عودة طالبان تعقّد العلاقات الأميركية الباكستانية

time reading iconدقائق القراءة - 9
علما باكستان وطالبان عند نقطة عبور في الحدود بين افغانستان وباكستان - 17 أغسطس 2021 - REUTERS
علما باكستان وطالبان عند نقطة عبور في الحدود بين افغانستان وباكستان - 17 أغسطس 2021 - REUTERS
دبي – الشرق

تعتمد آمال الرئيس الأميركي، جو بايدن، في إبقاء حركة "طالبان" الأفغانية تحت السيطرة، على باكستان المجاورة التي لديها علاقات وثيقة مع الحركة، ولكنها أثبتت غالباً أنها شريك غير موثوق به بالنسبة إلى الولايات المتحدة، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".

وأشارت الوكالة إلى أن إسلام آباد، تحاول موازنة علاقتها مع واشنطن ودعمها لـ "طالبان"، ممّا أحبط الولايات المتحدة، وأثار شعوراً بأن لنصر الحركة في أفغانستان، علاقة وثيقة بقاعدة دعم لها في باكستان.

وقال حسين حقاني، السفير الباكستاني في واشنطن، بين عامَي 2008 و2011، إن "الأميركيين يعتقدون بأن دعم باكستان لطالبان خلال عقدين كان السبب الرئيس" في فشل الولايات المتحدة بأفغانستان، معتبراً أن "العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان تمرّ في مرحلة صعبة".

وأشارت "بلومبرغ" إلى أن باكستان لا تزال قوة لا غنى عنها في المنطقة، مضيفة أن الولايات المتحدة تريد الحفاظ على موطئ قدم فيها، للجم نفوذ الصين، وضمان أمن الترسانة النووية لإسلام آباد، ولو لم تستعد "طالبان" السلطة في أفغانستان.

ورأت أن ذلك سيكون أكثر أهمية، بعد أن تستكمل القوات الأميركية انسحابها من أفغانستان، في 31 أغسطس.

وتابعت الوكالة أن الولايات المتحدة وباكستان كانتا مقرّبتين جداً، بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، عندما استخدمت واشنطن قواعد عسكرية ومراكز استخباراتية في باكستان. لكن علاقاتهما بلغت الحضيض في عام 2011، عندما قتلت قوات أميركية خاصة زعيم تنظيم "القاعدة"، أسامة بن لادن، في مدينة أبوت آباد، قرب قاعدة عسكرية باكستانية رئيسة.

ويفترض مسؤولون أميركيون أن وجود بن لادن كان معروفاً، على الأقلّ لدى أعضاء في الحكومة والجيش وأجهزة الاستخبارات بباكستان، وهذه تهمة ترفضها الأخيرة. ولا يزال هذا الأمر يثير مرارة وانعدام ثقة لدى الجانبين.

بايدن لم يتصل بعمران خان

وبعد 8 أشهر على تنصيبه، لم يتصل بايدن بعد برئيس الوزراء الباكستاني عمران خان. وقال الأخير هذا الشهر: "ما زلت أسمع أن الرئيس بايدن لم يتصل بي. ليس الأمر وكأنني أنتظر أي مكالمة هاتفية".

وشكا مسؤولون باكستانيون طويلاً، من أن الأميركيين أرادوا منهم استخدام نفوذهم على "طالبان"، للمساهمة في التوصّل إلى تسوية سياسية، وقمع الحركة في الوقت ذاته.

واعتبر خان أن نجاح الحركة في استعادة سيطرتها على أفغانستان، ربما كان حتمياً، وحضّ العالم على العمل معها، لدى تشكيلها حكومة جديدة.

وأضاف أن قوات الأمن الأفغانية، التي عدّت 300 ألف عنصر، وكانت مجهّزة بأسلحة أميركية متطوّرة، لم تستطع مواجهة 70 ألف مسلّح من "طالبان"، إذ إن "أحداً لا يقاتل من أجل حكومة فاسدة"، مضيفاً: "دعونا نساعدهم، إذا أرادت طالبان إحلال السلام".

واعتبرت "بلومبرغ" أن واشنطن وإسلام آباد، يحتاجان إلى بعضهما بعضاً، رغم التوتر بينهما. وذكّرت بقول الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)، جون كيربي، لدى سؤاله عن قدرة الولايات المتحدة على تعقّب الإرهابيين في أفغانستان، أثناء انسحاب القوات الأميركية: "قدرتنا على جمع المعلومات الاستخباراتية في أفغانستان ليست كما كانت". ورأت الوكالة أن باكستان يمكن أن تسهم في سدّ هذه الفجوة، بشكل أفضل من الدول المجاورة الأخرى.

إسلام آباد وبكين

وتشكّل الصين حافزاً أساسياً آخر بالنسبة إلى الولايات المتحدة، إذ لديها علاقات وثيقة مع باكستان، بما في ذلك في إطار "مبادرة الحزام والطريق"، وتستعد لتستفيد من انسحاب واشنطن من المنطقة.

واعتبر خرّام شيزاد، الرئيس التنفيذي لشركة Alpha Beta Core Solutions Pvt الاستشارية (مقرها كراتشي)، أن على إسلام آباد إبقاء خياراتها مفتوحة، مع استمرار تعزيز علاقاتها السياسية والاقتصادية مع بكين.

وأضاف: "الصين شريك تجاري ضخم لباكستان، ولكن كذلك الأمر بالنسبة إلى الولايات المتحدة. يجب أن نحافظ على التنويع، بدلاً من تركيز الأخطار مع دولة واحدة".

وأفاد صندوق النقد الدولي بأن حجم التبادل التجاري بين الصين وباكستان بلغ نحو 15 مليار دولار في العام الماضي، في مقابل 6.5 مليار دولار بين واشنطن وإسلام آباد.

تهديدات "إرهابية" لباكستان

وتواجه باكستان أيضاً تهديدات "إرهابية"، وقد يكون تعاونها الأمني ​​والاستخباراتي مع الولايات المتحدة مفيداً في هذا الصدد.

واتهمت السلطات حركة "طالبان"، بتنفيذ هجمات أسفرت عن مصرع 70 ألف مدني في البلاد، منذ الغزو الأميركي لأفغانستان في عام 2001.

وتخشى باكستان أن تشهد هجمات إرهابية، بعد إطلاق مسلحين من سجون أفغانية. وقال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي: "فصيل طالبان الباكستاني يستخدم الأراضي الأفغانية ضد باكستان. مخاوفنا جدية، وتوقعاتنا طبيعية أيضاً. لا نريد أن تصبح أفغانستان ملاذاً آمناً لأي جماعة إرهابية". وحضّ على التوصّل إلى تسوية سياسية مع "طالبان"، معتبراً أن السلام في أفغانستان سيجلب الاستقرار إلى المنطقة ويعزّز التجارة.

لكن ليزا كيرتس، المديرة السابقة لقسم جنوب آسيا ووسطها في مجلس الأمن القومي، خلال عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، اعتبرت أن "أيّ إدارة أميركية لم تتمكّن خلال العقدين الماضيين من إنهاء الملاذ الباكستاني الذي كانت تتمتع به طالبان". وأضافت: "طالما أن طالبان يمكن أن تتراجع بأمان إلى باكستان، وأن يسمح لها الجيش الباكستاني بالعبور بحرية، ذهاباً وإياباً عبر الحدود، فلن تفقد أبداً القدرة على التحمّل، والإرادة، والموارد اللازمة للقتال"، علماً أن ترمب قلّص المساعدات العسكرية لباكستان، في عام 2018، خشية استخدام أموال دافعي الضرائب الأميركيين لتمويل أعداء الولايات المتحدة.

لكن ريتشارد فونتين، الرئيس التنفيذي لـ "مركز الأمن الأميركي الجديد"، وكان مستشاراً للسيناتور الجمهوري الراحل جون ماكين، رأى أن الولايات المتحدة "ستحتاج إلى شركاء إقليميين، وستكون باكستان واحدة منهم".

اقرأ أيضاً: