"جوازات سفر لقاحية".. خطة إدارة بايدن لعودة الحياة إلى طبيعتها

time reading iconدقائق القراءة - 10
سيدة تتلقى جرعة من لقاح كورونا في أحد المراكز بمدينة لوس أنجلوس الأميركية - 1 مارس 2021 - AP
سيدة تتلقى جرعة من لقاح كورونا في أحد المراكز بمدينة لوس أنجلوس الأميركية - 1 مارس 2021 - AP
دبي -الشرق

قالت صحيفة "واشنطن بوست"، إن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، وشركات خاصة تعمل على تطوير نظام جديد لإصدار أوراق ثبوتية، يشار إليها في الغالب بـ"جوازات السفر اللقاحية"، تسمح للأميركيين بأن يقدموا ما يدل على تلقيهم اللقاح المضاد لفيروس كورونا، عند السفر، في إطار محاولات العودة إلى الحياة الطبيعية. 

ونقلت الصحيفة الأميركية عن 5 مسؤولين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، أن وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية، بما في ذلك مكتبها المخصص لتكنولوجيا المعلومات الصحية، تعد المحرك الأول لهذه المبادرة من قبل الإدارة الأميركية الجديدة.

وقال أحد المسؤولين، إن البيت الأبيض اضطلع هذا الشهر بدور أكبر في التنسيق بين الوكالات الحكومية المشاركة في هذا العمل، بقيادة منسق فريق الاستجابة للجائحة، جيف زينتس، بهدف إعلان ما تم التوصل إليه من تحديثات في الأيام المقبلة.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الجهد اكتسب زخماً كبيراً؛ لا سيما بعد تعهد إدارة بايدن باستعادة البلاد حالتها الطبيعية بحلول فصل الصيف، وفي ظل تأكيد عدد متزايد من المؤسسات، بدءاً من شركات الملاحة البحرية ووصولاً إلى الفرق الرياضية، على أنها ستطالب بما يثبت تلقي اللقاح قبل فتح أبوابها مجدداً.

وكان زينتس، قال في مؤتمر صحافي في 21 مارس، "دورنا هو أن نساعد على ضمان أن أي حلول مقترحة بهذا الشان يجب أن تكون بسيطة ومجانية ومفتوحة المصدر ومتاحة للناس، سواء رقمياً أو ورقياً، ومصممة من البداية لحماية خصوصية الأفراد".

"اختبار مبكر" 

برزت هذه المبادرة كـ"اختبار مبكر" لإدارة الرئيس بايدن، حسبما وصفت "واشنطن بوست"، حيث يعمل المسؤولون على التنسيق بين عشرات الوكالات والعديد من الخبراء، بما في ذلك مسؤولون عسكريون يساعدون في إدارة عمليات توزيع اللقاحات، ومسؤولون صحيون يشاركون في جهود التلقيح على مستوى العالم. 

ويُتوقع أن تكون جوازات السفر اللقاحية مجانية ومتاحة عبر تطبيقات الهواتف الذكية، ويمكنها عرض رمز يمكن فحصه، فيما يشبه بطاقات الصعود الإلكترونية الخاصة بشركات الطيران.

ويستطيع الأميركيون غير الحاملين لهواتف ذكية طبع هذا الجواز، وحمله في صورة ورقية.

وتتسابق دول أخرى في خططها لإصدار هذا النوع من الجوازات، حيث تعهد الاتحاد الأوروبي بإصدار شهادات رقمية ستسمح بالسفر في الصيف المقبل.

17 مبادرة

في غضون ذلك، يقول مسؤولون أميركيون، وفقاً للصحيفة، إنهم يتصدون لمجموعة من التحديات، مثل خصوصية البيانات وعدالة الصحة العامة، إذ يعملون على التحقق من أن جميع الأميركيين سيكونون قادرين على الحصول على أوراق ثبوتية ليس فقط لإثبات تلقيهم اللقاح، وإنما أيضاً من أجل إنشاء أنظمة تستعصي على القرصنة وعمليات التسلل الإلكتروني، والوصول إلى جوازات سفر لا يمكن تزويرها.

وتتجسد أحد أبرز المعوقات التي تواجه المسؤولين الفيدراليين، في الزخم الهائل والتعدد الكبير في مبادرات إصدار الجوازات الموجودة بالفعل، حيث حددت إدارة بايدن هذا الشهر 17 مبادرة على الأقل، وفقاً لشرائح، حسبما أكدت "واشنطن بوست".

وتحرز هذه المبادرات، مثل الجهود الدولية التي تقودها منظمة الصحة العالمية، ونظام المرور الرقمي الذي ابتكرته شركة "آي بي إم"، ويجري اختباره حالياً في ولاية نيويورك، تقدماً سريعاً، حتى في الوقت الذي يتمهل فيه البيت الأبيض للإمعان في بحث الطريقة الفضلى لتتبع الجرعات، وتجنب تصور أن يتم فرض اللقاح من قبل الحكومة.

ويقول خبراء إن وجود ما يثبت الحصول على اللقاح سيبث حالة من الطمأنينة لدى عمال المطاعم وروادها. 

تحديات ومخاطر

مع ذلك، يقر مسؤولون في إدارة الرئيس بايدن "سراً"، بالمخاطر التي تنطوي عليها هذه الجهود. فإثبات تلقي اللقاح "قد يمثل محركاً مهماً لاستعادة الخط الأساسي للصحة وتعزيز العودة الآمنة إلى الأنشطة الاجتماعية والتجارية والترفيهية"، وفقاً للوثيقة الصادرة في 2 مارس، التي أعدها مكتب المنسق الوطني لتكنولوجيا المعلومات الصحية، وحصلت صحيفة "واشنطن بوست" على نسخة منها. 

لكن المسؤولين في هذه الجلسة، التي حضرها أكثر من 150 من العاملين في قطاعات الصحة والدفاع والأمن الوطني وغيرها، وحتى بعض الوكالات غير وثيقة الصلة بالأمر، مثل "ناسا"، حذروا من عواقب "الجهود الملتبسة" التي تبذل حالياً لإصدار هذه الأوراق الثبوتية.

وكما ورد في إحدى الوثائق: "يمكن أن تؤدي المقاربة الفوضوية وغير الفعالة للأوراق الثبوتية للحصول على اللقاح إلى إعاقة استجابتنا للوباء، وتقويض الثقة العامة في هذه الجهود".
 
وقال ميكي ترايباثي، الذي عينه بايدن مؤخراً منسقاً وطنياً لتكنولوجيا المعلومات الصحية، إن المسؤولين الفيدراليين قلقين، بشأن عدد من التحديات التي تواجه التكنولوجيا الصحية، بما في ذلك حماية الأوراق الثبوتية من التزوير، بما يضمن تأمين البيانات، وضمان استفادة محدودي الدخل من هذه المنظومة.

شهادات تطعيم رقمية

وعلى الصعيد العالمي، يشارك مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة، الذي زاره مؤخراً الرئيس بايدن، ونائبته كامالا هاريس، في مبادرة منظمة الصحة العالمية لتطوير شهادات تطعيم رقمية.

ويستعد المركز لتقديم المشورة فيما يتعلق بطرح هذه الجوازات، ويؤكد أنه يتوقع أن يضطلع بدور أساسي في تحديد المنظمات التي ستتولى إصدار هذه الأوراق، وتعزيز هذه الثقافة في أوساط الأميركيين، وفقاً لوثائق مركز مكافحة الأمراض والسيطرة عليها التي راجعتها "واشنطن بوست".

"وتيرة المشروع"

يمثل قضاء الوقت اللازم من أجل ضمان سير مشروع إصدار الأوراق الثبوتية اللقاحية في مساره الصحيح "أمراً مهماً للغاية من أجل ضمان عدم قيام هذا المشروع على أساس خاطئ، أو استخدامه على نحو خاطئ، أو إحداث فوضى بيروقراطية"، حسبما ذكر أحد المسؤولين الذي اشترط عدم الكشف عن هويته.

وقال المسؤول، إن بعض الاعتبارات تتضمن كيفية التكيف مع انتشار الفيروسات المتحورة من فيروس كورونا، وكيفية متابعة تعاطي الجرعات المعززة، والتساؤلات المثارة حول مدة استمرار المناعة بعد الحصول على الجرعة اللقاحية، مؤكداً أن "ثمة أموراً كثيرة يجب التفكير فيها".

من جانبها، قالت كريستين ماكغوفرن، الرئيس السابق في مكتب المنسق الوطني لتكنولوجيا المعلومات الصحية: "ينظر كثيرون إلى الأمر باعتباره بُعداً أساسياً للاقتراب من الحالة الطبيعية"، مضيفة أن "التحديات التقنية مهمة".

وأوضحت أنه بالنظر إلى تعدد مصادر الجهود الحالية وعدم ترابطها فإن "مهمة توحيد المعايير ستكون أشبه بالمهمة الخارقة".

مخاوف من التطعيم

ووفقاً للصحيفة، تتوافر أدلة على أن "جوازات السفر اللقاحية" يمكن أن تدفع بالأميركيين المتشككين إلى تغيير مواقفهم، والإقبال على الحصول على الجرعات المضادة لفيروس كورونا.

في هذا السياق أشار مشاركون من المصوتين المؤيدين للرئيس السابق دونالد ترمب في استطلاع رأي أجري مؤخراً إلى أن رغبتهم في رؤية عائلاتهم، والخروج في إجازات، واستئناف جميع أوجه الحياة اليومية الأخرى تفوق مخاوفهم من التطعيم، خاصة إذا كانت الشركات المنظمة للرحلات وغيرها تشترط وجود دليل على تلقي اللقاح.

وتأتي شركات الملاحة البحرية ضمن الشركات التي تؤكد أنها ستطالب بتوفير ما يثبت تلقي اللقاح حتى تتمكن من استئناف نشاطاتها.

في الوقت نفسه، رفض مشاركون آخرون الفكرة، وحذروا من أن المطالبة بأوراق ثبوتية من شأنها أن تؤدي إلى نتائج عكسية. 

"توازن دقيق"

في غضون ذلك، اتفق خبراء الصحة العامة والأخلاق، على أن إدارة بايدن "تحتاج إلى المحافظة على توازن دقيق يقوم على تشجيع تناول اللقاح ودعم مبادرات القطاع الخاص لكن دون أن تضع تشديداً فيدرالياً مبالغاً فيه على جوازات السفر التي تلوح في الأفق".
 
في هذا الإطار، قال إزيكيل إيمانويل، خبير الأخلاق الحيوية في جامعة بنسلفانيا الذي شارك في كتابة مقال لمجلة الجمعية الطبية الأميركية، العام الماضي، حول أخلاقية الشهادات الثبوتية، وقدم استشارات للفريق الانتقالي للرئيس بايدن بشأن فيروس كورونا: "يجب أن يكون الأمر بصيغة يستطيع الجميع الحصول عليه إذا اختاروا ذلك"، مضيفاً: "ما يثير قلقي هو أن بعض الناس لن تتمكن من تلقي اللقاح لأسباب مختلفة".

وقال إيمانويل إن هذه الجوازات ستكون مطلوبة للسفر العالمي وليست سياسة محلية فحسب. ودعت جمعيات ملاحية في 2 مارس البيت الأبيض إلى الانتهاء من صياغة خطته الخاصة بالأوراق الثبوتية لتلقي اللقاح بحلول مايو القادم، مؤكدة أن هذا سيكون مهما للاستئناف الآمن للسفر الدولي.

بينما قال دونالد روكر، الذي ترأس مكتب تكنولوجيا المعلومات الصحية في إدارة ترمب، إن العديد من المشكلات التقنية تنتظر توزيع الأوراق الثبوتية اللقاحية، بما في ذلك طريقة تتبعها وما إذا كان سيتم فرضها من عدمه.
 
وأوضح روكر أن الاحتفاظ بأوراق ثبوتية لقاحية يمكن أن يساعد الموظفين على تفهم اللقاح المضاد لفيروس كورونا بشكل أفضل، بما في ذلك الآثار الجانبية طويلة المدى المحتملة إذا تم ربط البيانات بتداول المعلومات الصحية الموجودة في السجلات التي تحتفظ بها الولايات.

اقرأ أيضاً: