Open toolbar

رسم يظهر أنبوباً للغاز الطبيعي وفي الخلفية العلم الأميركي - REUTERS

شارك القصة
Resize text
دبي-

بعد ضغوط من المشرعين في الحزبين الديمقراطي والجمهوري، لمعاقبة موسكو على غزوها أوكرانيا، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الثلاثاء، حظر استيراد النفط الروسي إلى الولايات المتحدة. فما الذي تعنيه هذه الخطوة؟ وهل بإمكان الأوروبيين الانضمام إليها؟ وما مدى تأثيرها على موسكو؟

قبل إعلان قراره الأخير، واجه بايدن ضغوطاً شديدة من أعضاء الكونجرس للمضي قدماً في حظر استيراد النفط الروسي. لكن، وفقاً لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، قاوم الرئيس الأميركي بدايةً هذا الاتجاه، في محاولة للحفاظ على تدفق الطاقة في جميع أنحاء العالم، ومنع أسعار البنزين من الارتفاع الحاد داخل الولايات المتحدة نفسها.

وذكر مسؤولون أميركيون مطلعون في وقت سابق، أن هذه الخطوة ستشمل أشكالاً أخرى من واردات الطاقة بخلاف النفط، بما في ذلك الفحم والغاز الطبيعي المسال.

ومن المرجح أن تزداد الضغوط على القوى الأوروبية لتحذو حذو الولايات المتحدة، في وقت تقود ألمانيا حتى الآن مقاومة لأي حظر على شراء الخام الروسي.

روسيا تلوّح بورقة الغاز

تستحوذ روسيا على 20% تقريباً من احتياطيات الغاز عالمياً، بما يعادل 1320.5 ترليون قدم مكعب، بحسب بيانات "بريتيش بتروليوم" لعام 2020، فيما تأتي إيران ثانياً، بحجم احتياطات يبلغ 17.10% عالمياً، ما يعادل 1133.6 ترليون قدم مكعب، ثم قطر التي حلّت في صدارة الدول العربية بنهاية عام 2020، باحتياطات تُقدر 13.10% عالمياً، ما يعادل 871 ترليون قدم مكعب، ثم تركمانستان 7.20%، ما يعادل 480 ترليون قدم مكعب. وتأتي الولايات المتحدة في المرتبة خامساً عالمياً بحجم احتياطات غاز 6.70% بما يعادل 445.6 ترليون قدم مكعب.

أما عربياً، فجاءت المملكة العربية السعودية ثانياً، باحتياطات غاز تُقدر بـ3.20% بما يعادل 212.6 ترليون قدم مكعب، تليها دولة الإمارات بـ 3.20%، ما يعادل 209 ترليون قدم مكعب، ثم العراق 1.90% أي ما يعادل 124.6 ترليون قدم مكعب. وحلت الجزائر خامساً على المستوى العربي باحتياطات 1.20% ما يعادل 80.5 ترليون قدم مكعب، وبعدها مصر بحجم احتياطات غاز 1.10% أي ما يعادل 75.5 ترليون قدم مكعب.

وكان نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، لوّح قبل أيام باستخدام ورقة الغاز للضغط على أوروبا، مستغلاً اعتماد دول منظومة اليورو في الطاقة على غاز بلاده. وقال إن روسيا سيكون لها "كل الحق" في وقف شحنات الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر خط أنابيب (نورد ستريم 1)، رداً على قيام ألمانيا بإيقاف خط أنابيب نورد ستريم 2 الموازي، والذي لم يعمل بعد.

وأضاف نوفاك: "نحن لم نتخذ هذا القرار بعد، ولن يستفيد منه أحد". وتعتبر هذه التصريحات مناقضة للتأكيدات الروسية السابقة بأنها لا تنوي قطع الغاز عن أوروبا.

البديل المستحيل

ومن المحتمل أن يكون استبدال الغاز الطبيعي الذي توفره روسيا لأوروبا مستحيلاً على المدى القصير، إذ يمر معظم الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب، وفي حالة أرادت الدول الأوروبية استبداله سيكون عليها استيراد الغاز الطبيعي المسال، المعروف باسم LNG حيث لا تمتلك القارة خطوط أنابيب كافية لتوزيع الغاز من مرافق الاستيراد الساحلية إلى مناطق أبعد من القارة.

وأشارت شبكة  "إيه بي سي نيوز" الأميركية، إلى أنه في يناير الفائت ذهبت ثلثا صادرات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، وذلك بعد أن كانت بعض سفن الشحن متجهة بالفعل إلى آسيا، لكنها استدارت وغيرته وجهتها نحو أوروبا لأن المشترين هناك عرضوا دفع أسعار أعلى.

وبينما يمكن لمنتجي النفط والغاز في الولايات المتحدة التنقيب عن المزيد من الغاز الطبيعي، تعمل منشآت التصدير بالفعل بطاقتها، وسوف يستغرق توسيع هذه المرافق سنوات من العمل ومليارات الدولارات.

وضع أوروبي مختلف

على عكس الولايات المتحدة، تعتمد أوروبا بشدة على الطاقة التي تستوردها من روسيا. وقالت شبكة "إيه بي سي نيوز"، إنه بينما يمكن للولايات المتحدة أن تتخلى عن الكمية الصغيرة نسبياً من الوقود التي تستوردها من موسكو، إلا أن الوضع سيكون مختلفاً بالنسبة إلى أوروبا، على الأقل، ليس في أي وقت قريب.

وفي وقت سابق الثلاثاء، أعلن وزير الأعمال والطاقة البريطاني كواسي كوارتنغ، أن المملكة المتحدة ستوقف واردات النفط الخام والمنتجات البترولية الروسية بحلول نهاية العام 2022، رداً على الغزو الروسي لأوكرانيا. 

ومن جانبه، أوضح المستشار الألماني أولاف شولتز، الاثنين، أن بلاده، التي تُعد أكبر مستهلك للطاقة الروسية في أوروبا، ليس لديها خطط للانضمام إلى أي حظر، وفي المقابل ألمحت نائبة وزير الخارجية الأميركية ويندي شيرمان إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تعمل بمفردها أو مع مجموعة أصغر من الحلفاء.

وقالت شيرمان "لم نكن متطابقين تماماً في جميع العقوبات، لكننا وصلنا جميعاً إلى عتبة ضرورية لفرض تكاليف باهظة على روسيا".

بدورها، اعتبرت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، التي أبدت دعمها لخطوة بايدن المرتقبة، أنه "حتى إذا تم فرض حظر على النفط الروسي، فإن إدارة بايدن والكونجرس لا يزالا يركزان على خفض تكاليف الطاقة المرتفعة جراء الغزو الروسي لأوكرانيا".

وتحدثت بيلوسي عن نية الولايات المتحدة وحلفائها الإفراج عن 60 مليون برميل من الاحتياطيات الاستراتيجية للنفط، بما في ذلك 30 مليون برميل من الاحتياطيات الأميركية، في محاولة لتحقيق الاستقرار في الأسواق العالمية.

واشنطن تغرّد منفردة

من الواضح أن قرار حظر استيراد النفط الروسي سيقتصر في هذه المرحلة على الولايات المتحدة، ما يعني أن من المحتمل أن يكون التأثير على موسكو ضئيلاً، وفقاً لـ"إيه بي سي"، إذ تستورد الولايات المتحدة حصة صغيرة جداً من صادرات روسيا النفطية ولا تشتري أياً من الغاز الطبيعي الروسي.

وتستورد الولايات المتحدة نحو 100 ألف برميل يومياً من روسيا، أي ما يُشكل 5٪ فقط من صادرات النفط الخام الروسية. وبحسب بيانات شركة "ريستاد" للطاقة، لم تتجاوز واردات الولايات المتحدة من النفط والمنتجات البترولية الروسية العام الماضي 8٪.

وأظهرت البيانات الأولية من وزارة الطاقة الأميركية انخفاض واردات النفط الخام الروسي إلى الصفر في الأسبوع الماضي في فبراير.

ومن الخيارات المحتملة أمام الولايات المتحدة استبدال الخام الروسي بواردات من السعودية والإمارات، كما قد تجد روسيا من جهتها مشترين آخرين لهذا الوقود، على غرار الصين أو الهند.

وقال نائب الرئيس الأول للتحليل في شركة "ريستاد" إن مثل هذه الخطوة "ستؤدي إلى عدم استقرار هائل في السوق، ما يؤدي إلى تصاعد الأسعار"، لكنه اعتبر أنه إذا تم عزل روسيا عن السوق العالمية، فقد "يتم الترحيب" بدول أخرى مثل إيران وفنزويلا كمصادر للنفط، بحيث قد تعمل هذه المصادر الإضافية على استقرار الأسعار.

وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، ذكرت في وقت سابق، أن فريقاً من مسؤولي إدارة بايدن كان في فنزويلا خلال عطلة نهاية الأسبوع لمناقشة الطاقة وقضايا أخرى، مضيفة أن المسؤولين ناقشوا "مجموعة من القضايا، بما في ذلك أمن الطاقة بالتأكيد".

وقالت مجلة "بوليتيكو" الأميركية، الاثنين، إن إدارة الرئيس جو بايدن "تراجعت عن مخاوفها" بشأن استعدادها لعقد صفقات "محتملة" مع السعودية وإيران وفنزويلا، بهدف البحث عن وسائل للحد من الارتفاع "الجنوني" لأسعار الوقود في الولايات المتحدة التي تتجه نحو حظر النفط الروسي عقب غزو أوكرانيا.

أسعار النفط

قبل شهر من الآن، كانت أسعار النفط بحدود 90 دولاراً للبرميل، لكن ما أن بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا حتى قفزت الأسعار إلى ما يناهز الـ 120 دولاراً للبرميل، تزامناً مع تجنب بعض المشترين للخام الروسي. ويزداد القلق الدولي من أن تواصل الأسعار الارتفاع في وقت قدرت بعض الأوساط وصولها إلى مشارف الـ 200 دولار أو أكثر.

وهكذا، فإن أي قيود على صادرات النفط الروسية ستؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط والبنزين المرتفع بالفعل، وبالتالي زيادة الضغط على المستهلكين والشركات والأسواق المالية والاقتصاد العالمي.

وأعلنت شركة "شل" العملاقة في مجال الطاقة، الثلاثاء، أنها ستتوقف عن شراء النفط والغاز الطبيعي الروسي وستغلق محطات الخدمة ووقود الطائرات وغيرها من العمليات هناك، وذلك بعد أيام من توجه وزير الخارجية الأوكراني انتقادات لشركة على خلفية استمرارها في شراء النفط الروسي.

نادي كبار المنتجين

تُشير بيانات منظمة "أوبك"، ووكالة "تاس" الروسية"، وإدارة معلومات الطاقة الأميركية، لشهر فبراير 2022، و آخر بيانات صادرة بنهاية 2021، إلى أن الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط عالمياً بما يعادل 11.6 مليون برميل يومياً، ثم روسيا بإنتاج 11.06 برميل يومياً، والسعودية ثالثاً بإنتاج 10 مليون برميل يومياً، يليها العراق 4.2 مليون برميل يومياً، وخامساً الصين 4 مليون برميل يومياً، في حين تنتج كندا 3.2 مليون برميل نفط يومياً.

عربياً، جاءت الإمارات في المرتبة الثالثة، بعد السعودية والعراق، بإنتاج 2.7 مليون برميل نفط يومياً، ثم الكويت بإنتاج 2.4 مليون برميل يومياً، تليها ليبيا حجم إنتاج يومي يُقدر بـ 1.1 مليون برميل نفط، وذلك وفق بيان منظمة "أوبك" لعام 2021، مع الإشارة إلى أن قطر أعلنت انسحابها من المنظمة عفي 2019.

وبحسب ما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، سيضع قرار حظر واردات النفط الروسي، الرئيس جو بايدن في "مأزق"، وذلك بسبب انعكاس ذلك على تضخم الأسعار.

وبينما من الممكن أن تؤدي أسعار النفط المرتفعة إلى وصول جالون البنزين الأميركي إلى ما يزيد عن 5 دولارات، تسعى إدارة بايدن إلى تجنب هذا السيناريو، لاسيما أنها تواجه انتقادات منذ شهور بشأن التضخم في البلاد، الذي وصل إلى أعلى مستوى له في 40 عاماً.

Google News تابعوا أخبار الشرق عبر Google News

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.