وفاة المخرج الفرنسي جان لوك جودار.. وماكرون ينعى خسارة "كنز وطني"

time reading iconدقائق القراءة - 6
المخرج الفرنسي جان لوك جودار في باريس. 25 نوفمبر 1988 - AFP
المخرج الفرنسي جان لوك جودار في باريس. 25 نوفمبر 1988 - AFP
باريس/ دبي -وكالاتالشرق

توفي المخرج السينمائي الفرنسي السويسري جان لوك جودار، الثلاثاء، الذي يعد الأب الروحي لسينما الموجة الجديدة في فرنسا عن 91 عاماً، فيما نعاه الرئيس إيمانويل ماكرون، معتبراً أن فرنسا خسرت "كنزاً وطنياً" بوفاته. 

وأعلنت عائلة جودار في بيان أنه توفي "بسلام"، الثلاثاء، في منزله ببلدة رول السويسرية، ونقل البيان المقتضب الذي تلقت "فرانس برس" نسخة منه عن زوجة جودار، آن ماري مييفيل ومنتجيه أن"أي مراسم رسمية لن تقام"، موضحاً أن "جثمانه سيُحرق".

وقال وكيل العائلة للشؤون القانونية والضريبية باتريك جانريه لـ"فرانس برس" إن الإعلان عن الوفاة كان يُفترض أن يحدث "بعد يومين"، موضحاً أن البيان الموزع كُتب على عجل بعد تسرّب خبر الوفاة إلى الإعلام.

وأضاف أنه سيتم حرق الجثة "خلال يومين"، موضحاً أن "الرماد سيبقى مع زوجته"، وشدد على أن حرق الجثة "يجب أن يحدث فعلاً في جو من الخصوصية".

ونعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جودار عبر تويتر، واعتبر أن فرنسا فقدت "كنزاً وطنياً"، واصفاً إياه بأنه "سيد السينما الواقعية، وصانع الأفلام الأكثر تحرراً في الموجة الجديدة"، مضيفاً أنه "اخترع فناً عصرياً حراً وعبقرياً  للغاية".

وكتب وزير الثقافة الفرنسي السابق جاك لانج في بيان أرسل عبر البريد الإلكتروني: "نحن مدينون له بالكثير.. لقد ملأ السينما بالشعر والفلسفة. بصيرته الحادة والفريدة جعلتنا نرى ما لا يمكن لأعيننا رؤيته".

وكيل عائلة جودار، باتريك جانريه، قال لـ"فرانس برس"، إن المخرج السينمائي، لجأ إلى "القتل الرحيم" لإنهاء حياته، وهو إجراء قانوني في سويسرا، نتيجة معاناته أمراضاً عدة تسبب الإعاقة، بحسب ما جاء في تقرير طبي لحالته، مؤكداً ما نشرته صحيفة "ليبراسيون".

ويُستعان في سويسرا بأشكال مختلفة من الإجراءات المساعِدة على إنهاء الحياة، من بينها "القتل الرحيم" والمساعدة على الانتحار التي تشكل أشهر الممارسات المستخدمة، ويُسمح بها في حالات معينة مع أنها لا تخضع لأي قانون واضح.

عراب الموجة الجديدة

جودار هو عراب الموجة السينمائية الجديدة في فرنسا، والذي أدى اقتحامه لموضوعات محظورة واستخدامه قوالب روائية جديدة إلى ثورة في مؤسسة صناعة الأفلام، وظل يلهم مخرجين متمردين حتى بعد عقود من ذروة نشاطه في الستينيات.

جان-لوك جودار أحد أبرز مخرجي "الموجة الجديدة" للسينما، وهو كاتب سيناريو وناقد سينمائي وأحد أهم المخرجين في تاريخ السينما في فرنسا والعالم، امتدت حياته المهنية لأكثر من 60 عاماً، قدم فيها حوالي 30 فيلماً طويلاً، والعديد من الأفلام القصيرة والوثائقية.

ولد جودار في باريس ودرس في جامعة السوربون، وانضم أثناء دراسته إلى مجموعة هواة سينما فرنسيين ضمت فرانسوا تروفو، وجاك ريڤيت، وإريك رومير وآخرين، وكان من الكتاب الأوائل في مجلة السينما الطليعية "دفاتر السينما" التي أسسها أندريه بازان، قبل أن ينتقل إلى الإخراج.

وخرجت أفلامه عن التقاليد الراسخة للسينما الفرنسية، وساعدت في إطلاق طريقة جديدة في الإخراج تعتمد على التصوير بالكاميرا المحمولة، والانتقالات الفجائية في المشاهد والحوارات الوجودية.

ولا ينسب الفضل إلى جودار وحده في إطلاق الموجة السينمائية الجديدة في فرنسا، حيث شاركه في تأسيس تلك المدرسة ما لا يقل عن 12 من أقرانه، من بينهم فرانسوا تروفو، وإريك رومر، ومعظمهم أصدقاء من حركة "الضفة اليسرى لباريس" وهي حركة بوهيمية نشأت أواخر الخمسينيات من القرن الماضي.
              
ومع ذلك، فقد أصبح الرمز الأشهر لهذه الحركة السينمائية التي امتدت إلى اليابان وهوليوود، وحتى في التشيك وكذلك في البرازيل.

جدل واحتفاء

قدم جودار أول أفلامه الطويلة بعنوان Breathless "اللاهث" عام 1960، وأحدث عند عرضه حالة من الجدل والاحتفاء من نقاد وصانعي السينما في العالم كله، لدرجة أن رئيس مهرجان فينيسيا السينمائي لويجي كياريني قال بعد فترة وجيزة من إطلاق الفيلم: "كانت هناك سينما قبل جودار وسينما بعد جودار".

وتوالت أفلامه الهامة فيما بعد وأبرزها  Vivre sa vie (عش حياتك) عام 1962، Contempt (ازدراء) عام 1963، Bande à part (عصابة من الغرباء) في عام 1964، Pierrot le fou (بييرو المجنون) في 1965، وAlphaville (ألفاڤيل) في عام 1965، وUne Femme Mariée (مذكر مؤنث) 1966، وSympathy for the Devil (تعاطف مع الشيطان) 1968، بجانب سلسلة أفلام Histoire du cinema (تاريخ السينما) 1988، وغيرها.

عٌرض آخر أفلامه The Image Book (كتاب الصور) في مهرجان كان السينمائي عام 2018، وحاز على سعفة ذهبية خاصة استحدثها المهرجان من أجله.

وحصل جودار على جائزة أوسكار فخرية عن مجمل مسيرته السينمائية، رغم انتقاداته الدائمة لهوليوود، ولم يذهب لتسلم الجائزة رغم إعلانه الامتنان لأكاديمية فنون السينما الأميركية على منحه الجائزة.

تصنيفات