السودان بين معسكرين.. مؤيدون ورافضون للاتفاق الإطاري

time reading iconدقائق القراءة - 8
رئيس المجلس السوداني عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو يرفعان وثائق الاتفاق الإطاري إلى جانب القادة المدنيين، في الخرطوم - 5 ديسمبر 2022 - AFP
رئيس المجلس السوداني عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو يرفعان وثائق الاتفاق الإطاري إلى جانب القادة المدنيين، في الخرطوم - 5 ديسمبر 2022 - AFP
دبي- محمد العجمي

وقع المكون العسكري وعدد من القوى السياسية في السودان اتفاقاً جديداً، الاثنين، ضم قوى سياسية ومجموعات مسلحة وأحزاباً غابت لفترة عن الساحة السياسية، وقوبل بانقسام عميق بين الأطياف السياسية.

خلال الاحتفال بتوقيع الاتفاق، تلا مقدم الحفل أسماء الموقعين على الاتفاق وهم 38 حزباً وتجمعاً نقابياً وحركة مسلحة، إلى جانب توقيع القائد العام للقوات المسلحة وقائد قوات الدعم السريع.

بدأت المرحلة الانتقالية في السودان في أغسطس 2019 بتوقيع اتفاق سياسي بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، التحالف السياسي الواسع الذي تشكل خلال الانتفاضة ضد الرئيس السابق عمر البشير، لتبدأ المرحلة الانتقالية بتشكيل المجلس السيادي ومجلس الوزراء، قبل أن تتعثر في 25 أكتوبر 2021 بقرارات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، الذي حل الحكومة والمجلس السيادي، وأعقب ذلك مرحلة من الخلافات السياسية استمرت لمدة عام، وأنهاها الاتفاق الإطاري الموقع الاثنين.

انشقاقات وخلافات

تركت فترة حكم المجلس السيادي بعد الاحتجاجات التي أطاحت بالبشير عام 2019، ثم إجراءات 25 أكتوبر التي أقصت جزءاً كبيراً من المكون المدني في الحكم، آثارها على تحالف الحرية والتغيير، إذ شهد عدداً من الانقسامات، وخرجت أجسام من التحالف الواسع الذي ظهر مع الانتفاضة ضد البشير.

في نوفمبر 2020، أعلن الحزب الشيوعي السوداني خروجه من التحالف، كما دبت الخلافات مع عدد من الحركات المسلحة بعد توقيع اتفاقية جوبا، أدت لخروج عدة فصائل من بينها حركة العدل والمساواة، وحركة تحرير السودان بقيادة مناوي، كما خرجت مجموعة أخرى من الأحزاب إثر خلافات على خلفية توقيع اتفاق بين قائد الجيش ورئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، في 21 نوفمبر 2021، أدت هذه الخلافات لإعادة تشكيل الساحة السياسية في البلاد.

واختارت قوى سياسية البقاء خارج الاتفاق الإطاري، ومنها الكتلة الديمقراطية، والحزب الشيوعي ولجان المقاومة، بالإضافة لحزب البعث وهو المكون الوحيد من المجلس المركزي الذي تحفظ على الاتفاق.

العسكريون

يمثل القائد العام للجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو أبرز شخصيتين عسكريتين في السلطة منذ الإطاحة بالبشير عام 2019، ومن ثم التنحي السريع لوزير دفاعه عوض بن عوف الذي استقال إلى جانب نائبه رئيس الأركان السابق كمال معروف، بعد أقل من 48 ساعة من إعلانهما الإطاحة بالبشير وتشكيل مجلس عسكري مؤقت في البلاد.

حافظ البرهان ودقلو على موقعيهما منذ ذلك الحين، إذ تولى الأول رئاسة المجلس العسكري، ومن ثم مجلس السيادة، وظل دقلو نائباً في مجلس السيادة، ولم يتغير ذلك بإجراءات 25 أكتوبر وحل مجلس السيادة ومن ثم إعادة تشكيله.

ووقع البرهان ودقلو على الاتفاق بصفتيهما العسكريتين، إذ وقع الأول بصفته القائد العام للقوات المسلحة، والثاني بصفته قائد قوات الدعم السريع.

وقال البرهان خلال التوقيع إن القوات المسلحة تسعى لـ "الالتزام بالمهنية العسكرية التي تتسم بالخبرة والمسئولية ووحدة الجيـش وتعني هذه المهنية اعتراف العسكريين بالقيـادة السياسية للسياسيين المدنيين والبقاء على الحياد وحصر مهمة الجيش في حفظ الأمن من المهددات الخارجية". 

فيما أكد دقلو الالتزام بالاتفاق وصولاً للانتخابات، قائلاً: "بهذه المناسبة نؤكد أمامكم التزامنا الشخصي والمؤسسي الصارم بالتحول الديمقراطي وحماية الفترة الانتقالية وفق ما اتفقنا عليه حتى إجراء الانتخابات".

الحرية والتغيير المجلس المركزي

يعتبر المجلس المركزي من أبرز الكتل الموقعة على الاتفاق، وتعتبر الأحزاب المشكلة له من ضمن أبرز الأحزاب في البلاد.

ويضم التكتل في الوقت الحالي أحزاب: الأمة القومي، التجمع الاتحادي، المؤتمر السوداني، وعدداً آخر من الأحزاب والمجموعات المهنية.

وقالت قوى الحرية والتغيير، في بيان، عشية التوقيع على الاتفاق، إنها تسعى "لتأسيس وضع دستوري جديد يلبي تطلعات الحركة الجماهيرية وصولاً إلى اتفاق نهائي".

من ضمن الأحزاب البارزة في التكتل أيضاً، حزب البعث العربي الاشتراكي– الأصل، والذي كان له عدد من الوزراء وحكام الولايات قبل 25 أكتوبر. وتحفظ الحزب في بيان على الاتفاق الإطاري، واعتبره "شرعنة وإطالة لأمد الانقلاب".

المشاركون الجدد

شارك في التوقيع على الاتفاق حزب المؤتمر الشعبي، وهو الحزب الذي أسسه الراحل حسن الترابي حينما قاد انشقاقاً داخل الحركة الإسلامية أواخر التسعينات، إثر خلافات مع الرئيس السابق عمر البشير، الذي أسس بدوره حزب المؤتمر الوطني.

كذلك وقع حزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، وإن كان الأخير تعصف به الخلافات الداخلية، ويمثله فصيل آخر رافض للتوقيع.

ويقود الخلافات داخل الحزب الاتحادي الأصل، جعفر الميرغني والحسن الميرغني، نجلا رئيس الحزب ومرشد الطريقة الختمية محمد عثمان الميرغني، اللذان يتنافسان على خلافة والدهما.

وانضم جعفر إلى كتلة الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية، فيما انضم الحسن الميرغني إلى الموقعين على الاتفاق الإطاري، وأصدر كلا الفصيلان بيانات ممهورة باسم الحزب تدافع عن موقف كل منهما.

وما يجمع الحزبين عدم مشاركتهما في إعلان الحرية والتغيير عام 2019، حيث ظل حزبا الاتحادي والشعبي مشاركين للرئيس السابق عمر البشير في السلطة حتى الإطاحة به.

لجان المقاومة 

في مركز دائرة الرفض، يقف الحزب الشيوعي السوداني، إضافة إلى عدد من لجان المقاومة، وهي لجان شعبية تتشكل في غالبها من الشباب، تنظم الاحتجاجات منذ 2019، برز دورها في تنظيم الاحتجاجات بعد إجراءات قائد الجيش في 25 أكتوبر 2021، وصارت العماد الرئيسي للمظاهرات. كذلك رفضت عدد من الأجسام النقابية المشاركة في التوقيع على الاتفاق السياسي.

ويتمسك الرافضون للاتفاق بما يسمونه اللاءات الثلاث، وهي "لا تفاوض، لا شراكة، لا مساومة"، ويعني الرافضون بهذا الشعار المكون العسكري، الذي يرون أنه انقلب على العملية السياسية بإجراءات 25 أكتوبر.

المجموعات المسلحة

تنقسم المجموعات المسلحة إلى مؤيد ومعارض للاتفاق، لكن هذا الانقسام ليس حديثاً؛ فمنذ توقيع اتفاقية جوبا في أكتوبر 2020، التي وضعت بموجبها عدد كبير من المجموعات المسلحة سلاحها، بدأت الخلافات بين الحركات والأحزاب السياسية.

ظل كل من الحركة الشعبية، تجمع قوى تحرير السودان، وجيش تحرير السودان – المجلس الانتقالي، وحركة التحالف السوداني، ومؤتمر البجا المعارض، محتفظين بمقاعدهم في تحالف الحرية والتغيير، تحت مظلة الجبهة الثورية، ولذلك شاركوا في التوقيع على الاتفاق الإطاري.

ورغم هذا الموقف القريب من الحرية والتغيير، إلا أن هذه الحركات احتفظت كذلك بمقاعدها الحكومية بعد إجراءات 25 أكتوبر، التي اعتبرت أنها لم تمس اتفاق جوبا، وذلك ما أكده أيضاً قائد الجيش.

الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية

حركتا العدل والمساواة وجيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، البارزتان في دارفور، إلى جانب عدد آخر من الحركات المسلحة الأصغر حجماً، استمرت خلافاتهم مع قوى الحرية والتغيير، ليساهموا في تشكيل كتلة جديدة، انتهت إلى ضم فصيل من الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، والتحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية، الحركة السياسية التي شكلها مؤخراً مبارك أردول، رئيس شركة الموارد المعدنية السودانية.

ورفضت الكتلة التوقيع على الاتفاق، واعتبرته تسوية ثنائية بين العسكريين والمجلس المركزي. كما قال وزير المالية جبريل إبراهيم، أحد أبرز قادة الكتلة، إن الاتفاق "بعيد كل البعد عن الوفاق الوطني الذي يحقق استقرار الفترة الانتقالية ولا يفضي إلى انتخابات حرة نزيهة في المستقبل المأمول".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات