رغم العقوبات الغربية.. تحايل روسي لنقل النفط عبر "المتوسط"

time reading iconدقائق القراءة - 9
براميل النفط ورافعة مضخة أمام ألوان علم الاتحاد الأوروبي وروسيا في هذا رسم توضيحي- 8 مارس 2022 - REUTERS
براميل النفط ورافعة مضخة أمام ألوان علم الاتحاد الأوروبي وروسيا في هذا رسم توضيحي- 8 مارس 2022 - REUTERS
دبي-الشرق

على الرغم من استهداف الغرب لـ"الخام الروسي" بأقسى عقوبات حتى الآن، إلّا أن شركات الشحن والمصافي تقوم بنقل هذا النفط إلى السوق عن طريق إخفاء منشأه، إذ تم نقل بعض الوقود الذي يُعتقد أنه مصنوع جزئياً من الخام الروسي إلى مدينتي نيويورك ونيوجيرسي بالولايات المتحدة الشهر الماضي.

ووفق سجلات الشحن، وبيانات شركة "Refinitiv"، والتحليل الصادر عن مركز بحوث الطاقة والهواء النظيف، ومقرّه العاصمة الفنلندية هلسنكي، تسير الشاحنات من المصافي الهندية التي كانت ضمن كبار مشتري النفط الروسي، من طريق قناة السويس وعبر المحيط الأطلسي.

ووفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال"، في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا، وفرض عقوبات من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على موسكو "عمل التجار على حجب منشأ النفط الروسي، من أجل المحافظة على استمرار تدفقه، حيث يتم إخفاؤه في منتجات مكررة ومخلوطة مثل البنزين والديزل والمواد الكيميائية". 

وأضافت الصحيفة أنه "يتم أيضاً نقل النفط بين السفن في عرض البحر"، واصفة هذه الطريقة بأنها "صفحة من كتاب قواعد اللعبة تستخدم لشراء وبيع النفط الإيراني والفنزويلي اللذين يخضعان أيضاً لعقوبات".  

وبحسب معلومات حصلت عليها الصحيفة من بعض شركات الشحن، فإن عمليات النقل تُجرى في عرض البحر المتوسط، قبالة سواحل غرب إفريقيا والبحر الأسود، حيث يتجه النفط بعد ذلك إلى الصين والهند وأوروبا الغربية.

الحظر الأوروبي

واتفق زعماء الاتحاد الأوروبي الثلاثاء، على فرض حظر تدريجي على معظم النفط الروسي، ما يؤدى في نهاية المطاف إلى عزل الكرملين عن أكبر مشتر للطاقة.  

وتوقعت الصحيفة الأميركية أن يقوم الزعماء الأوربيون بحظر شركات التأمين الأوروبية عن "تغطية السفن التي تحمل النفط الروسي"، لكنّها أكدت أن "محاولات التهرب من هذه العقوبات تجري على قدم وساق، ما يهدد بتقليل فعاليتها". 

فالحظر الأميركي الذي بدأ منذ مارس الماضي يمنع واردات النفط الخام ومنتجات البترول والغاز الطبيعي المسال والفحم الروسي، لكن الوقود غالباً ما يُصنع من مزيج من المنتجات المختلفة، مثل الديزل. 

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن محامي الشركات التجارية أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في الولايات المتحدة يقوم بتحديد بلد المنشأ عادة باستخدام 25% أو أكثر من السلع الواردة كقاعدة عامة".

ويستبعد المكتب السلع التي تم تحويلها بدرجة كبيرة إلى منتج آخر مصنوع في الخارج، ولم يوضح مكتب مراقبة الأصول، ما إذا كان النفط الخام الذي يتم تكريره إلى منتجات، مثل البنزين أو الديزل، يخضع لهذا الاستبعاد، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن محامين في ثلاث شركات مختلفة.  

الهند.. محور رئيسي

وقالت الصحيفة إن قادة الاتحاد الأوروبي اتخذوا "خطوة كبرى في معركتهم الاقتصادية ضد موسكو"، بالموافقة على حظر 90% من واردات النفط الروسي بحلول نهاية هذا العام، إذ واجه هذا القرار معارضة من قبل الدول التي تعتمد بدرجة كبيرة على الخام الروسي، وخصوصاً المجر.  

لكنها أكدت، وفقاً لما أعلنته وكالة الطاقة الدولية، أن صادرات النفط الروسية "انتعشت مجدداً في أبريل الماضي"، بعد أن تراجعت في مارس مع بدء سريان أول حزمة عقوبات غربية، حيث ارتفعت صادرات النفط الروسي بمقدار 620 ألف برميل، لتصل إلى 8.1 مليون برميل يومياً، قريبا من مستوياتها قبل اندلاع الحرب، مشيرة إلى أن "النسبة الأكبر من هذه الزيادة تذهب إلى الهند". 

وبرزت الهند كمحور رئيسي لتدفق النفط الروسي، حيث ارتفعت وارداتها منه إلى 800 ألف برميل يومياً منذ اندلاع الحرب، في مقابل 30 ألف برميل يومياً في السابق، وفقاً لشركة "كبلر" المتخصصة في بيانات أسواق السلع. 

وأرجعت الصحيفة هذه الزيادة إلى "الانخفاض الكبير في تصنيف الخام الروسي"، إذ يقل سعر الخام الروسي المعروف باسم "أورال" بحوالي 35 دولاراً عن خام "برنت".  

واشترت مصفاة مملوكة لشركة الطاقة الهندية العملاقة "ريليانس إندستريز" مايو الماضي، الخام الروسي بكميات بلغت 7 أضعاف معدلات شرائها قبل اندلاع الحرب، ما يشكل خُمس وارداتها من النفط الخام، وفقاً لـ"كبلر". 

وقامت "ريلاينس" باستئجار ناقلة نفط لنقل شحنة من مادة "الكيلات"، إحدى مكونات البنزين، غادرت ميناء سيكا المجاور في 21 أبريل الماضي إلى جهة غير معلومة، وبعد 3 أيام قامت بتحديث سجلاتها في أحد الموانئ الأميركية، وأبحرت من هناك حتى أفرغت حمولتها في 22 مايو بنيويورك.  

في السياق، قال لوري ميليفيرتا، كبير المحللين في مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف، لـ"وول ستريت جورنال" إن ما حدث على الأرجح هو أن "ريليانس" قامت بشراء شحنة مخفضة من الخام الروسي وتم تكريرها، ثم باعت المنتج في سوق قصير الأجل حيث وجد مشترياً أميركياً.  

وأضاف: "يبدو أن هناك تجارة يتم من خلالها تكرير الخام الروسي في الهند، ثم بيع جزء منه إلى الولايات المتحدة".

وكان كبير المسؤولين الماليين في الشركة، سريكانث فينكاتاشاري، أعلن في إحاطة الشهر الماضي، أن شركته "قللت تكاليف المادة الأولية عن طريق الحصول على براميل المراجحة".  

ارتفاع الصادرات 

وزادت صادرات المنتجات النفطية الهندية المكررة، والمعززة بالإمدادات الروسية الرخيصة، بدرجة كبيرة منذ اندلاع الحرب، حيث ارتفعت الشحنات الهندية اليومية إلى أوروبا "بمقدار الثلث وبنسبة43 % إلى الولايات المتحدة على أساس ربع سنوي"، وفقاً للصحيفة الأميركية. 

وقال كوين ويسيلز، محلل المنتجات النفطية في شركة "إنرجي أسبكتس" للاستشارات، إنه "إذا كانت المصافي الهندية الواقعة على الساحل الغربي تستورد كميات كبيرة من الخام الروسي، فإذن نعم، من المحتمل أن يكون هناك بعض الخام الروسي الذي دخل في صناعة هذه المنتجات".  

يأتي ذلك في وقت ارتفعت فيه أسعار البنزين والديزل إلى معدلات قياسية في الولايات المتحدة جراء ارتفاع أسعار النفط الخام، ما أثر بقوة على المستهلكين بالتزامن مع وصول معدلات التضخم إلى أعلى مستوى لها في 4 عقود. وقال المحللون إن الإمدادات الإضافية القادمة من الخارج "قد تخضع لتدقيق أقل".

كيف يتم التحايل؟ 

ووفقاً للصحيفة الأميركية، التقت السفينة "Zhen 1" التي تحمل الخام الروسي، الأسبوع الماضي، ناقلة النفط الخام العملاقة "Lauren II" التي تبلغ طاقتها الاستيعابية حوالي مليوني برميل، قبالة سواحل غرب إفريقيا.  

وعلى الأرجح، قامت "Zhen 1" بتفريغ حمولتها، وفقاً لما أظهرته بيانات السفينة، إذ تتجه Lauren II"" إلى جبل طارق، حيث يُتوقع أن تتوجه منه إلى الصين، وفقاً لمحللين. 

"ليس انتهاكاً" 

وقالت الصحيفة إن شراء شركات التكرير الأوروبية أو الآسيوية للنفط الإيراني أو الفنزويلي أو الروسي "لا يمثل انتهاكاً للقانون"، لكنها أكدت أن "هذه التجارة تواجه قيوداً ذات صلة واسعة النطاق، مثل المصارف وشركات الشحن التي تفرض عقوبات ذاتية، والمخاطر السياسية المترتبة على التعامل مع هذه الدول".

وكما هو الحال مع النفط الإيراني، يبقى إخفاء الشحنات بشكل متزايد هو "الخيار الأمثل" أمام روسيا وعملائها، على حد وصف الصحيفة الأميركية.  

وقالت شركة "ويندورد" الإسرائيلية المتخصصة في بيانات السفن إن هناك أيضاً "قفزة" في عدد السفن التي تحمل الخام الروسي، وتغلق أجهزة النظام العالمي لتحديد المواقع "جي بي إس" الخاصة بها"، ما يُطلق عليه في لغة الصناعة "الإبحار في الظلام"، وهو ما يفاقم صعوبة تعقب هذا النشاط.   

من جانبهم، يسعى المشترون الصينيون إلى إخفاء النفط الروسي لتجنب تكاليف نقله الباهظة، إذ أن هناك عدد أقل من شركات الشحن والتأمين التي تبدي استعداداً للتعامل في النفط الروسي، وهي الشركات التي تفرض أسعاراً أعلى بثلاثة إلى خمسة أضعاف ما كانت عليه قبل الغزو.  

وقالت بعض الشركات التجارية للصحيفة إنه "بدلاً من دفع هذه المبالغ على طول الطريق إلى الصين، تقوم شركات مثل يونيبك، وهي الذراع التجارية لمجموعة سينوبك جروب الصينية العملاقة في مجال النفط، بنقل النفط الروسي لمسافات قصيرة إلى سفينة عملاقة في عرض البحر، تتولى بدورها نقله إلى محطته الأخيرة".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات