بايدن يزور حدود المكسيك مع هيمنة الهجرة على المشهد الأميركي

time reading iconدقائق القراءة - 8
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارته للحدود الأميركية المكسيكية في إل باسو بتكساس. 8 يناير 2023 - AFP
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارته للحدود الأميركية المكسيكية في إل باسو بتكساس. 8 يناير 2023 - AFP
دبي-الشرق

هيمنت قضية الهجرة على المشهد السياسي في الولايات المتحدة هذا الأسبوع، مع بدء الرئيس الأميركي جو بايدن، الأحد، زيارته الأولى للحدود الجنوبية مع المكسيك منذ قدومه إلى البيت الأبيض.

وباشر بايدن الزيارة بمحطة في مدينة إل باسو بجنوب تكساس، قبل أن يتوجه الاثنين إلى مكسيكو للقاء نظيره المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، الذي يشارك معه، الثلاثاء، في قمة ثلاثية إلى جانب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، إنَّ "الرئيس يتطلع بشدة إلى أن يرى بنفسه كيف يبدو الوضع الأمني على الحدود. هذا شيء أراد أن يقف عليه بنفسه"، وفقاً لما نقلته وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية.

وعلى الرغم من أنَّ بايدن، الذي ينتمي إلى الحزب الديمقراطي، تعهَّد بالتخلص من سياسات سلفه الجمهوري دونالد ترمب بشأن تقييد الهجرة، وبدا كما لو أنَّه الرئيس الأكثر انفتاحاً على المهاجرين، إلا أنَّه مقبل على "تحول جذري" في مواقفه، كما تقول صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

ومع نحو 2,3 مليون عملية توقيف وإجراءات طرد مهاجرين بطريقة غير قانونية في عام 2022، وتصاعد الاتهامات من الجمهوريين بالتراخي في معالجة ملف الحدود، يسعى بايدن إلى إظهار موقف حازم وعينه على الانتخابات الرئاسية 2024.

وأعلن الرئيس الأميركي، الخميس، جملة من الإجراءات الجديدة بهدف "زيادة الأمن على الحدود وتقليل عدد الأفراد الذين يعبرون بشكل غير قانوني بين منافذ الدخول"، وفقاً لبيان صادر عن البيت الأبيض.

وقال بايدن مخاطباً المهاجرين المحتملين: "لا تظهروا هكذا بلا مقدمات على الحدود. ابقوا في أماكنكم، وتقدموا بطلب قانوني من هناك. بدءاً من اليوم، إذا لم تتقدموا من خلال الإجراءات القانونية، فلن تكونوا مؤهلين لبرنامج الإفراج المشروط الجديد".

تشديد الإجراءات

وشملت الإجراءات فرض عواقب جديدة على الأفراد الذين يحاولون الدخول بشكل غير قانوني، وذلك من خلال زيادة استخدام نظام الإبعاد العاجل، الذي يجعل كل من يحاول الدخول بدون إذن وليس لديه أساس قانوني للبقاء عرضة للطرد، والمنع من الدخول لمدة 5 سنوات.

كما شملت حشد موارد إضافية لتأمين الحدود، وتوسيع نطاق عمليات مكافحة التهريب، إضافة إلى رفع مستوى التنسيق والدعم للمدن الحدودية.

وبموجب الإجراءات، أعلنت وزارتا الأمن الداخلي والعدل لائحة مقترحة من شأنها تشجيع الأفراد على البحث عن مسارات منظمة وقانونية للهجرة، وتقليل الاكتظاظ على طول الحدود الجنوبية الغربية.

وتقضي اللائحة بمنع المهاجرين من التقدم بطلب للحصول على اللجوء في الولايات المتحدة، ما لم يتم إبعادهم أولاً من الملاذ الآمن بواسطة دولة أخرى. كما سيتم اعتبار أي مهاجر، لا يمر عبر منافذ الدخول المصرح بها، غيرَ مؤهل للتقدم بطلب اللجوء.

وتضمَّنت الإجراءات الجديدة توسيع البرنامج الخاص بالفنزويليين ليشمل أيضاً المهاجرين القادمين من كوبا وهايتي ونيكاراجوا، إذ سيسمح لـ30 ألف شخص كحد أقصى من هذه البلدان، بالدخول إلى الولايات المتحدة بطريقة قانونية شهرياً. 

لكن هذه الحصة، تطبَّق فقط على العمال الداخلين بطريقة قانونية الذين لديهم كفيل في الولايات المتحدة، فيما لا يزال أولئك الذين يحاولون الدخول بطريقة غير قانونية من هذه الدول يواجهون احتمال الطرد.

حسابات بايدن

وبحسب صحيفة "بوليتيكو" الأميركية، تعكس هذه التحركات محاولة من إدارة بايدن لمكافحة موجة اللجوء التي تضغط على نظام الهجرة في الولايات المتحدة. كما تأتي في وقت يواجه فيه الرئيس انتقادات متزايدة من الجمهوريين بشأن قضايا الحدود.

وأظهرت استطلاعات الرأي العامة باستمرار الهجرة باعتبارها واحدة من نقاط ضعف بايدن، وذلك مع رفض غالبية الناخبين المستقلين الطريقة التي يدير بها الحدود.

وتظهر تحركات بايدن محاولة لتحسين حظوظه في حال قرَّر الترشح للانتخابات الرئاسية في 2024، إذ من المتوقع أن يواجه مرشحين جمهوريين يجعلون من الهجرة قضية أساسية، مثل ترمب وحاكم فلوريدا رون ديسانتيس، وفق ما أفادت الصحيفة.

انتقادات ديمقراطية

لكن هذه التحركات التي قد ترفع حظوظ بايدن لدى الناخبين المستقلين، وفي الولايات المتأرجحة مثل أريزونا، تهدد أيضاً بإثارة سخط الجناح الليبرالي في الحزب الديمقراطي.

ووفقاً لصحيفة "واشنطن بوست"، فقد بنى بايدن ونائبته كامالا هاريس مسارهما السياسي في الحزب الديمقراطي من خلال الترويج لقصص هجرة عائلتيهما، حيث هاجرت عائلة بايدن من أيرلندا فراراً من المجاعة، فيما نزح والدا هاريس من كولومبيا والهند، وهو ما قد يبدو متناقضاً مع السياسات الجديدة التي ستمنع ملايين المهاجرين من الدخول للولايات المتحدة.

وانتقد السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز الإجراءات الجديدة، مشيراً إلى أنه مع موافقته على قرار الإدارة بتوسيع البرنامج الخاص بالفنزويليين ليشمل عدداً ضيئلاً من المهاجرين، إلا أنَّ "الميزات الجديدة ستستبعد المهاجرين الفارين من العنف والاضطهاد ممَّن لا يملكون القدرة أو الوسائل الاقتصادية للتأهل للبرنامج".

كما انتقدت جماعات حقوقية الإجراءات، معتبرة أنها ستفاقم الأوضاع الإنسانية على الحدود، بحسب ما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

وقالت مديرة السياسات في مركز العدالة للمهاجرين هايدي ألتمان: "يشعر المدافعون عن الحقوق المدنية وأعضاء الكونجرس بالغضب من هذه السياسات لأنها تنتهك قانون اللاجئين وستسبب المزيد من المعاناة على الحدود، مع ضرر متفاوت لطالبي اللجوء من السود والمونين والسكان الأصليين"، على حد تعبيرها.

"حقل ألغام"

ووصف أستاذ العلوم السياسية في جامعة أوريجون، دانيال تيتشينور، الإجراءات الجديدة بأنها "نقطة تحول" بالنسبة لبايدن، مشيراً إلى أنَّ "كل الرؤساء الديمقراطيين المعاصرين -جيمي كارتر وبيل كلينتون وباراك أوباما والآن بايدن- وجدوا أنَّ قضية الهجرة حقل ألغام سياسي".

وقال تيتشينور: "من ناحية، تم بناء هوية الحزب الديمقراطي لأجيال بوصفه مؤيداً للمهاجرين، كما أنَّ شريحة واسعة من قاعدة الحزب الشعبية هم من الناخبين الآسيويين واللاتينيين المؤيدين للوافدين الجدد، لكن من ناحية أخرى تتعرض إدارة بايدن لضغوط لفرض المزيد من السيطرة على الحدود"، بحسب ما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست".

وعلى الرغم من التنازلات الكبيرة التي قدَّمتها إدارة بايدن عبر هذه الإجراءات الجديدة، إلا أنَّ هذا لا يبدو كافياً لإرضاء الجمهوريين.

وسخر حاكم ولاية تكساس الجمهوري جريج أبوت من زيارة بايدن للحدود وإجراءاته، قائلاً: "كل ما سيفعله (بايدن) هناك هو إعادة ترتيب الكراسي على سطح سفينة التايتانيك"، معتبراً أنَّ بايدن "لن يحقق أي حلول من شأنها أن تجعل الحدود أكثر أمناً وتنهي الهجرة غير الشرعية"، بحسب ما نقلته "أسوشيتد برس".

وقال النائب الجمهوري جيم جوردان، الأحد، إن حزبه يمكن أن يساعد الديمقراطيين في مسألة الهجرة، ولكن فقط إذا تبنى بايدن السياسات التي اتبعها الرئيس السابق دونالد ترمب، علماً بأنَّ تلك السياسات شملت فصل الأطفال عن آبائهم المهاجرين كجزء من نهج "عدم التسامح المطلق" لردع الهجرة غير الشرعية.

وقال جوردان: "بصراحة، لقد سمحوا (الديمقراطيون) الآن بوضع لم تعد لدينا فيه حدود بصراحة"، وذلك بحسب ما نقلت وكالة "رويترز".

وأشارت "رويترز" إلى أنَّ هدف زياة بايدن للحدود ليس إحداث اختراقات كبيرة في السياسات، بقدر ما هو محاولة لإظهار اهتمامه بمسألة الحدود، وبالتالي دفع الكونجرس لإصدار قوانين لإصلاح نظام الهجرة الأميركي.

واستبعدت الوكالة حدوث هذا الأمر، نظراً للسيطرة المفترضة للجمهوريين على مجلس النواب، لافتة إلى أنَّ المشرعين اليمينيين نسفوا مراراً مقترحات إصلاح نظام الهجرة على مدى العقدين الماضيين.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات