
ركّزت القمة العالمية للحكومات في دبي، خلال يومها الثاني، على جهود الاستجابة للأزمات العالمية، وسط مخاوف من بطء تعافي الاقتصاد العالمي من تداعيات جائحة كورونا، بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وكانت أعمال القمة العالمية للحكومات قد انطلقت، الثلاثاء، بمشاركة مسؤولين ورؤساء تنفيذيين لشركات، ومنظمات دولية من مختلف دول العالم.
وأكدت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا في مقابلة مع "الشرق"، على هامش مشاركتها في القمة، أن الصندوق سيخفض توقعات النمو الاقتصادي العالمي، بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، ما سيطيل أمد التعافي من تداعيات جائحة كورونا.
وقالت إن صندوق النقد الدولي "سيعدّل خلال أسبوعين توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي ويخفضها للأسف، بسبب الحرب في أوروبا والتي أثرت على أسعار الغذاء والطاقة وأدّت لرياح معاكسة".
وأضافت "نحن نقوم بمراجعة احتياجات الدول لتقديم الدعم المناسب لها"، مشيرةً إلى أن الصندوق لديه قدرة إقراض تبلغ تريليون دولار، " تمّّ استخدام 250 مليار منها حتى الآن، وبالتالي لدينا 750 مليار دولار متاحة لدعم الدول".
وفي ما يتعلق بتأثير الأزمة الروسية الأوكرانية على دول المنطقة، اعتبرت جورجييفا أن مصر ولبنان مثالان لتأثيرات الحرب، باعتبار أن البلدين يعتمدان على روسيا وأوكرانيا في استيراد أكثر من 50% من احتياجاتهما من القمح والذرة، "وعليه، يجب أن نكون حاضرين لمساعدتهما".
وكشفت جورجييفا أن الصندوق "حصل على تعهدات بقيمة 60 مليار دولار من دول لديها الإمكانات لتحمّل الأوضاع القائمة، لنقلها إلى دول غير قادرة على التحمّل".
مخاطر على الأمن الغذائي
من جانبها، حذّرت المديرة العامة لسياسات التنمية والشراكات بالبنك الدولي ماري بانجيستو، الأربعاء، من تفاقم الأمن الغذائي في العالم بسبب التغيّر المناخي.
وأكدت بانجيستو، خلال كلمة في قمة الحكومات، أن التعافي المرن والتنمية المستدامة لا يمكن تحقيقها دون بناء الثقة في الحكومات، والانفتاح على تجارب الآخرين والتعاون المشترك، واستخدام التكنولوجيا لتحقيق الجاهزية للتحديات المستقبلية.
وأوضحت أن جائحة كورونا "أثبتت أن الحوكمة الجيّدة محور أساسي في التنمية"، مشيرةً إلى أن "الجائحة سرعت الرقمنة وأبرزت لنا كيف أن التكنولوجيا تؤدي إلى حوكمة وقرارات أفضل".
ولفتت إلى أن "البنك الدولي يطور حلولاً لدعم أنظمة الحكومات ومراقبة المشاريع عالية المخاطر"، لكنها دعت الحكومات كذلك إلى مساعدة القطاع الخاص.
وأضافت: "كل حكومة في العالم عليها بناء مؤسسات لتحديد المخاطر وإدارة الأزمات، حتى يتم اتخاذ القرارات بسرعة قبل استفحال الأزمات".
"تغيّر الأجندات"
بدوره، أكد رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح، أن أجندة العديد من حكومات العالم تعاني من تحديات القرن الحادي والعشرين، كالتغير المناخي وندرة المياه والصراعات الجيوسياسية والتحولات الديموغرافية والفقر والأزمات الصحية والاختلالات الاقتصادية والأزمات المالية.
وقال خلال كلمة أمام القمة، إن "الأمر يتطلب استجابة دولية سريعة وتضافر جهود الحكومات للحد من آثارها والعمل على تحويلها إلى فرص واعدة تُحسّن من جودة حياة الشعوب عبر التمكين التكنولوجي والترابط الاقتصادي العالمي والتوسع في بناء شبكة المدن المستدامة واستخدامات الطاقة النظيفة".
ودعا رئيس الحكومة الكويتي إلى تبني الأفكار الإبداعية، ووضع الخطط الاستباقية التي تساعد على استيعاب توجهات ومتطلبات القرن الحادي والعشرين، وإدراك أدواته التنافسية القائمة على الاستخدام الكثيف للمعرفة والابتكار والتكنولوجيات المتطورة، ضمن إطار من الشراكة الدولية وتحمل المسؤولية تجاه تنمية المجتمعات وتحسين جودة الحياة، بما يحقق الرخاء والاستقرار في العالم.
آليات استجابة دولية
وتحدّث المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس، أمام القمة من خلال كلمة عبر الفيديو، شدد خلالها على ضرورة تكثيف الجهود الدولية للتنسيق بشأن استجابة موحدة في مواجهة الأزمات.
واعتبر أن "القمة العالمية للحكومات هي فرصة لتوحيد جهود الدول للبحث عن الحلول المبتكرة لبناء مستقبل أكثر أماناً وعدالة وصحة".
ولفت إلى أن "العالم يحتاج إلى خطط صحية معززة من أجل الوقاية من الأوبئة والاستجابة لها"، مضيفاً أنه "في مرحلة الأزمات العالمية، لا توجد أي دولة يمكنها مواجهة الأزمة بمفردها. جائحة كورونا أثبتت لنا قيمة التعددية، والتعاون في مواجهة التهديدات المشتركة".
وشدد على الحاجة إلى استقرار مالي في المنظمة وتنسيق أكبر بين الدول الأعضاء، مشيراً إلى أن أعضاء المنظمة "يناقشون في الوقت الراهن سبل خلق منظومة استجابة عالمية للأوبئة والجوائح، بما في ذلك مشاركة الإجراءات الإجراءات الاحترازية وتوحيدها".
وأكد أن "الجائحة أبرزت لنا أن الصحة في أي دولة ليست نتيجة طبيعية تصل إليها الدول المتقدمة، بل هي مرتبطة بالدولة الأخرى أيضاً".
يشار إلى أن قمة الحكومات تهدف إلى "تطوير منصة عالمية لصناعة المستقبل، وتوفير حاضنة لدعم النماذج المستقبلية للعمل الحكومي القائم على الابتكار وفهم الواقع وتلبية متطلباته، بما يراعي مصلحة الدول والشعوب ويعزز من طريقة تعاملها من التحديات الحالية والمستقبلية".
وحملت القمة منذ بداياتها شعار "استشراف حكومات المستقبل"، وشهدت فعالياتها على مدار عقد من الزمن "مجموعة من الأفكار والمبادرات والتجارب"، بالإضافة إلى "تعزيز جاهزية الدول عبر التركيز على تسخير التكنولوجيا للتغلب على التحديات التي تواجه البشرية حالياً ومستقبلاً"، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الإماراتية "وام".
اقرأ أيضاً: