6 مصوّرين عالميين يكشفون لـ"الشرق" أسرار الصورة الجذابة

time reading iconدقائق القراءة - 8
معرض التصوير الدولي "إكسبوجر". 11 فبراير 2023 - الشرق
معرض التصوير الدولي "إكسبوجر". 11 فبراير 2023 - الشرق
دبي-ثناء عطوي

أينما نظرنا نجد صوراً فوتوغرافية، تملؤنا بمشاعر متباينة، تلخّص لنا الأفكار، و"تمدّنا بالبراهين". هذه المحاكاة اليومية التي نختبرها مع الصور التي تمثّل لغةً رديفة، تقدّم لنا الواقع بعيون أخرى، وتُسبّب لنا الدهشة والصدمة أحياناً.

لا شك أن الصورة وسّعت من مفهومنا تجاه ما هو جدير بالتوقف والنظر، وتجاه قضايا لم نتنبه لدقتها وحساسيتها بعيوننا المجرّدة. إنها طريقة لتوثيق العالم، "تمثل معنى جديداً لمفهوم المعلومات"، كما تقول الكاتبة الأميركية سوزان سونتاغ، "ذلك أن عالم الصور، سيعيش بعدنا جميعاً زمناً أطول".

"الشرق" توّجّهت بسؤال رئيسي إلى مصوّرين عالميين، التقتهم خلال مشاركتهم في مهرجان التصوير الدولي "إكسبوجر" في الشارقة، وذلك لمعرفة العناصر التي تجعل الصورة الفوتوغرافية، جذابة وشديدة التأثير والقوّة، وخصوصاً أن موضوعات الصور المشاركة ارتبطت بقضايا البيئة والطبيعةوالبحث عن موطن، فضلاً عن قضايا حديثة، مثل الفضاء والذكاء الاصطناعي وغيرها.

ما بعد الرحلة/ ناسا

مصوّر وكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، البريطاني دان وينترز، الذي وثّقت صوره برامج الرحلات التي قامت بها "ناسا" إلى الفضاء، ومؤسسة "روسكوزموس" الحكومية للأنشطة الفضائية، قال لـ "الشرق": "يغيّر التصوير من التجربة المرئية، كما يبدّل تجربة الإحساس بالأشياء، فتقرأ الصورة بطريقة مختلفة".

أضاف: "أعتقد أن الصفة المهمّة في تصوير موضوعات الفضاء، هي الصفاء والسكون الذي تسمعه، وتتلاعب هذه اللحظات بالإحساس المركزي للإنسان، ويصبح التصوير مرتبطاً بزاوية الرؤية والإحساس أكثر".

وقال: "كنت محظوظاً في المشاركة بهذا العمل مع "ناسا"، وقد التقطت آلاف الصور لرحلات الفضاء المأخوذة من مسافاتٍ قريبة وبعيدة، بدءاً من عمليات الإطلاق وصولاً إلى استكشاف الفضاء وعودة المركبات إلى الأرض. في الواقع ما يجعل من الصورة عملاً ناجحاً، هو أن نمنحها الوقت الذي تستحقّه، وأن يتمتّع المصوّر بالهدوء أثناء العمل، فضلاً عن اختيار الأضواء الملائمة، والوقت المناسب، وفهم عناصر الموضوع بشكلٍ دقيق. أما بالنسبة لي كمصوّر للرحلات الفضائية، فالأهم هو التموقع المناسب، لأنه أساسي في هذه العملية".

صراع البقاء/ بنغلادش

يبدو أن الصراع على الأرض والمأوى والطعام، هو نفسه الذي يعيشه الإنسان والحيوان، إذ يجسّد معرض المصوّر البنغلادشي م ك أسعد، هذه القضية بشكلٍ مؤثّر، فالقرويون الذين يعيشون على الحدود بين البلدين، يعيشون حالة قلق مستمرّة من الفيلة التي تخترق حدودهم آتية من الهند طمعاً بمأوى ومأكل، لذلك يمضون جلّ أيامهم في حراسة حقولهم أثناء موسم الأرز، الذي يحلّ مرتين كل عام، فيضرمون النار في الليل، ويجولون في الحقول حاملين مصابيحهم، ويقرعون الطبول القوية، كي يبعدوا الفيلة عن محاصيلهم، وكي لا يخسروا تعبهم وقوت يومهم أيضاً.

يقول أسعد: "تعيش الفيلة البرية الآسيوية في بنغلادش منذ آلاف السنين، لكن التوسّع العمراني نحو الغابات، واستيلاء البشر على أراضيها، أدى إلى تدمير موطنها الطبيعي، واضطرها إلى العودة باستمرار، للبحث عن موطىء قدم وطعام، ما أدى إلى اصطدامها بالبشر في كلّ مرّة، إذ لقي أكثر من 50 فيلاً حتفهم من جراء هذه الصراعات، بينهم 34 فيلاً خلال العام 2021، وتشكّل الأسلاك المكهربة التي يستخدمها المزارعون، الخطر الأكبر على حياة الفيلة، التي بقي منها 250 فيلاً على قيد الحياة فقط". 

 يضيف: "أمضيت 20 عاماً في تصوير الناس، لكن الأمر مع الحيوانات مختلف، يحتاج إلى جهد مضاعف، فقد زرت الغابة مرّات عدّة قبل التصوير، حتى اعتاد الفيلة على وجودي بينهم، وفهموا أنني لا أريد إلحاق الأذى بهم. لقد استغرقني المعرض عامين ونصف كي أنجزه، تعرّفت خلالها على سلوك الحيوانات، وفهمت حياة الغابة وكائناتها أكثر، وهذا برأيي العنصر الأهم، الذي يجعل الصورة حقيقية ومؤثّرة".

التباين/ ناميبيا

 الصورة لا تنتج عن لقاء بين المصوّر والحدث وحسب، بل إن التقاط الصورة هو حدث بذاته، هذا ما يؤكّده المصوّر اللبناني داني عيد، الذي تولّى الإشراف على تصوير "إكسبو" دبي 2022، وهو مهتمّ على الصعيد الشخصي بتصوير الصحراء والطبيعة.

أمضى عيد 35 يوماً وهو يجول بين محميات ناميبيا الشاسعة، الواقعة بين أنغولا وغربي أفريقيا، في ظروف صعبة وقاسية، التقط خلالها 24 صورة لمعرضه الجديد "التباين". يقول عن تجربته: "ناميبيا بلد صعب من النواحي الجغرافية، حجمه مليون كيلومتر، أي بحجم السعودية، وعدد سكانه 3 ملايين فقط، لا يمكن تخيّل حجم الأراضي البكر والمحميات الهائلة لديهم".

 يضيف: "سرّ التصوير الناجح هو التخطيط، لا أترك شيئاً للصدفة، أخطّط بدقّة لما أريد تصويره، أدرس الموقع والمكان، أزوره مراتٍ عدّة، أتعايش معه بهدوء، أتفحّص شروط الأمان والإضاءة، أختار الوقت المناسب، وخصوصاً أن تأثير الشروق والغروب مختلف على الصورة".

يقول عيد: "على المستوى الشخصي، لا أحب أن أفبرك أو ألعب بالطبيعة، أحب أن أعالج صوري بأقلّ أضرار، أن أصوّر أصعب شيء وليس أسهل شيء، الكاميرا تعطيني سلاماً داخلياً، الطبيعة تحفّز عقلي، وتجعلني أكثر اندفاعاً وجموحاً".

ينصح عيد المصوّرين الشباب خلال ورش التصوير، أن لا يتوقّعوا "الحصول على الصورة التي يريدونها من المرّة الأولى، أقول لهم ضعوا أعينكم داخل الكاميرا وعيشوا اللحظة، ركّزوا على التكوين أو القوانين الموجودة في الطبيعة، وأبرزوها بطريقة منظّمة. فمتعة التصوير ليست النتيحة النهائية، بل التجربة بحدّ ذاتها".

التأثير الحركي/ السعودية

المصوّرة السعودية هناء تركستاني تقول: "نحاول كمصوّرين أن نضفي على أعمالنا نظرة إبداعية، وأن تكون الصورة مدمجة بالفنون، بل لديها بعد فني، وهذه الفكرة التي قام عليها معرضي، كي لا تبقى صوري ساكنة أو صامتة، بل فيها حركة وحيوية، ما يجعل الشخص ينظر إلى اللوحة بطريقة تفاعلية".

واعتبرت أن ما يصنع صورة مميّزة "هو التكوين الجيد، والعناصر، والإضاءة، والوقت المناسب للتصوير. أما السرّ في هذا الفن، فهو الحب والشغف، والرسالة الإنسانية، والعاطفة التي تحملها الصورة".

النور الداخلي/ أفريقيا

المصوّر الكيني مايكل أبويا، اشتغل على ثيمة "الضوء الداخلي" لدى الإنسان، فأكّد أن ما يجعل الصورة مذهلة "هو التقاط الجوهر الحقيقي لمن نكون نحن، وتجاهل الجوانب التقنية إلى حدّ ما، بل التركيز على القصّة وعناصرها، وعلى الأبعاد الإنسانية، وهذا ما يجعل الصورة أو اللقطة لا تقدّر بقيمة، ومليئة بالإلهام".

أضاف: "أؤمن أننا جميعنا نحمل في داخلنا الضوء، نزيد إشراقاً مع كل مجهود واعٍ نقوم به على طريق التحرّر من القيود، هذا الضوء هو مصدر الأمل والسعادة والحب، وكل ما ندافع عنه ونؤمن به. وبقدر ما نشرق من دواخلنا بقدر ما تكون صورنا مؤثّرة وحقيقية وصادقة".

الذكاء الاصطناعي/ الإمارات 

المصوّر الإماراتي عبدالله الشرهان النعيمي، اعتبر أن "عنصر الإبداع هو الذي يجذب ويبيع، وخصوصاً الإبداع في مجال الذكاء الاصطناعي، فأنا أصنع فني بالاعتماد على قوّة الخيال، وأبحث عن طرق تفتح نافذة جديدة على فن التصوير".

أضاف: "ألتقط صورة حقيقية، كما فعلت مع بيت الحكمة في الشارقة، وأطلب من الذكاء الاصطناعي أن يضعها في مزاجٍ معيّن، مع ظلال الغروب مثلاً، فيبحث عن طريقة يضيف بها الغروب إلى الصورة بأسلوبه الفني، أطلب منه ما أريده، وهو ينفّذ، وكأنني في محاكاة واقعية مع شخص آخر حقيقي".

لكن لمن يعود الفضل في النتيجة للفنان أم للذكاء الاصطناعي، يردّ النعيمي: "للفنان الذي يضع العناصر الرئيسة أي الصورة الحقيقية أو الأصلية، ويوجّه الذكاء الاصطناعي كي يضفي عليها عناصر إضافية، وفق رؤية الفنان وليس وليس التقنية".

اقرأ أيضاً: