وصفت شركة "راين إير" تحويل مسار طائرتها التي كانت متجهة من أثينا إلى فيلنيوس، وإرغامها على الهبوط في مينسك، واعتقال الصحافي البيلاروسي المعارض رومان بروتاسيفيتش، بأنه "قرصنة ترعاها دولة".
وطالب الاتحاد الأوروبي بفتح "تحقيق دولي" في الحادث، فيما دعت بريطانيا إلى "محاسبة" الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو.
في المقابل، أعلنت بيلاروسيا فتح تحقيق في الحادث، مؤكدة أنها لم ترغم الطائرة على الهبوط على أراضيها. وندّدت وزارة الخارجية البيلاروسية بـ"اتهامات بلا أساس" توجّهها دول أوروبية، معتبرة أنها "تسيّس" الحادث.
ووَرَدَ في بيان أصدرته الوزارة: "ليس هناك أدنى شك في أن تصرفات هيئاتنا المختصة كانت بالتوافق مع القواعد الدولية"، كما أفادت وكالة "فرانس برس".
وأعلنت الوزارة أن مينسك مستعدة للسماح لخبراء بزيارتها، إذا تطلب الأمر، للمشاركة في التحقيق بشأن الحادث، وإطلاعهم على كل البيانات المتعلقة به، كما أفادت وكالة "ريا نوفوستي" الروسية.
وأشارت الوكالة إلى أن وكالة الطيران الحكومية البيلاروسية أعلنت، الاثنين، أن المراقبين الجويين أصدروا "توصيات" لطاقم طائرة "راين إير"، ولم يرغموها على الهبوط، بعد تهديد طاقمها.
وأضافت الوكالة أن وزارة النقل البيلاروسية شكّلت لجنة للتحقيق في الحادث، مشيرة إلى أنها ستنشر نتائجه قريباً.
"نفاق" الغرب
في السياق ذاته، دافعت موسكو عن حليفتها مينسك، متهمةً الغرب بـ"النفاق". وكتبت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، على "فيسبوك": "إنه لأمر مروّع أن يصف الغرب الحادث في المجال الجوي البيلاروسي، بأنه صادم".
وأضافت في إشارة إلى الغربيين: "إما أن يُصدموا من... (الهبوط) القسري لطائرة الرئيس البوليفي في النمسا، بناءً على طلب الولايات المتحدة... أو (عليهم) ألا يُصدموا من سلوك مماثل ينفذه آخرون".
واتهمت زاخاروفا دولاً غربية بتنفيذ عمليات "خطف وإرغام طائرات على الهبوط والقيام بعمليات توقيف غير قانونية".
لكن مايكل أوليري، الرئيس التنفيذي لشركة "راين إير"، اعتبر أن إرغام السلطات في بيلاروسيا الطائرة على الهبوط في مينسك الأحد، واحتجاز رومان بروتاسيفيتش، كان "عملية خطف برعاية دولة، قرصنة ترعاها دولة".
وأضاف في حديث إذاعي: "يبدو أن السلطات استهدفت إخراج صحافي ورفيقه في السفر... نعتقد بانتشار عملاء لأجهزة الاستخبارات الروسية في المطار أيضاً"، بعدما كانوا على الطائرة.
ولفتت زعيمة المعارضة البيلاروسية، سفيتلانا تيخانوفسكايا، المقيمة في ليتوانيا، إلى أن بروتاسيفيتش كان من أبرز المعارضين للوكاشينكو. وقالت لشبكة "سكاي نيوز": "نحن خائفون حقاً، ليس فقط على حريته، ولكن أيضاً على حياته".
"قرصنة طيران"
وأشار وزير الخارجية الأيرلندي سايمون كوفيني إلى أن "5 أو 6 أشخاص غادروا الطائرة فعلياً، واعتُقل واحد منهم فقط، ما يشير إلى أن الآخرين كانوا من الاستخبارات".
وأضاف أن الطائرة كانت أقرب كثيراً إلى فيلنيوس، من مينسك، عندما طُلب منها الهبوط في العاصمة البيلاروسية. ووصف الوزير الأيرلندي تحويل مسار الرحلة بأنه "قرصنة طيران برعاية دولة"، كما أفادت وكالة "رويترز".
واعتبر وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب أن بروتاسيفيتش اعتُقل "على أساس حيلة"، مطالباً بـ"محاسبة" لوكاشينكو "على أفعاله الغريبة".
وتابع راب في بيان: "تدعو المملكة المتحدة إلى إفراج فوري عن السيد بروتاسيفيتش، وسجناء سياسيين آخرين محتجزين في بيلاروسيا. وتعمل المملكة المتحدة مع حلفائنا على استجابة منسّقة، بما في ذلك المزيد من العقوبات. كذلك تدعو المملكة المتحدة مجلس منظمة الطيران المدني الدولي إلى عقد اجتماع عاجل، لبحث استهزاء النظام (في مينسك) بالقواعد الدولية لحماية الطيران المدني".
"عمل حربي"
أما النائب توم توغندهات، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم (البرلمان) البريطاني، فاتهم بيلاروسيا بارتكاب "عمل حربي".
وقال توغندهات لإذاعة "بي بي سي": "كانت هذه رحلة بين عضوين في حلف شمال الأطلسي، وعضوين في الاتحاد الأوروبي".
وحضّ كل شركات الطيران المدني على وقف التحليق فوق بيلاروسيا، وقال لـ "تايمز راديو": "هذه قرصنة جوية، مقترنة بخطف" طائرة وراكب، مشدداً على وجوب "فرض عقوبات صارمة جداً على نظام لوكاشينكو".
وأعلنت شركة الطيران اللاتفية "إير بالتيك" أنها ستتجنّب المجال الجوي لبيلاروسيا، فيما اعتبر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن "السلطات البيلاروسية، بتنفيذها هذا العمل القسري، عرّضت سلامة الركاب وأفراد الطاقم للخطر".
وأضاف بوريل: "يجب فتح تحقيق دولي في الحادث، للتأكد من أيّ خرق لقواعد الطيران الدولي".
وأعلن بوريل أن الاتحاد سيناقش، خلال قمة الاثنين، "عواقب هذا الإجراء، بما في ذلك اتخاذ إجراءات ضد المسؤولين" في بيلاروسيا، عمّا اعتبرها "خطوة غير مقبولة".
عقوبات على بيلاروسيا
وذكرت "رويترز" أن الاتحاد الأوروبي فرض 3 جولات من العقوبات على بيلاروسيا، بعد الاحتجاجات التي شهدتها، إثر انتخابات الرئاسة التي نظمتها العام الماضي، واعتبرتها المعارضة مزوّرة.
وأضافت الوكالة أن التكتل يُعدّ لفرض جولة رابعة من العقوبات، تستهدف مسؤولين بارزين، قبل حادث "راين إير".
ويمكن أن تشمل العقوبات الإضافية تجميد تحليق كل شركات الطيران الأوروبية فوق بيلاروسيا، أو حظر شركة الطيران البيلاروسية (بيلافيا) من الهبوط في مطارات الاتحاد الأوروبي، أو تجميد كل عمليات النقل، بما في ذلك العبور البري، من بيلاروسيا إلى الاتحاد، كما نقلت "رويترز" عن مسؤول في التكتل.