إيلون ماسك يعترف: ليس لدي خطة عمل وهكذا أدير أعمالي

time reading iconدقائق القراءة - 20
إيلون ماسك (في الوسط) في نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، في أبريل 2019 - The New York Times
إيلون ماسك (في الوسط) في نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، في أبريل 2019 - The New York Times
بالشراكة مع "نيويورك تايمز"-

عندما تفاوضت "تويتر" على صفقة بيع الشركة لرجل الأعمال إيلون ماسك، الشهر الماضي، أعدت شركة التواصل الاجتماعي خطة بشأن صفقة الاستحواذ عليها. 

أما ماسك، أغنى رجل في العالم، ففعل العكس، إذ لم تكن لديه أية خطة لكيفية تمويل أو إدارة تويتر، حسبما قال لأحد المقربين منه. 

ولدفع الصفقة التي تبلغ قيمتها 44 مليار دولار، لجأ ماسك إلى دائرة داخلية صغيرة، تشمل جاريد بيرشال، مدير مكتب عائلته الذي يدير ثروة أغنى شخص في العالم، ومحاميه الشخصي أليكس سبيرو.

وعندما قاومت شركة تويتر مبادراته، ضغط ماسك على الشركة بسلسلة من التغريدات، كان بعضها مزعجاً، وكان البعض الآخر شائكاً يغلب عليها التهور التام.

غالبا ما يضع مليارديرات التكنولوجيا، مثل بيل جيتس وجيف بيزوس ولاري بيج، خططاً طويلة الأجل ويديرون شؤونهم من خلال آلية مؤسسية من المحامين والمتخصصين المحترفين في الاتصالات والعلاقات العامة ومختلف أنواع المستشارين، بينما يعمل ماسك، البالغ من العمر 50 عاماً، بطريقة لا تشبه أياً منهم.

وبشكل غير معهود لدى أي قطب أعمال آخر، يتصرف ماسك حسب هواه وخياله ويقينه بأنه على صواب بنسبة 100%، وفقا لمقابلات مع أكثر من 30 موظفاً حالياً وسابقاً ومستثمرين وغيرهم ممن عملوا معه. وقالوا إنه في حين أن ماسك راهن بنجاح على السيارات الكهربائية والسفر إلى الفضاء والذكاء الصناعي، إلا أنه غالباً ما يرتجل في أكبر اللحظات وأهمها، ويتجنب الخبراء ويعتمد فقط تقريباً على مشورته الخاصة.

وللعمل بهذه الطريقة، بنى ماسك عالماً معزولاً يضم حوالي 10 من المقربين الذين يتفقون معه في الغالب وينفذون أوامره. ومن بينهم شقيقه الأصغر، كيمبال ماسك، إلى جانب كل من بيرشال وسبيرو ومجموعة متنوعة من كبار رؤساء الموظفين لديه. ولإدارة أفكاره العديدة، يقوم ماسك باستمرار بإنشاء شركات جديدة تتم هيكلتها بطريقة تبقيه مسؤولاً عنها. وغالباً ما يعمل مساعدوه الموثوق بهم عبر إمبراطورية أعماله الواسعة.

 وبمجرد أن يحدد ماسك المشروع الرئيسي لكل شركة، أو ما يسميه بـ "المسار الحرج"، يتولى المسؤولية لضمان تحقيق رؤيته، ويتحكم في أصغر الجوانب المتعلقة بكيفية إنشاء التقنيات واستخدامها. وقد أفرز تألقه شركة صناعة السيارات الأكثر قيمة في العالم وشركة صواريخ مبتكرة، واكتسب احترام مهندسيه، وخوفهم أيضاً.

وأدى اعتماد ماسك على طاقمه الصغير وبقاءه أسير تفكيره الخاص إلى تمكينه من اتخاذ القرارات الحاسمة والالتزام بقيود قليلة، مما حوّله إلى شخصية تشبه "هاوارد هيوز" العصر الحديث، حتى عندما تثير أساليبه، التي تعتمد على قناعاته الشخصية فقط، حالة من الهرج.

(هاوارد هيوز (1905 – 1976) كان شاباً في الـ19 من عمره حين ورث ثروة طائلة، فأصبح رجل صناعة وطياراً ومنتج أفلام سينمائية أميركية، وكان في وقت من الأوقات رائد الأعمال الأكثر استقطاباً للاهتمام في العالم، لما عرف عنه مهارة وجرأة في أساليب الأعمال التي انتهجها وفي إنجازاته في مجال الطيران والفضاء وكذلك لحياته الشخصية غريبة الأطوار).

ويعمل ماسك بطريقة لا ينتهجها سوى "القادة الأكثر ثقة"، حسبما قال تيم درابر، وهو رأسمالي مغامر دعم شركة صناعة السيارات الكهربائية "تسلا" التي يملكها ماسك، وشركة الصواريخ "سبيس إكس". وأضاف: "فكروا في جون كينيدي وجورج واشنطن ورونالد ريجان".

وفي مؤتمر يعود لعام 2018، أوضح ماسك أنه كان يتصرف على أساس الاندفاع. وقال إن ذلك كان درساً تعلمه منذ أكثر من 25 عاماً بعد تأسيس أول شركة ناشئة له، وهي (Zip2).

وقال: "أنا حقاً لا أملك خطة عمل.. كان لدي خطة عمل في الماضي، أيام (Zip2)، لكن هذه الأمور دائماً ما تكون خاطئة، لذلك لم أزعج نفسي بخطط العمل بعد ذلك".

إن الطريقة، التي يعمل بها ماسك، ستكون لها تداعيات على ما قد يفعله بتويتر. وكانت الشركة، التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقرا لها ومن المقرر أن يستحوذ الملياردير على ملكيتها في الأشهر الستة المقبلة، في حالة من الصخب والاضطراب بسبب الصفقة. ومع تطور دراما الاستحواذ، انتقد مالكها الجديد المنصة علناً، وانتقد كبار المسؤولين التنفيذيين في تويتر الذين يشرفون على قواعد التعبير على الخدمة، ونغز النائبة (عن الحزب الديمقراطي) ألكساندريا أوكاسيو كورتيز (أصغر نائب في الكونجرس الأمريكي)، وبيل جيتس.

في الأسبوع الماضي، أخبر باراج أجراوال، الرئيس التنفيذي لشركة تويتر، موظفي الشركة البالغ عددهم أكثر من 7 آلاف موظف أنه بمجرد أن يتسلم ماسك تويتر، "لن نعرف الاتجاه الذي ستذهب إليه هذه الشركة".

ورفضت تويتر التعليق على هذا الموضوع.

والحقيقة أن ماسك، الذي لم يرد على طلبات التعليق، بعيد كل البعد عن الجهل بالفوضى التي يتركها وراءه. ففي رسائل بريد إلكتروني حول قضية تشهير عام 2018 ناجمة عن إحدى تغريداته، وصف ماسك نفسه بعبارات مبتذلة بأنه "أحمق". وفي شهادته بشأن محاولة فاشلة لضمان جعل تسلا شركة خاصة في العام نفسه، كان ماسك حزيناً، وقال: "لو كانت عندي آلة للإدراك المتأخر أو بعد فوات الأوان، لكان ذلك رائعاً حقاً".

الاحتفاظ بالسيطرة

وُلد ماسك في بريتوريا بجنوب أفريقيا، وأصبح شغوفاً بأجهزة الكمبيوتر ولغات البرمجة في طفولته. وبعد أن بدأ دراسته الجامعية في كندا، انتقل إلى الولايات المتحدة في عام 1992، وحصل على درجات علمية في الاقتصاد والفيزياء من جامعة بنسلفانيا ثم التحق كطالب دكتوراه في الفيزياء بجامعة ستانفورد.

وعلى الفور تقريباً، ترك ماسك جامعة ستانفورد لبدء مشوار مهني في مجال الأعمال التجارية. وكانت أول شركة ناشئة له في عام 1995، وهي خدمة دليل سفر تسمى (Zip2)، وكانت عبارة عن شركة عائلية مع شقيقه كيمبال. واشترت شركة صناعة الكمبيوتر Compaq لاحقاً شركة Zip2 بأكثر من 300 مليون دولار.

وفي عام 1999، ساعد ماسك في تأسيس شركةX.com ، وهي شركة مدفوعات عبر الإنترنت أصبحت تعرف في النهاية باسم PayPal. وهناك، بدأ علناً في إصدار إعلانات تجارية، حتى لو لم يكن موظفوه مستعدين لما يعلنه.

 وفي ظهور تلفزيوني بالبث الحي في ذلك العام، قال ماسك إن الشركة ستضمن المعاملات في جميع المزادات على موقع التجارة الإلكترونية "إي باي".  وكانت هذه هي المرة الأولى التي يسمع فيها مهندسوه عن هذه الخاصية، حسبما قال شخص عمل معه في ذلك الوقت. وكان عليهم أن يتسابقوا لجعل هذه الخاصية حقيقة واقعة، حسبما قال الشخص نفسه.

وفي عام 2000 ، أطاح مجلس إدارة X.com والمدير التنفيذي بيتر ثيل، بماسك بسبب خلافات حول اتجاه الشركة. وكان ذلك خروجاً مؤلماً لماسك، الذي سرعان ما تبنى فكرة أن عليه أن يكون هو، وهو فقط، المسؤول عن أي مشروعات مستقبلية.

وبينما كان ماسك يبني أعمالاً جديدة، إذ أسس سبيس إكس في عام 2002 واستثمر في تسلا في عام 2004، كان يحرص على ضمان أنه يستطيع ممارسة إرادته في كل شركة. لقد ضخ أكثر من 100 مليون دولار من أمواله الخاصة في "سبيس أكس" في سنواتها الأولى ولديه حصة الأغلبية بالشركة. وفي تسلا، يمتلك ماسك حصة 16% وقام بتعيين وجوه تروق له في مجلس الإدارة، مثل شقيقه وأنطونيو جراسياس، وهو صديق ومستثمر منذ فترة طويلة.

وقال ماسك لمجلة "Inc.": "لا بأس أن يكون بيضك كله في سلة واحدة طالما أنك تتحكم في ما يحدث لتلك السلة".

ورفض كيمبال ماسك وجراسياس، الذي ترك مجلس إدارة تسلا العام الماضي ويعمل مديراً لشركة "سبيس إكس"، التعليق على هذا الموضوع.

واليوم، يشرف ماسك أو يرتبط بما لا يقل عن 12 شركة، منها شركات عامة وخاصة وقابضة مثل وايومنج ستيل، التي يستخدمها لإدارة العقارات. وتبلغ ثروته الصافية حوالي 250 مليار دولار.

دائرة قريبة

ومع تأسيس ماسك لمزيد من الشركات، جمع شركاء بوسعه أن يوزعهم في العديد من المهام.

وكانت إحداهم ماري بيث براون، التي عُينت في عام 2002 لتكون في الأساس المساعدة التنفيذية لماسك. وسرعان ما أصبحت تعرف بالحرفين الأولين من اسمها (إم بي)، وأصبحت بشكل ما رئيسة للموظفين، إذ تعاملت مع طلبات وسائل الإعلام وبعض المسائل المالية لشركتي سبيس إكس وتسلا، فضلاً عن المساعدة في إدارة حياة ماسك الشخصية، حسبما قالت آشلي فانس، مؤلفة كتاب "إيلون ماسك: تسلا، سبيس إكس، والبحث عن مستقبل رائع".

وفي العام ذاته، عيّن ماسك جوين شوتويل لتصبح سابع موظفة في سبيس إكس. وبصفتها الرئيس والمدير التنفيذي للعمليات في شركة صناعة الصواريخ، أشرفت شوتويل على نمو الشركة، لتصبح واحدة من أطول من خدم مع ماسك من الموظفين من حيث المدة.

وفي مؤتمر عقدته في عام 2018 ، أوضحت شوتويل كيف أدارت شؤون ماسك.

وقالت: "عندما يقول إيلون شيئاً ما، عليك أن تتوقف وألا تقول من دون تفكير "حسناً، هذا مستحيل"، أو "لا توجد طريقة للقيام بذلك. ولا أعرف كيف". وتضيف: "لذلك أغلق فمك وفكر في الأمر وستجد طرقاً لإنجازه".

ولم يتسن الوصول إلى براون، التي لم تعد تعمل لدى ماسك للتعليق. ولم ترد شوتويل على طلب للتعليق.

وبدأ ماسك أيضاً في التعامل مع شركاته باعتبارها منظمة واحدة.

وفي عام 2015، أسس هو وسام ألتمان، وهو رجل أعمال في وادي السيليكون، ومجموعة من الباحثين مختبر "أوبن إيه آي" OpenAI، وهي مؤسسة أبحاث تطور الذكاء الصناعي من أجل صالح البشرية. 

وفي غضون أشهر، جند ماسك العديد من الباحثين في هذا المختبر للمساعدة في نظام القيادة الذاتية لشركة تسلا، حسبما قال شخصان على دراية بالعمل. واختار لاحقاً الباحث فيOpenAI ، أندريه كارباثي ليعينه مديراً أول للذكاء الصناعي في تسلا.

وبعد 7 أشهر من تشغيل المختبر، أسس ماسك شركة "نيورالينك"، وهي شركة تهدف إلى تطوير الواجهات الحوسبية الداعمة للعقل البشري. وانتقلت "أوبن إيه آي" و"نيورالينك" إلى نفس المبنى في منطقة ميشن في سان فرانسيسكو. ولفترة من الوقت، عقدت الشركتان اجتماعات غداء على أساس أنهما سيتعاونان معاً.

في ذاك التوقيت، قام إيلون ماسك بتعيين بيرشال، وهو مصرفي سابق في بنك "مورجان ستانلي"، رئيساً لمكتب عائلته. وعند تأسيس شركة "نيورالينك"، أصبح بيرشال الرئيس التنفيذي، والمدير المالي، والرئيس، وفقاً لسجلات الشركة. وظهر اسمه في مراسلات مع مسؤولين في مدينة سان فرانسيسكو عندما طلبت الشركة تصريحاً لإجراء أبحاث على الحيوانات.

ومنذ ذلك الحين، أصبح بيرشال المساعد الشخصي لماسك، إذ تولى الإشراف على الأعمال الخيرية للملياردير، وتسجيل شركاته، بما في ذلك "شركة برافدا"، وهي فكرة لموقع إلكتروني يجري تقييماً علنياً للمنافذ الإخبارية والصحافيين. ولم يرد بيرشال على طلبات التعليق التي أرسلتها إليه "نيويورك تايمز".

إدارة "متقلبة المزاج"

وبحلول عام 2016، توسعت امبراطورية ماسك التجارية. وفي المواقف التي تعرض فيها لضغوط شديدة، أظهر الملياردير في بعض الأحيان جانباً سيئاً من أسلوب إدارته. 

ففي يونيو 2016، كانت "تسلا" تواجه حادث التصادم المميت الذي تعرّض له جوشوا براون، الذي كان يستخدم تقنية القيادة الآلية، عندما اصطدمت سيارته بشاحنة عملاقة كانت تعبر الطريق السريع. وفي مكالمة هاتفية جرت بين "تسلا" والإدارة الوطنية للسلامة المرورية على الطرق السريعة في هذا الشهر، أوضح بول هيمرسباو، الذي كان يشغل آنذاك منصب المستشار العام للإدارة، أن إدارته فتحت تحقيقاً رسمياً بشأن تقنية القيادة الآلية.

ولدى علمه بالأمر، انفجر ماسك غاضباً، وصرخ في الهاتف مهدداً بمقاضاة الإدارة الحكومية في حال واصلت تحقيقها. وفي اليوم التالي، تراجع ماسك، ومضت الإدارة قدماً في التحقيق، كما ذكر 4 أشخاص لديهم معرفة بهذه الواقعة.

وغالباً ما تسببت قرارات ماسك القائمة على قناعاته الشخصية والارتجال في إثارة حفيظة موظفيه. ففي سبتمبر 2016، سافر ماسك إلى جوادالاجارا، في المكسيك، ليعلن خلال المؤتمر الدولي للملاحة الفضائية عن خطة شركته "سبيس إكس" (SpaceX) لنقل البشر إلى المريخ. لكن حتى قبل أن يصعد المنصة لم يكن لدى مسؤوليه التنفيذيين، الذين يتوجب عليهم إطلاع "ناسا" وشركاء آخرين على خطط ماسك، أي فكرة بشأن ما كان يعتزم قوله، حسبما ذكر مسؤول كبير.

وحينذاك، قدم ماسك عرضاً تقديمياً استمر لمدة ساعة، أشار خلاله إلى وجود احتمال "بنسبة عالية جداً" بأن يموت الناس في أول رحلة إلى المريخ.
 
وفي شركة "تسلا"، فوجئ المهندسون الذين يعملون على نظام القيادة الآلية بتغريدة ماسك في عام 2016 التي أعلن خلالها متى ستكشف "تسلا" عن إصدارها الجديد لنظام "القيادة الآلية".

وفي عام 2017، فوجئوا أيضاً بتغريدة أخرى من رئيسهم، تقول إن نسخة أكثر تطوراً من تقنية القيادة الآلية تحمل اسم "القيادة الذاتية الكاملة" (Full Self Driving)، ستظهر بعد 6 أشهر، وفقاً لما قاله موظفون سابقون. (ونظام "القيادة الذاتية الكاملة"، الذي يخضع الآن لاختبار تجريبي، لا يتوافر على نطاق واسع.)

عام من الاضطرابات

كان 2018 عاماً حاسماً بالنسبة لماسك، إذ عاد عليه أسلوبه الفردي المتهور بالضرر.

ففي "تسلا"، ضغط ماسك من أجل تكثيف تصنيع السيارة السيدان "موديل 3". ولأنه كان يعتقد أنه الوحيد الذي يمكنه إنجاز المهمة، فصل ماسك المدير التنفيذي المسؤول عن التصنيع، وقرر تجديد خط تجميع مصنع الشركة في فريمونت، بولاية كاليفورنيا بنفسه. وفي كثير من الأحيان، كان ينام في إحدى قاعات المؤتمرات بالمصنع.

وفي عام 2018، قال ماسك لصحيفة "نيويورك تايمز": "مرت عليّ أوقات لم أكن أغادر فيها المصنع لثلاثة أو 4 أيام- وأيام لم أخرج فيها". (تسلا قالت إنها حققت أهدافها الإنتاجية في نهاية المطاف).

في بعض الأحيان، انضم إلى ماسك في المصنع، سام تيلر، كبير الموظفين بحكم الواقع، الذي كان لديه حقيبة نوم هناك، حسبما قال للصحيفة شخص زار المصنع. وتبادل تيلر المهام مع شيفون زيليس، الرأسمالية المغامرة السابقة، وكلاهما كان يحمل ألقاباً في العديد من الشركات التي يديرها ماسك.

ولم يرد تيلر، الذي ترك وظيفته لدى ماسك، في 2019، على طلب "نيويورك تايمز" للتعليق. كما رفضت زيليس، التي ما زالت تعمل لحساب الملياردير التعليق أيضاً.

تسلا "شركة خاصة"

بعد دراسة السيارة "موديل 3"، قرر ماسك أنه سئم من مواجهة "تسلا" ضغوط السوق العامة. وفي 2 أغسطس 2018، أرسل رسالة بالبريد الإلكتروني إلى مجلس إدارة الشركة، حملت عنوان "عرض للسيطرة على تسلا مقابل 420 دولاراً"، وشملت تفاصيل قليلة بشأن تمويل العرض.

كانت الدائرة المقربة من ماسك مبتهجة بهذه الخطوة. وكتب كيمبال ماسك، عضو مجلس إدارة شركة "تسلا" في رسالة نصية إلى أخيه: "أعتقد أن تحويل تسلا إلى شركة خاصة سيكون أمراً رائعاً". وهذه الرسائل وردت في وثائق المحكمة، التي نُشرت الشهر الماضي.

وفي 7 أغسطس، أعلن ماسك عن فكرته: "أفكر في تحويل تسلا إلى ملكية خاصة بسعر 420 دولاراً للسهم. وتم تأمين التمويل اللازم".

بينما أرسل جيمس مردوخ، قطب وسائل الإعلام، الذي كان عضواً في مجلس إدارة "تسلا"، إلى ماسك برسالة، جاء فيها: "يا لها من طريقة فقط لإشعال الفتيل!". فأجابه ماسك: "كل شيء يكون أفضل بالنار".

وبرغم ما حظي به ماسك من تشجيع المقربين، باءت جهوده بالفشل، إذ لم يتوافر له التمويل الذي كان يعوّل عليه لتحويل تسلا إلى شركة خاصة. ورفع المساهمون في "تسلا" دعاوى قضائية ضده، في أغسطس 2018، يتهمونه فيها بالاحتيال بالأوراق المالية. وبعد شهر، اتهمت لجنة الأوراق المالية والبورصة ماسك بالتهمة ذاتها. 

وقال ديباك أهوجا، المدير المالي لشركة "تسلا" آنذاك، في إفادة أدلى بها في عام 2018، إن "نهج ماسك في العمل يقوم على الحد الأدنى من التوثيق"، مضيفاً: "إنه فعلياً يقوم بأعمال تجارية تقوم على أساس الالتزام اللفظي والمصافحة باليد".

وتوصل ماسك إلى تسوية مع لجنة الأوراق المالية والبورصة في ذلك العام، وانتهى الأمر بتغريمه 20 مليون دولار. ولا تزال الدعوى القضائية التي رفعها المساهمون منظورة أمام المحكمة.

وفي الوقت ذاته، تورط ماسك في قضية تشهير بحق فيرنون أونسورث، مستكشف الكهوف البريطاني. كان أونسورث انتقد ماسك لتصنيع غواصة لإنقاذ أولاد عالقين في أحد كهوف تايلاند عام 2018. ورداً على هذه الانتقادات وصف ماسك، في تغريدة على حسابه عبر "تويتر"، مستكشف الكهوف بأنه "متحرش بالأطفال"، ما دفع الأخير إلى ملاحقته قضائياً بدعوى التشهير.

وخلف الكواليس، استأجر بيرشال شخصاً انتحل صفة محقق خاص للبحث عن معلومات حول أونسورث، لأنه "كان يملك غريزة لحماية رئيسه"، وفقاً لما أوردته وثائق المحكمة وشهادات الشهود. وأرسل ماسك بعض هذه التفاصيل بشأن أونسورث إلى أحد الصحافيين. وانتهى المطاف بالمحقق الخاص باتهامه بالاحتيال، واستخدام معلومات مضللة.

وفي رسائل عبر البريد الإلكتروني إلى مستشار العلاقات العامة، كشف عنها قبل المحاكمة، قال ماسك إن إرسال معلومات إلى صحافي كان "أحد أغبى الأمور التي قمت بها على الإطلاق" (الصحافي يعمل الآن في صحيفة "ذي تايمز").

وقام ماسك بتعيين محامي المشاهير سبيرو، الذي كان من بين عملائه مطرب الراب جاي ـ زي، لقيادة فريق الدفاع عنه.

وفي ديسمبر 2019، وجدت المحكمة أن ماسك "غير مسؤول" عن التشهير، بعدما دفع سبيرو بأن تغريدة موكله لم تكن سوى "مزحة". ومنذ ذلك الحين، أصبح سبيرو أحد المقربين من ماسك.

أقصى قدر من المتعة

خلال العديد من النجاحات والإخفاقات، كان القاسم المشترك الوحيد لدى ماسك هو "تويتر"، إذ عادة ما يكتب 12 تغريدة، أو أكثر، في اليوم الواحد، إلى متابعيه الذين يتجاوز عددهم 90 مليون شخص.

وتتضمن هذه التغريدات انتقادات لاذعة لموظفي مبيعات "تسلا"، ومشاركة صور ساخرة، وبعض الأفكار حول الجائحة (كوفيد-19) والسياسة والعملة الرقمية دوجكوين.

وفي عام 2020، ألغى ماسك قسم الاتصالات بشركة تسلا، ويُعزى ذلك جزئياً إلى أنه شعر بأنه يستطيع التواصل مباشرة مع معجبيه وعملائه عبر "تويتر"، حسبما ذكر 3 موظفين سابقين في "تسلا".

ودفع حب ماسك لشركة التواصل الاجتماعي إلى شرائها. ولإتمام الصفقة، الشهر الماضي، كلف ماسك بيرشال بتولي أمور اللوجستيات وخدمات الاتصالات في "تويتر"، وفقاً للوثائق المالية للشركة. وتحدث سبيرو إلى وسائل الإعلام.

كما أنشأ ماسك 3 شركات جديدة حملت أسماء "إكس القابضة" الأولى، والثانية، والثالثة، والتي شاركت في تمويل صفقة "تويتر"، وفقاً لسجلات لجنة الأوراق المالية والبورصة.

وبعد حصوله على شركة "تويتر"، الأسبوع الماضي، واحتفاله بتغريدة مليئة بالقلوب والصواريخ كرموز تعبيرية، ظهر ماسك في بوكا تشيكا، في ولاية تكساس، لمناقشة محرك صاروخ SpaceX مع فريق من المهندسين. وكتب، الأربعاء: "لنجعل من تويتر أقصى قدر من المتعة".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات