تولسا.. مذبحة عرقية استهدفت الأميركيين من أصول إفريقية قبل 100 عام

time reading iconدقائق القراءة - 7
جانب من آثار الدمار في مدينة تولسا عام 1921 - via REUTERS
جانب من آثار الدمار في مدينة تولسا عام 1921 - via REUTERS
القاهرة-ميّ هشام

يوافق يوم الاثنين الذكرى المئوية لمذبحة "تولسا" العرقية التي تعد واحدة من أبشع أحداث الشغب ذات الطابع العنصري في تاريخ الولايات المتحدة ضد الأميركيين ذوي الأصول الإفريقية، والتي راح ضحيتها عشرات من مواطني مقاطعة غرينوود بولاية أوكلاهوما.

 وبالرغم من فظاعة الحداثة التي وقعت في 31 مايو 1921، إلا أنها تبقى واحدة من المذابح العرقية المغمورة، والتي يرغب الأميركيون في طمسها من تاريخ بلادهم، رغم المحاولات المستمرة من الضحايا للحصول على إقرار معنوي بحجم المأساة.

وأعلن البيت الأبيض في وقت سابق أن الرئيس الأميركي جو بايدن سيزور الثلاثاء المقبل مدينة تولسا في ولاية أوكلاهوما لإحياء ذكرى مرور مئة عام على مذبحة تولسا، والتي ارتكبها مثيرو شغب بيض بحق أميركيين من أصول إفريقية.

"وول ستريت الأسود"

وفي السنوات التي تلت الحرب العالمية الأولى، شكلت مدينة تولسا بمقاطعة غرينوود بولاية أوكلاهوما، مركزاً اقتصادياً مهماً للأميركيين من أصول إفريقية، ما جعلها تستحق لقب "وول ستريت الأسود"، غير أن مذبحة "تولسا" أجهزت بشكل شبه كامل على الأهمية الاقتصادية للمنطقة.

وبحسب الموقع الرسمي لـ"مجتمع ولاية أوكلاهوما التاريخي"، فإن المدينة التي تميزت بمظاهر التمدّن والثراء، كانت تعاني من احتقان عرقي بين البيض والأميركيين الأفارقة، إذ شهدت أكثر من واقعة لإنفاذ أحكام إعدام خارج نطاق القانون على أساس عرقي.

وفي 30 مايو عام 1921، اتُهم شاب ذو بشرة سمراء يدعى ديك رولاند ويعمل ماسحاً للأحذية بالاعتداء على الفتاة البيضاء سارة بايدج التي تعمل كمشغلة مصعد بأحد مباني مدينة تولسا.

وفي اليوم التالي، ساهمت بعض الصحف المحلية في إشعال الموقف، وبالأخص صحيفة "تولسا تريبيون" التي أفادت بأن الشاب اعتدى على الفتاة جنسياً، وألمحت إلى احتمالية تنفيذ حكم الإعدام عليه.

شرارة المذبحة

وبحسب موقع "هيستوري"، بدأت الأحداث في التفاقم، في مساء 31 مايو، إذ احتشدت حول المحكمة مجموعات من البيض الغاضبين والمطالبين بتسليم رولاند، ليجابهوا بالرفض.

وانضم أمام المحكمة لاحقاً أيضاً نحو 25 أميركياً من أصول إفريقية لمنع تسليم الشاب، غير أن الأعداد على الجانبين تضاعفت بمرور الوقت وتفشي الشائعات.

وشهدت غرينوود حينها ليلة دموية، انطلقت شرارتها بعد إطلاق النار بمحيط المحكمة في تولسا، ويشير أكثر من مصدر إلى أن عناصر من الشرطة ساهمت في أعمال العنف والشغب التي استمرت على مدى الليل واليوم التالي، حتى تم إعلان الأحكام العرفية.

وتنوعت أعمال العنف ذات الطابع العرقي بين قتل الأميركيين من أصول إفريقية من غير حاملي السلاح، وإحراق المنازل والممتلكات، فضلاً عن نهبها، إذ قدر الصليب الأحمر أن عدد المنازل التي جرى إحراقها نحو 1200 منزل، ليتعرض بذلك أكثر من 8 آلاف شخص لفقدان محل سكنهم.

براءة رولاند

وتراوحت تقديرات الوفيات بين 30 و300 شخص راحوا جرّاء المذبحة العرقية بأوكلاهوما، أغلبهم من الأميركيين ذوي الأصول الإفريقية، فيما أعلنت السلطات بعد ذلك إطلاق سراح ديك رولاند، الذي أثبتت التحقيقات أنه تعثر في سارة بايدج لا أكثر. 

ووفقاً لموقع "متحف مجتمع تولسا التاريخي"، فإن عمدة المدينة قد دشن في وقت سابق عملية استقصاء وبحث طويلة المدى عن المقابر الجماعية، التي يُعتقد أنها ضمت جثامين ضحايا المذبحة التي لم ترصدها السجلات.

وأثمرت اللجنة التي شكلتها الولاية في أواخر التسعينات لاكتشاف حقائق المذبحة، عن عدد من المكاسب في سياق التوعية بما حدث، منها إصدار قانون يقضي بتدريس أحداث وتاريخ الأحداث لطلاب المرحلة الثانوية بالمدارس، غير أنه لم يدخل حيز النفاذ بدعوى أن الأحداث يتم تدريسها بالفعل للطلاب.

وفي 19 مايو الفائت، أدلت فيولا فليتشر (107 عاماً) أكبر ناجية من مذبحة تولسا بشهادته، في جلسة استماع بالكونغرس الأميركي، مُطالبةً بالاعتراف الرسمي بالمذبحة وتحقيق العدالة وذلك بتعويض المتضررين، بحسب ما نقلته قناة "سي إن إن" الأميركية.

وكان اثنان من المدعين قد أقاما العام الماضي دعوى قضائية تطالب السلطات بتعويض الأجيال الجديدة نظير الضغوط الاقتصادية والعرقية التي خلّفتها المذبحة.