آخرها أفغانستان 2021.. صور أيقونية خلدت أبرز الانسحابات العسكرية

time reading iconدقائق القراءة - 7
اللواء بالجيش الأميركي كريس دوناهو يصعد على متن طائرة نقل C-17 كآخر عسكري أميركي يغادر مطار كابول في 30 أغسطس 2021 في صورة التقطت باستخدام تقنيات الرؤية الليلية - via REUTERS
اللواء بالجيش الأميركي كريس دوناهو يصعد على متن طائرة نقل C-17 كآخر عسكري أميركي يغادر مطار كابول في 30 أغسطس 2021 في صورة التقطت باستخدام تقنيات الرؤية الليلية - via REUTERS
دبي- الشرقرويترز

يتكرر مشهد الصور النكراء في تاريخ الحروب، خصوصاً في لحظات الانسحاب المذلة على عجل وسط فوضى عارمة لا تخفى على كاميرات التصوير من فيتنام إلى أفغانستان وغيرها من المعارك التاريخية في أوروبا وآسيا.

وقبل ساعات سجلت الكاميرا الميجر جنرال كريس دوناهو قائد الفرقة 82 المحمولة جواً ذائعة الصيت، وهو يسير وسلاحه في يده، كآخر عسكري أميركي يستقل الرحلة الأخيرة من أفغانستان قبل دقيقة واحدة من إعلان دقات الساعة حلول منتصف الليل، الاثنين.

الصورة التُقطت بجهاز للرؤية الليلية من نافذة جانبية في طائرة النقل سي-17، وتظهر مصطبغة باللون الزيتوني الذي يكسو ما تظهره أجهزة الرؤية الليلية، فيما يظهر الجنرال وهو يتجه إلى الطائرة الرابضة على المدرج في مطار حامد كرزاي بكابول، وقد نشرتها وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) بعد ساعات من إنهاء الولايات المتحدة وجودها العسكري الذي دام 20 عاماً في أفغانستان. 

وحصدت الصورة، التي نشرتها الوزارة على منصاتها للتواصل الاجتماعي بمعظم اللغات، آلاف ردات الفعل والتعليقات وأعيدة نشر الصورة من حسابات البنتاجون.

وهنا ردت مراسلة محطة "سي إن إن" لدى البنتاجون، باربرا ستار، على تغريدة الوزارة باللغة الإنجليزية، منوهة بأن آخر عسكري غادر فيتنام بعد الانسحاب الأميركي من سايغون كان ماكس بيلك الذي قتل في هجوم 11 سبتمبر على مبنى البنتاغون عام 2001، بطائرة مدنية.

ولأنها لحظة تاريخية، قد تحتل صورة رحيل دوناهو موقعاً بجانب أخرى لجنرال سوفيتي كان يقود رتلاً مدرعاً عبر جسر الصداقة إلى أوزبكستان، حين انسحب الجيش الأحمر انسحاباً نهائياً من أفغانستان في 1989.

وإتماماً لعملية عسكرية أمكنها بمساعدة دول حليفة إجلاء 123 ألف مدني من أفغانستان، رحلت آخر طائرة تحمل على متنها قوات أميركية في جنح الليل.

وعلى الرغم من أنها صورة ثابتة، بدا دوناهو يتحرك بخفة بينما خلا وجهه من التعبيرات. كان يرتدي زيه القتالي كاملاً، ويضع نظارة للرؤية الليلية فوق خوذته، ويتدلى سلاحه من يده بجانبه. كان عليه أن يترك أفغانستان وراءه في نهاية المطاف وأن يصل لبر الأمان.

على النقيض، ظهر الجنرال بوريس جورموف، قائد الجيش الأربعين للاتحاد السوفيتي في أفغانستان، في الصور وهو يسير متأبطاً ذراع ابنه على الجسر الممتد فوق نهر آمو داريا، حاملاً باقة من الزهور الحمراء والبيضاء.

جرت الانسحابات الأميركية والسوفيتية من البلد الذي بات يُعرف بمقبرة الإمبراطوريات بطرق صارخة الاختلاف، لكنها على الأقل تجنبت الهزيمة الكارثية التي عانت منها بريطانيا في الحرب الإنجليزية الأفغانية الأولى عام 1842.

والصورة الراسخة من ذلك الصراع لوحة رسمتها بالزيت إليزابيث تومسون اسمها (بقايا جيش) تصور فارساً وحيداً منهكاً هو الجرّاح والمساعد العسكري وليام بريدون وجسده يميل إلى الخلف على صهوة حصان أكثر إنهاكاً خلال الانسحاب من كابول.

حين انسحب الجيش الأحمر السوفيتي، كانت هناك حكومة شيوعية موالية لموسكو ما زالت في السلطة وظل جيشها يحارب لثلاث سنوات أخرى، في حين أن الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة استسلمت بالفعل وسقطت كابول في يد طالبان خلال ما يزيد قليلاً على أسبوعين، قبل انقضاء مهلة في 31 أغسطس لانسحاب القوات الأميركية من البلاد.

كان انسحاب قوات جروموف منظماً، ومع هذا واجهت القوات التي كان قوامها 50 ألفاً هجمات متفرقة أثناء توجهها شمالاً إلى حدود أوزبكستان، على الرغم من أنها قدمت المال لمجموعات من المجاهدين لضمان ممر آمن على طول الطريق.

وعبر الرتل الذي يقوده جروموف جسر الصداقة في 15 فبراير 1989، منهياً حرب الاتحاد السوفيتي في أفغانستان التي استمرت 10 سنوات قُتل خلالها ما يزيد على 14450 جندياً سوفيتياً.

وحين سئل عن شعوره لدى العودة إلى التراب السوفيتي، قيل إن جروموف رد "شعور بالبهجة، أننا أدينا واجبنا وعدنا للوطن. لا أنظر إلى الوراء". وسيعتمد الحكم على الإجلاء الأميركي النهائي من كابول على عدد من تم إجلاؤهم وعدد من تُركوا.

لكن دوناهو ورفاقه سيحملون صوراً مروعة عن أيامهم الأخيرة التي اتسمت بالفوضى في كابول، ومنها آباء يمررون أطفالاً رضعاً للجنود عبر السلك الشائك، وشابان أفغانيان يسقطان من طائرة تحلق في السماء، والأسوأ من ذلك كله، ما أعقب هجوماً انتحارياً نفذه تنظيم داعش خارج المطار في 26 أغسطس وأسفر عن مقتل عشرات الأفغان و13 جندياً أميركياً.