مسلسل "كيد الحريم".. الخلطة "الخليجية - المصرية" تفوز

time reading iconدقائق القراءة - 6
الملصق الدعائي لمسلسل "كيد الحريم" - المكتب الإعلامي لمنصة شاهد
الملصق الدعائي لمسلسل "كيد الحريم" - المكتب الإعلامي لمنصة شاهد
الكويت -عبد الستار ناجي*

عرضت منصة "شاهد" مؤخراً المسلسل الكويتي "كيد الحريم"، وهو أحد أحدث إنتاج للدراما الخليجية، بتوليفة جديدة جمعت في عناصرها بين صناع الدراما العربية.

التوليفة الفنية تبدو مبررة وغير مقحمة للجمع بين الدراما الخليجية والمصرية، بعد سنوات من شبه العزلة والتحرك بشكل منفرد، ورغم الملاحظات التي تتعلق بالنص والمضمون والشكل الإخراجي، إلا أن النتيجة النهائية تظل لصالح التجربة.

وقبل الذهاب لتجربة "كيد الحريم"، لا بد من الإشارة إلى أن صناع الدراما الخليجية ظلوا لسنواتٍ يبحثون عن المشاريع التي تحقق حضور المبدع الخليجي في الدراما المصرية، فكان ذلك الحضور المكرر والباهت، رغم عمق العلاقات الإنسانية والاجتماعية التي تجمع أبناء الخليج بالإنسان والمجتمع المصري.

انشغال بالتنافسية

انشغل صناع الدراما الخليجية في بعد آخر بالتنافس في الإنتاج التلفزيوني، إذ ظل هاجس البعض أن تتقدم الدراما الخليجية إلى مرحلة قريبة من الدراما المصرية التي تظل دائماً في موقع السبق والريادة والتميز.

ولطالما سمعنا وقرأنا أن الدراما الخليجية تتقدم خلف الدراما المصرية، لتتجاوز الدراما السورية أو اللبنانية أو غيرها، وهو أمر شغل المبدع الخليجي عن فكرة التكامل ولجأ إلى التفكير بشكلٍ أحادي، وبالتالي لم يذهب إلى مناطق إبداعية مميزة ترسيخ الهوية، والبصمة، والخصوصية. 

ونشير هنا إلى عدة تجارب عملت على حضور المبدع الخليجي في العمل المصري، أو المبدع المصري في العمل الدرامي الخليجي، ومن تلك التجارب في السينما المصرية، نشير إلى فيلم "غريب في بيتي" الذي شارك فيه الفنان الراحل خليل إسماعيل، وأيضاً فيلم "عندليب الدقي" بمشاركة الفنان داوود حسين، وكم من المشاركات الأخرى التي ظلت تتحرك في إطار الهامش. 

وعلى ذات الاتجاه، كان حضور المبدع المصري في الدراما الخليجية أكثر هامشية، ولتجارب تعود إلى منتصف السبعينيات وبأعمال مثل "درب الزلق"، و"قاصد خير" وغيرها من الأعمال التي لم تستطع أن تحقق حضوراً كافياً يساهم في تعميق أطر التعاون الفني المشترك بين الدراما الخليجية والمصرية.

صراع مستمر 

"كيد الحريم" مسلسل في إطار دراما اجتماعية، تتخللها بعض الأحداث الكوميدية التي تبرز بعض النوعيات من الناس الذين يخرجون عن نطاق الواقع، فيسببون لأنفسهم مواقف تدعو للضحك المقترن بالإشفاق على ما يفعلون بأنفسهم.

المسلسل تأليف فهد البلوشي، وإخراج مصطفى فكري، والبطولة لروجينا، وهنادي الكندري، وجاسم النبهان، ومحمد الحداد، وعبد الإمام عبد الله، وهدي حمدان، وروان العلي، وعبد الله الطليحي، وفهد الصالح وغيرهم، وهو إنتاج المنتج الكويتي عادل اليحيي. 

يأخذنا العمل إلى الفكرة والخط الرئيسي، وهو الصراع المستمر بين امرأتين على سيارة، نعم سيارة، ولكن ماذا خلف تلك السيارة؟ فالأولى وهي "سمية" ورثت السيارة عن زوجها ولا تريد أن تفرط فيها أبداً رغم قدم طرازها، رغم تلقيها عرضاً من رجل ذي مال وجاه لشراء السيارة بأي ثمن.

الثانية هي "هنادي" زوجة ابن زوج "سمية" المتوفي، التي تسكن معها في المنزل ذاته، وأخذت على نفسها وعلى زوجها عهداً أن يعملا المستحيل في سبيل إقناع "سمية" ببيع السيارة، لأن "هنادي" اتفقت مع الرجل الثري على مكافأة عالية جداً لو حصل على السيارة.

وحينما نذهب إلى محور المكائد، نراه في شخصية "هنادي" وهي المرأة الشابة الجميلة التي لا تحب "سمية"، وتظل تفتعل المكائد ضدها كي تبيع سيارتها، وتلجأ إلى أعنف الحيل والأزمات التي توقع بها وتنغص عليها حياتها حتى تبيع سيارتها، وهي في كل الأوقات تبدو لـ"سمية" بمظهر الأخت المحبة الحنونة.

ومنذ الحلقات الأولى ونحن نطارد "كيد" هنادي التي تحاول دائماً إقناع سمية ببيع السيارة، والحصول على السيارة الحلم في نسق درامي غير منطقي، لا يحتمل تقديم مسلسل كامل من 30 حلقة، ولكنها صناعة الإنتاج، وإن أتت الدراما بأساليب ذكية على الرغم من هشاشة المضمون.

الهامش يطغي على الأساس 

في المسلسل كم من الهوامش والحكايات الجانبية، التي تذهب إلى قضايا تفرغ المحور الدرامي الأساسي من محتواه وأهدافه، وهكذا مجموعة المصادفات التى لا تكاد تنتهي، فبين المصادفة والأخرى مصادفة ثانية، وكأننا أمام مسلسل مزدحم بالمصادفات التي تأتي على حساب المضمون. 

وعلى صعيد التمثيل، هناك جهود ذاتية للممثلين، ومن النادر أن تكون هناك صيغة مشتركة في الأسلوب أو الأداء، ما جعلنا في مشاهد عدة أمام غياب التناغم في الأداء والتقمص، بل إن البعض كان يعمد إلى سرقة المشهد أمام زميل أو زميلة. 

الملاحظات لا تنتهي بالذات في ما يخص المضمون، حيث الهشاشة في نمو الأحداث وتطورها، والشخصيات، وقيمها، وأهدافها.

 كل ذلك يأتي بسبب أن نسبة كبيرة من النجوم راح كل منهم يعمل بالأسلوب الذي يريده رغم محاولات المخرج المحافظة على تلك (الخلطة) التي تحقق معادلة التعاون الفني المشترك الخليجي – والمصري، إلا أن الاجتهاد الفردي شتت النص ثم العمل بشكل عام، وما أحوجنا إلى أن يلتفت النجوم إلى معادلة الانصهار بالعمل، وليس ابتلاع العمل تحت عباءته ونجوميته وهنا كل الخلل الذي يطل صراحة في هذه التجربة. 

كوميديا خفيفة  

وبقية أحداث المسلسل، هي امتداد لذلك المحور الدرامي الأساسي، التي تتحرك بين خطوطه العديد من الشخصيات، ومن بينها شخصية "خالد" الذي يمثل أحد المحاور الأساسية، بل إنه يمثل الجانب الكوميدي في هذا العمل، ووجوده يحقق "نسمة" من الكوميديا الخفيفة وسط أطماع وكيد "هنادي" وطيبة وبساطة "سمية"، وهكذا هي بقية الشخوص. 

ويبقي أن نقول إنه ورغم ازدحام الهوامش من ملاحظات على النص ومضامينه وشخوصه، إلا أننا أمام تجربة تحقق معادلة التعاون المشترك وحضور الشخصية المصرية في الدراما الخليجية بلا تكلف وبلا مبالغة وبلا إقحام غير مبرر، وهي خطوة قريبة من الهدف.

* ناقد فني

تصنيفات