تقرير: غزو أوكرانيا يقرّب كوريا الشمالية من روسيا

time reading iconدقائق القراءة - 6
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون خلال لقائهما في فلاديفوستوك - 25 أبريل 2019 - REUTERS
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون خلال لقائهما في فلاديفوستوك - 25 أبريل 2019 - REUTERS
دبي- الشرق

شكّل الغزو الروسي لأوكرانيا فرصة بالنسبة لكوريا الشمالية، التي عززت علاقاتها مع موسكو وباتت واحدة من أبرز مؤيّديها، كما أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال".

وأضافت الصحيفة أن بيونج يانج تريد إرسال عمال كوريين شماليين إلى مناطق تسيطر عليها موسكو في شرق أوكرانيا، من أجل تزويد نظام الزعيم كيم جونج أون بمصدر دخل خارجي يحتاجه بشدة.

وتعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بتزويد حلفاء بلاده بأسلحة ومعدات عسكرية متطوّرة، فيما تسعى كوريا الشمالية إلى امتلاك أسلحة جديدة، مثل صواريخ أسرع من الصوت.

ويمكن لروسيا أيضاً تعزيز تبادلها التجاري عبر الحدود مع كوريا الشمالية، في الأغذية والمساعدات، واستخدام مقعدها الدائم بمجلس الأمن لمنع تشديد العقوبات على نظام كيم جونغ أون.

وكانت كوريا الشمالية واحدة من 5 دول، صوّتت في مارس الماضي، ضد قرار للأمم المتحدة يطالب روسيا بإنهاء غزوها لأوكرانيا، إذ حمّلت بيونج يانج "سياسة الهيمنة" التي اتهمت الولايات المتحدة وحلفاءها بممارستها، مسؤولية الحرب.

وفي يوليو الماضي، باتت كوريا الشمالية واحدة من أوائل الدول التي تعترف رسمياً بدونيتسك ولوغانسك كجمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، في خطوة دفعت كييف إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع بيونج يانج.

وقال باتريك كرونين، رئيس قسم أمن آسيا والمحيط الهادئ بـ"معهد هدسون" (مقره واشنطن): "بالنسبة إلى كوريا الشمالية، يتيح دعم بوتين مزيداً من عمليات التهرّب من العقوبات المهمة والتعاون في التكنولوجيا الحساسة".

عمال كوريون شماليون

منعت الأمم المتحدة العمال الكوريين الشماليين من العمل في الخارج، بعد مهلة نهائية حُددت في 2019، ما أدى إلى قطع مصدر أساسي للدخل الخارجي بالنسبة إلى نظام كيم جونغ أون.

وكانت روسيا واحدة من أبرز الدول المضيفة لهؤلاء، إذ أقام على أراضيها نحو 30 ألف عامل كوري شمالي.

وكان تشغيل العمال الكوريين الشماليين مغرياً، لأن شركات روسية أعلنت أن أجورهم أقلّ بنسبة 30 إلى 50% من أجور مهاجرين آخرين في المنطقة، يأتون عادة من أوزبكستان وقيرغيزستان.

وكشف السفير الكوري الشمالي في موسكو، سين هونج تشول، خلال اجتماع عقده هذا الشهر مع "سفيرة" دونيتسك لدى روسيا، أولجا ماكييفا، عن خطط لإرسال عمال إلى المنطقة، بعد أن يرفع نظام كبيونج يانج القيود الحدودية في إطار كبح كورونا.

جاء ذلك بعدما قال السفير الروسي في بيونج يانج، ألكسندر ماتسيجورا، في مقابلة مع صحيفة "إزفستيا" الروسية الشهر الماضي، إن العمال الكوريين الشماليين يمكن أن يساهموا في ترميم المنشآت التي تضررت نتيجة القتال بدونيتسك.

وأضاف أن الكوريين الشماليين مهتمون أيضاً بشراء قطع غيار مصنّعة في المنطقة، وإعادة بناء مرافق إنتاج خاصة بهم. وتنذر المعاملات المحتملة بجهود أخرى يمكن أن تشكّل انتهاكاً لعقوبات الأمم المتحدة، بحسب "وول ستريت جورنال".

واعتبر أرتيوم لوكين، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الشرق الأقصى الفيدرالية الروسية، أن "بيونج يانج ليس لديها ما تخسره، عبر تحيّزها إلى موسكو، ولا من خلال إغضابها واشنطن، لأن محادثاتهما متوقفة على أيّ حال" منذ نحو 3 سنوات.

"تقويض نفوذ الولايات المتحدة"

ويمتد التحالف بين موسكو وبيونج يانج إلى أعلى المستويات. فقد تبادل بوتين وكيم رسائل هذا الشهر، أعرب خلالها الرئيس الروسي عن رغبته في توسيع العلاقات، فيما أشار الزعيم الكوري الشمالي إلى أن العلاقات الثنائية بلغت مستوى جديداً "في جبهة مشتركة لإحباط التهديد العسكري والاستفزاز من قوى معادية"، في إشارة غالباً إلى الولايات المتحدة وحلفائها.

وأشار أنتوني رينا وهو خبير في العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية بمجموعة الأبحاث Sino-NK، وهو موقع إلكتروني يركّز على الصين وكوريا الشمالية، إلى أن موسكو يمكن أن تزوّد بيونج يانج بشكل غير قانوني، بالفحم أو تصدير سلع فاخرة محظورة، بمجرد استئناف التبادل التجاري بينهما عبر الحدود.

وأضاف: "إذا تمكّنت كوريا الشمالية من تقديم نفسها بوصفها مصدر إفادة استراتيجياً لموسكو، في تنافسها الاستراتيجي مع واشنطن، بطريقة لا تختلف عن تلك التي باتت تنظر من خلالها الصين إليهم بشكل متزايد، يمكن لكوريا الشمالية أن تساعد في تقويض نفوذ الولايات المتحدة في أطراف روسيا".

البرنامجان النووي والصاروخي

التقى بوتين بكيم شخصياً مرة واحدة، في عام 2019، بعد أشهر على فشل الزعيم الكوري الشمالي في التوصّل إلى اتفاق مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، على تفكيك البرنامج النووي لبيونج يانج.

ولم يذكر بوتين كوريا الشمالية بالاسم، خلال مؤتمر أمني عُقد أخيراً، لكنه تعهد بـ"تعزيز القوات المسلحة الوطنية وهياكل أمنية أخرى"، من خلال تزويد حلفائه بأسلحة ومعدات عسكرية متطوّرة.

وساهم السوفييت في تشييد مفاعل نووي بيونجبيون، بات أبرز منشأة نووية في كوريا الشمالية. وفي تسعينات القرن العشرين، زوّد علماء روس كوريا الشمالية بتكنولوجيا الوقود، التي ساعدت بيونج يانج على تطوير برنامجها الصاروخي.

ويعتمد محرّك يعمل بوقود سائل، استُخدم أثناء إطلاق صواريخ متوسطة المدى وعابرة للقارات، على تكنولوجيا طوّرها الاتحاد السوفيتي، وفقاً لتقرير أصدره "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" (مقره لندن) في عام 2017.

وفي عام 2019، كان سلاح تكتيكي جديد موجّه كشفت عنه كوريا الشمالية، يشبه تصميماً روسياً إلى حد كبير.

وفيما تسعى كوريا الشمالية إلى تطوير تكنولوجيا أسلحة جديدة، وصواريخها الأسرع من الصوت وتلك التي تُطلق من غواصات، يمكن لروسيا أن تؤمّن بشكل غير قانوني، مكوّنات أساسية أو تكنولوجيا محرّكات متقدّمة، كما نقلت "وول ستريت جورنال" عن خبراء أمنيين.

وقالت باتريشيا كيم، وهي باحثة في "معهد بروكينجز" (مقره واشنطن): "ترى بيونج يانج وموسكو أوجه تشابه واضحة في وضعيهما، وتتشاركان في... معارضة العقوبات والنظام الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة. التضامن المتزايد سيؤدي إلى تأجيج التنافس بين القوى العظمى في المنطقة".

شاهد أيضاً:

تصنيفات