مواقع بحرية وتقارير: "ساويز" سفينة تجسس إيرانية بهوية مدنية

time reading iconدقائق القراءة - 9
السفينة الإيرانية "ساويز" (صورة أرشيفية) - fleetmon.com
السفينة الإيرانية "ساويز" (صورة أرشيفية) - fleetmon.com
دبي-الشرق

رجحت مواقع بحرية، وخبراء في شؤون الدفاع البحري، أن تكون السفينة الإيرانية "ساويز" التي تعرضت لهجوم بألغام لاصقة في البحر الأحمر، الثلاثاء، "سفينة تجسس بهوية مدنية".

وبينما لا تُعرف طبيعة المهام البحرية التي تضطلع بها السفينة الإيرانية "ساويز"، أفادت تقارير سابقة لمواقع متخصصة في أخبار الملاحة البحرية، ومعلومات استخباراتية، بأنها "قاعدة مركزية سرية تابعة للحرس الثوري الإيراني".

"قاعدة تجسس بحرية"

قال "المعهد البحري للولايات المتحدة" (يو إس إن آي) إن "الأمر الرسمي والمعلن، أن ساويز سفينة تجارية، لكنها على الأرجح قاعدة مركزية سرية تابعة للحرس الثوري الإيراني".

وأضاف المعهد، وهو مؤسسة غير ربحية تعنى بشؤون الخدمات البحرية والأمن العالمي، مقرها ولاية ماريلاند، أنه "خلال السنوات العديدة الماضية اتهمت تقارير مفتوحة المصادر، ومسؤولون، السفينة بأنها تدار من قبل الحرس الثوري الإيراني".

وأشار في تقرير له في أكتوبر الماضي، إلى أنه من الصعب إثبات المهام البحرية لسفن مثل "ساويز"؛ "لكن الاستنتاج واضح؛ ولا سيما مع مشاهدة رجال يرتدون الزي العسكري على متن السفينة". 

وأوضح أنه "يوجد على سطح السفينة طرادات من طراز بوستن ويلر (Boston Whaler)، وهو نوع قوارب شائع لدى الحرس الثوري الإيراني، ولا يتماشى مع تصميم ساويز المدني".

ولفت إلى أن "السفينة راسية قبالة الساحل اليمني في الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، بالقرب من مكان حيث يشكل مضيق باب المندب نقطة اختناق طبيعية". 

وتُظهر عمليات إرسال نظام المعلومات الآلية والتحليل الآلي لصور الأقمار الاصطناعية التجارية، أن "السفينة بالكاد تحركت في السنوات الثلاث الماضية. وأن موقعها، يوفر مراقبة مستمرة لحركة الملاحة البحرية".

وقال التقرير، إن المنطقة التي تتمركز فيها السفينة "شهدت عدة هجمات على ناقلات نفط، يمكن ربط بعضها بالحرب في اليمن"، حيث تدعم إيران وتوفر إمدادات لجماعة الحوثي المتحالفة معها.

وفي عام 2018، تعرضت ناقلتان سعوديتان للهجوم بالقرب من باب المندب، وأحبط السعوديون هجوماً آخر في مارس من عام 2020.

واشتبه التقرير في شن "الحرس الثوري" الإيراني نفسه هجمات على ناقلات في المنطقة، وهم متهمون بزرع ألغام لاصقة على ناقلتين في خليج عمان في الـ13 من يونيو 2019. 

وقال المعهد إن "ناقلات إيرانية تواصل إمداد سوريا بالنفط، حيث تبحر مروراً بالسفينة ساويز وصولاً إلى قناة السويس، وبعد ذلك ترافقها سفن حربية روسية. وربما يلعب موقع ساويز دوراً في حماية تلك الناقلات أثناء مرورها عبر البحر الأحمر".

ورجح المعهد أن تظل "ساويز" في مكانها في المستقبل القريب، "مختبئة وراء هويتها المدنية، فمن هناك يمكن للسفينة تزويد إيران وحلفائها بمعلومات استخباراتية في الوقت الفعلي عن كل ناقلة وسفينة تجارية وسفينة حربية تمر".

عملية إنقاذ

وفي 2019، عاد اسم السفينة إلى التداول الإعلامي، بعدما أنقذ "التحالف العربي" أحد أفراد طاقم السفينة المسجلة في إيران، والتي كانت على بعد نحو 170 كيلومتراً شمال غربي ميناء الحديدة اليمني. 

وقال المتحدث باسم التحالف العقيد تركي المالكي، إن السفينة "تعمل سفينة عسكرية رغم أنها مسجلة كسفينة شحن تجارية".

وأضاف المالكي أن المساعدة قدمت "رغم التهديد الذي تمثله هذه السفينة المشبوهة... والأعمال العدائية التي تنفذها ضد قوات التحالف ومصالح الشعب اليمني وتهديداتها المستمرة للممرات البحرية والتجارة العالمية على البحر الأحمر".

"سفينة عمليات سرية"

وعلى نحو مماثل، قال محرر "فوربس" لشؤون الفضاء والدفاع، إتش آي سوتون، إن "ساويز سفينة عمليات سرية إيرانية تراقب البحر الأحمر".

وأوضح أن في تقرير نشره على موقعه الإلكتروني في يوليو 2019، أن "السفينة التي ترفع العلم الإيراني بصفتها سفينة شحن عام، تستخدم قاعدة بحرية للمراقبة والقيادة والاتصال من قبل القوات الإيرانية العاملة في البحر الأحمر".

وتشير التحليلات إلى أنها أرسلت بشكل أساسي لـ"دعم القوات البحرية لجماعة الحوثي التي تقاتل في حرب اليمن". وكانت السفينة تعمل ناقلة بضائع ضخمة حتى وقت قريب قبل أن "تستخدم لأغراض أخرى لدعم عمليات سرية، بينما تحتفظ بهوية مزيفة كسفينة شحن".

ولفت إلى أنها لا تزال تعمل في موقع يراقب حركة الملاحة في البحر الأحمر، كما يظهر على نظام التعرف الآلي (إيه آي إس)، منذ الكشف عنها في أغسطس من العام الماضي.

ورجح سوتون أن "ساويز ربما تكون لعبت دوراً نشطاً في هجمات شنتها جماعة الحوثي، إذ إنها توفر معلومات استخباراتية قيّمة للجماعة، ولا سيما أن بعض الصواريخ التي استخدمتها في هجماتها تتطلب مراقبة للمساعدة في الاستهداف"، وأنها "رصدت أثناء نقل المعلومات إلى قوات الحوثيين على الشاطئ قبل الهجمات".

بينما قال موقع "فلييتمون" الألماني المتخصص في أخبار الملاحة البحرية ورصد حركة السفن، إن السفينة "ساويز" بنيت عام 1999، وتصنف على أنها سفينة شحن، وتحمل العلم الإيراني.

وأضاف الموقع الذي يضم قاعدة بيانات مصورة للسفن من جميع أنحاء العالم، إن متوسط سرعة السفينة "ساويز" نحو 11.1 عقدة، وسرعتها القصوى 11.5 عقدة، في حين لا تتوفر معلومات بشأن أبعاد السفينة أو حمولتها.

أميركا هددت بإجراءات

وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب هددت باتخاذ إجراءات ضد السفينة الإيرانية، بدافع الاعتقاد بأنها تقدم "مساعدات عسكرية ولوجستية كبيرة" لجماعة الحوثي في اليمن.

ووفقاً لتقرير أصدره موقع "واشنطن فري بيكون" الأميركي عام 2018، فإن السفينة شطبت من قائمة العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، في إطار محاولاتها للإبقاء على الاتفاق النووي الموقع مع طهران في 2015. 

ونقل الموقع عن مسؤولين أميركيين، أن إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، خططت لاستهداف السفينة وسفن إيرانية أخرى بعقوبات، في إطار حزمة عقوبات تستهدف عمليات الموانئ وقطاعي الشحن وبناء السفن في إيران، وذلك في إطار سياسية "الضغط القصوى" التي انتهجتها الولايات المتحدة ضد طهران.

وأضاف، نقلاً عن مسؤولين أميركيين وصفهم بأنهم على اطلاع على نشاط السفينة في البحر الأحمر، أنها "بالكاد تحاول التعتيم على دورها العسكري في مساعدة جماعة الحوثي في اليمن".

ولفت أحد المسؤولين رافضاً الكشف عن اسمه لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام، إلى أن "الإيرانيين لا يحاولون حتى إخفاء الاستخدام العسكري للسفينة"، مشيراً إلى "أنك لا تحتاج إلى تقارير استخباراتية أو صور أقمار اصطناعية لمعرفة أن السفن التجارية لا تتصرف على هذا النحو"، موضحاً: "إذا كنت تنقل البضائع، فإنك لا ترسو في مكان واحد لأسابيع، فضلاً عن الرسو في مناطق حرب ونزاع، حيث الميليشيات تطلق الصواريخ على السفن"، وفق تعبيره. 

من جهته، دعا "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" في تحليل، نشر في 2018، الولايات المتحدة إلى جمع المزيد من المعلومات الاستخباراتية ضد "السفينة الأم" الإيرانية "ساويز" التي "يستخدمها الجيش الإيراني على الأرجح لتزويد الحوثيين ببيانات استهداف من أجل شنّ هجمات ضد سفن الشحن"، وذلك إذا أرادت "دعم التزامها طويل الأمد بضمان أمن الممرات البحرية الدولية".

ولفت إلى أن "مراقبة السفينة عن كثب والتهديد بكشف دورها الاستخباراتي المشبوه، كفيلان بجعلها تغادر المنطقة. وفي المقابل، إذا تمكنت السلطات من إثبات تورطها في الأنشطة العسكرية، فقد يكون لديها الحجة للصعود على السفينة والاستيلاء عليها، الأمر الذي قد يوفر المزيد من الأدلة على انتهاك إيران لنظام عقوبات الأمم المتحدة، ودعمها الهجمات ضد سفن مدنية".

استهداف السفينة "ساويز" بألغام لاصقة

أفادت وسائل إعلام إيرانية، الثلاثاء، بأن السفينة "ساويز" تعرضت لهجوم في البحر الأحمر؛ وذلك وسط تقارير عن تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران في البحر الأحمر والخليج.

وذكرت وكالة "تسنيم" الإيرانية شبه الرسمية، نقلاً عن معلومات حصل عليها مراسلها أن السفينة الإيرانية "ساويز" تعرضت لهجوم بألغام لاصقة في البحر الأحمر.

ولم يصدر رد فعل رسمي إيراني على الحادث. وقال مسؤولون أميركيون لوكالة "رويترز"، إن واشنطن لم تشن هجوماً على السفينة.

يأتي الحادث وسط تقارير عن "حرب بحرية" غير معلنة بين إسرائيل وإيران، إذ أشارت تقارير إلى أن تل أبيب ضربت ناقلات نفط إيرانية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.

وقال مسؤولون أميركيون وإقليميون لصحيفة "وول ستريت جورنال" في مارس الماضي إن إسرائيل استهدفت ما لا يقل عن 12 سفينة تحمل النفط الإيراني إلى سوريا، بضربات عسكرية في البحر الأحمر، منذ عام 2019.

وفي 12 مارس الجاري، قالت شركة الملاحة البحرية الإيرانية إن سفينة حاويات إيرانية تعرضت لأضرار في هجوم بالبحر المتوسط وإنها ستتخذ إجراء قانونيا لتحديد الجناة ووصفت الواقعة بأنها إرهاب وقرصنة بحرية.

وفي الـ25 من مارس، قال مسؤول أمني إسرائيلي إن سفينة شحن مملوكة لشركة إسرائيلية أُصيبت بصاروخ أحدث بها أضراراً في بحر العرب، في ما يشتبه أنه هجوم إيراني.

وفي فبراير الماضي، تعرضت سفينة إسرائيلية لتفجير في خليج عمان، واتهمت إسرائيل إيران بالوقوف وراء التفجير وهو ما نفته طهران.