قصة تبرعات "مجهولة المصدر" مكنت بايدن من هزيمة ترمب

time reading iconدقائق القراءة - 11
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مؤتمر انتخابي لحملته في أتلانتا عاصمة ولاية جورجيا - Getty Images
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مؤتمر انتخابي لحملته في أتلانتا عاصمة ولاية جورجيا - Getty Images
واشنطن- بلومبرغ

أفادت وكالة "بلومبرغ" بأن الرئيس الأميركي جو بايدن استفاد من تبرعات قياسية قدّمها مجهولون إلى مجموعات خارجية داعمة له.

وأشارت إلى أن حملة بايدن نالت 145 مليون دولار مما يُعرف بـ "تبرعات مالية مظلمة"، وهذا نوع من جمع التبرعات ينتقده الديمقراطيون منذ سنوات. ومكّنت هذه التبرعات بايدن من جمع 1.5 مليار دولار خلال حملته الانتخابية، وهذا رقم قياسي لمرشح ينافس رئيساً أميركياً.

في المقابل، نالت حملة الرئيس السابق دونالد ترمب 28.4 مليون دولار من "التبرعات المالية المظلمة". كما أن حملة بايدن حطمت الرقم القياسي السابق، البالغ 113 مليون دولار، في التبرعات مجهولة المصدر التي نالها المرشح الجمهوري للرئاسة ميت رومني في عام 2012.

وذكرت "بلومبرغ" أن الديمقراطيين أعربوا عن رغبتهم في حظر تلك التبرعات، باعتبارها "مفسدة بشكل فريد"، إذ تتيح لمؤيدين دعم مرشح من دون تدقيق. واستدركت أنهم استخدموا هذه التبرعات في جهودهم لهزيمة ترمب عام 2020.

"لن ننزع سلاحنا أحادياً"

واستخدم "صندوق عمل أولويات الولايات المتحدة الأميركية"، وهو لجنة عمل سياسية بارزة اختارها بايدن للإنفاق الخارجي في حملته، 26 مليون دولار من أموال تم التبرع بها في الأصل لفرعها غير الربحي، المسمى "أولويات الولايات المتحدة الأميركية"، لدعم بايدن. وليس واجباً كشف الجهات المانحة لهذه الأموال.

ودافع غي سيسيل، رئيس "أولويات الولايات المتحدة الأميركية"، عن موقف المؤسسة، قائلاً: "لن ننزع سلاحنا أحادياً، ضد ترمب والقوى اليمينية التي مكّنته" مالياً.

ويُفترض، نظرياً، أن تحدّ قوانين تمويل الحملات الانتخابية من تأثير أموال ضخمة يقدّمها متبرعون بارزون في السياسة، لكن ثمة ثغرات كبرى في النظام استغلتها جماعات تدعم بايدن ومرشحين آخرين. وقال لاري نوبل، وهو مستشار عام سابق في "لجنة الانتخابات الفيدرالية"، في إشارة إلى بايدن: "استفاد منها".

ودعت حملة الرئيس الأميركي إلى منع بعض المنظمات التي لا تبغي الربح من إنفاق أموال للتأثير في الانتخابات، ومطالبة أي منظمة تنفق أكثر من 10 آلاف دولار للتأثير في الانتخابات بالتسجيل لدى "لجنة الانتخابات الفيدرالية" والإفصاح عن مانحيها.

متبرعون أثرياء

 بايدن جمع أكثر من مليار دولار لحملته التي يمكن أن تقبل تبرعات تبلغ 2800 دولار لكل انتخابات، من الأفراد. وشمل ذلك 318.6 مليون دولار من مانحين قدّموا أقل من 200 دولار لكل منهم. وجاءت بقية الأموال من مانحين متمكّنين مالياً، أتاحت لبعضهم تقديم 825 ألف دولار، مع تجزئة هذه الأموال بين "اللجنة الوطنية الديمقراطية" وفروع الحزب في 47 ولاية.

ولفتت "بلومبرغ" إلى أن الأموال مجهولة المصدر ليست أبرز مصدر نقدي للحملات الانتخابية. ونقلت عن نوبل قوله إن متبرعين أثرياء يمكنهم تقديم مبالغ تتجاوز 10 ملايين دولار إلى لجان العمل السياسي الكبرى. كما أن لجان جمع الأموال المشتركة، التي تجمع الأموال للحملات الانتخابية والأحزاب، قادرة على نيل تبرعات كثيرة، كلّ منها بقيمة 830 ألفاً و500 دولار.

في سبتمبر الماضي، أعلن الرئيس السابق لبلدية نيويورك مايكل بلومبرغ أنه سينفق 100 مليون دولار لمساعدة بايدن في ولاية فلوريدا، ما مكّن الديمقراطيين من تحويل أموال إلى ولايات أخرى حاسمة. وخسر المرشح الديمقراطي في فلوريدا، ولكنه فاز في 5 ولايات صوّتت لترمب في انتخابات 2016.

تكتم مقلق

ويمكن للمانحين الذين يرغبون في تجنّب الإفصاح عن نشاطهم أن يتبرعوا لمنظمات سياسية لا تبغي الربح، مثل Defending Democracy Together، التي أنفقت 15.6 مليون دولار على دعم بايدن، ولا يُطلب منها كشف مساهميها أمام "لجنة الانتخابات الفيدرالية". ويمكن للمانحين أيضاً تقديم أموال إلى منظمة لا تبغي الربح، تمنح الأموال بدورها إلى لجان عمل سياسي كبرى، كما فعلت "أولويات الولايات المتحدة الأميركية"، علماً أن القانون الفيدرالي يمنع المرشحين وحملاتهم الانتخابية من تنسيق الإنفاق مع هذه المجموعات.

التكتم المذكور يقلق جماعات إصلاحية، إذ إن مانحين بارزين، من أفراد وشركات، قدّموا أموالاً من دون كشف هويتهم، سيحظون بإمكانية الوصول إلى صانعي القرار، مثل الذين كُشفت أسماؤهم، ولكن من دون أن يدرك الرأي العام مَن هم أو التأثير الذي قد يمارسونه.

وقالت ميريديث ماكغي، المديرة التنفيذية لمنظمة Issue One، التي تدعو إلى الحدّ من تأثير المال في السياسة، إن "الهدف الأساسي من الأموال المظلمة هو تجنّب الإفصاح العلني والحصول في الوقت ذاته على تقدير خاص. إنها فقط أموال مظلمة بالنسبة إلى الشعب".

326 مليون دولار

وبشكل عام، استفاد الديمقراطيون في الانتخابات الأخيرة من 326 مليون دولار مما يسمى "الأموال المظلمة"، كما أفاد "مركز السياسة المستجيبة". وهذا أكثر من ضعف المبلغ الذي حصّلته جماعات جمهورية ويبلغ 148 مليون دولار.

وأنفقت جماعات ديمقراطية، اعتمدت على "الأموال المظلمة" كلياً أو جزئياً، بشكل كبير على إعلانات مبكرة تهاجم ترمب في ولايات محورية، مثل ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن. وبدأت تلك الجماعات إنفاقها، فيما كانت حملة بايدن تعاني لجمع الأموال، من أجل الانتخابات التمهيدية في الحزب الديمقراطي.

وأشارت "بلومبرغ" إلى أن Future Forward PAC، وهي لجنة عمل سياسي كبرى، أنفقت 104 ملايين دولار على دعم بايدن، ونالت 46.9 مليون دولار من المؤسس المشارك لموقع فيسبوك داستن موسكوفيتز، و3 ملايين دولار من جيف لوسون الرئيس التنفيذي لشركة Twilio Inc، و2.6 مليون دولار من إريك شميدت الرئيس التنفيذي السابق لشركة "ألفابيت"، المالكة لموقع "غوغل". لكن أبرز مصدر للتمويل كان من Future Forward USA Action، الشركة الشقيقة التي لا تبغي الربح، والتي ساهمت بمبلغ 61 مليون دولار، ولا يُوجب ذلك كشف أسماء المتبرعين به.

"وباء المال المظلم"

وتظهر سجلات "لجنة الانتخابات الفيدرالية" أن منظمة Sixteen Thirty Fund، التي لا تبغي الربح وتروّج لسياسات "تقدمية"، تبرعت بـ 55 مليون دولار في انتخابات 2020 للجان عمل سياسي كبرى داعمة للديمقراطيين، بما في ذلك "صندوق عمل أولويات الولايات المتحدة الأميركية" وFuture Forward PAC. وكان ذلك أكبر بكثير من 3 ملايين دولار قدّمتها في عام 2018.

وقالت آمي كورتز، المديرة التنفيذية لـ Sixteen Thirty Fund، إن زيادة الأموال التي حصّلتها المجموعة، التي لا تكشف أسماء مانحيها، شملت أشخاصاً تبرعوا سابقاً للجمهوريين أو لم يشاركوا في السياسة.

وذكرت "بلومبرغ" أن تدفق "الأموال المظلمة" على الديمقراطيين وجماعات "تقدمية" عقّد جهودهم لإصلاح النظام. وحمّل السيناتور الديمقراطي شيلدون وايتهاوس تلك الأموال مسؤولية إقناع الجمهوريين بعرقلة تشريعات لمعالجة الاحتباس الحراري، وتعيين قضاة يشاركونهم آراءهم  في محاكم.

وأضاف: "الأموال المظلمة سامة للديمقراطية. إن تعلّم الجماعات التقدمية القتال، مستخدمة تكتيكات مماثلة، ليس عذراً لاستمرار وباء المال المظلم في أميركا".

وأشارت كورتز إلى أن منظمتها تفضّل قواعد تلغي "الأموال المظلمة"، مضيفة: "ضغطنا لإصلاح نظام تمويل الحملات الحالي"، في إشارة إلى إصلاح انتخابي اقترحه الديمقراطيون، يتضمن إفصاحاً أكثر صرامة عن المانحين للمنظمات السياسية غير الربحية. واستدركت: "نبقى ملتزمين أيضاً باتباع القوانين الحالية كي يحظى التقدميون بفرص متكافئة".

في السياق ذاته، أعرب غي سيسيل، رئيس "أولويات الولايات المتحدة الأميركية"، عن دعمه إصلاحاً في هذا الصدد، قائلاً: "ما زلنا نتطلع إلى يوم يصبح فيه المال غير المحدود ولجان العمل السياسي الكبرى شيئاً من الماضي".

اقرأ أيضاً: