
ذكرت صحيفة "جارديان" البريطانية، أن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا أصبحا على شفا حرب تجارية، بعد أن اتهمت بروكسل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، بالافتقار إلى الصدق في المفاوضات بشأن مستقبل أيرلندا الشمالية.
وحذرت بروكسل المملكة المتحدة من "عواقب وخيمة" إذا فعّلت لندن المادة 16 من اتفاق ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، في حين قال وزير بريكست البريطاني ديفيد فروست، الجمعة، إن العلاجات المقترحة لم تكن كافية.
ولفتت الصحيفة إلى أنه عندما خرج مفوض الاتحاد الأوروبي ماروش شيفوفيتش من اجتماعه الأخير المتوتر مع وزير بريكست البريطاني، قال المفوض إنه على الرغم من محاولات بروكسل للتوصل إلى حل وسط "لم نشهد أي تحرك على الإطلاق من جانب المملكة المتحدة".
ويخوض الجانبان محادثات منذ ثلاثة أسابيع، بشأن تغييرات في كيفية عمل اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لضمان التدفق الحر للتجارة بين بريطانيا وأيرلندا الشمالية.
وعرض الاتحاد الأوروبي خفض الضوابط الجمركية إلى النصف والفحوصات الصحية على المنتجات الحيوانية والنباتية المتجهة إلى محلات السوبرماركت بنسبة 80%، لكن شيفوفيتش أشار إلى أنه لم يكن هناك سوى جهد ضئيل من قبل فروست للتعامل مع المقترحات.
"المادة 16"
وقال شيفوفيتش: "لقد وجدت هذا مخيباً للآمال، ومرة أخرى أحث حكومة المملكة المتحدة على التعامل معنا بصدق". وأضاف: "أرى أن الأسبوع المقبل مهم، يجب أن نركز كل الجهود على التوصل إلى حل في أسرع وقت ممكن".
وتابع: "نسمع الكثير عن المادة 16 في الوقت الحالي، ولكن لا شك في أن تفعيل المادة للسعي إلى التفاوض بشأن بروتوكول (أيرلندا الشمالية)، سيكون له عواقب وخيمة".
وأشار إلى أن هذا الأمر "سيكون خطيراً أيضاً بالنسبة للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بشكل عام، لأنه سيعني رفض جهود الاتحاد الأوروبي لإيجاد حل توافقي لتنفيذ البروتوكول."
وبموجب البروتوكول، تظل أيرلندا الشمالية في السوق الموحدة للسلع بينما يتم تطبيق دفتر القواعد الجمركية للاتحاد الأوروبي على البضائع التي تدخل من بريطانيا.
وبينما أقرت بروكسل بأن تنفيذ هذه الترتيبات خلق اضطراباً سياسياً في أيرلندا الشمالية، تسمح المادة 16 من "بريكست"، باتخاذ ضمانات، في سياق المعاهدة، إذا أدى البروتوكول إلى صعوبات اقتصادية، أو اجتماعية، أو بيئية خطيرة يمكن أن تستمر، أو أن تؤدي إلى تحويل المسار التجاري.
وطبقاً للمعاهدة فإن المادة 16، لا تسمح لأي طرف بإلغاء البروتوكول بالكامل.
بريطانيا: مقترحات غير فعالة
وقال وزير بريكست البريطاني ديفيد فروست، الجمعة، إن العلاجات المقترحة لم تكن كافية، مشيراً إلى أن حكومة المملكة المتحدة تريد الحفاظ على التدفق الحر للتجارة بين أيرلندا الشمالية والسوق الموحدة الأوسع نطاقاً، ولكن دون دور لمحكمة العدل الأوروبية كحكم بشأن اتباع قانون الاتحاد الأوروبي.
وأوضح متحدث باسم الحكومة البريطانية عن الاجتماع مع سيفوفيتش، أن "فروست عرض تقييم المملكة المتحدة للمفاوضات بشأن البروتوكول"، وأكد أن "التقدم كان محدوداً، وأن مقترحات الاتحاد الأوروبي لا تتعامل حالياً بشكل فعال مع الصعوبات الأساسية في طريقة عمل البروتوكول".
الخيارات المُتاحة
وبحسب "جارديان"، فإنه من المتوقع على نطاق واسع، اتخاذ قرار بشأن المادة 16 بعد محادثات المناخ (كوب 26) في جلاسكو، التي من المقرر انتهاؤها في 12 نوفمبر.
وإذا فعّلت المملكة المتحدة المادة 16، فستكون هناك مجموعة من الخيارات المتاحة للاتحاد الأوروبي، بما في ذلك تقديم إشعار بإنهاء اتفاقية التجارة والتعاون التي تضمن التجارة الحرة.
لكن "جارديان" نقلت عن مصادر في الاتحاد الأوروبي، أنه من غير المرجح قفز بروكسل إلى مثل هذا القرار بالنظر إلى مجموعة الخيارات الأخرى المتاحة ضمن المعاهدة للرد على المملكة المتحدة، بما في ذلك الرسوم الجمركية المستهدفة على الصادرات البريطانية.
وينذر احتمال تفعيل المادة، التي تسمح بتعطيل أجزاء من البروتوكول في ظروف معينة، بمواجهة غير مسبوقة بين الكتلة الأوروبية ولندن، إذ إن بروتوكول أيرلندا الشمالية، كان الاتفاق الحاسم الذي تعتمد عليه اتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بأكملها.
وتملك أيرلندا الشمالية حدوداً مباشرة مع الاتحاد الأوروبي، عبر حدودها من جمهورية أيرلندا، وتفاوضت بريطانيا أثناء خروجها من الاتحاد على بروتوكول يتيح بشكل ما، تفادي نشوء حدود مادية بين أيرلندا وأيرلندا الشمالية، من خلال إبقاء الأخيرة عملياً، جزءاً من السوق الأوروبية الموحدة.
وتنص الاتفاقية على أن تظل جزيرة أيرلندا بأكملها في السوق الموحدة مع حدود جمركية في البحر الأيرلندي، لتحتفظ أيرلندا الشمالية عملياً بقدم في كلا النظامين، البريطاني والأوروبي.
لكن عدم إقامة حدود بين أيرلندا وجارتها الشمالية، التي هي جزء من المملكة المتحدة، كان يعني أن على الاتحاد الأوروبي حماية سوقه التجارية الموحدة، عبر إقامة حدود جمركية بين أيرلندا الشمالية وبقية المملكة المتحدة، للسلع التي تعتبر "معرضة لخطر" الانتقال إلى سوق الاتحاد الأوروبي، ما أدى إلى زيادة التكاليف وأسعار المستهلكين.