها منطقة بريتاني (غرباً).

يوم الاثنين، أجلت السلطات الفرنسية احترازياً 8 آلاف شخص من منازلهم في تيست دو بوش (جنوب غرب)، البلدة الواقعة في حوض أركاشون السياحي، والتي طالها حريق هائل مستعر منذ عدة أيام.

كما اضطر عدد مماثل من سكان لانديرا إلى مغادرة منازلهم خشية أن تصل إليها النيران.

وأتت النيران في هذه المقاطعة الفرنسية على أكثر من 15 ألفاً و500 هكتار من الغطاء النباتي.

وفي إيرلندا سُجلت 33 درجة مئوية في فينيكس بارك بدبلن، أي أقل بـ0.3 درجة من المستوى القياسي المسجل عام 1887، بحسب مركز الأرصاد.

وموجة الحر هذه التي تمتد شمالاً تُعد الثانية التي تجتاح مناطق في جنوب غرب أوروبا، في غضون أسابيع.

وسُجلت مستويات حرارة قياسية في هولندا بلغت 33.6 درجة مئوية مع تحذير من احتمال وصولها إلى 38-39، الثلاثاء.

ويتوقع أن تبلغ الحرارة في بلجيكا 40 درجة وأكثر.

وقال خبراء المفوضية الأوروبية إن قرابة نصف أراضي الاتحاد الأوروبي (46%) معرّضة لجفاف يستدعي التحذير منه و11% عند مستوى الإنذار، إذ باتت المحاصيل تعاني من نقص المياه.

"دخان سام"

في فرنسا واليونان والبرتغال وإسبانيا، أتت الحرائق المشتعلة على آلاف الهكتارات من الأراضي، وأرغمت آلاف الأهالي والسياح على الفرار من أماكن إقامتهم.

وكانت النيران لا تزال تشتعل في منطقة يبلغ طولها 9 كيلومترات وعرضها 8 كيلومترات، قرب كثبان بيلات الرملية الفرنسية الأكثر ارتفاعاً في أوروبا، محوّلة هذه المنطقة الخلابة المعروفة بمواقع التخييم والشواطئ البكر إلى مساحات متفحمة.

وعملت السلطات على إجلاء 8 آلاف شخص قرب الكثبان، الاثنين، في وقت تسبب تغيّر مسار الرياح في انتشار دخان أسود كثيف فوق مناطق سكنية.

وقال المتحدث باسم الإطفاء أرنو ميندوس إن "الدخان سام"، مضيفاً أن "حماية السكان مسألة تتعلق بالصحة العامة".

وأخلت حديقة حيوان مجاورة في أركاشون أكثر من ألف حيوان أرسلتها إلى حدائق أخرى هرباً من الدخان.

 وكان 16 ألف شخص من السياح والأهالي قد أُرغموا على مغادرة أماكن إقامتهم ومنازلهم، فيما لجأ العديد منهم إلى مراكز إيواء مؤقتة.

وفي إسبانيا أودت حرائق شهدتها مقاطعة ثامورا (شمال غرب) بشخص يعمل في الرعي، يبلغ 69 عاماً، على ما أعلنت السلطات المحلية.

وقبل يوم لقي إطفائي حتفه في المنطقة نفسها، وفي وقت لاحق الخميس، أُعلنت وفاة موظف في الخمسينات من عمره جرّاء ضربة شمس في مدريد.

وقالت السلطات إن قرابة 20 حريق غابات لا تزال تشتعل من الجنوب إلى غاليثيا أقصى شمال الغرب، حيث دمرت الحرائق نحو 4 آلاف و500 هكتار من الأراضي.

"كفى مبالغة"

في البرتغال، تستمر حالة الإنذار من حرائق الغابات، رغم تسجيل انخفاض طفيف في الحرارة التي بلغت الخميس الماضي 47 درجة مئوية، وهو مستوى قياسي لشهر يوليو.

وأودت الحرائق في البرتغال بحياة شخصين، وتسببت في إصابة نحو 60 بجروح، ودمرت ما بين 12 ألفاً و15 ألف هكتار من الأراضي.

وفي بريطانيا، تعرّضت الحكومة الغارقة في أزمات كان آخرها استقالة رئيس الوزراء بوريس جونسون من رئاسة حزب المحافظين الحاكم، لمزيد من الانتقادات لفشلها في التعامل مع الوضع بجدية كافية.

وقال بول ديفيز كبير خبراء الأرصاد في بريطانيا إن موجة الحرّ "تتماشى تماماً مع تغيّر المناخ"، وأضاف أن "قسوة موجة الحرّ مفاجئة، ولكنها قد تصبح أكثر تواتراً بنهاية القرن".

وأعلنت الشبكة المسؤولة عن البنية التحتية لسكك الحديد أن الخط المتجه من محطة كينغز كروس في لندن إلى يورك وليدز سيُغلق خلال ساعات معينة، الثلاثاء.

واعتبرت كارينا لوفورد (56 عاماً)، بينما كانت تتنزه في تانكرتون على الساحل الشمالي في كينت،  أن"الوضع مخيف بعض الشيء"، مشيرة إلى أن الحرارة تذكّرها بأستراليا حيث تعيش.

لكن البعض في بريطانيا مثل السباك ديف وليامز، البالغ 64 عاماً، انتقدوا التغطية الإخبارية المتواصلة لموجة الحرّ، وقال: "كفانا مبالغة.. يتحدثون عنها وكأننا لم نشهد صيفاً من قبل".

ومن بين الأشخاص الذين كانوا يقصدون الشاطئ موظف البنك أبو بكر الذي كانت له وجهة نظر أخرى، حيث تحدث وهو مستلقٍ على شاطئ برايتون: "أنا من السودان.. ودرجات الحرارة من 40 إلى 45 أمر عادي".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات