"أفظع المشاهد".. أسوشيتد برس تروي اللحظات الأخيرة لقصف مقرها في غزة

time reading iconدقائق القراءة - 5
مبنى "الجلاء" يتحول إلى ركام بعد ضربات صاروخية إسرائيلية على مدينة غزة. - REUTERS
مبنى "الجلاء" يتحول إلى ركام بعد ضربات صاروخية إسرائيلية على مدينة غزة. - REUTERS
دبي-الشرق

قال فارس أكرم، أحد صحافيي وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية في قطاع غزة، الأحد، إن القصف الإسرائيلي الذي استهدف برج "الجلاء"، الذي يضم مكاتب إعلامية وشققاً سكنية، كان واحداً من "أفظع المشاهد التي رأيتها على الإطلاق".

ودمّر الجيش الإسرائيلي، السبت، مبنى مؤلفاً من 12 طابقاً في مدينة غزة، يضم مكاتب وكالة "أسوشيتد برس" ومحطة تلفزيون "الجزيرة"، بالإضافة إلى مكاتب وشقق أخرى، ما أثار غضباً دولياً وإدانة من دعاة حرية الإعلام، وسط مطالب لحكومة تل أبيب بـ"ضمان سلامة الصحافيين".

وأضاف أكرم: "استيقظت من قيلولتي على صراخ زملائي، في الطابق العلوي من البنتهاوس المكون من طابقين، والذي كان بمثابة مكاتب لوكالة أسوشيتد برس في غزة منذ عام 2006"، مشيراً إلى أنه منذ بدء القتال في وقت سابق هذا الشهر، "كنت أنام في مكتب الأخبار، ثم أعمل طوال الليل".

وتابع: "هرعت إلى الطابق السفلي ورأيت زملائي يرتدون الخوذات والسترات الواقية، كانوا يصرخون: إخلاء.. إخلاء، وعلمت لاحقاً أن الجيش الإسرائيلي استهدف البرج، وقدم تحذيراً قبل 10 دقائق من القصف"، لافتاً في هذا الصدد إلى أن الجيش الإسرائيلي "أزال ثلاثة مبانٍ حتى الآن هذا الأسبوع".

"لا مكان آمناً في غزة"

وأردف قائلاً: "نظرت إلى هذا المكان الذي كان بيتي الثاني لسنوات، وأدركت أن هذه آخر مرة. أخذت جهاز الكمبيوتر المحمول، وبعض القطع الإلكترونية الأخرى، واخترت قطعاً صغيرة من مقتنياتي، بينها شهادة من أسوشيتد برس لإتمامي خمس سنوات من العمل معهم".

وقال أكرم: "ارتديت خوذتي ونزلت مسرعاً، بعد أكثر الأيام إثارة للقلق أنا في المنزل الآن.. أتمنى أن أقول إنني بأمان هنا، لكنني لا أستطيع، لا يوجد مكان آمن في غزة".

وأشار إلى أن غارة إسرائيلية دمرت، الجمعة الماضية، مزرعة عائلته على الطرف الشمالي من غزة، مضيفاً: "اعتقدت أن مكان عملي لن يكون مستهدفاً، لأن مكاتب كل من أسوشيتد برس والجزيرة كانت تقع في الطوابق العليا، لكنها الآن عبارة عن كومة من الأنقاض".

وأوضح أن صاحب المبنى كان يتحدث على الهاتف مع الضابط العسكري الإسرائيلي، الذي طلب منه إخلاء المكان، مشيراً إلى أنه "كان يتوسل لإمهاله مزيداً من الوقت، لكنه رفض".

8 دقائق

وتابع: "بعدما نزلت من الطابق الـ11 عبر السلالم وصولاً للمرآب، وتأكدت أنني بعيد عن المبنى، استدرت لأراقب المشهد وفكرت بالعائلات التي كانت تعيش في الطوابق العلوية والسفلية، ماذا سيفعلون؟ إلى أين يذهبون؟"، لافتاً إلى أن الغارة تمت بتتابع سريع خلال 8 دقائق بطائرة مسيّرة، تبعتها ثلاث غارات قوية من مقاتلات "إف-16".

وبيّن أنه راقب وزملاؤه الصحافيين على بعد حوالي 400 متر، الأنقاض وسحب الدخان الأسود الكثيفة التي رافقت عمليه انهيار المبنى، قائلاً: "فكرت في مئات التذكارات التي أصبحت شظايا، بما في ذلك المسجل الذي استخدمته عندما أصبحت صحافياً لأول مرة، لو كان لديّ مزيد من الوقت لاحتفظت بكل شيء".

وأضاف: "لقد كانت واحدة من أفظع المشاهد التي رأيتها على الإطلاق، لكنني كنت ممتناً لأن أحداً من زملائي لم يصب بأذى، واستعدت قوتي لضرورة تغطية الحدث".

"حماية الصحافيين"

وأعربت وكالة "أسوشيتد برس" عن "صدمتها وارتياعها"، وقال مديرها التنفيذي غاري برويت في بيان: "هذا تطور مقلق للغاية، لقد تفادينا بصعوبة خسائر فادحة في الأرواح".

وأضاف: "يعرفون منذ وقت طويل موقع مكتبنا ويعرفون أنّ هناك صحافيين. تلقينا تحذيراً بأنّ المبنى سيقصف"، مشيراً إلى أنه تم إجلاء الصحافيين في الوقت المناسب.

من جانبها، طالبت لجنة حماية الصحافيين الدولية بـ"تبرير مفصل وموثق" للغارة الجوية، مشيرة إلى أنها قد تمثل "انتهاكاً للقانون الدولي".

وقال جويل سيمون، المدير التنفيذي للجنة، إن "الهجوم الأخير على مبنى معروف منذ فترة طويلة من قبل إسرائيل بأنه يضم وسائل إعلام دولية، يثير مخاوف أن الجيش الإسرائيلي يستهدف بشكل متعمد المنشآت الإعلامية، من أجل تعطيل تغطية المعاناة الإنسانية في غزة".

وقال كريستوف ديلوار، الأمين العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" الدولية، إن "معدات ومنشآت الإعلام تشكل أهدافاً مدنية مشمولة بالحماية".