"تراخي" ترمب يغيّر طريقة تعامل واشنطن مع "نورد ستريم"

time reading iconدقائق القراءة - 6
لافتة طريق ترشد إلى مدخل مرفق خط الغاز "نورد ستريم 2" في لوبمين بألمانيا، 10 سبتمبر 2020 - REUTERS
لافتة طريق ترشد إلى مدخل مرفق خط الغاز "نورد ستريم 2" في لوبمين بألمانيا، 10 سبتمبر 2020 - REUTERS
دبي -الشرق

أكد مسؤولان رفيعان في وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة وألمانيا تمكنتا من إدارة خلافاتهما العميقة حول خط الأنابيب الروسي "نورد ستريم2"، وذلك مع التزام برلين بتمويلات تجاوزت 200 مليون يورو لخفض المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية التي يمثلها الخط على أوكرانيا تحديداً والقارة الأوروبية ككل.

ولفت المسؤولان اللذان تم تقديمهما تحت اسم المسؤول الأول والمسؤول الثاني، خلال إيجاز عبر الهاتف عن أمن الطاقة الأوروبي، إلى أن الولايات المتحدة اتخذت مقاربة جديدة في التعامل مع هذا الملف، بعدما أيقنت أن العقوبات لن توقف بناءه، وتهدد بإضعاف التحالف المهم مع ألمانيا والاتحاد الأوروبي والشركاء الآخرين في القارة الأوروبية.

وأوضح أحد المسؤولين أنه بناءً على هذه المعطيات انتهجت الإدارة الأميركية مقاربة جديدة، لافتاً إلى أن هذه المقاربة "تنسجم مع التزام الرئيس بايدن بإعادة بناء العلاقات مع الحلفاء، وتهدف إلى خلق مساحة للدبلوماسية مع ألمانيا لمعالجة المخاطر التي قد يمثلها نورد ستريم 2 بالنسبة لأمن الطاقة الأوروبي ولأوكرانيا، ودول خط المواجهة في الناتو، وبلدان الاتحاد الأوروبي".

معالجة الأسباب الجذرية

وأشار إلى أن المقاربة الجديدة مصممة لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه المخاطر المتمثلة في استخدام روسيا للطاقة سلاحاً جيوسياسياً من ناحية، وضعف دول مثل أوكرانيا التي تعتمد على الغاز الروسي والرسوم التي تجنيها من مروره بأراضيها، تجاه الأنشطة الروسية، من ناحية أخرى.

وشدد على أن الولايات المتحدة وألمانيا لن تتسامحا مع استخدام روسيا للطاقة سلاحاً جيوسياسياً في أوروبا، أو تصعيد عدوانها ضد أوكرانيا، على حد تعبيره، مشيراً إلى أن واشنطن "ملتزمة بالعمل مع حلفائها وشركائها لجعل روسيا تدفع الثمن غالياً متى حاولت الإقدام على أي نشاط خبيث، بما في ذلك استخدام العقوبات وتدفقات الطاقة".

التزامات ألمانيا

وقال إن ألمانيا التزمت بتعيين مبعوث خاص واستخدام ما تملكه من نفوذ، قبيل تشغيل "نورد ستريم 2"، لمساعدة أوكرانيا على تمديد عقدها مع روسيا، الخاص بمرور الغاز الروسي عبر الأراضي الأوكرانية، إلى ما بعد عام 2024.

وأضاف أن ألمانيا والولايات المتحدة اقترحتا عدداً من الإجراءات لدعم الجهود الأوكرانية تجاه مستقبل أكثر أمناً واستدامة في الطاقة، لا تعتمد فيه على الغاز الروسي ورسوم مروره من أجل الحصول على احتياجاتها من الطاقة والأرباح.

وكشف في هذا الصدد عن التزام ألمانيا بإنشاء صندوق أخضر لأوكرانيا بقيمة مليار دولار لدعم كييف في مجالات كفاءة الطاقة، وتسريع التحوّل من الفحم إلى مصادر الطاقة المتجددة، وتعزيز محايدة الكربون، مشيراً إلى أن برلين ستقدم تبرعاً أولياً بـ150 مليون يورو لبدء هذا الصندوق.

 كما كشف عن التزام ألمانيا أيضاً بحزمة من 60 مليون يورو لدعم أمن الطاقة الأوكراني، بما في ذلك تسهيل دمج الشبكات الكهربائية، وبناء القدرات السيبرانية للبنية التحتية الحيوية، ودعم تحديث قطاع الطاقة الأوكراني وإصلاحه.

معالجة الآثار السلبية

وقال المسؤول الأميركي إنه في ضوء الآثار السلبية لـ"نورد ستريم 2" على دول الاتحاد الأوروبي في وسط القارة وشرقها، فإن ألمانيا ستعمل أيضاً على تحسين تواصلها وانخراطها مع دول "مبادرة البحار الثلاثة"، وذلك بهدف الاستثمار في المشاريع ذات الصلة بالمبادرة، إضافة إلى تقديمها استثمارات بـ1.5 مليار يورو في مشاريع الطاقة كجزء من ميزانية الاتحاد الأوروبي خلال الفترة بين عامي 2021 و2027.

وأكد أن هذه الإجراءات "ستسهم في درء السيناريو الأسوأ، وهو أن يعمل "نورد ستريم 2" بدون أي حماية لأوكرانيا، ودول خط المواجهة في الناتو وبلدان الاتحاد الأوروبي وأمن الطاقة الأوروبي ككل، من آثاره السلبية".

أسباب تغيير المقاربة

ولفت مسؤول إلى أن واشنطن عارضت باستمرار تشييد خط الأنابيب منذ إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، إلا أن الخط كان قد اكتمل بنسبة تجاوزت 90% مع قدوم إدارة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن في يناير الماضي.

وحمّل المسؤول الأميركي الأول إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب مسؤولية "التراخي" في فرض العقوبات على المشروع، على الرغم من وجود القوانين التي تمكنها من ذلك.

وقال إنه "حتى بعد تمرير الكونغرس الأميركي بإجماع الحزبين تشريعاً يهدف لإيقاف المشروع عبر العقوبات في عامي 2017 و2019، إلا أن الإدارة السابقة لم تقم بتطبيق العقوبات المتعلقة بخط الأنابيب إلا في يومها الأخير، وذلك عندما فرضت عقوبات على كيان واحد فقط وسفينة واحدة مشاركة في عمليات بناء الخط".

وأضاف المسؤول أنه كان بإمكان الإدارة السابقة "استخدام عدد من الأدوات العقابية، بما في ذلك صلاحياتها بموجب قانون الطوارئ الاقتصادية الدولية، لفرض العقوبات على خط الأنابيب، ولكنها فضلت ألا تفعل ذلك"، على حد تعبيره.

وتابع: "على النقيض من ذلك، وخلال أقل من 6 أشهر في السلطة، فرضت إدارة الرئيس جو بايدن عقوبات على 5 كيانات و5 سفن بموجب قانون الطوارئ الاقتصادية، إضافة إلى 9 سفن في أسطول "نورد ستريم 2" يملكها كيان معاقَب".

"دون التوقعات"

وفي وقت سابق، اعتبر مستشار للرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أن الاتفاق بشأن خط أنابيب "نورد ستريم 2" لا يرقى إلى مستوى توقعات أوكرانيا، ويتجاهل معالجة شواغل الأمن القومي للبلاد.

وقال مستشار زيلينسكي، لم يذكر اسمه، لموقع "أكسيوس" الأميركي: "بناء على ما قيل لنا، فإن الاتفاق لا يعالج الشواغل الأمنية الأساسية لأوكرانيا"، مضيفاً: "لو كان خط الأنابيب قائماً في 2014، لربما توغلت روسيا أكثر داخل الأراضي الأوكرانية".

ولاقى مشروع خط الأنابيب الذي يمر عبر بحر البلطيق معارضة شديدة من أوكرانيا التي تقاتل انفصاليين موالين لموسكو منذ عام 2014، وتعتبر أن نقل الغاز الروسي عبر أراضيها وسيلة ضغط حيوية.

اقرأ أيضاً: