Open toolbar

موظف يستخدم لعبة فيديو على متن حافلة ذاتية القيادة متصلة بشبكة محمول من الجيل الخامس تشغلها شركة KT Corp. في كوريا الجنوبية - سيونجوو شو / بلومبرغ

شارك القصة
Resize text

في الجانب الشرقي من العالم، سيارات من دون سائق تصممها "بايدو"، تتصل بشبكات الجيل الخامس 5G الخاصة بشركة "هواوي".. ركّاب تلك السيارات، يتسوقون عبر الإنترنت من خلال موقع "علي بابا"، وينشرون صورهم الخاصة على تطبيق "وي تشات".

في الجانب الآخر من العالم، والذي يتمتع بمساحات أكبر من الحرية، تسيطر على مثل هذه الأنشطة شركات مثل "أمازون" و"غوغل" و"فيس بوك" و"تِسلا" و"إريكسون". 

تشير التوترات بين الولايات المتحدة والصين، في نظر بعض صُناع السياسة والأكاديميين، إلى "الحرب الباردة 2" إذ بات القتال من أجل الهيمنة التكنولوجية بدلًا من الهيمنة النووية والعسكرية والفكرية. 

إنه احتمال محفوف بالمخاطر، يغذيه الصقور في كلا الجانبين. ومع ذلك، سيتطلَّب الأمر تفكيك سلاسل وشبكات الإمداد العالمية التي عززت النموّ المذهل في الصين على وجه الخصوص، إذ يعتقد كثيرون أنّ أيّ حرب باردة جديدة لن تنتهي بالشكل التي انتهت إليه سابقتها. 

إرهاصات الحرب الرقمية الباردة 

وسط حرب تجارية متصاعدة، بدأت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في إضافة شركات التكنولوجيا الصينية إلى قائمة الكِيانات الممنوعة، وهي سياسة من شأنها منع الشركات الأجنبية، التي تمثل خطراً أمنيّاً، من شراء السلع الأميركية.

كانت شركة "هواوي" للتكنولوجيا أكثر الشركات بروزاً في هذا الصراع، إذ هددت هذه الخطوة، التي تم تخفيف حدتها لاحقًا، بإعاقة أكبر شركة تكنولوجية في الصين، وأسهمت في تسريع حملة البلاد لتحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي.

جاء هذا السيل بعد أشهر من الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة لإقناع الدول الأخرى بتجنُّب اعتماد "هواوي" لشبكات الجيل الخامس الجديدة، وبعد أن اعتقلت كندا، بناءً على طلب الولايات المتحدة، منغ وانتشو، كبيرة المسؤولين الماليين في شركة "هواوي"، بتهمة انتهاك العقوبات التي تحدّ من التجارة مع إيران. ويُعتقَد على نطاق واسع أن عملية الاعتقال دفعت الصين إلى احتجاز كنديين انتقامًا.

وبينما اشتكت الشركات الأجنبية، لفترات طويلة سابقة، من الصعوبات التي تواجهها في الصين، فإنّ الولايات المتحدة تقترح الآن نظامًا جديدًا لضبط الصادرات، يذكّرنا بـ"الحرب الباردة"، لتقييد نقل أحدث التقنيات الأميركية، فيما وقع ترامب على أمر يعطي الأولوية للبحث في الذكاء الصناعي، وسط مخاوف من أن تتخلّف الولايات المتحدة في التكنولوجيا ذات الأهمية العسكرية وكذلك التجارية.

بينما يبدو أن قرارات فيتنام وتايلاند باعتماد قوانين صارمة للأمن الحاسوبي على غرار ما تقوم به الصين، يعزز التقسيم التدريجي للإنترنت العالمي بحسب مناطق الحكم.

كيف بدأ الصراع؟ 

وفقًا للكاتب وعالِم الذكاء الاصطناعي والرئيس السابق لشركة "غوغل تشاينا"، كاي فو لي، عاشت بكين في 2017 "لحظة سبوتنيك" شبيهة بما عاشته الولايات المتحدة عند إطلاق القمر الصناعي السوفيتي "سبوتنيك 1"، عندما هزم برنامج كمبيوتر "غوغل ألفا جو" بطلًا في لعبة "جو" الصينية، التي يبلغ عمرها 2500 عام.

وكما هو الحال مع إطلاق القمر الصناعي السوفيتي في عام 1957، والذي صدم الولايات المتحدة في سباق الفضاء المحموم بين البلدين صاحبا أكبر اقتصادات العالم آنذاك، أثار انتصار "ألفا جو"، حملة صينية شاملة لتصبح رائدة في مجال الذكاء الصناعي في العالم بحلول عام 2030.

حشدت الحكومة الصينية مبالغ ضخمة في الاستثمار والإعانات المالية والشركات الخاصة لتحقيق هدفها، والبدء في استبدال جميع أجهزة الكمبيوتر أجنبية الصنع في مكاتب القطاع العام، كما أجبرت الشركات الغربية العاملة في الصين، على مشاركة الملكية الفكرية مع الشركاء المحليين. 

بالنسبة للأمريكيين، أدى ظهور "هواوي" كرائد عالميّ في معدّات شبكات الجيل الخامس إلى صدمة مماثلة، فوفقًا لمذكِّرة مسرَّبة، فكَّر البيت الأبيض في تأميم شبكات الجيل الخامس لحمايتها من التسلل الصيني، وقارن السباق على الذكاء الصناعي بمشروع مانهاتن، الذي صنع القنابل الذرّية التي بدورها أنهت الحرب العالمية الثانية.

صنَّفَت الولايات المتحدة الصين كـ"منافس استراتيجيّ" في عام 2018، وحذا الاتحاد الأوروبي حذوَ الولايات المتحدة، وفي عام 2019 أضاف الناتو لأول مرة إلى جدول أعماله الرسمي مناقشة التحديات التي تفرضها الصين، وتتضمن مطالب الولايات المتحدة في حربها التجارية مع الصين بأن تعالج الحكومة مشكلات تقييد الوصول إلى الأسواق، وسرقة الملكية الفكرية التي يُنظر إليها على أنها تمنحها مزايا غير عادلة في سباق التكنولوجيا.

مستقبل الجدل القائم

يتنبأ وزير الخزانة الأمريكي السابق هانك بولسون بـ"الستار الاقتصادي الحديدي" الجديد، في حين أنّ محرر مجلة "وايرد"، نيكولاس تومبسون، والعالِم السياسي إيان بريمر، يصوِّران عالَمًا يتعيَّن على البلدان أن تختار فيه بين الفضاءات التكنولوجية.

ومع ذلك، تتواجد أسباب الشك في تلك السيناريوهات، فقد حققت الولايات المتحدة نجاحًا محدودًا في إقناع الحلفاء بعدم استخدام شبكات الجيل الخامس من "هواوي"، مع العلم أن استبعادها يعني مزيدا من التأخير وارتفاع التكاليف.

وبينما كان الاتحاد السوفييتي، عدوّ الحرب الباردة الأمريكية، معزولًا اقتصاديًّا، فإنّ الصين مندمجة بعمق في الاقتصاد العالمي. 

قد يكون مثال فيتنام مضللًا، فمن المحتمل أن تشارك هانوي بكين في آرائها الاستبدادية حول حُرّية الإنترنت، لكن الحكومة الفيتنامية تعتبر الصين أيضًا أكبر تهديد أمنيّ لها، ولن تستخدم "هواوي" في شبكات الجيل الخامس. ومن جانبها، رفضت  الصين مطالبات الأمن الأمريكية الخاصة بشركة "هواوي"، ووصفتها بأنها ملفَّقة، واعتبرتها مزاعم لصدّ التقدُّم التكنولوجي في البلاد.

* هذا المحتوى من بلومبيرغ

Google News تابعوا أخبار الشرق عبر Google News

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.