تزامناً مع إطلاقه.. "جيمس ويب" جيل جديد من تليسكوبات الفضاء

time reading iconدقائق القراءة - 7
صاروخ أريان 5 يستعد للانطلاق بتلسكوب "جيمس ويب" إلى الفضاء من قاعدة الإطلاق في جويانا الفرنسية - 23 ديسمبر 2021 - NASA
صاروخ أريان 5 يستعد للانطلاق بتلسكوب "جيمس ويب" إلى الفضاء من قاعدة الإطلاق في جويانا الفرنسية - 23 ديسمبر 2021 - NASA
إياد أبو عوض -الشرق

أعلنت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، وشركة "أريان سبيس" الفرنسية للصناعات الفضائية، السبت، موعداً لإطلاق التليسكوب الفضائي جيمس ويب، عبر صاروخ من طراز "أريان 5" بعد سلسلة طويلة من التأجيلات.

وتمهيداً للإطلاق أعلنت "ناسا" اكتمال عملية تنصيب التليسكوب والصاروخ على منصة الإطلاق، مشيرة إلى أن ظروف الطقس مواتية لعملية الإطلاق في السابعة و20 دقيقة بالتوقيت الشرقي للولايات المتحدة، من يوم السبت (12:20 بتوقيت جرينتش)، ووفرت رابطاً للمشاهدة الحية لعملية الإطلاق التي ستستغرق 32 دقيقة.

ويشكل هذا التليسكوب إنجازاً تقنياً متطوراً للغاية، وسيكون أكبر وأقوى تليسكوب يُرسَل إلى الفضاء على الإطلاق، وهو خليفة التليسكوب "هابل" (Hubble)، الذي لا يزال يعمل في مداره حتى الآن منذ أكثر من 31 عاماً، قدم للعالم خلالها أفضل صور ومعلومات تتعلق بالنجوم والمجرات في الكون، ويعد رمزاً من رموز النجاحات العلمية في القرن العشرين.

"جيمس ويب" سيكون وريث "هابل" من الجانب التقني، إذ إنه سيكون أكثر تطوراً، ومن الجانب المعنوي، المرتبط بآمال وتوقعات العلماء بشأن ما سيقدمه للبشرية. 

والاختلاف بينهما هو أن "هابل" كان قادراً على مشاهدة الكون المرئي، إضافة إلى التصوير بالأشعة فوق البنفسجية، في حين أن "جيمس ويب" سيكون قادراً على التصوير كذلك بالأشعة تحت الحمراء (غير المرئية للعين البشرية).

وتأتي أهمية تلسكوب "جيمس ويب" في قدرته على "رؤية" أشياء لا تستطيع تلسكوبات أخرى مثل "هابل" وغيره أن تراها، إذا كان موقعها وراء سديم أو غبار كوني، على سبيل المثال.

رحلة طويلة وميزانية ضخمة

بدأ الفلكيون في معهد التليسكوب الفضائي العلمي (The Space Telescope Science Institute) في مدينة بالتيمور بولاية ماريلاند الأميركية، التخطيط لبناء هذا المسبار في عام 1989، أي قبل إطلاق "هابل" إلى الفضاء بعام واحد، وكان من المقرر إرساله إلى الفضاء عام 2007 بميزانية تصل إلى 500 مليون دولار.

لكن عملية الإطلاق أُرجئت عدة مرات لأسباب تقنية تارة، وأسباب إدارية ومالية، تارة أخرى، إذ تأجلت مرة عام 2013 ومرتين في عام 2018، قبل الاضطرار إلى التأجيل مجدداً في عام 2020 بسبب جائحة كورونا، لتصل التكلفة النهائية لهذا المشروع إلى أكثر من 9.66 مليار دولار.

أهداف المشروع

مع أن تصميمه تغيّر عدة مرات خلال الأعوام الماضية، فإن هدف تليسكوب "جيمس ويب" الأساسي لم يتغير، وهو دراسة جميع الأوجه غير المرئية المرتبطة بتاريخ الكون. ومن المنتظر أن يسمح بالكشف عن تطوّر الكون، وذلك عندما تركز كاميراته وأجهزته وأدواته المختلفة على المجرات الأولى، والنجوم الأولى التي ظهرت بعد ما يُعرف بـ"الانفجار العظيم".

وسيدرس التليسكوب أيضاً ولادة النجوم والكواكب في الكون الحديث، من خلال مراقبة ما تحويه السُدم (جمع سديم) الغازية التي تحيط بهذه الأجرام السماوية حديثة النشوء.

ومن أسباب استخدام الأشعة تحت الحمراء ضمن هذا المشروع العلمي، هو أن تفاعل الجزيئات الكيميائية يكون قابلاً للرصد بشكل واضح عند تلك الأطوال الموجية.

استكشاف آلاف الكواكب

وتتضمن الأهداف المحددة للتحليل الجزيئي لتلسكوب "جيمس ويب" بعضاً من آلاف الكواكب التي اكتشفت حول النجوم الأخرى، لتحديد تركيبة أغلفتها الجوية، إن وجدت. وسيصبح هذا التلسكوب أيضاً أداة قوية لتحليل الجليد على الأجسام البعيدة في نظامنا الشمسي، وهو الأمر الذي ربما يحمل أسراراً تعود إلى تكوين نظامنا الشمسي.

ومن أجل القيام بكل هذه المهمات، أراد القائمون على هذا المشروع أن يكون قطر عدسة التلسكوب 6.5 متر، مقارنة بتلسكوب "هابل" الذي كان بعدسة قياسها 2.4 متر، وبسبب عدم وجود صاروخ قادر على حمل عدسة بهذه المقاييس، قرروا أن تكون قابلة للطي، بحيث يجري فتحها بالكامل عند وصوله إلى النقطة المحددة له في الفضاء.

ويرى العلماء كذلك أن المعلومات التي ستصلنا من هذا التلسكوب ستسمح لنا، وبصورة أدق، بتحديد الكواكب التي تدور حول نجوم أخرى في مجرتنا، والتي تمتلك أغلفة جوية وتوفر ظروفاً بيئية تسمح باحتضان الحياة.

ما بعد الإطلاق

بعد إيصال تليسكوب "هابل" الفضائي إلى مداره في عام 1990، اكتشف العلماء وجود مشكلة في عدسته، ما تطلب إرسال رواد فضاء على متن أكثر من مكوك أميركي للقيام بعمليات إصلاح وصيانة، بلغ عددها 5، أولها كان في عام 1993 وآخرها في 2009.

غير أن الحال مختلف مع "جيمس ويب"، فهو أولاً لن يكون في مدار حول الأرض، بل سيكون فعلياً في مدار حول الشمس، على مسافة تبلغ أكثر من 1.5 مليون كيلومتر عن كوكبنا.

وبالنظر إلى ذلك لن يكون الوصول إليه سهلاً، وحتى إن تمكنت مهمة مأهولة من الوصول إليه، فلن تكون هناك إمكانية لإجراء أي تعديلات على التليسكوب، لأن تصميمه لا يترك مجالاً لأي تغيير في أدواته وأجزائه وقطعه، أو لأي عملية إصلاح.

مدة عمل "جيمس ويب" هي 10 أعوام، وهي ما تسمح بها كمية الوقود التي تزود بها، والتي سوف تمكنه من البقاء في مداره بصورة ثابته.

الشركاء والمسؤوليات

المشروع بأكمله ثمرة تعاون مشترك بين كل من وكالة الفضاء الأميركية (NASA)، ووكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، ووكالة الفضاء الكندية (CSA).

لكن إطلاق "جيمس ويب" إلى الفضاء على متن صاروخ أوروبي من طراز "أريان 5"، من قاعدة الإطلاق في جويانا الفرنسية، هي مهمة اضطلعت بها وكالة الفضاء الأوروبية، التي تحملت المسؤولية كاملة عن إيصاله إلى مداره المحدد.

ومن الناحية المالية، يعد هذا التلسكوب الفضائي، الحمولة الأعلى تكلفة في تاريخ حمولات صواريخ "أريان".

اقرأ أيضاً: