تعهدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أوروبية إلى جانب بريطانيا، الأحد، بتقديم مساعدة عاجلة للهند مع تصاعد تفشي أزمة فيروس كورونا، والتي تسببت في زيادة حصيلة الإصابات العالمية في الأيام الأخيرة بشكل غير مسبوق.
وأعلن جايك سوليفان مستشار الأمن القومي الأميركي، أن "الولايات المتحدة حددت المكونات اللازمة لإنتاج لقاحات مضادة لفيروس كورونا في الهند، والتي سيتم توفيرها على الفور".
فيما قالت متحدثة باسم البيت الأبيض، إن الولايات المتحدة ستقدم للهند على "وجه السرعة" مواد خاماً لتصنيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، ومعدات طبية وأدوات حماية لمساعدتها في مواجهة الطفرة الهائلة في إصابات كورونا.
فاوتشي يحذر من "وضع رهيب"
وقال المستشار الطبي للبيت الأبيض أنتوني فاوتشي، إن "الولايات المتحدة ستدرس إمكان إرسال فائض من لقاحات أسترازينيكا إلى الهند".
وأوضح فاوتشي في حديث لبرنامج "ذيس ويك" التي تبثه شبكة "إيه بي سي": "نحتاج فعلاً إلى القيام بالمزيد. لا أعتقد أنه يمكن التغاضي عما يحصل".
وأضاف أن بلاده تبحث "مسألة تكثيف ما يمكننا القيام به على أرض الواقع، من حيث إمدادات الأوكسجين والأدوية والاختبارات ومعدات الوقاية، بالإضافة إلى إلقاء نظرة على المديين المتوسط والطويل حول طريقة توفير اللقاحات لهؤلاء الأفراد، وكيف نساعدهم على أن يكونوا قادرين بشكل أساسي على صنع اللقاحات بأنفسهم".
وشدد فاوتشي على أن "الخلاصة" هي "أنه وضع رهيب يحدث في الهند وغيرها من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وهناك المزيد الذي يمكننا القيام به، وأعتقد أنكم سترون قريباً أن كل هذه الأمور التي نتحدث عنها مطروحة على الطاولة، وسنتحرك نحو تحقيق ذلك".
وجاءت تصريحات فاوتشي بعد يوم من تصريحات وزير الخارجية أنتوني بلينكن، أن واشنطن "تعمل عن كثب مع شركائنا في الحكومة الهندية، وسننشر بسرعة دعماً إضافياً لشعب الهند وأبطال الرعاية الصحية في الهند".
تفعيل آلية الحماية
بدورها، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين أن الاتحاد، يستعد لتقديم "المساعدة" للهند لمكافحة تسارع انتشار وباء كورونا، من خلال تفعيل الآلية الأوروبية للحماية المدنية.
وكتبت فون دير لايين على صفحتها في "تويتر"، أن "الاتحاد الأوروبي يجمع موارده للاستجابة بسرعة لطلب الهند للحصول على المساعدة، من خلال الآلية الأوروبية للحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي" معبّرة عن "قلقها من الوضع الوبائي" في هذا البلد.
وغرّد المفوّض الأوروبي لإدارة الأزمات يانيز ليناركيتش على "تويتر" أيضاً، موضحاً أن مركز تنسيق الاستجابة لحالات الطوارئ الذي يقع في صلب هذه الآلية، كان ينسق مع "الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول استعدادها لتوفير الأوكسجين والعلاجات في حالات الطوارئ".
وتم إنشاء هذه الآلية عام 2001، وهي تسمح لدول الاتحاد بالمشاركة في تنسيق مساعداتها، ونشر الموارد في كل أنحاء العالم، في حال حدوث حالة طوارئ واسعة النطاق لا يمكن لبلد محدد معالجتها بمفرده.
ألمانيا على خط المساعدة
بدورها، أعلنت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، أن حكومتها تستعد لتقديم مساعدة عاجلة للهند.
وقالت "إلى الشعب الهندي، أريد أن أعبر عن تعاطفي الكامل وسط هذه المعاناة الرهيبة التي يسببها كوفيد-19 من جديد للسكان".
بريطانيا وفرنسا أيضاً
وأعلنت الحكومة البريطانية في بيان، أنها أرسلت أكثر من 600 من أجهزة الطوارئ الطبية إلى الهند.
وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إن "معدات طبية حيوية بينها مئات من قوارير الأوكسيجين وأجهزة التنفس، في طريقها الآن من المملكة المتحدة إلى الهند"، بهدف "دعم الجهود الرامية إلى تجنب الخسارة المأسوية للأرواح جراء هذا الفيروس الرهيب".
وأضاف: "نقف بجانب الهند كدولة صديقة وشريكة خلال مرحلة مقلقة جداً في الحرب ضد كوفيد-19". وتابع: "سنواصل العمل عن كثب مع الحكومة الهندية خلال هذه الفترة العصيبة، وسأحرص على التأكد من أن المملكة المتحدة تفعل كل ما في وسعها لدعم المجتمع الدولي في الحرب العالمية ضد الوباء".
وأوضحت وزارة الخارجية البريطانية التي تمول هذه المساعدات، في بيان، أن الشحنة الأولى ستغادر البلاد الأحد، على أن تصل إلى نيودلهي في الساعات الأولى من الثلاثاء، مع مزيد من الشحنات في وقت لاحق.
وأضاف البيان أنه "سيتم إرسال 9 شحنات من حاويات الإمدادات تشمل 495 جهازاً لتزويد الأوكسجين و120 جهاز تنفس اصطناعي و20 جهاز تنفس يدوي".
وختم البيان، أن "المملكة المتحدة تعمل عن كثب مع حكومة الهند لتحديد مزيد من المساعدات التي يمكن أن تقدمها، في الأيام المقبلة".
وقبل أن تجتاح الموجة الثانية من الوباء البلاد، كان من المقرر أن يسافر جونسون إلى الهند الأحد، لكن الزيارة التي كان من المقرر أن تستمر 3 أيام، أرجئت.
بدورها، أعلنت الرئاسة الفرنسية أن باريس ستوفّر في الأيام المقبلة "دعماً كبيراً بالأوكسيجين" للهند.
وأوضح مصدر مقرب من الحكومة، أنّ المساعدة ستترجم بإرسال أجهزة تنفس التي تفتقر إليها الهند بشدة.
عدد غير مسبوق
وتواجه الهند تصاعد انتشار فيروس كورونا، وسجلت الأحد حصيلة قياسية عالمية من حيث عدد الإصابات، بلغت 350 ألفاً في 24 ساعة، كما توفي في البلاد، حيث تنتشر نسخة متحورة جديدة من الفيروس، 2767 شخصاً في غضون 24 ساعة، وهو رقم قياسي على الصعيد الوطني.
وفي مواجهة هذه "العاصفة"، بحسب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، مددت السلطات المحلية إجراءات الإغلاق المعمول بموجبها في العاصمة نيودلهي لمدة أسبوع واحد.
وقال رئيس وزراء نيودلهي أرفيند كيجريوال، إن "ويلات فيروس كورونا مستمرة".
طوابير من المصابين
وأمام المستشفيات في المدن الرئيسية للهند، اتسعت طوابير المصابين بكورونا وأقاربهم القلقين.
وروى رافي كومار الذي نجح بعد ليلة انتظار طويلة في إدخال جدّه الثمانيني إلى مستشفى للعلاج، أنّه رأى "ثلاث جثث في ست دقائق".
وأضاف: "لا وجود في الداخل للأسرّة، فقط نقالات تحمل كلّ منها مرضى". وكان جدّه اضطر عشية ذلك، لمغادرة مستشفى خاص بسبب نفاد الأوكسجين فيه.
وبلغ عدد الإصابات في الهند 16.9 مليون منذ بدء تفشي الوباء، وحصيلة الوفيات تجاوزت 192 ألفاً، ما يجعل البلاد رابع أكثر دولة تأثراً في العالم من حيث عدد الوفيات.
إغلاق حدود
وتغلق دول عدّة أبوابها أمام الهند. وقال وزير الخارجية البنغلادشي أ. ك عبد المؤمن لوكالة "فرانس برس" الأحد، إن بنغلادش المجاورة ستغلق المعابر البرية لمدة أسبوعين.
كذلك، قرر الأردن وقف الرحلات الجوية الآتية من الهند اعتباراً من الأحد.
وبدءاً من الأحد، سيقتصر السفر من الهند إلى ألمانيا على حاملي الجنسية الألمانية، فيما أعلنت الكويت السبت، تعليق رحلات تجارية مباشرة من الدولة الآسيوية أو إليها.
كما أنّ الولايات المتحدة أوصت بعدم السفر إلى الهند، بما في ذلك للأشخاص الذين تلقوا لقاحات. وكانت كندا علّقت الجمعة الرحلات الآتية من الهند وباكستان لـ30 يوماً.
وفي إيران، أعلنت السلطات أيضاً تدابير مقيّدة، تطال المسافرين الوافدين من الهند وباكستان.