رغم طلب فرنسي.. ألمانيا ترفض تحركاً أوروبياً مشتركاً لمواجهة أزمة الطاقة

time reading iconدقائق القراءة - 6
وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر خلال مؤتمر حول التقديرات الجديدة لإيرادات الضرائب في مدينة بون. 27 أكتوبر 2022 - REUTERS
وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر خلال مؤتمر حول التقديرات الجديدة لإيرادات الضرائب في مدينة بون. 27 أكتوبر 2022 - REUTERS
دبي -الشرق

عبر وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر، عن رفض بلاده استخدام الاتحاد الأوروبي للاقتراض المشترك كوسيلة للتصدي لأزمة الطاقة في الكتلة، وذلك بعدما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، برلين إلى "استراتيجية أوروبية" لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة.

وقال ليندنر إنه "من الأرخص لكل دولة على حدة أن تقترض بمفردها، نظراً لأزمة ارتفاع أسعار الفائدة التي تواجهها المفوضية الأوروبية".

وأضاف في مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، الأحد، أن "الفائدة المالية التي كانت المفوضية والعديد من الدول الأعضاء تأمل في الحصول عليها من سندات الدين الأوروبية المشتركة، بدلاً من إصدار سندات دين على نطاق وطني، لم تعد موجودة". 

وأبدى ليندنر اعتراضاً شديداً على الاقتراض المشترك، قائلاً: "لا يجب أن نطرح فكرة زيادة الاقتراض المشترك من قبل الاتحاد الأوروبي في كل مناسبة أو كلما احتجنا إلى المزيد من الاستثمارات". 

وقال ليندنر إن الاتحاد الأوروبي "سيصدر الكثير من سندات الدين خلال السنوات القليلة المقبلة للبرامج الحالية، ولذلك ليس من المنطقي اختبار المرحلة التي تكون فيها السوق مشبعة". 

واعترض الوزير أيضاً على المقترحات المُخططة من قبل المفوضية الأوروبية لإصلاح القواعد المالية للاتحاد الأوروبي، والتي تُعرف باسم "ميثاق الاستقرار والنمو". 

إذ تعمل المفوضية على إجراء إصلاح شامل من شأنه أن يسمح للدول الأعضاء بالموافقة على خطط متعددة السنوات ومحددة لكل دولة للسيطرة على أعباء الديون بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي. 

وأضاف في هذا الصدد: "ليس من الحكمة أن يكون هناك ترتيبات فردية بشأن تطبيق قواعد ميثاق الاستقرار والنمو التي تم التفاوض عليها على أساس ثنائي"، لافتاً إلى أن مصداقية الميثاق تنبع من حقيقة أن "القواعد يجب أن ينفذها الجميع بنفس الطريقة". 

وأكد ليندنر استعداد ألمانيا لقبول "مسارات تصحيحية أبطأ" للدول المثقلة بالديون كجزء من الإصلاحات في الميثاق المالي، ولكن مع التركيز القوي على خفض العجز بشكل متسق وتدريجي. 

وأوضح: "في بيئة الاقتصاد الكلي الحالية، مع وجود درجة عالية من عدم اليقين، ثمة حاجة حقيقية لإعادة بناء الاحتياطات المالية وليس زيادة التضخم. بيئة الاقتصاد الكلي تغيرت، ونحن جميعاً نتحمل مسؤولية ضمان بقاء الوضع مستقراً".

تأجيج التوترات

"فاينانشيال تايمز" رأت أن معارضة ليندنر لجولات الاقتراض الجديدة ستؤدي إلى تأجيج التوترات مع الدول الأعضاء الأخرى التي تشعر بأن ألمانيا "لم تفعل شيئاً يذكر" لصياغة استجابة مشتركة لأزمة الطاقة التي تهدد بدفع اقتصاد منطقة اليورو إلى الركود. 

وتواجه برلين بالفعل انتقادات بسبب برنامج الانقاذ الأحادي الذي تبلغ قيمته 200 مليار دولار، ويهدف إلى تخفيف تكاليف الطاقة على الأسر والشركات. 

وفي وقت سابق من هذا الشهر، وافق المستشار الألماني، أولاف شولتز، على مقترح لتحديد سقف لأسعار الغاز الطبيعي على مستوى الاتحاد الأوروبي، ولكن مع إبداء تحفظات وشروط كبيرة. 

وأثارت أزمة الطاقة جدلاً جديداً حول الحاجة إلى مزيد من الاقتراض المشترك، بعد البرنامج غير المسبوق لاقتراض 800 مليار يورو لمساعدة الدول الأعضاء أثناء جائحة فيروس كورونا.

وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في الأيام الأخيرة على الحاجة إلى تمويل مشروعات البنية التحتية للطاقة العابرة للحدود الجديدة، في وقت يحاول فيه الاتحاد الاستغناء عن الغاز الروسي وتعزيز مصادر الطاقة المتحددة. 

وانتقد ماكرون خطة برلين الضخمة التي أقرتها لمساعدة الأسر والأفراد، قائلاً في مقابلة مع صحيفة "ليزيكو"، نشرت الاثنين: "لا يمكننا أن نمضي قدماً بسياسات وطنية، لأن هذا الأمر يتسبب في إخلال بالتوازن في القارة الأوروبية".

وأضاف: "قارتنا أوروبا وعلى غرار ما حدث إبان أزمة كورونا أمام لحظة حقيقة، علينا أن نتحرّك بوحدة صف وتضامن".

وأشار ماكرون إلى أن "ألمانيا تمر بلحظة تغيير لنموذجها، يجب ألا نقلل من أهمية طابع اللحظة المزعزع للاستقرار. إذا أردنا أن نكون متسقين، يجب ألا نتبنى استراتيجيات وطنية بل استراتيجية أوروبية".

وأعرب عن ثقته "في قوة الشراكة الفرنسية-الألمانية وقدرة البلدين معاً على وضع استراتيجية طموحة موضع تطبيق"، مشدداً على "ضرورة وجود تضامن أوروبي تجاه ألمانيا"، لافتاً إلى أنه "من الطبيعي أن يكون هناك تضامن ألماني تجاه أوروبا".

آلية موحدة

واقترح صندوق النقد الدولي، الشهر الماضي، أن ينشئ الاتحاد "قدرة مالية" جديدة يتم تمويلها من خلال إصدار سندات الدين المشتركة وتدفقات الدخل الجديدة، لكن دول شمال الاتحاد الأوروبي لا تزال متشككة، مُوضحة أن التمويل الذي حصلت عليه أثناء الجائحة "كان يُنظر إليه دائماً باعتباره أمراً استثنائياً".

لذلك، سيسعى قادة الاتحاد خلال قمّة مقررة في بروكسل يومي الخميس والجمعة، إلى وضع آلية موحدة لمكافحة ارتفاع أسعار الطاقة على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا.

وكانت تكاليف الاقتراض في بروكسل من بين أقل التكاليف في منطقة اليورو العام الماضي، عندما بدأت في إصدار السندات أثناء فترة الجائحة. 

وباع الاتحاد الأوروبي في يونيو 2021 سندات بعائد 0.086% لأجل 10 سنوات، بينما بلغ العائد على السندات الفرنسية والبلجيكية لأجل 10 سنوات 0.171% و0.146% على التوالي. 

وارتفعت تكاليف الاقتراض في الاتحاد الأوروبي منذ ذلك الحين عن تكاليف السندات الفرنسية والبلجيكية، حيث وصلت عائدات سندات الاتحاد الأوروبي لأجل 10 سنوات 2.89%، مقارنة بـ2.63% للسندات الفرنسية و2.71% للسندات البلجيكية.

واضطرت المفوضية الأوروبية مؤخراً إلى طلب زيادة ميزانيتها لعام 2023 بسبب ارتفاع تكاليف الاقتراض، وتوقعت الحاجة إلى 450 مليون يورو إضافية لتغطية تكاليف الفوائد المرتفعة على قروض الاتحاد الأوروبي العام المقبل، علاوة على التكاليف المتوقعة مسبقاً لعام 2023، والمُقدرة بنحو 1.03 مليار يورو. 

اقرأ أيضاً:

تصنيفات