حاكم "المركزي" اللبناني: تشكيل حكومة أو تشريع للسحب من الاحتياطي

time reading iconدقائق القراءة - 7
حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة - AFP
حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة - AFP
دبي - الشرق

طالب حاكم المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة السلطة السياسية بإصدار تشريع يتيح له السحب من الاحتياطي الإلزامي أو تشكيل حكومة جديدة ببرنامج إصلاح، مجدداً تأكيده وقف فتح الاعتمادات وفق سياسة دعم المحروقات السابقة، وهو ما أثار أزمة سياسية في البلاد، تضاف إلى الأزمة الاقتصادية المستمرة. 

ولفت سلامة في تصريحات لـ"إذاعة لبنان الحر" إلى "انني أبلغت الجميع بأنهم إن أرادوا الإنفاق من الاحتياطي الإلزامي فعليهم إقرار قانون في مجلس النواب يسمح لنا بذلك"، مشيراً إلى أنّ "سبب استفحال الأزمة هو تعطيل تشكيل الحكومة منذ سنة".

"خط أحمر"

وشدد على أن الحكومة "تعلم بقرار رفع الدعم بدءاً من رئاسة الجمهورية ومجلس النواب وحتى أعضاء المجلس المركزي"، مؤكداً أن "الاحتياطي الإلزامي لدى المركزي وصل إلى الخط الأحمر، وملتزمون بوقف فتح الاعتمادات". 

وأضاف أن الاحتياطي الإلزامي لديه بلغ "14 مليار دولار إضافة إلى 20 مليار دولار كموجودات خارجية"، لافتاً إلى أن البلاد لديها احتياطات ذهب بقيمة 17 مليار دولار.

وأشار إلى أنه أنفق 800 مليون دولار على الواردات الشهر الماضي، مشدداً على أن هذا المبلغ "كان يفترض أن يكفي لثلاثة أشهر". 

وشدد على أنه في حال رغبت السلطة بالسحب من الاحتياطي الإلزامي، فالمصرف "مستعد"، ولكنه يحتاج إلى تشريع يسمح له القيام بهذا الأمر، مضيفاً: "مسؤوليتنا أن نؤمّن المال، ولكننا نحتاج التشريع لذلك".

ولفت إلى أن المركزي اقترح "رفع الدعم تدريجياً"، مشيراً إلى أنه لم يخرج من السوق. وتابع أن أسعار السوق تتأرجح بسبب الأزمة السياسية، مرجحاً أن يتم بيع الدولارات وفقاً لسعر منصة الصيرفة التي أقرها منذ فترة. 

تشكيل حكومة

وأكد أن الخطأ الذي اقترفه "المركزي" يتمثل في أنه "صدّق أنه سيكون هناك إصلاحات". 

ولفت سلامة، إلى أنه "حتى الآن"، لا يوجد من "يُمسك البلد"، في إشارة إلى حكومة لم تتشكل بعد، مضيفاً أن "صندوق النقد الدولي" ليس لديه من يتفاوض معه. وتابع، إذا تشكلت الحكومة، فإن سعر صرف الدولار في السوق الموازية سينخفض.

وفي ما خص القطاع المصرفي، قال سلامة، إنه لا يعرف عدد المصارف التي تستطيع الصمود، مشيراً إلى أن الأمر يتوقف على قدرتها على الاستمرار. 

"بريء من الفساد"

ودفع حاكم مصرف لبنان المركزي ببراءة ذمته المالية وسط مزاعم فساد، وقال خلال مقابلة
إذاعية اليوم السبت إن ضميره مرتاح.

وقال إنه لن يبقى كل حياته في مصرف لبنان، و"غداً سيكتشفون أسراراً"، مشيراً إلى وجود من "يريد رأس رياض سلامة، وضميري مرتاح، وأعلم أنني لم أرتكب أي خطأ".

وشدد على أنه لم يستفد أو يستعمل أي مبلغ من مصرف لبنان.

هلع في الأسواق

وأحدث إعلان المركزي رفع الدعم هلعاً بين الناس، فكل شيء مرتبط بالمحروقات، ورفع الدعم يعني احتمال ارتفاع الأسعار بشكل خيالي، ما يدفع البعض إلى تخزين المادة إذا كانوا يملكونها، أو عدم القدرة على شرائها أو شراء مشتقاتها كالغاز أو المواد الأساسية التي تحتاج إلى الوقود لتصنيعها، والخبز أحدها.

واحتشد محتجون أمام منزل حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، الجمعة، في منطقة الصفرا، شمال العاصمة بيروت، وحاول بعضهم اقتحام البوابة الحديدية للمنزل، حسبما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام.

واشتعلت أزمة بين الحكومة اللبنانية والمصرف المركزي، الخميس، إثر قرار الأخير وقف دعم المحروقات الذي استنزف احتياطيات النقد الأجنبي.

وأكدت الحكومة أن الأسعار يجب ألا تتغير ولا بد من استمرار الدعم لحين تنفيذ إجراءات لمساعدة الفقراء.

وأفاد مصدر وزاري بأن الرئيس ميشال عون استدعى سلامة إلى القصر الرئاسي لاجتماع رفض خلاله سلامة التراجع عن القرار قائلاً، بحسب ما ذكرته وكالة "رويترز"، إن استخدام الاحتياطي الإلزامي "يتطلب تشريعاً".

وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب على "تويتر" إن القرار "مخالف للقانون، ولا يراعي واقع الأزمة المعيشية والاجتماعية العميقة، وستكون تداعياته خطيرة جداً على البلد، وأضراره أكبر بكثير من المنافع لأنه يدخل البلد في المجهول الاجتماعي والمعيشي".

أسوأ أزمة

وتشهد البلاد منذ أيام أزمة حقيقية في قطاع المحروقات بعدما قرر المركزي فتح اعتمادات لشراء المحروقات، وفقاً لأسعار السوق الموازية، ما يعني فعلياً رفع الدعم عن المحروقات، ما سيؤثر فعلياً على كل المنتجات في البلد. 

ويعاني لبنان منذ صيف 2019 انهياراً اقتصادياً غير مسبوق، صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850. 

ووضعت المصارف قيوداً على الودائع، وبدأت العملات الأجنبية تنفد من الأسواق والليرة اللبنانية تفقد قيمتها.

وضرب الانهيار قطاعات مهترئة أساساً مثل الكهرباء، وتعثرت أخرى أبرزها قطاع الصحة بعد تفشي فيروس كورونا ثم هجرة مئات الأطباء والممرضين، ومؤخراً نقص الأجهزة الطبية والأدوية جرّاء التدهور المالي وعدم القدرة على فتح اعتمادات الاستيراد بسبب نضوب الاحتياطي الإلزامي.

وقدّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن 78% من سكان لبنان باتوا يعيشون تحت خط الفقر، فيما يعيش 36% في فقر مدقع.

ويحصل غالبية اللبنانيين على أجورهم بالعملة المحلية التي فقدت أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بما يفوق 400%، وفق الأمم المتحدة.