حذر أنتوني فاوتشي، كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، الأحد، من تخفيف القيود الاحترازية المتعلقة بفيروس كورونا "قبل الأوان"، على رغم تراجع عدد الإصابات، وتكثيف حملات التطعيم.
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن فاوتشي قوله، في تصريحاته لبرنامج "ميت ذي برس" على قناة "إن بي سي"، إنه "على الرغم من الانخفاض الحاد في أعداد الاصابات المسجلة بفيروس كورونا الذي تشهده بلادنا، إلا أننا نحتاج إلى عدم التهاون والاندفاع في تخفيف القيود".
وأضاف: "عند استقرار عدد حالات الإصابة المسجلة يومياً بين 50 إلى 65 ألفاً، فنحن نواجه دائماً خطر زيادة تلك الأعداد، وهو ما نريد حقاً تجنبه لأننا نمضي في الطريق الصحيح".
وأوضح فاوتشي، مدير المعاهد الأميركية للحساسية والأمراض المعدية، مستشهداً بما حدث في أوروبا، "لقد تراجعت حالات الإصابة لديهم، واستقرت الأوضاع، فتهاونوا في إجراءات الصحة العامة"، مرجعاً هذه الانتكاسة إلى "إعادة فتح المطاعم وبعض الحانات، والتهاون في ارتداء الكمامات".
وأضاف: "ليس من الحكمة التخفيف من قيود التجمعات"، واصفاً قرار حاكم ولاية تكساس، جريغ أبوت بعدم إلزام الشخاص بارتداء الكمامة وفتح الأعمال التجارية بأنه "محفوف بالمخاطر".
أهمية اللقاحات
وقال فاوتشي في برنامج "ستيت أوف ذي يونيون"، على قناة "سي إن إن"، إن أفضل طريقة لتجنب تهديد السلالات المتحورة من فيروس كورونا التي ظهرت في أوروبا وأميركا اللاتينية والولايات المتحدة هو "تطعيم أكبر عدد ممكن من الأفراد بأقصى سرعة ممكنة، واستمرار الالتزام بإجراءات الصحة العامة حتى ينخفض مستوى العدوى".
وأشارت صحيفة "واشنطن بوست"، إلى أن فاوتشي روّج على مدى الأسابيع الماضية لفعالية اللقاحات الثلاث المضادة لفيروس كورونا المتاحة للبالغين في الولايات المتحدة، "فايزر" و"موديرنا" وجونسون آند جونسون"، وشدد على أن تاريخ اللقاحات في إنقاذ المجتمعات من الأمراض المعدية مثل الجدري وشلل الأطفال والحصبة، واضح.
وتعكس تحذيرات فاوتشي، قلق خبراء صحة آخرين، بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على تحقيق مناعة القطيع من خلال اللقاحات، التي يعتقدون أنها يمكن أن تتحقق عند تطعيم 70 إلى 85% من السكان.
الانتماء السياسي
وبحسب "نيويورك تايمز"، وجه برنامج "ستيت أوف ذي يونيون"، بعض الأسئلة لفاوتشي حول استطلاعات الرأي التي أُجريت مؤخراً، والتي أظهرت زيادة الثقة في اللقاحات.
وكانت إجابته أن استطلاع رأي جديد أجرته شبكة "سي بي إس نيوز" وشركة "يوغوف" كشف تراجع مقاومة التطعيم بين الأميركيين من الأصول الاسبانية والأفريقية، لكنه حدد خلافات حول تلقي اللقاحات على أسس سياسية، حيث ترتفع معدلات المقاومة لدى الجمهوريين من الشباب.
وإجمالاً، قال فاوتشي، إن 55% من الأميركيين المشاركين في الاستطلاع سيحصلون على اللقاح، أو تم تطعيمهم بالفعل.
وشمل الاستطلاع 57% من الأميركيين ذوي البشرة البيضاء، و51% من الأميركيين ذوي الأصول الإفريقية، و52% من الأميركيين ذو أصول أسبانية.
وعلى النقيض، قال 23% من الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية، و23% من الأميركيين ذوي البشرة البيضاء، و20% من الأميركيين ذو الأصول الإسبانية إنهم "لن يتلقوا التطعيم".
وفي برنامج " فيس ذي نيشن" على شبكة "سي بي إس" وصفت مارسيلا سميث، قائد فريق عمل فيدرالي جديد معني بالمساواة الصحية، نتائج الاستطلاع بأنها "أخبار رائعة".
وقالت سميث: "نرى أن الثقة في اللقاحات تتزايد لدى الجميع في أنحاء البلاد"، واصفة ذلك أنه "أمر واعد للغاية".
وعلى الرغم من ذلك، ازدادت المواقف المنحازة للانتماء السياسي، فقد قال 71% من الديمقراطيين إنهم تلقوا اللقاح، أو سيتلقونه، في مقابل 47% فقط من الجمهوريين، فيما قال ثلث الجمهوريين إنهم "لن يتلقوا اللقاح"، مقارنة بـ 10% فقط من الديمقراطيين.
وقال فاوتشي لبرنامج "ميت ذي برس"، الأحد، على قناة "إن بي سي نيوز" إنه "لا معنى لهذا على الإطلاق. يجب علينا الفصل بين قناعاتنا السياسية والفطرة السليمة".
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، كشف استطلاع رأي آخر أجرته "إن بي آر – بي بي إس نيوزأور – ماريست"، الأسبوع الماضي، أن حوالي نصف الجمهوريين و47% من مؤيدي الرئس السابق دونالد ترمب في انتخابات 2020 قالوا إنهم "لن يختاروا تلقي اللقاح حتى في حال إتاحته لهم، في مقابل 10% فقط من مؤيدي جو بايدن".
دور ترمب
وقال فاوتشي، في تصريحات لبرنامج "فوكس نيوز صنداي"، عندما سُئل عن رسالة الخدمة العامة بشأن التطعيمات التي شملت رؤساء سابقين ليس من بينهم ترمب: "أعتقد أن هذا سيحدث فارقاً كبيراً".
وأضاف: "ترمب شخصية تتمتع بشعبية طاغية بين الجمهوريين، فإذا حضهم على تلقي اللقاحات فستستمع إليه الغالبية العظمى من أنصاره المقربين".
وأثناء ظهوره في مؤتمر العمل السياسي المحافظ، في أورلاندو الشهر الماضي، قال ترمب: "يجب أن يذهب الجميع ليتلقى جرعته من اللقاحات المضادة لكورونا"، لكن هذه الرسالة ضلت طريقها إلى حد كبير في خضم تركيز الرئيس السابق على القضايا الخلافية في الشأن السياسي.