إيران تشتبه في ضلوع إسرائيل بتسميم اثنين من علمائها

time reading iconدقائق القراءة - 9
قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي يشارك في جنازة العقيد بالحرس الثوري صياد خدائي والذي تتهم طهران تل أبيب بالوقوف وراء مقتله، طهران 24 مايو 2022 - AFP
قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي يشارك في جنازة العقيد بالحرس الثوري صياد خدائي والذي تتهم طهران تل أبيب بالوقوف وراء مقتله، طهران 24 مايو 2022 - AFP
دبي- بالشراكة مع "نيويورك تايمز"

ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الاثنين، أنَّ إيران تشتبه في ضلوع إسرائيل بقتل اثنين من علمائها، من خلال دس السم لهما في الطعام.

والعالمان المعنيان، وفقاً للصحيفة، هما أيوب انتظاري، وهو مهندس طيران كان يعمل في مركز أبحاث عسكري، وكمران أغملائي، وهو عالم جيولوجي.

وتخرج العالمان من أفضل الجامعات الإيرانية، وكانا يتمتعان بالشباب والصحة والبنية الرياضية، قبل أن يمرضا فجأة في أواخر مايو.

واشتدَّ مرض العالمين حتى انتهى بهما المطاف في وحدات العناية المركزة في مستشفيين بمدينتين مختلفتين يفصل بينهما حوالي 400 ميل، ثم توفي كلاهما بفارق أيام عن بعضهما البعض.

وتعتقد إيران أن إسرائيل قتلتهما بدس السم في طعامهما، وفقاً لما نقلته "نيويورك تايمز" عن مسؤول إيراني وشخصين آخرين على صلة بالحكومة تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما بسبب حساسية الموضوع.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية وقنوات إخبارية إيرانية في الخارج أن أغملائي كان يعمل في منشأة "نطنز" النووية الإيرانية، لكن أصدقاءه أنكروا ذلك، وقالوا إنه كان يعمل في شركة أبحاث جيولوجية خاصة، ولم تستطع "نيويورك تايمز" تأكيد ما إذا كان لديه أي علاقات مع الحكومة أو أي برنامج أسلحة.

وظهرت على أغملائي أعراض التسمم الغذائي بعد حضوره مأدبة عشاء دعي إليها في محافظة يزد الإيرانية، وفقاً لأحد الموظفين المساعدين لمسؤول إيراني كبير.

وكان المستضيف لحفل العشاء قد توارى عن الأنظار وظلَّت السلطات تبحث عنه، وفقاً للموظف، الذي لم يتسن الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث علناً.

وكان أغملائي قد عاد لتوه إلى طهران من رحلة عمل إلى مدينة تبريز بشمال غربي إيران، عندما أصيب بالغثيان الشديد والإسهال الذي تفاقم يوماً بعد يوم حتى فشلت أعضاؤه وتوفي، وفقاً لأحد الأصدقاء.

"حرب الظلال"

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أنه إذا كانت وفاة هذين العالمين التي يكتنفها الغموض هي من عمليات القتل المستهدفة كما تشتبه إيران، فإن ذلك سيتناسب مع ما وصفته الصحيفة بـ"حرب الظل" مع إسرائيل التي شهدت قيام كلا الجانبين بضرب بعضهما البعض بسرية كافية لتجنب نشوب حرب شاملة.

ويبدو أنَّ حرب الظل آخذة في الاشتداد الآن، وفقاً للصحيفة، ففي الأسبوعين الماضيين وحدهما، هزت سلسلة من الوفيات المرتبطة بإسرائيل، إيران.

وقالت الصحيفة إن إسرائيل وسَّعت نطاق أهدافها على ما يبدو، بحيث لم يعد الأمر يقتصر على شخصيات رفيعة المستوى مرتبطة بالبرنامج النووي، بل طال عسكريين وعلماء من المستوى الأدنى.

ورفضت متحدثة باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي التعليق على حالتي الوفاة الأخيرتين داخل إيران.

لكن إسرائيل عملت سراً لسنوات لتقويض برامج إيران النووية وبرامج الأسلحة، بما في ذلك عن طريق استهداف الخبراء المشاركين في تلك المساعي. كما هاجمت تل أبيب مواقع عسكرية إيرانية تطور طائرات بدون طيار وصواريخ متقدمة، وفقاً لما ذكرته الصحيفة الأميركية.

بدورها، حاولت إيران استهداف إسرائيليين في جميع أنحاء العالم، وسلحت ومولت جماعات إقليمية معادية لإسرائيل، مثل "حزب الله" في لبنان.

إحياء الاتفاق النووي

لكن الكثير من الصراع تركز حول البرنامج النووي، إذ تعارض إسرائيل بشدة جهود إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والقوى العالمية الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في عام 2018، حتى وإن كانت تلك الجهود متعثرة. وخفف الاتفاق العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران مقابل الحد من النشاط النووي الإيراني.

وترى إسرائيل أن الاتفاق لا يحد من أنشطة إيران النووية بما فيه الكفاية، في وقت تشعر فيه بقلق عميق من أن طهران على وشك إنتاج ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع سلاح نووي.

ولطالما أكدت إيران أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية فقط. لكن تقييماً استخباراتياً أميركياً خلص قبل سنوات إلى أن البلاد كانت تمتلك ذات يوم برنامجاً للأسلحة النووية.

"صراع مفتوح"

وتقول "نيويورك تايمز" إنه إذا انهارت المفاوضات الرامية لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 وسرّعت إيران أنشطتها النووية أو قلصت تعاونها مع مراقبي الأمم المتحدة، فإن "الحرب السرية مع إسرائيل تخاطر بالانفجار إلى صراع مفتوح".

ونقلت الصحيفة عن هنري روما، المحلل في الشأن الإيراني في "مجموعة أوراسيا"، وهي شركة استشارية للمخاطر السياسية، قوله: "سواءً كان هناك اتفاق نووي أم لا، فمن المرجح أن يزداد هذا النوع من النشاط، بحيث توسع إيران نطاق وصولها حول إسرائيل، وتوسع إسرائيل نطاق وصولها إلى العمق الإيراني".

وتشير الوتيرة المتسارعة للهجمات في إيران، مقترنة بالتعليقات الأخيرة للقادة الإسرائيليين، إلى تحول في استراتيجية إسرائيل.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، الثلاثاء الماضي، في اجتماع للجنة البرلمانية للشؤون الخارجية والدفاع والشؤون الخارجية: "لقد كان العام الماضي عاماً لتغيير المسار في استراتيجية إسرائيل تجاه إيران. لقد تحولنا إلى مستوى أعلى. نحن نعمل في جميع الأوقات والأماكن، وسنواصل القيام بذلك".

وعلى مدى الأسبوعين الماضيين في إيران، تم استهداف وقتل عضو بارز في "الحرس الثوري"، وهو العقيد حسن صياد خدائي، في إطلاق نار من سيارة في طهران. كما سقط مهندس شاب في وزارة الدفاع في هجوم بطائرة بدون طيار. وسقط عضو بارز آخر في "الحرس الثوري" بشكل مريب من شرفة ما أدى إلى وفاته.

ثم جاءت وفاة العالمين أغملائي وانتظاري، حيث توفي الأخير (35 عاماً) في 31 مايو. وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، قال زميل له من منشأة الأبحاث العسكرية التي كان يعمل فيها إنه كان بصحة جيدة في الليلة التي سبقت مرضه فجأة. وذكرت وسائل إعلام إيرانية أنه لم يمرض أحد آخر في عائلته، على الرغم من أنهم جميعاً تناولوا الطعام نفسه.

وقدم محافظ "يزد"، وهي المحافظة التي كان يعيش فيها انتظاري، لعائلته شهادة تعزية اعتبره فيها "شهيداً"، وشكر العائلة على تضحياتها من أجل الوطن. وتمنح إيران لقب الشهيد تكريماً لأولئك الذين سقطوا بـ"نيران العدو" أو أثناء "تأدية واجبهم تجاه بلدهم". ووصف عضو في مجلس مدينة يزد وفاته بأنها "إرهاب بيولوجي".

تراجع إيراني

ولكن في مواجهة "انتهاكات إسرائيل المتكررة للأمن الإيراني"، وفقاً للصحيفة، سريعاً ما تراجع المسؤولون عن وصف انتظاري بأنه شهيد، كما توقفوا عن إصدار تفاصيل أخرى يمكن أن تشير إلى هجوم إسرائيلي آخر ، وهو أمر يمكن أن يحرج السلطات.

وتراجع مكتب العلاقات العامة التابع للمحافظ عن توصيف "الشهيد" بعد يومين، قائلاً إنه كان خطأ. ونفى مكتب المدعي العام في يزد أن يكون انتظاري مهندس فضاء جوي، وقال بدلاً من ذلك إنه موظف عادي في شركة صناعية.

وتُظهر الصور ومقاطع الفيديو المنشورة في وسائل الإعلام الإيرانية والتي يرجع تاريخها إلى عام 2019 انتظاري وهو يدلي بعرض تقديمي للرئيس آنذاك حسن روحاني في شركة غدير للتوربينات الصناعية، حيث عمل انتظاري. وهذه الصور متسقة مع فكرة أنه كان يعمل في هذه المنشأة الحكومية، وذكر بيان صادر عن رابطة خريجي جامعته أنه كان بالفعل مهندس طيران.

وقال محمود انتظاري، أحد الأقارب الذي يقود جولات في يزد، على صفحته على "إنستجرام"، إن "المهندس" كان قلقاً من "تعرّض حياته للخطر بعدما ظهرت صوره مع روحاني في وسائل الإعلام المحلية".

وكان من المفترض أن تظل الصور سرية، كما قال لقريبه. ورفض محمود انتظاري التعليق للصحيفة.

في المقابل، كان المسؤولون الإيرانيون أكثر هدوءاً بشأن أغملائي (31 عاما) الذي توفي في 2 يونيو، وفقاً لـ"نيويورك تايمز".

وكانت الإشارة الرسمية الوحيدة لوفاة أغملائي هي بيان تعزية من رئيس "جامعة تربية مدرس"، وهي جامعة حكومية في طهران، قال فيه إنه طالب دكتوراه في الجيولوجيا.

وزعم البيان بعد ذلك أنه توفي بنوبة قلبية في مسقط رأسه، إيذج، وهي منطقة صغيرة للطبقة العاملة في مقاطعة خوزستان الجنوبية.

وقال الصديق الذي قدم تقريراً عن مرضه فجأة بعد تناول الطعام، إن الأسرة تنتظر نتيجة تقرير تشريح الجثة من مكتب الطبيب الشرعي الذي تديره الحكومة. ولكن نظراً للحساسية المحيطة بالقضية، يشعر الأقارب بالقلق من احتمال عدم مشاركة نتيجة التشريح معهم.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات