
قال مصدر قريب من المحادثات الجارية في العاصمة النمساوية فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قررت "على ما يبدو" عدم الرد على مقترحات إيران، التي تحتوي على أفكار حول إغلاق القضايا المعلقة وحل الخلافات النهائية لاستعادة الاتفاق النووي المبرم عام 2015، وفي القلب منها مطالبة بإزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة التنظيمات الإرهابية.
ونقلت الصحافية الأميركية لورا روزين، في مدونتها التي تهتم بالشؤون الدبلوماسية، عن مصدر مطلع على محادثات فيينا قوله: "يبدو أن إدارة بايدن قررت عدم إرسال اقتراح مقابل إلى طهران بشأن كيفية إنهاء الخلافات المتبقية حول إحياء الاتفاق النووي".
ونقلت لورا روزين عن مسؤول أميركي، وصفته بـ"الكبير"، قوله إن الولايات المتحدة لن تتفاوض مع إيران في العلن. وأضاف أن جو بايدن صرح بأنه سيتخذ قرارات بناءً على مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة".
وقال المسؤول الأميركي الكبير إن "المسؤولية الكاملة في هذه المرحلة تقع حقاً على عاتق إيران".
معضلة الحرس الثوري
وبعد عام من المفاوضات، تم الانتهاء بشكل أساسي من مسودة اتفاق بشأن استعادة الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، لكن الولايات المتحدة وإيران وصلتا إلى طريق مسدود بشأن قضية غير نووية، حيث تطالب إيران بإزالة الحرس الثوري الإيراني، المتهم بتنفيذ وتمويل العديد من العمليات الإرهابية والتخريبية في عدة دول، من القائمة السوداء للتنظيمات الإرهابية الأجنبية التي تضعها وزارة الخارجية الأميركية.
وحذر العديد من أعضاء الكونجرس، إضافة إلى مسؤولين سياسيين وعسكريين أميركيين سابقين وحاليين، من أن إزالة الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية قد تكون له عواقب وخيمة.
وكان متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية شدد، في تصريحات لـ"الشرق"، على أن الولايات المتحدة تبقى ملتزمة بالتوصل إلى اتفاق لعودة مشتركة لكافة التزامات خطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي).
وقال المتحدث إنه تم إحراز تقدم كبير في المحادثات، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق بعد، وإن النتيجة النهائية لا تزال غير واضحة.
وأضاف أن أي شخص شارك في المحادثات "يعرف تماماً من الذي قدم مقترحات بناءة، ومن الذي قدم مطالب لا علاقة لها بالاتفاق النووي، وكيف وصلنا إلى الطريق المسدود الحالي".
وأشار إلى أنه إذا أرادت إيران الحديث عن القضايا التي تخرج عن نطاق الاتفاق، فإن عليها أن ترد على المخاوف الأميركية أيضاً غير المتعلقة بالاتفاق".
وتابع: "إذا لم ترد إيران ذلك، وكان التفاوض حصراً في نطاق الاتفاق النووي، فإننا مستعدون لإنهاء المحادثات سريعاً والعودة للاتفاق".
وشدد على أن الإدارة الأميركية مستعدة بشكل متساوٍ لكل السيناريوهات المقبلة، أي مع أو بدون عودة مشتركة لالتزامات الاتفاق النووي.
السلوك الأميركي
في المقابل، قال عضو فريق التفاوض الإيراني محمد مرندي إن "الأميركيين غيّروا سلوكهم وتوجهاتهم في محادثات فيينا، والآن توقفت المفاوضات".
وأضاف مرندي أن "الضغط الداخلي من معارضي (الرئيس الأميركي) جو بايدن وأنصار إسرائيل، أوقف وتيرة التقدم التي شهدناها، خصوصاً في نهاية المحادثات"، وفق ما أورد موقع "إيران إنترناشيونال".
الدور الروسي
نفى ليفان جاغاريان، السفير الروسي في طهران، اتهام بلاده بعرقلة المحادثات النووية، معرباً عن قلقه من الموقف السلبي للشعب الإيراني تجاه روسيا.
وفي تصريح أدلى به إلى موقع "خبر فوري"، قال جاغاريان: إن "أعضاء فريق التفاوض النووي الإيراني" يشكرون روسيا بانتظام، ونحن على اتصال وثيق بأصدقائنا الإيرانيين"، مؤكداً أن بلاده ستدعم الاتفاق النووي المحتمل.
ونفى السفير الروسي لدى إيران التقارير التي تفيد بأن روسيا تعتبر إيران منافساً في مجال الطاقة بسبب حرب أوكرانيا، وغير راغبة في التوصل إلى الاتفاق النووي، قائلاً: "هذه مجرد مؤامرة للأعداء، وهم يبحثون عن ذريعة للتأثير في العلاقات الثنائية".
وكان جوزيف بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، قال في 28 مارس الماضي: "كنا على وشك التوصل إلى اتفاق قبل أسبوعين، لكن روسيا عرقلت المسار، وأرادت منع رفع العقوبات عن إيران، ثم منعت إيران نفسها من التوصل إلى الاتفاق".
كما أعرب السفير الروسي لدى طهران عن قلقه من الموقف السلبي للشعب الإيراني تجاه روسيا، قائلاً: "نحاول شرح القضايا بمساعدة وسائل إعلام مستقلة غير متأثرة بالغرب".
وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي في إيران خلال مارس الماضي صورة للسفير الروسي وهو يضع الزهور على النصب التذكاري للسفير الروسي ألكساندر جريبايدوف، الذي قتلته حشود إيرانية غاضبة في 11 فبراير 1829م بعد اقتحام السفارة الروسية في طهران، نتيجة فرض روسيا القيصرية معاهدة "تركمانشاي" الموقعة في 1828م.
ورداً على الانتقادات، قال السفير الروسي إن "جريبايدوف عدو للإيرانيين، لكنه شاعر ودبلوماسي عظيم بالنسبة لنا".