واشنطن تحذّر من خرق حظر الأسلحة على إيران: مستعدون لاستخدام سلطاتنا

time reading iconدقائق القراءة - 11
وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال مؤتمر صحافي في واشنطن - AFP
وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال مؤتمر صحافي في واشنطن - AFP
طهران-وكالات

حذر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الأحد، من خرق حظر الأسلحة المفروض على إيران، وهدد بفرض عقوبات على الدول والكيانات التي تقوم بذلك. 

وقال بومبيو في بيان إن بيع الأسلحة لإيران "سيكون انتهاكاً لقرار الأمم المتحدة"، وهدد بفرض عقوبات على أي فرد أو كيان يخرق القرار، مؤكداً أنه "يجب على كل دولة تسعى لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وتدعم مكافحة الإرهاب أن تمتنع عن أي صفقات أسلحة مع إيران".

يأتي ذلك، بعدما احتفت إيران في وقت سابق، الأحد، بانتهاء حظر الأسلحة الذي كانت تفرضه عليها الأمم المتحدة، والذي يمنعها من شراء أسلحة تقليدية وبيعها، على الرغم من محاولة الولايات المتحدة تمديده. لكن خبراء شككوا في قدرة طهران على الاستفادة من رفع الحظر، حتى بعد إعلانها "برنامجاً للتعاون العسكري" مع موسكو.

وجاء رفع الحظر بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2231، على خلفية "الاتفاق النووي" الموقع بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا) بالإضافة إلى ألمانيا، في عام 2015.

وأعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب انسجاب بلاده من الاتفاق في عام 2018، الذي وقعت عليه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما. 

ويسمح قرار رفع حظر الأسلحة على إيران، المفروض من قبل مجلس الأمن الدولي في 2007، بسبب أنشطتها النووية، لطهران بشراء أسلحة تقليدية وبيعها، بما في ذلك دبابات ومدرّعات ومقاتلات ومروحيات هجومية ومدفعية ثقيلة.

بومبيو: مستعدون لاستخدام سلطاتنا

وقال بومبيو إن تصدير بعض الأسلحة التقليدية إلى إيران يعتبر "انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي (UNSCR) رقم 1929"، كما أن شراء أي أسلحة أو عتاد من إيران "يعد خرقاً لقرار مجلس الأمن رقم 1747".

وأشار البيان إلى أن الولايات المتحدة "مستعدة لاستخدام سلطاتها المحلية في فرض عقوبات على أي فرد أو كيان يسهم في توريد أو بيع أو نقل الأسلحة التقليدية إلى إيران أو منها، وكذلك على أولئك الذين يقدمون التدريب والدعم المالي والخدمات المتعلقة بهذه الأسلحة".

واعتبر بومبيو أن تزويد إيران بالأسلحة "لن يؤدي إلا لتفاقم التوترات في المنطقة، ووضع أسلحة أكثر خطورة في أيدي الجماعات الإرهابية والوكلاء، ويزيد مخاطر التهديدات لأمن إسرائيل والدول المسالمة الأخرى"، مشيراً إلى أن أي بلد يتحدى الآن هذا الحظر "سيختار بشكل واضح تأجيج الصراع والتوتر بدلاً من تعزيز السلام والأمن".

وبعدما انسحبت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق، في عام 2018، وأعادت فرض عقوبات أحادية على إيران، في إطار سياسة "الضغط القصوى" عليها، سعت أخيراً إلى تمديد هذا الحظر على التسلّح، وإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران، لكنها واجهت معارضة الغالبية العظمى من أعضاء مجلس الأمن، بما في ذلك دول حليفة للولايات المتحدة.

ولفت وزير الخارجية الأميركي إلى أن أي دولة تبيع الأسلحة لإيران "تعمل على تفقير الشعب الإيراني، من خلال تمكين النظام من توظيف الأموال بعيداً عن مصالح الشعب، وتوجيهها نحو أهداف النظام العسكرية". وقال بومبيو: "النظام لديه خيار، يمكنه متابعة شراء الأسلحة في انتهاك لإجراءات عقوبات الأمم المتحدة، أو يمكنه استخدام أمواله لتوفير الغذاء للشعب الإيراني".

وأضاف بومبيو أن الإيرانيين "يعانون لأن النظام يواصل إخفاء ما يقرب من مليار دولار يفترض أن تواجه بها وزارة الصحة فيروس كورونا، على الرغم من دعوات مسؤولي الصحة الإيرانيين لتوفير التمويل اللازم"، مشيراً إلى أن "النظام مسؤول عن تبعات كيفية تخصيص موارد الشعب الإيراني". 

واعتبر بيان الخارجية الأميركية أن "عقوداً من الفساد والسياسات المتطرفة لقادة النظام هي المسؤولة عن اضمحلال أمة عظيمة"، مضيفاً: "إننا نقف مع الشعب الإيراني ضد الاستبداد وتبديد ثرواته، ومحاولات النظام سحق نضاله من أجل الحرية".

انتهاء "غير مشروط"

وقالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان إن "كل القيود على نقل الأسلحة، والنشاطات المرتبطة بذلك، والخدمات المالية من إيران وإليها، وكل المحظورات المتعلّقة بدخول أو المرور عبر أراضي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، المفروضة على مواطنين إيرانيين ومسؤولين عسكريين، أُنهيت بشكل تلقائي".

واعتبرت الخارجية الإيرانية في بيانها أن رفع حظر الأسلحة "حاسم وغير مشروط، لا يتطلّب أي قرار جديد، ولا أي بيان أو خطوة أخرى من مجلس الأمن". وأضاف البيان أن طهران باتت قادرة على شراء "أي أسلحة ضرورية أو تجهيزات من أي مصدر، من دون أي قيود قانونية، وبالاستناد حصراً إلى حاجاتها الدفاعية، ويمكنها أيضاً أن تصدّر أي أسلحة دفاعية، بناءً على سياساتها الخاصة".

واستدرك البيان أن "العقيدة الدفاعية لإيران تستند إلى الاعتماد القوي على شعبها وقدراتها المحلية.. لا مكان في تلك العقيدة للأسلحة غير التقليدية وأسلحة الدمار الشامل والاندفاع لشراء الأسلحة التقليدية".

وحضّ بيان الخارجية الإيرانية واشنطن على "التخلّي عن مقاربتها المدمّرة حيال القرار 2231، والعودة إلى التطبيق الكامل لالتزاماتها"، وتابع: "تحتفظ إيران بحقّ اتخاذ أي خطوات مضادة ضرورية، لضمان مصالحها القومية".

وكتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بالعربية على "تويتر": "تنتهي اليوم تلقائياً حسب اتفاقية 2231 القيود المفروضة على التسلّح في بلدي. ليس غريباً أن نعارض التسلح العشوائي، فالسلاح في إيران لطالما كان دفاعياً، لم يفتعل الحروب ولم يعث فساداً كما يفعل الآخرون".

وأضاف: "نؤمن بأن الأمان يتحقق بإرادة شعبنا واكتفائه الذاتي، أهدافنا سلمية ودفاعية دائماً". واعتبر أن "تطبيع التعاون الدفاعي الإيراني مع العالم اليوم، هو نصر لقضية التعددية والسلام والأمن في منطقتنا".

"أهمية البعد القانوني"

المندوب الإيراني الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، كاظم غريب آبادي، لفت إلى "أهمية البعد القانوني لانتهاء القيود التسليحية" المفروضة على بلاده، وأضاف: "لسنا مدينين لأوروبا في الاتفاق النووي. بسبب العقوبات الأميركية وعدم بذل أوروبا أي مجهود، تكبّدت إيران خسائر كثيرة، فهل أوروبا مستعدة للتعويض عن هذه الخسائر"؟، كما أفادت وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء.

وأشارت الوكالة إلى أن السفير الإيراني في موسكو كاظم جلالي، تحدث عن "يوم انتصار إيران على الولايات المتحدة في حرب دبلوماسية"، وأعلن "إعداد برنامج للتعاون العسكري مع روسيا، سيُطبّق تدريجياً".

وكان نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، قد قال في سبتمبر الماضي إن بلاده ترغب في تعزيز تعاونها العسكري مع طهران بعد انتهاء الحظر، مستدركاً أن أي قرار بشأن حجمه "لم يُتّخذ بعد"، كما أفادت وكالة "رويترز".

ونقلت الوكالة عن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو تحذيره موسكو وبكين من عقوبات أميركية، إن لم تلتزما بإعلان واشنطن إعادة فرض كل عقوبات الأمم المتحدة على طهران.

عراقيل محتملة

واعتبر الموقع الإلكتروني لـ "إذاعة أوروبا الحرة" (تموّلها الولايات المتحدة) أن إعلان إيران "النصر قد يكون سابقاً لأوانه"، مضيفاً أنها "لن تتمكّن من إطلاق حملة ضخمة لشراء أسلحة، نتيجة قيود كثيرة، بينها العقوبات الاقتصادية الأميركية الصارمة التي جعلت البلاد تعاني من نقص في السيولة".

ورجّح أن تحجم روسيا والصين عن بيع إيران أسلحة بسبب "الضغط الأميركي واعتبارات جيوسياسية"، بما في ذلك "علاقات موسكو وبكين بدول الخليج" العربي.

ونقل الموقع عن أوليفر ماير، وهو باحث بارز في مكتب برلين لـ "معهد أبحاث السلام وسياسة الأمن"، ترجيحه أن يكون "لانتهاء القيود على التسلّح تأثير محدود في عمليات النقل الفعلية للأسلحة التقليدية"، مضيفاً: "سيواصل معظم مورّدي الأسلحة لإيران سياساتهم التقييدية لتصدير السلاح". ونبّه إلى "أهمية منع حصول تصعيد بشأن تفسيرات قانونية متنافسة للوضع بعد 18 أكتوبر".

أما هنري روما، وهو محلل بارز للشؤون الإيرانية في "يوريجا غروب" (مقرّه واشنطن)، فتوقّع أن "تجري روسيا والصين قريباً محادثات مع إيران (لبيعها) أسلحة، من أجل استطلاع المبيعات المحتملة ولإبلاغ واشنطن أيضاً أنهما يعتبران أن الحظر انتهى". واستدرك مرجّحاً أن ينتظر الجميع معرفة نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية، المرتقبة في 3 نوفمبر المقبل.

وذكّر روما بأن لموسكو وبكين "مصالح جيوسياسية ضخمة في دول الخليج الأخرى"، معتبراً أن طهران "ستجد صعوبة في تمويل هذه المشتريات، ما يجعلها محفوفة بالأخطار بالنسبة إلى البائعين".

وفي السياق ذاته، قد تواجه طهران معارضة داخلية لإبرام صفقات تسلّح، إذ كتب محمد علي أبطحي، نائب الرئيس السابق محمد خاتمي، على "تويتر"، مخاطباً الرئيس الإيراني حسن روحاني: "عزيزي السيد روحاني، مبروك. قلت إن في إمكانك شراء أسلحة (بدءاً من 18 أكتوبر). ولكن من فضلك لا تشتر. الناس لا يستطيعون حتى شراء خبزهم اليومي"، وفق "إذاعة أوروبا الحرة".