لوموند: ثروة حاكم مصرف لبنان تحت مجهر العدالة الفرنسية

time reading iconدقائق القراءة - 6
حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة خلال مؤتمر صحافي في العاصمة اللبنانية بيروت - 11 نوفمبر 2019 - AFP
حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة خلال مؤتمر صحافي في العاصمة اللبنانية بيروت - 11 نوفمبر 2019 - AFP
باريس- رويترز

قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية إن مكتب المدعي العام المالي في فرنسا تلقى دعويين قضائيتين بشأن غسل أموال وعمليات احتيال تم ارتكابها داخل لبنان وخارجه، كلتاهما موجهتان بالأساس ضد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة (70 عاماً).

الشكوى الأولى قدمها المحامي أنطوان ميزونوف في 16 أبريل الجاري، نيابة عن المؤسسة السويسرية Accountability Now، التي تحارب الإفلات من العقاب، والذي "طالما تمتع به كبار السياسيين ورجال الأعمال في لبنان"، وفق "لوموند".

أما الدعوى الثانية، فتم رفعها في 30 أبريل الجاري من قبل المحاميينِ ويليام بوردون وأميلي لوفيفر، نيابة عن منظمة "شيربا" غير الربحية التي كان مي بوردون مؤسسها ورئيسها لفترة  طويلة، والمتخصصة في مكافحة الجريمة، و"تجمع ضحايا الممارسات الاحتيالية والإجرامية في لبنان"، وهي مجموعة من اللبنانيين الحاملين للجنسية الفرنسية، والذين يقولون إنهم عازمون على تسليط الضوء على الفساد المستشري في البلاد.

من جهتها، قالت منظمة "شيربا" غير الربحية في بيان، الاثنين، إنها رفعت دعوى قانونية بالاشتراك مع مجموعة من المحامين أمام المدعي العام المالي الفرنسي، بشأن مزاعم فساد وغسل أموال في لبنان.

وأوضحت المنظمة في بيان أن الشكوى المقدمة "لا تستهدف فقط غسل الأموال، فيما يتصل بأزمة خريف 2019، وإنما تتعلق أيضاً بملابسات استحواذ لبنانيين من القطاع الخاص أو مسؤولين عموميين على بعض العقارات الفاخرة في فرنسا في السنوات القليلة الماضية".

وأشارت "شيربا" إلى أن الدعوى المرفوعة ضد حاكم مصرف لبنان المركزي ومساعديه تتعلق باستثمارات عقارية بملايين اليورو. فيما قال سلامة رداً على الدعوى أنه اشترى جميع ممتلكاته في فرنسا قبل توليه المنصب، مضيفاً لوكالة رويترز، أنه كشف عن مصدر ثروته وعرض وثائق "في مناسبات عدة"، تثبت أنه كان يمتلك 23 مليون دولار في عام 1993، قبل أن يتولى منصب حاكم مصرف لبنان.

"ثروة بالملايين"

وفي الوثيقة التي أُرسلت إلى مكتب المدعي المالي الوطني، والتي حصلت "لوموند" عن نسخة منها، تقول المنظمتان إن "سلامة، الذي يحمل الجنسية الفرنسية، قام بشكل غير قانوني بتشكيل ثروة بملايين اليورو"، ولفتتا إلى أن "المقدار غير المتناسب من ثروته الشخصية مع رواتبه وأجوره التي يتقضاها، تؤكد وجود غسيل للأموال".

وتشير هذه الشكوى إلى "تورط نجل رياض سلامة، ندي سلامة (34 عاماً) والشقيق الأصغر لحاكم المصرف اللبناني، رجاء سلامة ( 60 عاماً) والذي يحمل الجنسية الفرنسية أيضاً، وأقرب معاونيه في المصرف ماريان حويك (40 عاماً)"، وأضافت أن الثلاثة أشخاص "شركاء لحاكم مصرف لبنان في الاستثمارات التي لا حصر لها في الخارج، على مدى 20 عاماً".

ويؤكد رياض سلامة منذ نحو عام ونصف، أنه خلال عام 1993، تاريخ وصوله إلى مصرف لبنان، بلغت أصوله الشخصية 23 مليون دولار (19 مليون يورو)، نتيجة ميراثين ومكافآت سابقة له في البنك الاستثماري "ميريل لينش"، وأن نمو أصوله منذ ذلك الحين، ناتج عن استثمارات لا تتعارض مع التزاماته.

وقال بيير أوليفييه سور، محامي سلامة في باريس، لـ "لوموند" إنه حتى الآن "لم يتم تأكيد أي معلومات واردة في الشكوى من قبل أي سلطة قضائية، سواء في فرنسا أو في الخارج"، مضيفاً أن "الوضع المؤلم للغاية في لبنان، يفسر البحث عن كبش فداء، ولكن ليس على حساب انتهاك افتراض البراءة واستغلال العدالة ".

وقالت "لوموند" إن رياض سلامة، يمتلك ثلاث شركات قابضة في لوكسمبورغ استثمرت في مدن أوروبية عدة، منها ميونيخ وبريستول ولندن. ويقدرالمحامي ويليام بوردون ثروة لسلامة في سويسرا بقيمة 94 مليون دولار.

وقالت المحامية زينة واكيم للصحيفة إن "سلامة يمتلك عقارات في فرنسا تُقدر قيمتها بحوالى 35 مليون يورو، مشيرة إلى أنها باسم رياض سلامة أو أفراداً مقربين منه، وتم الحصول عليها بعد تعيينه على رأس مصرف لبنان".

من جانبه، نفى محاميه ذلك، قائلاً إن "رياض سلامة يمتلك عقارين فقط في فرنسا، تم اقتناؤهما قبل تولي منصبه في مصرف لبنان".

وتشير الشكوتين المقدمتين إلى أن ماريان حويك، التي دخلت كمتدربة في مصرف لبنان عام 2003، وتم ترقيتها بعد أربع سنوات إلى منصب مدير المكتب التنفيذي للمؤسسة، اشترت في عام 2013 شقة في "المثلث الذهبي" الباريسي (شارع ميسين)، بقيمة 1.8 مليون يورو، نقداً.

وقالت ماريان حويك في 2020 إنها تتلقى راتباً يقيمة 8 آلاف دولار، ولم تشر إلى حصولها على أي إرث أو أموال من جهة أخرى.

الاكتشاف الأكثر إحراجاً

وقالت "لوموند" إن الاكتشاف الأكثر إحراجاً للمقربين من سلامة، كان في سويسرا، حيث أرسل المدعي العام لبيرن طلب مساعدة قانونية متبادلة إلى بيروت، بعدما "اكتشف أنه بين عامي 2002 و2015، دفع مصرف لبنان 333 مليون دولار في حساب لشركة غير معروفة تسمى فوري بجنيف، وأن شقيقه رجاء سلامة هو المستفيد مالياً". وتقول الرواية الرسمية وفق "لوموند" إن تحويل هذه الأموال كان قانونياً. 

وفي تقرير نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، رفض سلامة اتهامات بـ"الاختلاسات"، مؤكداً أن "المدفوعات لم تكن على حساب المصرف المركزي بل بالمشاركين في العملية، أي المشتركين في السندات الحكومية"، في حين قال المحققون السويسريون، إنه "تم تحويل جزء من ملايين الدولارات إلى رجاء سلامة، بعد ذلك إلى حسابات تخص رياض سلامة وماريان حويك".